مانحو العراق.. العالم يقف مع نفسه


نجح المؤتمر الذي عقدته الخارجية الامريكية، في نيويورك، مؤخرا، بإقبال الدول المانحة على جمع ملياري دولار للعراق؛ دعما له في مقاتلة داعش وإيواء النازحين وإعادة بناء المدن، التي دمرتها الحرب!

هل هو فضل من الدول المنحة، على العراق؟ أم وقوف منها مع الحق؟ أم دفاع عن نفسها؟ لأنه إذا تخطى سوريا والعراق، لن يقف زحفه على الكرة الارضية، من القطب الى القطب! طاويا حتى الدول الراعية للإرهاب.. نفسها.

لخص وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية، الموقف، بالقول: علينا أن نحترم جدية العراقيين، ونؤازر الدقة والسرعة، في إحراز الإنتصارات على تنظيم قوي، لن تصمد بوجهه دول المنطقة، لو إنفلت من عقال العراق.

بهذا القول، أقدمت الدول المانحة على تقديم المساعدة، في دعم المجهود الحربي العراقي، بما فيها تلك التي أسهمت بدعم القاعدة وداعش المنسولة من رحمها؛ لأنها وجدت الوحش يتعاظم بالغا سمت السماء.. عملاقا لن يعنى بكارثة في قرية نمل..

بقدر ما يحتاج العراق تلك المعونة المالية، في حربه ضد داعش يحتاج التداعيات المنطقية المترتبة على تلك المعونة؛ فهذا المؤتمر دل على تخلي أمريكا عن داعش مثلما تخلت عن سلفها القاعدة وصدام حسين وكثيرين مثلهما، أنجزوا المهمات التي إنتدبتهم لها، ثم صنعت المستحيل للتخلص منهم.

فمهمة القاعدة هي تمكين أسامة بن لادن، من إخراج الاتحاد السوفيتي من إفغانستان، وبعد إنسحاب الجيش الاحمر منها، بات وجود القاعدة مجرد أوفر تايم نسميه باللهجة العراقية زوادة ويسميه المصريون، في الأفلام الشعبية فوق البيعة والامر ذاته مع صدام؛ الذي رقته الإرادة الدولية العظمى، من نائب رئيس الجمهورية، الى طاغية مطلق التصرف بالمنطقة؛ لكسر شوكة الثورة الاسلامية في إيران، وبعد توقف الحرب يوم 8 آب 1988، تحول وجود صدام الى وقت ضائع،... ضعنا فيه، وهذا هو شأن داعش المنسولة من رحم الاخوان المسلمين والقاعدة.. فمهمتها تدمير المنطقة.. عسكريا وإجتماعيا وإقتصاديا، بالتضافر مع التفجيرات المهووسة بالعراق؛ إستنزافا لإقتصاده ونفوس شبابه، من العقول والايدي العاملة.

إذن آن لأمريكا، ومن حولها جوق الدول المانحة، التخلي عن داعش وإقصاؤها من ساحة العمل؛ وهذا لن يتم، إلا بإنتصار العراق عليها.. فهزيمتها أمام الجيش العراقي والحشد الشعبي من حوله ، بمعونات عسكرية ومالية أمريكية؛ تخلي مسؤولية أطراف معروفة، أسهمت متعاونة على قيام داعش.. تتنصل من المسؤولية، كالشعرة من العجين، بل وتقدم المنح مؤكدة مشاركتها بدحر داعش بأيدي العراقيين.

هذا سر إقبال الدول المانحة، على جمع ملياري دولار؛ إستجابة للدعوة الامريكية، الى مؤتمر المانحون منذ أيام، بحسرة وألم؛ أستدلُ عليهما، من عدم عناية إعلام تلك الدول بالمؤتمر، والعدوى سرت الى الإعلام العراقي، الذي لم يستثمر نجاح هذا المؤتمر، في تأكيد إنتصاراته على داعش وحقه المستخلص من مخالب دول المنطقة التي ما زالت تمول الإرهاب، إذ لم نرَ إهتماما إعلاميا عراقيا، بهذا المنجز الكبير، الذي أقرته أمريكا للعراق، بإلزامها الدول، على تمويل العراق في حربه العادلة، ضد الإرهاب.

أما الدول التي ساهمت في مؤتمر المانحين، بعد أن مولت داعش الى أن هزم، أمام القوات العراقية، فهي تعرف ما تريد.. عندما تتخلى عن الورقة الرابحة بعد إستنفادها.. لذلك لن تقف طويلا أمام الحالة إعلاميا، بل مولت داعش وهي تقضم المدن العراقية، ومولت العراق وهو يهزم داعش من دون الإكثار بالإعلام، الذي يعود للعراق بسمعة طيبة؛ بإعتباره منقذ الإنسانية من زحف الإرهاب، على شرقها وغربها.

لكن ما عذر الإعلام العراقي، في إستثمار المكتسبات المادية والمعنوية المترتبة للعراق، بنجاح هذا المؤتمر، الذي باركته أمريكا وتضامنت معه دول العالم. 

 

د. جاسم العزاوي

 

الاراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي الاعلام الدولي

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك