رجال الله كانوا في العراق


عمار العامري

 

كثيراً ما تتردد على الألسن حكايات؛ وصف الشيبة المجاهدين في الحشد الشعبي من كبار السن بالصحابي الجليل حبيب ابن مظاهر, فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر, رجال تجاوزوا السبعين أو الثمانين من أعمارهم, إلا أنهم لم يتوانوا في حمل السلاح, تلبية لنداء المرجعية الدينية بالدفاع المقدس عن العقيدة والوطن.

الكل له قصص يرويها؛ تسعد من يسمعها, وتسر من يتابعها, شيبة اخذ الدهر منهم مأخذ, حيث السنين العجاف التي مرت على العراق؛ حروب وبؤس, وصراع من اجل البقاء, وويلات المتسلطين, وبلاء الحكومات الظالمة وسياستها, كل ذلك لم يمنع من فطر على حب الوطن, وذاب بعشق تربته, وتغذى من غيرته بالدفاع عنه, بوجه اشد الجماعات كفراً وإجراماً في تاريخ العراق المعاصر.

رجال الحشد الشعبي؛ فعلاً من قال أنهم رجال الله في أرضه, هم الصفوة؛ الذين نالوا التوفيق الإلهي, وهبوا تاركين الأهل والمال, "فيا ليتنا كنا معكم" تحققت, وهذا الدعاء استجيب لمن ردده من نية صادقة, ما حدث في كربلاء عام 61هــ, عاد في العراق منتصف 2014, وصدق المؤمنون القول, وفعلوا ما لم يتوقع, ولنا بمواقف أولئك الرجال الغيارى دروس تدرس للأجيال.

تعرضت إحدى محاور سرايا عاشوراء, لهجوم مباغت فجر احد الأيام من قبل العصابات الإرهابية في حزام بغداد, استعد المجاهدون لصد العدو, وبدءوا يوجهون فوهات بنادقهم لكل حركة يعتقدون أنها خطر يداهمهم, أكثر من كانت أطلاقات بندقيته تسبق الآخرين, الرجل الشيبة المجاهد "عاجل شبوط", منعه أمر النقطة من الرمي بلا هدف, اختفى ذلك الغيور, انتهى الهجوم بعد ساعات, ولم يعرف مصيره.

كان على سواتر الصد الأولى مجاهدو فوج المغاوير, الشباب المتمرسين على قتال المدن, استمر الهجوم من الساعة الخامسة فجراً حتى الحادي عشر ظهراً, لم تصل إليهم سوى قناني الماء, وهم تحت لهيب شهر أب 2014, تفقد قائد الفوج "أبو مصطفى العيداني" مقاتليه, فاستغرب بوجود احدهم يلبس "الدشداشة العربية" ويلف رأسه "بالشماغ الأبيض" من أنت؟؟ أنا أبو احمد من فوج السماوة.

قال القائد؛ من جاء بك إلى هذا المكان؟؟ فأجاب الرجل الشيبة "جابتني غيرته وفزعت" القائد: أنت رجل كبير, والقتال على السواتر يحتاج الشباب, ومهاراتهم القتالية, فرد عليه "صح احنه شياب, لكن وقت الحرب ما تعرف بينا الشايب من الولد, والسيد أعطى فتوى فزعت زلم, وإني عمك, بوقت اللازم تعرفنا بس نادي حيهم" صمت القائد, ماذا يقول!!؟ والله اسجد أبوس أيدك.

هكذا هم الرجال الأفذاذ؛ شيبة هبوا يقاتلون ليس من اجل المال والمناصب والسلطة, إنما دفعتهم عقيدتهم, وولائهم لوطنهم, أمام عصابات لا تعرف معنى الإنسانية, فكيف تصون حرمة الإنسان!؟ وفعلاً تجسدت أسمى صور الرجولة والشجاعة والإيثار, خلال مواقف رجال الفتوى المقدسة, الذين يستحقون أن تخلد أسمائهم في صفحات التاريخ العراق الخالد.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك