لنتطهر بروح حديث الكساء

3384 2017-03-09

في بحثنا عن قاعدة ؛ ( الاسلام يجب ما قبله) ، الذي نشر سابقا على هذه الصفحة ؛ فلنا ان من شروط الجبّ ودخول الايمان الى القلب ، هو حب محمد وال بيته صلوات الله عليهم . لماذ؟ لان حب الله مدعاة لحب محمد واله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [1 ]

 فان وعي حديث الكساء وحب ال محمد على ما هم عليه من المكانة عند الله وفي الخلق فيه لطف الهي كبير وسبب للتطهير بالإسلام ليجب ما قبله وإلا فلا اسلام ولا جبّ:

ففي قوله تعالى : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)(2 ).

 روى مسلم في صحيحه ، وابن الاثير في جامع الاصول ، في حرف الفاء، وصاحب المشكاة في الفصل الاول من باب فضائل أهل البيت عليهم السلام ، عن عائشة قالت: خرج النبي صلى الله عليه واله غداة وعليه مرط مرحل أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكمالرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)( 3).

 ورواه في الطرائف عن البخاري عن عائشة ( 4)، وعن الجمع بين الصحيحين للحميدي في الحديث الرابع والستين من إفراد مسلم من طريقه، وعن صحيح أبي داود في باب مناقب الحسنين عليهما السلام وموضع آخر مثله، و روى ابن بطريق بإسناده عن البخاري ومسلم مثله، ( 5) [وقد أشار إليها ابن الاثير في النهاية، قال: فيه: (إن رسول الله خرج ذات غداة وعليه مرط مرحل) ( 6) ، ومنها ما رواه الترمذي في صحيحه ، ورواه في جامع الاصول في الموضع المذكور عن ام سلمة قالت: إن هذه الآية نزلت في بيتها (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ فقال : إنك إلى خير، أنت من أزواج رسول الله ، قالت وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فجللهم بكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا( 7) .

قال صاحب جامع الاصول : وفي رواية اخرى : أن النبي صلى الله عليه واله جلل على حسن وحسين وعلي وفاطمة ثم قال: هؤلاء أهل بيتي وحامتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا( 8) فقالت ام سلمة: وأنا منهم يا رسول الله ؟ قال: إنك إلى خير. قال: أخرجه الترمذي (9 ).

 قال ابن عبد البر في الاستيعاب : لما نزلت : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) ، دعا رسول الله فاطمة وعليا وحسنا وحسينا في بيت ام سلمة وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ( 10). ومنها ما رواه الترمذي وصاحب جامع الاصول عن عمرو بن أبي سلمة قال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه واله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في بيت ام سلمة، فدعا النبي فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت ام سلمة وأنا منهم يا نبي الله ؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير. ومنها ما رواه الترمذي وصاحب جامع الاصول عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه واله كان يمر ببات فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزل هذه الآية قريبا من ستة أشهر، يقول: الصلاة أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل ابيت ويطهركم تطهيرا (11 ). 

روى صاحب المشكاة في الفصل الاول من الباب المذكور عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذ الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي ( 12).

وقد روى هذه الرواية في جامع الاصول إلا أنه قال: اللهم هؤلاء أهلي، قال أخرجه الترمذي ( 13). وروى يحيى بن الحسن بن بطريق، عن الحافظ أبي نعيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: نزل على رسول الله صلى الله عليه واله الوحي، فدعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: هؤلاء أهل بيتي. قال: وقال أبو نعيم: ورواه أحمد بن حنبل يرفعه إلى قتيبة مثله. قال: وروى أبو نعيم: بإسناده عن أبي سعيد أن ام سلمة حدثته أن هذه الآية نزلت في بيتها (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قالت: وأنا جالسة عند باب البيت، قالت: قلت يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال: أنت على خير، أنت من أزواج النبي، قالت: ورسول الله في البيت وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

(3). وروى مسلم في صحيحه عن يزيد بن حيان ورواه في جامع الاصول عنه قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، ...

 حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه واله قال: والله يا ابن أخي لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي (1) من رسول الله، فما حدثتكم فاقبلوا ومالا احدثكم (2) فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله فينا يوما خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: (أما بعد ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله فرغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي ، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: أهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده، قال: و من هم ؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم علهيم الصدقة ؟ قال: نعم( 14).

قال شيخ الطائفة في التبيان: روى أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وام سلمة وواثلة بن الاسقع أن الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قال: وروي عن ام سلمة أنها قالت إن النبي كان في بيتي، فاستدعى عليا وفاطمة والحسن والحسين وجللهم بعباء خيبرية ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأنزل الله قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقالت ام سلمة: قلت: يا رسول الله هل أنا من أهل بيتك ؟ فقال: لا ولكنك إلى خير ( 15).

 وقال الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي في مجمع البيان: قال: أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وواثلة بن الاسقع وعائشة وام سلمة: إن الآية مختصة برسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. قال: وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه واله قال: نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة. وأخبرنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، عن أبي بكر السبيعي، عن أبي عروة الحراني، عن ابن مصغي، عن عبد الرحيم بن واقد، عن أيوب بن سيار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه واله وليس في البيت إلا فاطمة والحسن والحسين وعلي عليهم السلام: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقال النبي صلى الله عليه واله: اللهم هؤلاء أهلي. وحدثنا السيد أبو الحمد عن أبي القاسم بإسناده عن زاذان عن الحسن بن علي عليه السلام قال: لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه واله وإياه في كساء لام سلمة خيبري، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي( 16).

 وروى موفق بن أحمد الخوارزمي في مسنده عن ام سلمة. وقال صاحب كتاب إحقاق الحق رحمه الله: ذكر سيد المحدثين جمال الملة والدين عطاء الله الحسيني في كتاب تحفة الاحباء نقلا عن كتاب المصابيح في بيان شأن النزول لابي العباس أحمد بن الحسن المفسر الضرير الاسفرايني ما تضمن أنه صلى الله عليه وآله لما أدخل عليا وفاطمة وسبطيه في العباء قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأطهار عترتي وأطائب ارومتي من لحمى ودمي، إليك لا إلى النار، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وكرر هذا الدعاء ثلاثا، قالت ام سلمة: قلت: يا رسول الله وأنا معهم ؟ قال: إنك إلى خير وأنت من خير أزواجي( 17).

قوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)

في تفسير فرات : عن جعفر بن محمد معنعنا، عن ابن عباس رضي الله عنه: قوله تعالى: (ويطعمون الطعام) قال: نزلت في علي وفاطمة وجارية لها (18) و ذلك أنهم زاروا رسول الله صلى الله عليه واله فأعطى كل إنسان منهم صاعا من الطعام، فلما انصرفوا إلى منازلهم جاء سائل يسأل، فأعطى علي صاعه، ثم دخل عليه يتيم من الجيران فأعطته فاطمة الزهراء عليها السلام صاعها، فقال لها علي عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه واله كان يقول: قال الله: وعزتي وجلالي لا يسكن بكاءه (أي بكاء اليتيم) اليوم عبد إلا أسكنته من الجنة حيث يشاء، ثم جاء أسير من أسراء أهل الشرك (اسراء المشركين) في أيدي المسلمين يستطعم، فأمر علي السوداء خادمهم (خادمتهم) فأعطته صاعها، فنزلت فيهم الآية: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )(19).

وفي تفسير فرات: عن جعفر بن محمد معنعنا عن جعفر بن محمد عليه السلام: قوله تعالى: (يدخل من يشاء في رحمته) قال أبو جعفر عليه السلام: ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ( 20).

وفي تفسير فرات ايضا: عن محمد بن أحمد، بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة عليهما السلام، أصبحا وعندهم ثلاثة أرغفة، فأطعموا مسكينا ويتيما وأسيرا، فباتوا جياعا فنزلت فيهم عليهم السلام (21 ). وفي مناقب ال ابي طالب: في تفسير أهل البيت عليهم السلام: أن قوله: (هل أتى على الانسان حين من الدهر) يعني به عليا عليه السلام وتقدير الكلام: ما أتى على الانسان زمان من الدهر إلا و كان فيه شيئا مذكورا، وكيف لم يكن مذكورا وإن اسمه مكتوب على ساق العرش وعلى باب الجنة، والدليل على هذا القول قوله: (إنا خلقنا الانسان من نطفة) ومعلوم أن آدم عليه السلام لم يخلق من النطفة ( 22).

وفي اقبال الاعمال:  قل: في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة تصدق أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام وفي اليوم الخامس والعشرين منه نزلت فيهما وفي الحسن والحسين عليهم السلام سورة هل أتى ثم ساق الحديث نحوا مما مر في خبر علي بن عيسى، ثم روى نزول المائدة عن الثعلبي والخوارزمي، ثم قال: وذكر حديث نزول المائدة الزمخشري في الكشاف، ولكنه لم يذكر نزولها في الوقت الذي ذكرناه، قال: عن النبي صلى الله عليه واله: أنه جاع في قحط فأهدت له فاطمة عليها السلام رغيفين وبضعة لحم آثرته بها، فرجع بها إليها فقال: هلمي يا بنية، وكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما، فبهتت وعلمت أنها نزلت من عند الله، فقال صلى الله عليه واله لها: أنى لك هذا ؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال صلى الله عليه واله الحمد لله الذي جعلك شبيه سيدة نساء بني إسرائيل، ثم جمع رسول الله صلى الله عليه واله علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته عليهم السلام حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو، وأوسعت فاطمة عليها السلام على جيرانها ( 23).

وجاء في كشف الغمة: أبو بكر بن مردويه قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه) نزل في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (24 ). 

وقد اعترض بعض ممن خانهم التوفيق لفهم مقاصد كتاب الله تعالى بتساؤله: هل يجوز أن يبالغ الانسان في الصدقة إلى هذا الحد ويجوع نفسه وأهله حتى يشرف على الهلاك ؟ ! 

وهذا يعني انه لم يعي الايثار في الاسلام؛  ألم يقرء قوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (25 )؟ أولم تكف هذه الاخبار المتواترة في نزول هذه السورة الكريمة دليلا على كون ما صدر عنهم هو درس واقعي لمعنى الايثار يعلمونه للامة فهو فضيلة لا يساويها فضل ؟ 

قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)().

قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الفصول المهمة: قال المأمون يوما للرضا عليه السلام: أخبرني بأكبر فضيلة لامير المؤمنين عليه السلام يدل عليها القرآن، قال: فقال الرضا عليه السلام: فضيلته في المباهلة، قال الله جل جلاله: (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فدعا رسول الله صلى الله عليه واله الحسن والحسين عليهما السلام فكانا ابنيه، ودعا فاطمة عليها السلام فكانت في هذا الموضع نساءه ودعا أمير المؤمنين عليه السلام فكان نفسه بحكم الله عزوجل، وقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله تعالى أجل من رسول الله صلى الله عليه وآله و أفضل، فواجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله بحكم الله عزوجل، قال فقال له المأمون: أليس قد ذكر الله الابناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلى الله عليه واله ابنيه خاصة ؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلى الله عليه واله ابنته وحدها ؟ فألا جاز ( 26) أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لأمير المؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل ؟

 فقال له الرضا عليه السلام : ليس يصح ( 27) ما ذكرت - يا أمير المؤمنين - وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره كما أن الآمر آمر لغيره (28 ) ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمرا لها في الحقيقة، وإذا لم يدع رسول الله صلى الله عليه واله في المباهلة رجلا إلا أمير المؤمنين عليه السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه، وجعل حكمة ذلك في تنزيله، قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال (29 ).

 وقال الزمخشري في كتاب الكشاف: روي أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا: حتى نرجع وننظر فنأتيك غدا، فلما تخالوا قالوا للعاقب – وكان ذا رأيهم -: يا عبد المسيح ما ترى ؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكن، فإن أبيتم إلا إلف (30) دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه واله وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها، وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا، فقال اسقف نجران: يا معشر النصارى إني لارى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لازاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا فلم يبق على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة.

فقالوا: يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا، قال صلى الله عليه وآله: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فأبوا، قال: فإني أنا جزكم ، فقالوا: مالنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر وألفا في رجب، وثلاثين درعا عادية من حديد، فصالحهم النبي صلى الله عليه واله على ذلك وقال: والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهما الوادي نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر، ولم حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.

قوله تعالى: ((إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون... إلى (سابقون)

جاء في تفسير فرات: الحسين بن سعيد معنعنا، عن أبي الجارود في تفسير قول الله تعالى: (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) إلى (سابقون) قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام (31 ). 

في عيون اخبار الرضا عليه السلام  بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: (السابقون السابقون) نزلت في علي عليه السلام. وقال عليه السلام: في قوله تعالى. (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (32 )) قال: في نزلت ( 33).

وفي كشف الغمة: عن محمد  بن طلحة، قوله تعالى: (السابقون السابقون اولئك المقربون في جنات النعيم) قيل: هم الذين صلوا إلى القبلتين، وقيل: السابقون إلى الطاعة، و قيل: إلى الهجرة، وقيل: إلى الاسلام وإجابة الرسول، وكل ذلك موجود في أمير المؤمنين علي عليه السلام على وجه التمام والكمال والغاية التي لا يقاربه فيها أحد من الناس.

 وعن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه واله عن قوله تعالى (والسابقون السابقون )، فقال قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته، هم السابقون إلى الجنة، المقربون من الله بكرامته لهم ( 34). 

قوله تعالى: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون (35 )

جاء في كنز جامع الفوائد : محمد بن العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن الحكم بن سليمان، عن محمد بن كثير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ( 36) قال: ذلك هو الحارث بن قيس واناس معه، كانوا إذا مر بهم علي عليه السلام قالوا: انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمد صلى الله عليه واله، واختاره من بين أهل بيته، فكانوا يسخرون ويضحكون فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنة والنار باب، فعلي عليه السلام يومئذ على الارائك متكئ ويقول لهم: هلم لكم، فإذا جاؤوا يسد بينهم الباب، فهو كذلك يسخر منهم ويضحك، وهو قوله تعالى: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (37 )( 38).

قوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم). في تفسير القمي:: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) إلى قوله (لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ( 39) فإنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأبي ذر وسلمان والمقداد (40 ).

في مناقب ال ابي طالب : الحاكم الحسكاني، بالاسناد عن أبي الطفيل، عن أمير المؤمنين عليه السلام ورجلا سلما لرجل ( 41) قال: أنا ذلك الرجل السلم على رسول الله صلى الله عليه واله.

وفي تفسير العياشي: بالاسناد عن أبي خالد، عن الباقر عليه السلام قال: الرجل السالم حقا علي وشيعته. الحسن بن زيد عن آبائه ورجلا سالما لرجل هذا مثلنا أهل البيت (42 ). 

قوله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق * وتواصوا بالصبر ( 43)

في كشف الغمة : مما خرجه العز الحنبلي قوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون( 44) المؤمن علي والفاسق الوليد. قال: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق * وتواصوا بالصبر ( 45) قيل: إنها نزلت في علي عليه السلام. 

روى الحافظ أبو بكر بن مردويه بعدة طرق في قوله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) المؤمن علي والفاسق الوليد ( 46). وروى الثعلبي والواحدي أنها نزلت في علي عليه السلام وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لامه، وذلك أنه كان بينهما تنازع في شئ، فقال الوليد: لعلي عليه السلام اسكت فإنك صبي، وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد سنانا وأملا للكتيبة منك، فقال له علي عليه السلام: اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله سبحانه تصديقا لعلي عليه السلام (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد ( 47). وعن الثعلبي في تفسيره  مثله ( 48).

قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية)(49 )

من المناقب عن زيد بن شراحيل الانصاري كاتب علي عليه السلام قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: حدثني رسول الله صلى الله عليه واله وأنا مسنده إلى صدري فقال: أي علي ألم تسمع قول الله عزوجل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية)( 50) أنت وشيعتك ( 51)، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت (52 ) الامم للحساب تدعون غرا محجلين ( 53)

وروى الشيخ الطبرسي – قدس الله سره- من كتاب شواهد التنزيل لابي القاسم الحسكاني قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالاسناد المرفوع إلى زيد بن شراحيل كاتب علي عليه السلام مثله.

قال: وفيه عن مقاتل ابن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: (اولئك هم خير البرية) قال: نزلت في علي عليه السلام وشيعته ( 54).

وقال العلامة – قدس سره -: من طرق الجمهور عن ابن عباس قال: لما

نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه واله: هم أنت يا علي وشيعتك، تأتى أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين، ( 55).  ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ( 56). 

وفي تفسير فرات:  أبو القاسم العلوي معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال:  قال رسول الله صلى الله عليه واله: من الخير لعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام ما لم يقل لاحد ( 57) قال: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) فعلي والله خير البرية ( 58). وقال معاذ بن جبل: هو أمير المؤمنين ما يختلف فيها أحد ( 59). 19

 وفي تفسير الفرات ايضا: إسماعيل بن إبراهيم العطار معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال قال: رسول الله صلى الله عليه واله: (اولئك هم خير البرية) أنت وشيعتك يا علي(60 ). 

 وفي تفسير الفرات ايضا:  أحمد بن عيسى بن هارون معنعنا، عن جابر الانصاري - رضي الله عنه - قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه واله إذ أقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فلما نظر إليه النبي صلى الله عليه واله قال: قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فقال: ورب هذا البيت إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: أما والله إنه أولكم إيمانا بالله، وأقومكم لامر الله،

وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأقسمكم بالسوية، وأعدلكم في الرعية، وأعظمكم عند الله مزية. قال جابر: فأنزل الله تعالى هذه الآية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) قال جابر: فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذا أقبل قال أصحابه: قد أتاكم خير البرية بعد النبي صلى الله عليه واله( 61) .

وقال النبي صلى الله عليه واله: خير البرية أنت وشيعتك راضين مرضيين. ( 62) 

وفي كنز الفوائد: محمد بن العباس، عن جعفر بن محمد الحسني، ومحمد بن أحمد الكاتب معا، عن محمد بن علي بن خلف، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية، عن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع، أن عليا عليه السلام قال لاهل الشورى: انشدكم بالله هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله فقال: هذا أخي قد أتاكم، ثم التفت إلى الكعبة وقال: ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم أقبل عليكم وقال: أما إنه أولم إيمانا، وأقومكم بأمر الله، وأوفاكم بعبد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية، فأنزل الله سبحانه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) فكبر النبي وكبرتم، وهنأتموني بأجمعكم ؟ فهل تعلمون

أن ذلك كذلك ؟ قالوا: اللهم نعم]. 

وروى الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي عليه السلام بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام، وعن تميم بن حذيم عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) قال النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام: هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين، قال: يا رسول الله ومن عدوي ؟ قال: من تبرأ منك ولعنك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله: من قال: رحم الله عليا يرحمه الله. 

وفي تفسير الفرات :الحسين بن الحكم، عن الحسن بن الحسين الانصاري، عن حنان بن علي العنزي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) الآية نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. وقوله: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} ( 63) نزلت في رسول الله وعلي بن أبي طالب خاصة، وهما أول من صلى وركع. ( 64) 

عن تفسير فرات : عن جعفر الفزاري، عن أحمد بن الحسين والحسن بن سعيد وجعفر بن محمد جميعا عن ابن مروان، عن عامر، عن رياح بن أبي رياح، عن شريك في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) قال: في ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ( 65).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1) آل عمران: 31

2) الاحزاب – 33.

3) صحيح مسلم 7: 130. تيسير الوصول إلى جامع الاصول 3: 260. مشكاة المصابيح: 560

4) الطرائف: 31. ولم نجده في صحيح البخاري ، ولعل الرواية كانت موجودة في نسخة السيد بن طاووس قدس سره.

5) العمدة: 18 و 19.

6) النهاية 2: 73.

7) راجع الصحاح ج 4 ص 1707

8) تيسير الوصول الى جامع الاصول 3: 259.

9) تيسير الوصول الى جامع الاصول3: 260.

10) الاستيعاب 3: 37.

11) تيسير الوصول الى جامع الاصول 3: 260.

12) مشكاة المصابيح: 56 

13) تيسير الوصولالى جامع الاصول: 3: 259.

14) صحيح مسلم 7: 122 و 123.

15) التبيان : ج 2: 448.

16) مجمع البيان 8: 357.

17) احقاق الحق 2: 567 و 568.

18) في على بن أبى طالب عليه السلام وزوجته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وجارية لهما.

19) تفسير فرات- 201..

20) تفسير فرات: 201.

21) تفسير فرات: 202.

22) مناقب آل أبى طالب 1: 580.

23) اقبال الاعمال: 528 و 529.

24) كشف الغمة: 93.

25) الحشر: 9.

26) في المصدر : فلم لا جاز.

27) في المصدر: ليس بصحيح.

28) في المصدر: كما يكون الامر آمرا لغيره.

29) الفصول المختارة 1: 16 و 17.

30) الالف - بكسر الهمزة -: الصداقة والمؤانسة.

31) تفسير فرات: 101.

32) المؤمنون: 10 و 11.

33) عيون اخبار الرضا: 224.

34) كشف الغمة: 90.

35) المطففين: 29.

36)  المطففين: 29.

37) المطففين: 34 - 36.

38) كنز جامع الفوائد مخطوط.

39) الانفال: 2 - 4

40) تفسير القمى: 236

41) الزمر. 29.

42) مناقب آل أبي طالب 1: 580.

43) العصر - 3

44) السجدة،- 18..

45) العصر – 3.

46) كشف الغمة: 93.

47) كشف الغمة: 35 وفيه: ويعنى بالفاسق الوليد.

48) العمدة: 184.

49) البينة: 7.

50) البينة: 7.

51) في المصدر: هم أنت وشيعتك.

52) جثا ؛ جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه.

53) كشف الغمة: 93.

54) مجمع البيان 10: 524. 

55) كشف الحق 1: 93. الغضاب جمع الغضوب. أقمح بأنفه: شمخ به، هذا إذا قرئ مبنيا للفاعل، واما إذا قرئ مبنيا للمفعول فمعناه أنهم يرفعون رؤوسهم لشدة الغل وضيقه.

56) الصواعق المحرقة: ص 159.

57) في المصدر: ما لم يقله لاحد.

58) تفسير فرات: 218. وفيه: فعلى والله خير البرية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

59) تفسير فرات: 218.

60) تفسير فرات: 219.

61) تفسير فرات: 219 وفيه: بعد رسول الله.

62) تفسير فرات: 219 : وقد روى هذه الرواية فيه مستقلا بهذه الصورة: الحسين بن الحكم معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا على (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) انت وشيعتك، ترد على أنت وشيعتك راضون مرضيون انتهى والظاهر: راضين مرضيين.

63) البقرة: 43 .

64) تفسير فرات: 2. وفيه فهما اول من صليا وركعا.

65) تفسير فرات: 3.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك