السياسة الاقتصادية وايديولوجية شرب البترول


سامي كامل العبودي

 

يسود العالم ترقب حذر تجاه سياسة دولية جديدة مع بدأ تولي ترامب رئاسة أقوى واكبر دولة في العالم, والذي توج حملته الانتخابية بتصريحات نارية أثارت قلق اغلب زعماء العالم وأصابتهم بهستيريا وحالة عدم استقرار سياسي.

 تصريحات الرئيس الأمريكي مثيرة للقلق فهو يعتبر النفط العراقي والسعودي وهما يتصدران قائمة الدول المنتجة للنفط ملكاً لأمريكا وكما وصف الدولتين السعودية(بالإرهابية) والعراقية(باللصوص) ولعلها إشارات هو يعنيها بذاتها, وهذه السياسة الجديدة تثير القلق لدى اغلب زعماء العالم (لاسيما العرب), فبالرغم من التشابه الموجود في ملامح السياسة الأمريكية, وأيديولوجية من سبقه من رؤساء أمريكا إلا إنها غير واضحة المعالم, فالتقارب الأمريكي مع الدب الأبيض الروسي والتي يشهد لها تاريخ الحروب (الباردة والحارة) مثيرة للقلق, وقائمة منع السفر لبعض البلدان الإسلامية ومنها العراق والذي كان من المفترض أن يكون حليفاً جيداً لأمريكا, وإعادة فتح معتقل غوانتانامو, ناهيك عن السياسة الاقتصادية الجديدة التي تنتظر العالم بأسره, كل هذه الأمور مدعاة للقلق والترقب.

فتشكيلة ترامب الرئاسية المثيرة للجدل شملت الجنرال المتقاعد مايكل فلين مستشارا للأمن القومي، والسيناتور جيف سيشنز لمنصب النائب العام الأمريكي، ومايك بومبيو مديراً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA), تعكس توجهاً حقيقياً نحو عقلية القيادة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، حين قام الرئيس الأسبق جورج بوش آنذاك بتوسيع السلطات الرئاسية لشرعنة مفهوم الحرب على الإرهاب, إن تعيين 3 شخصيات من ذوي المواقف المتشددة في قضايا الأمن الوطني والهجرة يعكس طريقة التفكير في المرحلة المقبلة.

فان مايكل فلين معروف بمواقفه التصالحية تجاه روسيا، يعكس طبيعة التوجه نحو فتح قنوات للتعاون مع روسيا، كما إن تعيين بومبيو المعروف بمواقفه المعارضة لإغلاق معتقل غوانتانامو،وميله إلى استخدام وسائل وحشية في استجواب المعتقلين، ومطالبته باستمرار برامج التنصت الإلكتروني الخاصة بوكالة الأمن القومي الأمريكي, أما مايك بومبيو فهو جاء من اجل إصلاح العلاقة بين الوكالة والكونغرس، بعد أن تدهورت تلك العلاقة في السنوات الأخيرة بسبب المعتقلين.

ان من اخطر القرارات التي اتخذها ترامب منذ توليه السلطة إزالة كل الحواجز والضوابط والقيود التي وضعت من قبل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين على نفط (ألاسكا) والذي يقدر بأضعاف احتياطي النفط العراقي, ورفع القيود عن تنقيب الفحم الحجري, وهذا يعني انه سوف يحصل انفجاراً في سوق إنتاج النفط العالمية في الوقت الذي يشهد فيه سوق النفط نحو (مليونين برميل) فائض عن الحاجة يومياً, وقد صرح ترامب مسبقاً بأنه سيجعل من أمريكا البلد الأول في العالم بإنتاج النفط, وهذا الأمر سوف لن يستهلك الكثير من الوقت الأمريكي نظراً للإمكانيات المتاحة لديهم, حينها سوف لن تجد السعودية والعراق من يشتري منهم بترولهم, مايهمنا هو الوضع الاقتصادي للبلد وهل إن الحكومة قادرة على وضع خطط اقتصادية بديلة حتى لا يصل بنا الحال إلى أن(نشرب نفطنا)بدلا عن الطعام, أو أن نعطي النفط لأمريكا بالسعر الذي هي تضعه, وبالسعر الذي يخدم شركاتها النفطية كعمولة للتصدير, فإذا أصبح الوضع كذلك والحكومة العراقية اليوم عاجزة تماما عن سد نفقاتها والنقص الكبير في ميزانيتها وهي تصدر يوميا قرابة (خمسة ملايين) برميل يوميا بمعدل سعر يتراوح مابين (40-45)دولار للبرميل الواحد في أدنى مستوياته, فان طبق ترامب سياسته النفطية وأضنها ليست بالبعيدة لايبقى خيار امام العراقيين سوى أن (يشربوا نفطهم).

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك