المرجعية الدينية: توجه العشائر بعدم ممارسة الاعراف والتقاليد السلبية


قال ممثل المرجعية الدينية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف، نحن اذ نرفع التعازي الى امام العصر (عجل فرجه) والى المؤمنين كافة بذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، ندعو الزائرين الكرام الى التعاون مع الاجهزة الامنية المكلفة بحمايتهم واتباع خططها وتعليماتها، والابتعاد عن كل ما يثير الفرقة والاختلاف ويسيء الى تماسك نسيجهم الوطني، راجيا من جميع الزائرين بالدعاء لإخوانهم المقاتلين بالنصر المؤزر القريب، موضحا ان هؤلاء الاعزة هم فخرنا وعزنا ولولا تضحياتهم الجسيمة التي قدموها لم يتسنى حفظ الارض والعرض والمقدسات. 

واستأنف ممثل المرجعية حديثه الذي تناوله في خطب سابقة حول نظام العشائر ودورها في العراق باعتبارها تمثل مدرسة لمجموعة كبيرة من القيم النبيلة والاخلاق الرفيعة، منوها الى بروز مجموعة من الممارسات والاعراف والتقاليد التي تتنافى مع الشريعة الاسلامية والقوانين النافذة التي لو استمرت وتجذرت في المجتمع سيكون لها مخاطر وتداعيات كبيرة تهدد التعايش السلمي، مستدركا ان لا يخفى اهمية الدور الايجابي والتاريخي للعشائر وخصوصا استجابتها لفتوى الدفاع الكفائي للمرجعية الدينية العليا.

وبين أن "قصدنا من الاشارة لهذه الممارسات انما لإصلاح هذه التقاليد والاعراف واصلاح نظام العشائر من هذه الامور الضارة وغير الصحيحة". 

واشار الى ان التعريف والتوضيح لهذه الممارسات الضارة يقع على عاتق الجميع على اعتبار ان البعض يجهلها او يكون في غفلة منها او يكون متأثرا بالأجواء العامة، ولابد من وجود جهة تقوم برصد تلك الظواهر والاساليب والممارسات الضارة والسلبية وافرازها عن الممارسات الصحيحة حتى يتنبه الجميع لهذا الامر.

واوضح ممثل المرجعية الدينية العليا ان التحذير من مخاطر استمرار الممارسات السلبية والاعراف الضارة دون وجود ردع او معالجة لها سيؤدي الى تجذرها في المجتمع لتتحول بعد ذلك الى ظاهرة يصعب معالجتها، مما يترتب على ذلك تداعيات خطيرة تهدد التعايش السلمي في المجتمع وتؤثر على هيبة القانون، منوها انه لا يمكن لأي مجتمع ان يتطور ويرتقي دون ان يكون فيه قانون له هيبة واحترام، معللا سبب بروز تلك الظواهر السلبية لقلة الوعي وتدني المستوى الثقافي وذهاب سلطة القانون بدرجة معينة، مؤكدا ان ممارسة تلك الظواهر يترتب عليها مخالفة شرعية وظلم كبير ومحاسبة شديدة امام الله. 

وقال الشيخ الكربلائي ان اولى تلك الظواهر السلبية تكمن بالخروج عن الضوابط الشرعية فيما يسمى بـ (الفصل العشائري)، موضحا ان الشريعة الاسلامية حددت مقادير معينة للديات في مختلف مواردها من قتل خطأ او جرح او كسر او غير ذلك، منوها ان بعض العشائر تفرض احيانا مقدار من الدية اعلى بكثير من المقدار المقرر شرعا من دون وجه حق والزام الجاني واهله بدفعه كونهم لايجدون محيصا من ذلك، مخاطبا جميع رؤوساء وافراد العشائر خصوصا ممن يدخلون في تحديد مقدار الديات الانتباه الى ما قرره الله وقررته الشريعة الاسلامية.

كما حذر ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الثانية من تجاوز الشرع والقانون في التصدي للقصاص وايقاع العقوبة بالقتل في جرائم ليس عقوبتها ذلك، مبينا ليس من صلاحية اي شخص بالتصدي للقصاص من متهم بالقتل العمد دون ان تثبت جريمته في محكمة صالحة، او يقوم شخص من العشيرة بقتل شخص من عائلته المتهم معتبرا ذلك تنفيذا لما يستحقه من العقوبة لان ذلك غير جائز شرعا، قائلا قد يأتي شخص من العشيرة متهما بالقتل ولم يثبت انه قام بجريمة القتل في محكمة صالحة ويأتي شخص من عائلة المقتول ليقتله او يقوم بقتل شخص من عائلته لأنه لم يتمكن من قتل الجاني او يقوم بقتل شخص من عشيرته، متسائلا ما ذنب ذلك الشخص البريء، معتبرا ذلك التصرف غير جائز شرعا.

واشار الشيخ الكربلائي ان من الممارسات السلبية لبعض العشائر ما يعبر عنه بـ"النهوة" وهي ان يقوم ابن العم بمنع زواج ابنة عمه من خاطب اخر، ثم اجبارها على الزواج منه، مبينا ان هذا التصرف فيه ظلم وهو على خلاف الشرع الحنيف، على اعتبار انه ليس لاحد الحق في ان يجبر الفتاة على الزواج ممن لا تريده، وليس لاحد ان يمنعها من الزواج ممن ترغب به.

وقال ان من المعيب حقا ان توجد في عشائرنا الى اليوم حالات من هذا القبيل وانه قد حان الاوان للقضاء عليها نهائيا كونها تصرفات غير اسلامية وغير انسانية على حد وصفه. 

وكشف الشيخ الكربلائي عن ورود شكوى له من مجموعة من البنات المؤمنات المستعدات للزواج تم منعهن من الزواج من قبل ابوهن، موضحا ان سبب المنع احيانا اما لكونهن من العلويات ويجب ان يكون الخاطب سيدا يعود نسبه لأهل البيت عليهم السلام، او ان يكون الخاطب من عشيرة معينة، موجها حديثه للاب" هذه السلطة من اين جاءت للاب في منع الفتاة من التزويج وهن يرغبن بالزواج وبعضهم كبر، واي جواب ستجيب ايها الاب يوم القيامة، فلا تقول هذه ابنتي ولاتشكو علي، فان هذه البنت ستشكو ظلامتها الى الله تعالى لانها منعت من الزواج لسبب غير مقبول شرعا واخلاقا".

واردف ممثل المرجعية العليا ان من الممارسات الضارة (الجلوة) وهو ان يحكم على شخص او عائلة او مجموعة عوائل بالخروج من منطقة سكناهم لفترة معينة قصيرة او طويلة بسبب قيام احد الاشخاص من العشيرة او العائلة بارتكاب جريمة معينة، موضحا ان ذلك لا اساس له عقلا وشرعا. ونوه الشيخ الكربلائي الى انه قد تقتضي المصلحة العامة ان لا تسكن بعض العوائل منطقة معينة مدة محدودة درءا للفتنة ولكن يلزم ان يكون ذلك وفق الاجراءات القانونية.

واوضح ان من الممارسات والاعراف السلبية، القصاص من البريء بجرم شخص من عشيرته، مشيرا الى انه في بعض الحالات يقتل شخص من عشيرة اخرى فيقوم الطرف الاول بقتل احد اخوة او افراد عائلة الجاني او مجموعة من الابرياء من العشيرة الثانية، مبينا ان هذا من اعظم الظلم واشده عقابا عند الشارع المقدس.

واعتبر الشيخ الكربلائي ان التفريط بالحق الشرعي لورثة المجني عليه من الممارسات السلبية، مشيرا الى قيام بعض الاشخاص ممن يمتلكون وجاهة اجتماعية او غير ذلك بالضغط على اولياء المقتول لأسقاط جزء من الدية المستحقة شرعا من دون وجه حق، منوها انه في بعض الحالات يكون من بين الورثة اطفال قصر مما لا يحق لأي شخص من اعمامهم او اخوالهم وحتى جدهم اسقاط حقوقهم، مبينا انه في بعض الجلسات العشائرية يقوم بعض الاشخاص ممن يمتلك وجاهة اجتماعية بأسقاط جزء من الدية، مؤكدا ان الدية حق شرعي لورثة المقتول ولابد ان تقسم عليهم حسب الحصص الشرعية.

وانتقد في الخطبة تقاليد الاسراف والتبذير بالإطعام في مجالس الفاتحة وغيرها كونها تؤدي الى تحمل العائلة او العشيرة اعباء مالية لا يوجد لها اي مسوغ شرعي.

وتطرق الشيخ الكربلائي خلال تشخيصه للحالات والممارسات السلبية الى ظاهرة اطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية سواء في الاحزان والافراح، قائلا ان تلك الظاهرة ليس لها اي مبرر شرع او قانوني وانها تسبب بإرعاب الناس واصابة المواطنين بالجراح وتؤدي الى القتل، مؤكدا ان من غير الجائز شرعا اطلاق العيارات النارية لان تلك الظاهرة تؤدي الى ارعاب الناس وهنالك البعض ممن قتل وممن ذهب بصره والبعض الاخر ممن جرح ازاء ذلك.

واشار الشيخ الكربلائي في ختام خطبته الى ان تفادي السلبيات التي مر بها يتأتى من خلال الرجوع الى القواعد الشرعية ورعاية القوانين النافذة واحترامها بالإضافة الى العمل على زيادة الوعي العام لتتسع دائرة الرفض لهذه الممارسات الضارة وعدم الاستجابة لها من قبل ابناء العشائر قبل غيرهم خصوصا لمن يصر عليها، بهدف الحد منها او تقليلها والسعي الى تصحيح الاعراف العشائرية وتخليصها من الظواهر السلبية.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك