بسم الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على خير خلق الله محمد واله ومن ولاه لاسيما بقية الله واللعن الدائم على الظالمين اعداء الله.
يعتمد كبار المجرمين في العالم على لعبة ابقاء السيطرة على كل العالم في ايديهم ولاستمرار انسياب مصالحهم على ؛ (استراتجية افتراض وجود عدو)، وحتى ان لم يوجد لابد من خلقه بالافتراض.
ولذا فان الناس يلاحظون هذه اللعبة ويظنون ان هناك مؤامرة ضدهم ، والحقيقة هي ان الدول الكبرى تخطط مقدما مشاريع لمئات السنين لبقاء سيطرتها واستمرار انسيابية مصالحها بل وتضع الخطط البديلة لكل مشروع يفشل في احكام تلك الخطط.
وقد فتحنا عيوننا على الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والغرب ، وكنا نظن اليوم ؛ ان الحرب الباردة انتهت حين انتهت الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي ، ولم يبق عدوا للغرب بعدها ، لكن البديل كان جاهزا بل ومتعددا.
فقد استلمت روسيا ارث الاتحاد السوفيتي ليس بالشيوعية بل بالمصالح فناصبها الغرب العداء، إلا انه ليس عداءً استراتجيا ، لأنه لا يقتضي المنشود من المشاريع الكبرى ولا يعطي الذرائع اللازمة لاستخدام الصدام الحضاري كما يحضرون له شعوبهم في الانتروبولوجيا الثقافية ، لذا اختار الغرب وطبقا لإستراتجية ( لابد من وجود عدو)؛ اختاروا تنظيم القاعدة التكفيري وحركة طالبان ، لثلاث اسباب قوية هي:
الأول : بسبب تعارض الحضارة الغربية مع حضارة المدعى الاسلامي للقاعدة وداعش وطالبان وغيرهما من جهات التكفير والعنف والتطرف.
ثانيا- تطرف التكفيريين والتصاقهم بالإرهاب بكل اشكاله المقرفة التي تعافها النفس البشرية السوية. وهذا ينفع في جانبين ايضا ؛ الاول : يسيء الى الفكر الانساني المتين المتمثل بالإسلام الحق ، وهو صالح بالنسبة لهم في توهين صورة ذلك الفكر بل وتخويف الناس منه.
والجانب الثاني : يعطيهم ذريعة في سحق الاسلام الصحيح بعد توكيد عداوته ، او على الاقل تخويف شعوبهم الغربية من الاسلام باعتبار عدوهم التكفيري يدعي الاسلام ، وما الاسلام في الفكر التكفيري الا فكر صراعي دموي كما يقول صموئيل هنتنغتون في كتابه صراع الحضارات في التثقيف الانتروبولوجي لتفوق الحضارة الليبرالية الغربية على غيرها من الحضارات.
ثالثا- لإظهار انسانية الغرب في محاربة الارهاب وخوفهم على شعوب الارض ، لابد من انشاء احلاف وتكتلات ضد الارهاب ، ومن خلال تلك الاحلاف والمحاور التي تترأسها الليبرالية الغربية تبقي القيادة بيدها لتفعل ما يخدم تلك الاستراتجية المقيتة ، ولسحب البساط من اي تحالف حقيقي يمكن ان ينشأ بذات الاسباب. وهي ايضا فرصة لتشغيل معاملهم بأقصى سرعة لها لبيع اكبر كمية من السلاح الى المناطق المهددة !!! وتزداد رؤوس اموال المجرمين الكبار تجار الحروب.
وقد رأى العالم كيف صنعت امريكا من دول تتبنى رسميا العقيدة الوهابية للتكفير ، بل ان تلك الدول تدعم التكفير علنا وتحت انظار المجرمين الكبار بالمال والرجال وكل انواع الدعم اللوجستي وخلقت حلفا لمحاربة التكفير من السعودية وقطر والإمارات والأردن وكبيرتهم تركيا ، وبدون اي حياء لا من التاريخ ولا من شعوب المنطقة ، وضعت سقفا زمنيا لتطهير الموصل من الارهاب يصل الى ثلاثين عاما ، كما صرح به وزير الدفاع الامريكي. برسالة واضحة للتكفيريين معناها : (ان عيثوا في الارض فسادا كما تشاءون فالقيادة بيدنا ولن ينالكم منا مكروه)!
ان زعيمة الغرب امريكا حين تحالفت مع الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة كانت تضحك من شرفاء العالم عموما وتستخف بعقول شعوب المنطقة خصوصا ، وكان في اجندتها مشروعا لتقسيم العراق وسوريا وكل دول المنطقة الى دويلات لصالح اسرائيل وأمنها . فوجودها على راس الحلف هذا يخدر الشعوب بانتظار رحمة امريكا لتخلصهم بعد عقود من الارهاب وهي تبقى تبتز المنطقة ، وتنفذ اجنداتها بدون حرج ، وبيد ابناء المنطقة انفسهم.
وعندما افتت المرجعية الرشيدة متمثلة بسماحة السيد السيستاني (ادام الله ظله) في العراق بالجهاد ضد التكفير ، اسقط في ايد امريكا وعلمت ان مشاريعها صارت في مهب الريح واضطرت وبدون حياء الى مساعدة داعش التكفيري علنا وأمام انظار ابناء العراق المنكوبين بالسياسة الميكافيلية والسياسيين الذين يصمون اذانهم عن سماع الشكوى من مساعدة امريكا لداعش او من ضرب امريكا للجيش العراقي والحشد الشعبي المتكرر خطأً !!!!!!!!!!!
وبعد الانتصارات التي حققها جند المرجعية من القوات المسلحة والحشد الشعبي والعشائر السنية من ابناء المنطقة ، تيقنت امريكا تماما ان مشاريعها في المنطقة باتت محل تندر واستهزاء من قبل شعوب المنطقة ؛ فسعت وطبقا لإستراتجيتها ؛ (لابد من وجود عدو) للتفتيش عن بديل لداعش من الان ، وكانت وسيلتها هذه المرة ؛ الطائفية ؛ النعرة التي هي البديل لداعش وكانت اول تحرك بهذا الاتجاه ان اوعزت لإحدى دول الوهابية الرسمية في المنطقة لشراء مؤسسة الازهر بكاملها بديلا لداعش ولو مؤقتاً بمبلغ ثلاثة مليارات دولار. وأوعزت لعملائها السياسيين والصحفيين بان يركزوا على الوتر الطائفي في الحرب على داعش التي يشنها الشعب العراقي بكل طوائفه السنية الشيعية والمسيحية والعرب والأكراد والتركمان ...
فلسفة افتراض وجود عدو:
بالواقع انه من الحزم في التخطيط لكل نواحي الحياة وعلى مستوى الفرد او الجماعة افتراض وجود عدو يمنع ذلك التخطيط او يعارضه او يخل به ، وهو واضح في حركية الانسان العاقل من اجل حياة افضل ، بتوقع حصول الاسوء في كل ما يشرع به من اموره.
ان توقع الاسوء ان لم يحصل فذاك ما هو منشود ، وان حصل فأنت موطّن نفسك على ما تتوقع فلا تتفاجأ ولا تنهار ، ولن يأخذ الامر منك مأخذا سيئا لأنك اعتبرته مسبقا مما سيحصل.
ان كثيراً من الاستراتجيات أو الاحتياطات - كما يسميها البعض - مفيدة في الحياة العملية للإنسان فردا كان او جماعة ، لكن استغلالها بالسوء امر يلازم فقط الخبثاء دوما.
فكل شيء له على دروب الخير والشر مسلك : فالسكين نافع وقد يكون مضرا ايضا، والقلم نافع وقد يكون مضراً ايضا ، وكل شيء بحسب النية وبحسب الاستعمال، يصير مضرا او نافعا.
ان العدو الوحيد المعلن من قبل الله تعالى للإنسان هو الشيطان .. قال الله تعالى: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (طه - 117).
اما اذا انعكس الامر وصار العدو صديقا والصديق عدوا ، وضرنا نخترع الاعداء اختراعا وليس بمقياس الله وكتابه ، حصل الظلم وحاق بالناس ما كانوا يحذرون .. وهكذا اليوم هي حال الكبار المترفين في اختيار العدو المفترض ، نراه دائما يقع في جانب اعداء الله عدوا بغير حق على الانسان والإنسانية.
ففي الاسلام ليس لنا سوى اعداء الله اعداء ؛ وهم الشيطان وحزبه وأتباعه وسنواصل التعريف بأعداء الله تباعا انشاء الله تعالى.