انكار الغدير انقلاب على الدين وخدش في كماله

1668 2016-09-17

1- معاني كمال العقيدة:

مسلّم بين كل المسلمين ان الاسلام عقيدة كاملة خاتمة لكل العقائد السماوية ، والعقيدة ؛ هي علم تنعقد عليه النفس لأنه فيه اجابة لتساؤلاتها عن كونها ومصيرها ومآلها و ان فيه استجابة لحاجاتها.

وعليه فان العقيد الكاملة وكما هو مفترض لابد ان تجيب على كل التساؤلات الانسانية وتستجيب لكل الحاجات البشرية الفردية والاجتماعية. 

وهكذا هو الاسلام في عقائده  يستجيب لحاجات الانسان من قبل ان يولد الى ما بعد ان يموت ، وفقهاء الاسلام يجمعون ان الاسلام يجيب على كل التساؤلات الانسانية في مواضع الابتلاء الناس وكما يفترض وان كان هناك عجز في الاجابة فيتهم فيه العقل وليس الاسلام لأنه كما يصرح تبيانا لكل شيء.

قال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [ 1]

ومن اهم الحاجات في حياة البشر التي يجب ان تستجيب لها العقيدة هي الحاجة للنظام على كل صعيد ، خصوصا النظام الاداري للحكم ، وهذا ما تسالم عليه كل شعوب الأرض ، ويصف الامام علي عليه اهمية تلك الحاجة في المجتمع فيقول: ((أسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم)(2 )

وهو تشبيه ملفت جدا لضرورة الحاكم مهما كان ، لبقاء وقيام المجتمعات الانسانية ، ونحن نجد بالمقارنة مع السائد من نظم السياسة على تعددها وما برز عنها من النظم في الادارات الحكمية في المجتمعات الانسانية على مر التاريخ صنفان:

اولا- ادارة الدولة على اساس ان الولاية والسلطة اصلا هي لله ،  يفوضها الى عباد مختارين ومصطفين مكلفين مطهرين بارادته تعالى ، وملاك النظام في هذا الاصل هو العدل  الكوني البديهي ولا غير العدل( لاينال عهدي الظالمين)(3 ).

ثانيا – ادارة الدولة على اساس ان الانسان اصلا قادر على حكم نفسه وقيادة اقرانه وهذا ايضا لا يستطيع ان يعلن غير العدل ملاكا لحكمه لكنه عدل غير معرّف بأي ضمانه في الكون او تكوين الحاكم.

لذا لم نر في التاريخ إلا نموذجا واحد لحكم الله تمثل في حكم الامام المنصوص عليه من قبل الله ورسوله في الغدير وبه كمل الدين ؛ هو حكم الامام علي عليه الاسلام.

وقد اتاح لنا الله تعالى من فضله ومن خلال اربعة اعوام ونصف من الحروب المتتالية ان نرى في هذا النموذج حجم الاصرار على العدل من قبل الامام المختار في حين وجدنا آلاف النماذج لإدارات الحكم التي تجسد الظلم والجور بشتى اصنافه.

2- الغدير واقعة وبلاء:

ومن بلاء الله تعالى للناس ان الغدير لم يكن مجرد حديث نبوي شريف لم يثبت كما شاء الانقلابيون على الاسلام ان يطلقوا عليه ، بل كان بالإضافة لكونه معنى لكمال الدين من الله ورسوله لى الله عليه واله ، الا انه كان واقعة تتناقلها الركبان وتتوطد مع مرور الازمان ويؤكدها القران بأوضح البيان وهي ميزة كمال الاديان.

ولقد بانت صفاقة ونفاق من انكروا الغدير حديثا وواقعة وموضع لنزول القران من انهم تقمصوا الخلافة اي لبسوا ما ليس لهم. فالمنطق يقول والكمال يقتضي في العقائد السماوية ان الله تعالى هو الذي يكلف الحاكم فانكروا الغدير على انه مغالاة من قبل الروافض في علي باعتباره الوصي المنصوص في حين اعتبروا الحكم قميص البسه الله لهم!!! وهم بذلك نسوا اكاذيبهم في ان الرسول مات ولم يوص لاحد وغيرها من الاحابيل التي انطلت على الامة وانحرف الاسلام وخدش كماله حتى آلت امانة الاسلام الى الادعياء والطلقاء وابناء فتيات قريش من ذوات الرايات الحمر واستمر ذلك حتى سلموها الى ابناء داعش واخوانهم شرك الشيطان ليمثلوا الاسلام وليدعمهم اعداء الاسلام العتيدون.

فكل الخلفاء ابتداء من ابي بكر الى عمر الى عثمان كانوا يقولون عن الخلافة انها قميص البسها الله لهم( 4)، في حين ينكرون على الطهر  الطاهر بإرادة الله علي بن ابي طالب عليه السلام  نص الغدير بولايته عليهم  فهم يشيعون ان الرسول مات ولم يوص لاحد ، طعنا بالله وبالرسول وكذبا عليه ، ويقولون لا وجود للغدير و لا للنص في ولاية علي عليه السلام.

وامام ائمة التفسير عندهم الامام عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي يقول في تفسيره المشهور: الدر المنثور في التأويل بالمأثور:

 (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } أن علياً مولى المؤمنين { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)(5 ).

وفي نفس المصدر يقول السيوطي:

أخرج ابن عساكرعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مكتوب على العرش : لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي ، وذلك قوله { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين(6 ) . 

3- من كمال العقيدة ان لا تحتاج الى نظام من خارجها:

فمن كمال العقيدة ان يكون لها منهجا في ابراز قيادتها ومنهاجا لتحتفظ بالكمال ولكن عندما ابطل منهج الاختيار والاصطفاء الرباني الذي هو جوهر الدين ولبه  في فلتة السقيفة وفتح الباب على مصراعيه لمن هب ودب ان يكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه واله وامينا على رسالة العدل والكمال انحرفت الرسالة ولا ضمانة للعدل الذي اشترطه الله على الامام وخدش الكمال وقضي على منهج الاصطفاء والاختيار القائم على الطهارة والعصمة التي انكروها على اهل البيت عليهم السلا وتقمصوها هم.

ولولا السقيفة لما استحالة الامانة على الكمال الى ملك اموي عضوض يتوارثه اللوطية والفجرة والخمارون ابناء فتيات قريش.

 يقول الذهبي في ميزانه عن امير المؤمنين! الوليد بن يزيد امين الرسالة المحمدية وخليفة الرسول صلى الله عليه واله:( ( لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة بل اشتهر بالخمر والتلوط فخرجوا عليه لذلك)( 7).

خدشوا الكمال وطعنوا بالدين بانكارهم للغدير ولاقصائهم سيد الاسلام وبطل العقيدة وكمال الدين وامير المؤمنين علي عليه السلام عن منصبه الذي نصبه الله فيه.

يقول الامام الالوسي في تفسيره :تفسير : ((والله سبحانه أجل من أن يصطفي ولد الزنا وذلك من المسلمات))( 8).

 فكيف تسنى في الدين الخاتم الكامل ان يكون ابناء فتيات قريش من ذوات الرايات امناء على رسالة ذلك الكمال وكيف تحولت الرسالة الى ملك عضوض متوارث من فاجر الى فاجر ومن خمار الى لوطي امراء للمؤمنين؟!.

ذلك لانهم انكروا الغدير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش البحث: 

    1) النحل: 89

    2) البحار: 75 / 359 / 74.

    3) البقرة  -124.

    4) كتاب الأربعين- الشيخ الماحوزي (1/  266- 268) ، راجع حول تخلف أبي بكر وعمر عن جيش اسامة الى بحار الأنوار 8: 256 - 259 الطبع الحجري. وكتاب  تثبيت الإمامة (تحقيق الجلالي ) - الهادي يحيى ابن الحسين (ص: 21). وقال معاوية في النخيلة بُعيد صلحه مع الحسن مخاطبا اهل الكوفة:( قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد اعطاني الله ذلك وانتم له كارهون " (الارشاد للمفيد / ص 191 .، شرح النهج لابن ابي الحديد / ج 3 / ص 382 .، مصنف ابن أبي شيبة (6/  187).

    5) الدر المنثور (ج:3/ص:  418)

    6) الدر المنثور في التأويل بالمأثور: (ج:4/ص:  486)

    7) تاريخ الخلفاء  للسيوطي : (ص: 102)

    8) الالوسي ؛ شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني في تفسيره : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: (ج:11/ص:  484).

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك