الفصول العشائرية تتسلق أسوار الجامعات؟!


علاء كرم الله

 

مرة أخرى تطل علينا العشائر بفصولها ومطالبها وبكل تخلفها وقبحها!، وجديدها هذه المرة هي الجامعات العراقية!، فبسبب من ضعف الدولة منذ سقوط النظام السابق وخاصة حكومة العبادي الحالية التي تعد الحكومة الأضعف في التاريخ الحديث للعراق منذ قيام الدولة العراقية عام 1921، تضخمت العشائر وتغولت بشكل مخيف، وباتت خارج سيطرة الدولة وأجهزتها الأمنية! بعد أن أستطاعت فرض سلطتها على عموم مفاصل المجتمع العراقي حتى أصبحت قوانينها هي البديل عن قانون الدولة!.
فقد أستطاعت العشائر هذه المرة أن تتسلق أسوار الجامعات، وتفرض هيمنتها ولغتها على قسم الدراسات العليا!! في أحدى الجامعات، فبعد أن حصل أحد طلاب الماجستير على درجة قليلة(مو راسب) في الأمتحان التأهيلي (الكورسات)، قام الطالب بالتهجم على الأستاذ! بكلمات نابية أمام ذهول الأستاذ وبقية الطلبة! لا سيما وان الأستاذ مشهود له بالكفاءة والعلمية والمهنية والأستقامة والحرص وعدم المجاملة على حساب العلم. فما كان من الأستاذ الا ان قدم مذكرة الى العمادة شرح بها الموضوع بالتفصيل، وبدورها قامت العمادة بتشكيل لجنة تحقيقية. وكانت توصيات اللجنة هي ترقين قيد الطالب وفصله من الدراسات العليا بسبب من تصرفه غير المؤدب والخارج عن السياقات الأخلاقية والتربوية والأدبية. وهنا انقلبت الدنيا؟!، حيث هدد الطالب الأستاذ علنا وأمام رؤوس الأشهاد قائلا: (تفصلني هسه تعرف شراح أسوي)؟!. لم يكترث الأستاذ لما قاله الطالب معتبرا ذلك ردة فعل طبيعية بسبب ترقين قيده. ولكن وبعد يومين تفاجأ الأستاذ بأبو حيدر صاحب المحل الي يوزع الحصة التموينية بالمنطقة يخبره بأن جماعة سئلوا عليه!؟ وأضاف قائلا (بصراحة دكتور مبين عليهم ناوين الشر لأن وجوهم مو راحة!!؟). في اليوم التالي كان الخوف والأرباك باديا بوضوح على وجه الأستاذ الذي كان يتحدث للعميد وبعض الأساتذة عن الموضوع!. لم ينتهي الأمر عند هذا الحد حيث تفاجأ العميد بمجموعة من الرجال تطلب مقابلته (وكلهم عكل)!، تبين أنهم أهل الطالب ويسئلون عن الأستاذ (وينطوه عطوه)! بلغة العشيرة، لأنه تسبب في فصل أبنهم من الدراسة وهذه بها أهانه كبيرة عله العشيرة!!!. وعندما سمع الأستاذ بالأمر أزداد خوفا ورعبا! وطلب من العميد رفع الأمر الى الوزير! لكي يؤمنوا له الحماية من أحتمال تعرضه وعائلته للأذى على أيدي عشيرة الطالب! لاسيما وأن الأستاذ لايؤمن بموضوع العشيرة والفصل والكعدة والعطوة وما الى ذلك!. بعد يومين تصرف العميد بذكاء خوفا على الأستاذ وعلى عدم وصول الأمر الى الوزير وما قد يلحقه من تبعات لا تصب في صالح الأستاذ والى سمعة الجامعة؟!، فأبلغ أهل الطالب بالحضور الى مكتبه وحدد لهم موعدا بذلك، وبنفس الوقت أبلغ الأستاذ بأنه سيطلب من الطالب وأهله الأعتذار منك!، ويتم أعادة الطالب للدراسة ويلغى امر ترقينه؟ ماذا تقول؟ سرعان ما وافق الأستاذ على هذا الحل وشكر العميد على ذلك!. وبالفعل تم تسوية الأمر بالأعتذار من الأستاذ وعودة الطالب للدراسات العليا وأنتهى الأمر.

الذي نريد أن نقوله: وقد يتفق معي الكثيرين، نحن مع أحترام العشيرة وقدسيتها وفصولها ورموزها وشيوخها الكبار فيما أذا كانت تلك العشيرة تقف مع الحق وتنصر المظلوم وتتبرأ من كل فعل شائن يصدر من أحد أبنائها لأيمانها بالقيم الأنسانية والأخلاقية والعائلية والتربوية، لأن مثل هذه العشائر تكون سندا للوطن والمواطن وحامية له وهي تكون بحق أمتداد لصورة عشائر ثورة العشرين البطلة التي لاتزال صورهم وقصصهم التاريخية البطولية محفورة في ذاكرتنا.

بالمقابل نحن نستهجن ونستنكر أي فعل عشائري(عطوة وكعدة وفصل)، في أمور سخيفة وتافهة وفيها أنتصار للباطل على قيم الحق والعدل وفيها تطاول وتجاوزعلى الدولة وقوانينها، وكذلك فيها من العيب الشيء الكبير الذي يسيء لسمعة عشائرنا الأصيلة. ولكن ومع الأسف الشديد أن ما نلمسه ونراه من حوادث العشائرهذه الأيام وخاصة النزاعات العشائرية في محافظات الجنوب تحديدا والتي تستعمل فيها كل أنواع الأسلحة! والتي تمتد لأيام ويذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء وتلحق الضرر بالكثير من منشأت الدولة، وكذلك ما نسمعه عن مواقف الكثير من العشائر وكعداتها وفصولها على أمور تافهة وسخيفة يجعلنا نخجل منها ونتأسف أن عشائرنا الأصيلة أنحدرت الى هذا المستوى!.

وما أكثر هذه العشائر وشيوخها الذين هم نتاج وأفرازات عراق ما بعد السقوط 2003 الذي سقطت فيه الكثير من القيم والأخلاق!، وحسبنا الله على ما يفعلون.

 

 

*الاراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الاعلام الدولي

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك