كلام في الخصخصة


أقرت وزارة الكهرباء العراقية خطة جديدة لاستحصال وجباية اجور خدمة الكهرباء, بعرض عمل مديريات التوزيع للخصخصة, الأمر الذي اثار موجة عارمة من السخط والغضب الشعبي, وجوبه برفض قاطع, من قبل شرائح عريضة من المجتمع.

تقضي خطة الوزارة بايكال مهمة الجباية إلى شركات استثمارية, وبنسبة 27% من الواردات, وفق اسعار جديدة, تمثل عشرة اضعاف السعر الحكومي السابق, بواقع 10 دينار لكل وحدة كهربائية (الوحدة الكهربائية تساوي كيلو واط لكل ساعة) لأول الف وحدة, ثم تتضاعف هذه الأسعار تباعا لكل خمسمائة وحدة –لن أخوض في حسابات الأسعار مراعاة للاختصار- في المقابل يتحمل المستثمر تصليح الأعطال بسرعة, وتوسيع الشبكة الكهربائية, ومد خطوط ونصب محولات جديدة, على أن يحصل المواطن على ما لا يقل عن 20 ساعة تجهيز بالكهرباء يوميا.

يتحدد الكلام في التعاطي مع الخصخصة في عدة نقاط يجب تثبيتها ومناقشتها, فأول أمر نكتشفه من مشروع الخصخصة هو بمثابة إعلان وزارة الكهرباء فشلها في السيطرة على الجباية, وعدم تمكنها من فك الاختناقات ومنع التجاوز على الشبكة الوطنية, والأمر الآخر! هو لماذا تقوم الوزارة بزيادة الأسعار ومن ثم تحويلها إلى مستثمر؟ لماذا لا تبقي الوزارة نفس الأسعار السابقة, وهو واحد دينار لكل وحدة كهربائية, أو أن تضاعف الأسعار وتقوم هي بأعمال الجباية وتحسين الشبكة, أو الوصول إلى حل توافقي, وهو إبقاء الأسعار القديمة على حالها لأول ألف وحدة ثم تكون الزيادة لما زاد عن الألف, وبذلك لن يتضرر المواطن الفقير وذوي الدخل المحدود –وأعتقد الطريقة الثالثة هي النظام الأكثر عدلا وانصافا-.

الأمر الآخر الذي نتحدث به هو الوعد بتوفير الكهرباء على مدار الساعة, وهنا نقول هل إن الكهرباء كافية ليتم توفيرها؟ ولماذا لا توفر الآن, أم إن هناك نية مبيته للضحك على ذقون الناس؟ فما نعرفه وما صرح به مسؤولي الكهرباء, هو إن العراق لم يصل في انتاجه لثلثي الاحتياج الفعلي فمن أين ستأتي الوزارة بالكهرباء للمواطنين على مدار اليوم.

إن الحديث عن توفير الكهرباء لمنطقة زيونة في بغداد, ولمنطقة حي المعلمين في قضاء الشطرة في ذي قار, وبعض المناطق التي تم تجربة الخصخصة عليها, هو حديث يتسم بالنرجسية العالية من قبل الوزارة, فحقيقة الأمر أن توفير الكهرباء لهذه المناطق هو على حساب تقليل حصة المناطق الأخرى, وسيبان فشل مشروع الخصخصة عن تطبيق النظام على جميع المناطق في العراق, فحجم ما متوفر من طاقة كهربائية, لا يتناسب مع حجم الاحتياج.

المشكلة الحقيقية في الكهرباء هو الانتاج (التوليد) وعلى الوزارة ان كانت جادة! أن تستثمر في هذا القطاع بدلا من قطاع التوزيع, وبدلا من أن تشتري الكهرباء وبالعملة الصعبة من ايران ومن البوارج التركية.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك