التشيّع مرآة الإنسانية 

1260 2016-03-29

كثيرة هي الأديان والمذاهب والطوائف والحركات والنظريات في العالم لكن القلة منها ما يقاوم رياح النقد ويصمد امام الفحص والتمحيص المنطقي فتراه يذهب جفاءً لكونه يخالف تطلعات الإنسانية وسعيها نحو الرقي .

التشيع : مذهب يعتقد بخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفقاً للأمر ألإلهي الصريح، والشيعة : أتباع أهل البيت عليهم السلام والسائرين على نهجهم والمضحين في سبيلهم أيما تضحية، لست بصدد الحديث عن هذه التضحية والمظلومية التي عمرها أكثر من 14 قرناً، كما اني لا أتحدث عن تأريخ أهل البيت عليهم السلام لان الامر يتطلب بحوث ومجلدات وموسوعات كاملة، ولكني سأتحدث عن بعض الجوانب الإنسانية في حياة أتباع أهل البيت عليهم السلام وكنه رسالتهم الممتدة عبر الأجيال المتعاقبة، وهي تتلألأ في سماء الفضيلة .

يؤمن أتباع أهل البيت عليهم السلام بالتعايش السلمي والتعدد المذهبي فمراقدهم المقدسة وجوامعهم وحسينياتهم تأوي الجميع على مختلف ألوانهم ومعتقداتهم ولعل قبة سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام خير برهان على ذلك ، ولا غرابة في ذلك فهم قد تعلموا في مدرسة أمير المؤمنين (ان الناس صنفان:اما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق )، ثم أن قدوتهم الإمام الحسين عليهم السلام قد جمع في نهضته المباركة ألوان وأشكال وشرائح متنوعة وسار بهذه الثلة المؤمنة لنيل الكرامة والعزة،  يحرم اتباع أهل البيت استباحة الدماء اشد تحريم إلا في حالات خاصة أجازها الله عز وجل، وهم قد برهنوا ذلك على الدوام ولكي اثبت صدق قولي سأذكر مثالاً من حياتنا المعاصرة، عاش شيعة العراق بعد احداث عام 2003 اوضاع مأساوية فترى الأم الشيعية ثكلى وترى الأب مفجوع والأخ والابن وهكذا ...وعلى الرغم من كل هذه المصائب والنوائب تجدهم صابرين محتسبين تاركين للقضاء والقانون كلمة الفصل ،ومحافظين على أنفسهم من الإنجرار خلف فتنة تلتهم نارها كل شيء، والمثال الآخر على إنسانية الشيعة مواقف مراجعهم الدينية الداعية الى السلام، ومن هذه المواقف ،موقف المرجع الديني الأعلى للشيعة السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف حيث تحدث عن المكون السني بلغة الوئام والمحبة (لا تقولوا إخواننا بل قولوا أنفسنا)، بينما يظهر في الجانب الآخر دعاة القتل وصناع الدمار في وضح النهار ويفتون باستباحة قتل الإنسان دون اي مسوغ او ذنب ولعلهم يستهدفون النوع الإنساني لكونهم انقلبوا مسوخ بفعالهم القبيحة.

الامثلة والشواهد كثيرة على سمو اتباع أهل البيت اما السر في صمود المذهب الشيعي الجعفري أمام التيارات والأفكار الدخيلة فله أسبابه : ان الفكر الشيعي يمثل الامتداد للرسالة السماوية المحمدية ،كما ان الشخصيات التي يقتدي بها أتباع أهل البيت هي شخصيات كاملة في إنسانيتها، وهم ألائمة المعصومون، فلا عجب في ان الذي يقتفي اثرهم يتخلق بأخلاقهم، فضلاً عن ان المذهب الشيعي يتفق مع الفطرة السليمة، ويحقق ما تصبو اليه النفس البشرية الساعية نحو التكامل الإنساني، وأخيراً اذا أراد العالم ان يرتقي بإنسانيته فليغترف من هذا المعين الذي لا ينضب.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك