الأربعينية من العطاء الى العطاء


  واثق الجابري

ثمة سؤال لم يجد الإجابة عند معظم الشعوب، وهي لم تعطي دقائق من وسائلها الإعلامية، ولا عمود في صحافتها المقروءة، ولا تساؤل عن سر تعبئة الملايين في بقعة واحدة في وقت، بلا موعد ولا إستعدادات مسبقة.

مالذي يدفع هذا العجوز للسير شهراً على الأقدام، وماذا سيأكل وأين ينام ومن يؤمن له الطريق، ولماذا إختار الأمام الحسين كربلاء؟!

مُن إختار لهذه الجموع أن تسير بلا قائد، ومن ينظمها، ومن أين تمويلها، ولماذا كل هذا التفاني في الخدمة، ولا مشاكل بين السائرين الى درب الإمام الحسين عليه السلام، وكيف يمكن لملايين بلا حكومة، وكل واحد فيهم خادم صغير لغيرة، وقائد كبير حكيم في نفسه، وكيف يخرج " المشاية" لأيام وهم لا يحملون مصاريف ولا قوت، وحين تبحث في تصرفاتهم لا تجد الأنا، وهمهم الدور الأكبر للتسابق على الخدمة، كيف إجتمعت صورة شباب وشيب ونساء يخدمون برحابة صدر؛ بلا مقابل ولا ملل، ولا ظالم أو مظلوم، إنها ظاهرة لم يستطيع أحد منعها بمختلف العصور والحكام، ولن يستطيع فعلها مخلوق دون إرادة سماوية.

رغم أن العراق يعيش اليوم الإرهاب، ورغم توارث السلاطين أدوات القمع، ورغم أن أعداء الإمام الحسين عليه السلام ؛ أرادوا دفن قضية كبرى في الصحراء، لكنها عالقة في صدور الأجيال، ولن تجد أرضاً وشعباً أكثر جوداً وكراماً من أرض العراق، وبين خطوة وأخرى حكاية وحكاية، وحديث عطاء كتب أول حرف منه يوم عاشوراء، ولن ينتهي الى يوم القيامة.

ثمة تقارب يجمع أحداث في هدف واحد، ونفس العدو بمختلف أدوات زمانه، إذ لم يأتِ إختيار الإمام الحسين عليه السلام لأرض العراق محل صدفة، ولم يك مجبراً على مفارقة قبور ذويه، أو إبعاد القضية عن أصل رسالتها، ولا شك أنه إختار الزمان والمكان والغاية.

إنهم يسيرون كبار وصغار، فقراء وأغنياء، من في السطة ودونها، وكلهم متصاغرين أمام عطاء سيدهم الحسين.

 

إنها الأربعينية وإجتماع كل اللغات والأعراف، تحت راية الإمام الحسين ومنهجه، أنها المثالية والقيم والتفاني والتسابق للعطاء، أنهم ينشدون الإنسانية ويتأسون بإمامهم وقائدهم، إنها رحلة العطاء الى العطاء ومن العطاء الحسيني العظيم، وليسمع العالم؛ هل توجد دولة مثالية كما خط منهجها الإمام الحسين؟! إذا لماذا لا نسمع عنها في وسائل الإعلام؟!

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك