زيارة الحسين عليه السلام  تدبير رباني وحكمة إلهية


محسن وهيب عبد

الشعائر الحسينية فقط هي التي تعلمنا ان استشهاد الحسين عليه السلام، يفسر خاتمية الرسل، وحفظ الدين وحصانة الامة في ثلتها التابعة للعترة الهادية، فقد اسس هذا الحادث لبقاء سنة ارسال الرسل عليهم السلام حية في كل معاني ظاهرتها من العلة الى الهدف، فسبحان المدبر المقدر المرتب لبلاء الحسين عليه السلام.

ونستطيع ان نتبين ونستوضح ذلك من تتبع هذا البلاء الراتب الذي تعرض له الحسين عليه السلام من مجمل سيرته الشريفة، بما هو سبط النبي صلى الله عليه واله وسيد شباب اهل الجنة وريحانة الرسول وهو من النبي والنبي منه..وبما هو من منزلة اهل البيت لا يدانيهم احد في الكون من الله ورسوله صلوات الله عليهم. 

ولكن عندما حصل الانقلاب وآلت الامور الى نسل الافجرين، ثم الى حزب ابناء فتيات قريش من ذوات الرايات واستلامهم الملك العضوض، وكينونة يزيد الفاجر ملكا بمسمى خليفة لرسول الله صلى الله عليه واله ؛ طلب من الحسين عليه السلام ان يبايع لهذا الفاجر، عندها انتفض الحسين بعلة الرسل وبشعارهم مذكرا بقول جدّه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): (من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرُم اللّه، ناكثاً لعهد اللّه، مخالفاً لسنة رسول اللّه، يعمل في عباد اللّه بالاِثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على اللّه أن يدخله مدخله).

وعندما دعي عليه السلام  لمبايعة الفاسق يزيد قال عليه السلام : (إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله...).

وعندما انطلق الى العراق قال الحسين عليه السلام عن رؤيا جده صلى الله عليه واله يقول له:

 ((يا حسين اخرج فان الله قد شاء أن يراك قتيلا فقال محمد ابن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ؟ قال: فقال [لي صلى الله عليه واله]: إن الله قد شاء أن يراهن سبايا، فسلم عليه ومضى )). 

فهو اذن متوطن بما يعلمه من حتم لقاء الله تعالى بابتلاء راتب ، ويؤكد ذلك رده عليه السلام على اعتراضات عبد الله بن العباس وعبد الله بن الزبير فأشارا عليه بالإمساك عن الخروج للعراق ، فقال لهما: (إن رسول الله قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه).

والذي يؤكد ان الامر مقصود من قبل الحسين ومرتب من قبل الله تعالى ايضا قوله عليه السلام في رسالة الى بني هاشم : (سم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى بني هاشم؛ أما بعد فإنه من لحق بي استشهد و من تخلف عني لم يبلغ الفتح و السلام).

بمعنى ان الشهادة هي قدره عليه السلام حتما في مسيرته، كما يرتب الله تعالى للرسل عليهم السلام في رسالاتهم التي هي ظاهرة ربانية مرتبة لا يخلو منها زمان ولا مكان.

ترتيب ابتلاء الحسين عليه السلام، يعلمه اهل البيت صلوات الله عليهم من اول يوم ولادته، وحين سلم الرسول التربة التي اتى بها جبرائيل الى ام سلمة في قارورة واخبرها ان تحول هذا التراب الى دم، فانها علامة تدل علة مقتل ولدي الحسين( ع).

المصادر:

 1 ) الافجران هم بنو امية  وبنو المغيرة ، لاحظ  تفسير الكشاف للزمخشري:ج2:ص: 432. وتفسير البيضاوي ايضا: ج 3 /ص: 160.

 2 ) تاريخ الطبري: 4|304 حوادث سنة 61.

 3 ) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج:44/  325.

4 )كتاب الملهوف ص 53 - 56.

5 ) بحار الأنوار - العلامة المجلسي (44/  364).

6 ) مثير الأحزان (2/  26) ، و الخرائج والجرائح (2/  279)، ومستدرك سفينة البحار: ج 42 / 81 ، وج 44 / 330، وج 45/85 و87 و مناقب آل أبى طالب 2: 199.و بصائر الدرجات ص 482

7 ) مثير الأحزان (3/  24) ، بحار الانوار 44: 331، العوالم 17: 180، ينابيع المودة: 405 الى قوله بكت ام سلمه بكاء شديدا. الخرائج والجرائح 1: 253، وايضا تكرر في بحار الانوار 45: 89 حديث 27.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك