الاندبندنت: الإسلام ليس العامل الاقوى وراء انضمام الجماعات المتطرفة


تقرير لصحيفة الاندبندنت البريطانية (بقلم لزي ديردن)

 الإسلام ليس العامل الأقوى وراء انضمام المقاتلين الأجانب إلى الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق

كشفت دراسة جديدة قام بها مركز مكافحة الإرهاب (CTC) في ويست بوينت أن الغالبية العظمى مما يقرب من 1،200 من المسلحين الذين شملهم الاستطلاع ليس لديهم تعليم ديني رسمي ولم يمارسوا الإسلام طيلة حياتهم.

الجماعات المتطرفة قد تفضل هؤلاء المجندين لأنها «أقل قدرة على التدقيق على تفسير الأفكار والأيديولوجية الجهادية» وتلتزم تماما لتفسير المنظمة التي اختاروها العنيف والاختزالي للإسلام

وقال محللون عسكريون أن العديد من المقاتلين الاجانب يسافرون من الغرب الى الجماعات الجهادية متأثرين بالهوايات الثقافية والسياسية وليس الاسلام نفسه الذي اصبح دوراً ثانوياً.

وقال تقرير للجنة مكافحة الإرهاب ان «قدرة الجماعات الجهادية لتجنيد المقاتلين الأجانب بالتالي يعتمد على أساس خلق الصورة التي تركز على الحرمان المستمر والظلم للمسلمين، سواء من أنظمة سياسية غربية محددة، أو في الساحة الدولية».

هذا التحليل الذي أجري في الأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة، يتفق مع كشوفات نادرة من أستمارات الانتماء لداعش تسربت في وقت سابق من هذا العام، حيث أن غالبية هؤلاء المنضمين إلى داعش ذكروا أن معلوماتهم عن الشرع الإسلامي على أنها «بسيطة».

في ذروة حملة «داعش» لتجنيد الموالين في عام 2013 وعام 2014، يقال إن اثنين من المجندين البريطانيين اشتروا كتاب تعليم القرآن للمبتدئين والإسلام للمبتدئين من الأمازون لغرض الاستعداد للجهاد في الخارج.

 وأدانت معظم المنظمات الإسلامية الكبرى في جميع أنحاء العالم داعش ومزقت ادعاءاتهم الفكرية الى اشلاء. من بين هذه المنظمات مجلس مسلمي بريطانيا، الذي أصدر بيانا مشتركا من المساجد في جميع أنحاء المملكة المتحدة يدين تصرفات الحركة «الخادعة»، كما وصفها «بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام»

كما ان استراتيجيات الحكومات في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة قد شجعت المساجد لأخذ زمام المبادرة في محاربة التطرف. ووجدت لجنة مكافحة الإرهاب أن الشخصيات الدينية لعبت «دور الحد الأدنى» فقط وتم عزل المقاتلين عن المجتمعات الإسلامية في الداخل، بدلا من التطرف على يد مجندين الجهادية، عبر الإنترنت أو من قبل الأصدقاء.

تحليل لجنة مكافحة الإرهاب حول حياة - وموت المقاتلين الأجانب الذين حاولوا الانضمام إلى الجماعات المسلحة في سوريا والعراق بين 2011-2015، أنهم من فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وألمانيا وهولندا و25 دولة أخرى.

«المقاتلون الأجانب لم يشتركوا فقط في القتال بشكل كبير، بل الكثير منهم ماتوا» حسبما ذكر التقرير.

قتل 74 في المائة على الاقل من الذين شملهم الاستطلاع في القتال، وكان ثلاثة أرباع من المقاتلين البريطانيين في العينة قتلوا، مع كون معدل الوفيات هو 66 في المائة لداعش، و 77 في المائة بالنسبة لتنظيم جبهة النصرة التابع للقاعدة، التي قامت إعادة تسمية نفسها الآن بـ «جبهة فتح الشام» بعد الانفصال المفترض من المنظمة الأم.

وتكشف الوثائق المسربة أن مجندي داعش لديهم ضعف فهم للعقيدة الإسلامية.

يكاد يكون من المستحيل تأكيد عدد القتلى في سوريا والعراق، مع عدم وجود سلطات محايدة على الأرض والحرب الدعائية من الجماعات التي تقاتل من أجل السيطرة.

في مايو من هذا العام، قدر المرصد السوري لحقوق الإنسان (ساهر) ومقرها في المملكة المتحدة أن أكثر من 47،000 من الأجانب من الفصائل المناهضة للأسد بما في ذلك داعش وجبهة النصرة قد قتلوا، - متجاوزا الرقم الإجمالي الذي تعتقد بما في ذلك داعش وجبهة النصرة أنهم سافروا إلى البلاد من قبل.

وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن الضربات الجوية وحدها قتلت 45000 مقاتل داعشي، بما في ذلك الأجانب والسكان المحليين.

وقالت لجنة مكافحة الإرهاب لم يكن هناك لمحة واحدة للتطرف منهم، على الرغم من أن معظمهم تتراوح أعمارهم في 20s، كانت عاطلة عن العمل أو من الطلاب، أو من أصول مهاجرة.

وقد كشفت الدراسات السابقة أيضا أن العديد منهم لهم ماض إجرامي، مثل التورط في جرائم العصابات الصغيرة، والتي يمكن أن تستغل من قبل المجندين باعتبارها تقدم «الفكر الفدائي» لاستغلال مهاراتهم في شبكات سرية.

يتم استخدام المهاجرون الغربيين في مجموعة متنوعة من الأدوار اعتمادا على خبرتهم كما قالت لجنة مكافحة الإرهاب، وغالبا ما يتم إرسالهم إلى معسكرات التدريب الإرهابية لدى وصولهم الى المنطقة قبل أن ينتشروا كجنود وانتحاريين، وقادة أو أفراد الدعم.

المقاتلون الأجانب يمكن أيضا أن يكونوا أدوات دعائية قيمة، مثل المقاتل البريطاني محمد اموازي، الذي أصبح يعرف باسم جون الجهادي بعد ظهوره في سلسلة من أشرطة الفيديو للإعدام الدموي يظهر مقتل جيمس فولي والرهائن الآخرين.

وكثيرا ما تستخدم «داعش» المجندين الأوروبيين بالفيديوات التي تهدف إلى إثارة هجمات في بلدانهم وهناك قلق متزايد بشأن احتمال استخدام المقاتلين الأجانب العائدين، مع استكمال التدريب على الأسلحة والخبرة في ساحة المعركة.

وأضاف تقرير لجنة مكافحة الإرهاب «بالنسبة للبعض، الانفتاح على العنف قد تكون لتقوية اعتقادهم بالمنظمة التي يعملون فيها».

الدين ليس هو أقوى دافع وراء انضمام آلاف المقاتلين الأجانب لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا، حسب تقرير من الباحثين العسكريين الأمريكيين.

«وبالنسبة لآخرين، الحقائق الوحشية من ساحة المعركة قد تكون الخطوة الأولى في خيبة الأمل مع المنظمة».

«الصراع بين كيفية التمييز بين العائدين الذين تصلبت عقيدتهم في مقابل أولئك الذين يصابون بخيبة أمل، وكذلك ما يجب القيام به في كلتا الحالتين، هو التحدي الذي سوف ينمو أكثر مع عودة المقاتلين بأعداد أكبر، والحكومات ستعاني للرد.»

ومن بين مجندي «داعش» الذي عاد إلى أوروبا في العام الماضي هو هاري سارفو، الذي نشأ في المملكة المتحدة، وسافر للانضمام إلى المجموعة في سوريا بعد لقاء داعية متشدد خلال سجنه بتهمة السرقة، وهو الآن في السجن، قال لصحيفتنا أن الرجم وقطع الرؤوس وإطلاق النار وعمليات الإعدام واستخدام الجنود الأطفال التي شهدها هي دفعته إلى الفرار من المجموعة الارهابية بعد تبينه أن أيديولوجيتها «غير إسلامية».

وأشار سارفو «أسوأ ذكرياتي هي إعدام ستة رجال بالرصاص في الرأس ببنادق كلاشينكوف». وأضاف قطع يد أحد الرجال، وجعلوه يحملها بالأخرى. والدولة الإسلامية ليست مجرد غير إسلامية، لكنها غير إنسانية. حيث الأخ الشقيق يقتل أخيه للاشتباه بأنه جاسوس. بعد أن أعطوه أمر بقتله. وأصدقاء تقتل أصدقاء ».

وقالت لجنة مكافحة الإرهاب أن 10 في المائة فقط من المقاتلين الذين شملتهم الدراسة قد عادوا، مع خطورة أن يستخدموا في العمليات الإرهابية المستقبلية كلما طالت مدة البقاء في الاراضي التي يسيطر عليها المتطرفون.

وحذر محللون بأنه رغم القاء القبض على ما يقدر بنحو 90 في المائة من المسلحين بعد رجوعهم إلى الغرب، فالبعض الآخر نفذوا من خلال الثغرات ويشكلون تهديدا قاتلا.

كان مقاتلو داعش المدربين وراء الهجمات الإرهابية على المتحف اليهودي في بلجيكا في عام 2014، وهجمات 2015 في باريس وتفجيرات بروكسل في وقت سابق من هذا العام، فضلا عن عدة مؤامرات أخرى، مع هجمات دعائية للمجموعة الملهمة لما يسمى «الذئب الوحيد». مثل الوحشية التي قتل فيها أكثر من 80 شخصا في نيس.

وخلص تقرير للجنة مكافحة الإرهاب «في حين أن العائدين وتنفيذ الهجمات هي مصدر قلق كبير، فالبيانات هنا قد أظهرت أنهم ليسوا القلق الوحيد».

«لسوء الحظ، التاريخ يوحي بأن تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق من غير المرجح أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يقرر الأفراد السفر لمسافات طويلة لحمل السلاح في نزاع مستمر».

 

 

ترجمة: ماهر علي سلطان

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك