بدمي يبتهج الوطن..

1782 2017-07-19

ما أشدّ الحنين في داخل النفس الإنسانية حين تمسك أصابع النقاء قلم حرية الفكر لكي تعبّر عن خلجاتٍ في داخلها، ولواعجَ حبٍّ باتت تحاكي الوسادة التي تغفو عليها، وتغرقها بدموع الشوق لأمل أن تنسج خيوط الفجر لنصر مؤزّر يشدّ الرحال إلى أرضٍ لم ترَ النور إلاّ بفيض الدماء، ودمع اليتامى، ونوح الأمهات.

رغم كلّ تلك المآسي فيك يا بلدي سأرسمك في صباحي زهرة فوّاحة يستنشق عطرها كلّ ما في الكون، سأرسمك بسمة في نبأ المساء، وهو يحكي للصغار عن براءة سرمدية لا تلوّثها وسوسة الشياطين، ويقصّ عليهم نبأ رحلة العاشق للمعشوق، حين بدأت بشجاعة سرت في العروق، وحبّ راية الوطن التي رُفعت بسارية حبّ الحسين، فاستمدّت منه الخلود فعجز التأريخ عنها من أن يغيّر عنوان حقيقتها، فسجد لها خاشعاً من دماء الشهداء التي أبتْ إلاّ أن ترى بريق المجد يكتسح العالم، وهو يخطّ نهراً ثالثاً في بلاد الرافدين، فدجلة الخير وفرات الوفاء جناحان طار بهما بلادي إلى حيث النصر.

إلاّ انّ وطني لم ير نورَ المجد والعُلا إلاّ بثالث الفراتين قد أنشقّ منهما، حين روّى الأرض بدماء الشهادة التي كتبت له المجد والعزة والرفعة.

وختامي لك يا موطني مسكٌ من عَبَقِ الشهادة سجّل لك الخلود في زمنٍ يتلاشى ذكرُهُ في كلّ حين، وسجّل لك الهداية في زمن الضلالة، وخطّ لك النور في عالم التيهِ والعمى.

دمت لنا يا وطني أباً وفخراً، ودماء أبنائك البارّين تسقيك من كأس التضحية رواء الحريّة، ليرفرف عالياً بيرقك في سماء الكون، فدماؤهم كانت خصبة كدمعة يُتْمٍ حارقة تسقط من قلوبهم، وكلوعة أمٍّ صارخة: 

- أين ابني؟ فأجابوها:

- سقط وابتهج به العراق. 

عندها أدركتُ أنّ ثمنك يُشترى بفراق الأحبّة، فكم حبيبة لأجلك باتت تحتضن الذكريات التي بقيت لها من أجمل وطن.. 

فسلامٌ عليك يا وطني يوم ولدتَ وبقيتَ.. 

وفَنِيَتْ كلُّ الأوطان..

 

 

إ سراء عيسى مجيد

كلية التربية قسم اللغة العربية / جامعة البصرة

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك