الكلاسيكو يفضح العرب


كاظم فنجان الحمامي

وجه المتفرجون في ملعب (السانتياتغو بيرنابيو)، قبيل انطلاق الكلاسيكو الكروي، بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، صفعة مدوية لوجوه المتآمرين علينا، عندما وقفوا حداداً على أرواح ضحايا التفجيرات الإرهابية في فرنسا، فضجوا بالعويل والبكاء، معبرين عن تعاطفهم وتضامنهم مع أسر الضحايا، ومتأثرين بأنغام النشيد الوطني الفرنسي (اللامارسيز)، فانهمرت عيونهم بدموع الحزن والألم، وارتفعت رايات فرنسا بين حشود الجنسيات المتعددة. 

توحدوا بانفجار واحد فقط. تكاتفوا فيه مع بعضهم البعض، واصطفوا في خنادق متراصة لمواجهة الإرهاب، بينما تُحرق راية (الله أكبر) داخل أرض العراق، ويُداس عليها في ضواحي الموصل، وخلف ثكنات البيشمركة.

يفجرنا أشقاؤنا العرب صباح كل يوم، فتتمزق أجسادنا، وتتقطع أشلائنا، ونتبعثر في الفضاء، ونُصهر فوق أسفلت شوارعنا المتصدعة، ثم يعود أشقاؤنا مرة أخرى ليصبوا الزيت على النيران التي التهمت مدننا، فيتفاخرون بعبواتهم الناسفة وصواريخهم الحارقة. يقف العالم كله دقائق وساعات وأيام حداداً على أرواح الفرنسيين بعد انفجار عبوة ناسفة واحدة، ولا يتوقف المتآمرون علينا من مزاولة أنشطتهم التدميرية دقيقة واحدة، على الرغم من اتساع بحيرات الدماء الراعفة، وعلى الرغم من ارتفاع ضحايا التفجيرات، التي ظلت تنسف بيوتنا ومساجدنا ومدارسنا منذ أعوام وأعوام. الأوربيون يتحالفون ويتكاتفون ويتقاربون ويتفاهمون ويتضافرون، والعرب يتخالفون ويتكالبون ويتخاصمون ويتحاربون ويتنافرون. تتمتع شعوبهم بأقصى درجات الحصانة، ويرقد زعماؤنا في حاويات الحضانة، صاروا هم شعب الله المختار، وصرنا نحن شعب الله المحتار. 

نَصَبَ الزعماء العرب مجالس العزاء حداداً على أطفال باريس، بينما أقاموا مهرجاناتهم الراقصة فرحاً وابتهاجاً بسقوط ملايين القتلى في المدن العربية. انشغلت نشراتهم الاخبارية بتعداد ضحايا الانفجارات الباريسية، ولم تلتفت لضحايا المدن العربية المنكوبة. هرع الزعماء العرب إلى باريس لمواساة أسر الضحايا، وأرسلوا عصاباتهم لتدمير بغداد وسامراء وحلب والزبداني. دفنوا ضحايا باريس في مقابر تزينها باقات الزهور، وتنيرها قناديل الشموع، واضطررنا نحن لدفن شهدائنا في مقابر جماعية لا عنوان لها.

ضجت ملاعب أوربا بترديد الترانيم الحزينة، وخصصت المحطات العربية أوقات البث المباشر، لنقل وقائع التضامن الأوربي من مدرجات الليغا الأسبانية، في الوقت الذي كانت تُذبح فيه المدن العربية بصمت، فافتضح أمر المنافقون العرب بعد لحظات من انطلاق الكلاسيكو. 

نحن نبكي أمةً قُتلت بأسرها بخناجر عربية، وذُبحت، ونُكِّل بها، ولم يأبه بها أحد. فنقول لزعماء الجاهلية الألفية: اعلموا إن الإرهاب الذي انطلق من أوكاركم الخبيثة، سيعود إليكم في القريب العاجل بمشيئة الواحد القهار. ولات حين مندم.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك