كيف نرتقي بإنسانيتنا لفهم زيارة الاربعين وشعائر الحسين عليه السلام؟

1806 2015-11-24

محسن وهيب عبد

 

عندما تنمو الميزات الانسانية في الفرد ينمو ايضا عنده الشعور بالمسؤولية اتجاه اخوانه في الإنسانية .. ولقد كان نبينا نبي الرحمة صلوات الله عليه وعلى اله يقول: (من أصبح ولا يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم) ، وأئمتنا عليهم السلام مظهر رائع لهذا الشعور بالمسؤولية اتجاه البشر الآخرين ؛ يقول الامام علي عليه السلام : 

(إنّما هي نفسي أرُوضها بالتقوى لتأتي آمنةً يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق . ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ، ولُباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبَني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشِّبَع، أوَأبيتَ مبطاناً وحولي بُطونٌ غرثى وأكبادٌ حرّى، أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داءً أن تبيت ببطنةٍ

وحولك أكبادٌ تحِنُّ إلى القدِّ!

أأقنع من نفسي بأن يقال:هذا أميرالمؤمنين، ولا اُشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون اُسوةً لهم في جشوبة العيش! فما خُلقتُ ليشغلني أكل الطيّبات، كالبهيمة المربوطة، همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها ، تكترش من أعلافها، وتلهو عمّا يراد بها، أو اُتركَ سدىً، أو اُهمل عابثاً، أو أجُرّ حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة!..)( ).

ان الشعور بالمسؤولية يؤرق الانسانيين دوما بالسهاد على هذه البشرية المعذبة، والظاهر ان هذا الشعور بالغالب ليس فقط من منطلق ديني ؛ فلقد رأينا شواهد من التاريخ الحديث فيها اروع الامثلة للشعور بالمسؤولية .. مثلا يرى جان بول سارتر الفرنسي الوجودي انه مسؤول عن اي مجاعة تحدث في الهند او افريقيا وتضامن الى ابعد الحدود مع كوبا رافضا الحصار المضروب عليها وكتابه حرب السكر يضمن شعور عال بالمسؤولية الانسانية اتجاه الاخرين.

وهذا الشعور واضح في خطب الحسين عليه السلام يوم عاشوراء لان الامة مع الاسف اصطفت مع اعدئها ضد اوليائها ورعاة مصالحها

قال الحسين عليه السلام يوم الطف: 

( تبا لكم أيتها الجماعة و ترحا أ حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم و حششتم علينا نارا أججناها على عدوكم فأصبحتم ألبا لأوليائكم و يدا عليهم لأعدائكم لغير عدل أفشوه فيكم)( ).

وقالت زينب عليها السلام: (فسليل خاتم الرسالة، و سيد شباب أهل الجنة، و ملاذ خيرتكم، و مفزع نازلتكم، و أمارة محجتكم، و مدرجة حجتكم خذلتم و له قتلتم ألا ساء ما تزرون فتعسا و نكسا)( ).

 ولان النهضة الحسينية جاء من شعور عال جدا بالمسؤولية الانسانية (لطلب الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، ولان عوامل خذلان النهضة لا زالت هي ذاتها سائدة اليوم بين الناس لذا يصعب على الكثير الارتقاء الى مستواها الانساني الراقي ويصعب فهم فلسفتها ولذا لا تجد الا الصفيق الجاهل البائس هو من يقف ضد الشعائر الحسينية لأنها فوق مستواى فهمه الباائس بكثير.

ولان الشعور بالمسؤولية اتجاه الانسانية المعذبة خاص بالنخبة من بني البشر فان للنهضة الحسينية وشعائرها ان تنشط هذا الشعور او تجعل المر الممارس لهذه الشعائر على هذا النهج علم ام لم يعلم.

المصادر:

  1)نهج البلاغة: الكتاب 45، بحارالأنوار: 40/340/27. و(موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب و السنة و التاريخ (5/  112)

  2) مثير الاحزان – 55.

  3) الأمالي للطوسي (1/  100)

 

 

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك