ظواهر دخيلة بلا قراءة أو تأمل !


عبدالرضا الساعدي

 

من بين أسوأ نتائج التراجع واللامبالاة السياسية والثقافية والاجتماعية لدينا ، أن تمر بعض الظواهر الشاذة ، الدخيلة ، الغريبة على مجتمعنا ، وإن كانت بنسب محدودة لحد الآن، كما نتوهم ، مرور الكرام ومن دون تحليل أو رؤية أو معالجة ..

تجاهل مثل هذه الظواهر يدلّ على غياب المؤسسات الفكرية والاجتماعية الحقيقية ، مع غياب الجدية لدى المهتمين بالجوانب التربوية والنفسية والمعرفية عموما لمناقشة بعض هذه الظواهر التي بدأت تنمو شيئا فشيئا لدى قطاعات مهمة من الناس معظمهم من الشباب.

قضية (الإلحاد) واحدة من هذه الظواهر التي غزت عقول الشباب هذه الأيام بشكل أصبح معه الالتفات إليها والاهتمام بأسبابها ونتائجها ، يفوق خطورة ، الاهتمام بقضايا ومشاكل المجتمع الأخرى في الاقتصاد والبطالة والأمن والصحة والخدمات ، فالموضوع ليس دينيا مجردا ، كما أنه ليس معرفيا أو فكريا ينطلق من خلفيات أيديولوجية و عقائدية بشكل واضح، إنما يبدو ناتجا عرضيا لأزمات متعددة عصفت بالبلد منذ 2003 وقبلها وبعدها وراحت تتمدد من تحت السطح المخفي للمجتمع وتتورم تدريجيا من دون تشخيص أو قراءة واهتمام ، لتبحث عن متنفس لها كي تنفجر في أقرب فرصة لها ، وهذا ما يحصل اليوم ، رغم أن الانفجار الحاصل ، إلى الآن ، كما يتوهم البعض ، لم يبلغ درجة الخطر وفقدان السيطرة ، وهو ما يعني غياب القراءة فعلا وغياب التحليل ووسائل العلاج الآنية والمستقبلية..

خطورة هذه الظاهرة ولّدت ظاهرة شاذة أخرى أكثر خطورة على مجتمعنا ألا وهي الميول والتعاطف مع الكيان الإسرائيلي ، بحيث ظهرت على شبكة التواصل الاجتماعي صفحات من مثل : (العراق مع إسرائيل) !! وتتضمن بيانات غريبة ودخيلة على ثقافتنا وثوابتنا ، فتقول : إنها (مع إسرائيل ضد الإرهاب الفلسطيني!) في توقيت يدعو للتساؤل والشك والغرابة أكثر فأكثر ، حيث يُهزم الدواعش في العراق على أيدي أبطالنا الغيارى ، وحيث يقوم الكيان الغاصب بمحاولات صارخة لطمس المسجد الأقصى، اليوم ، بطريقة عنصرية إرهابية واضحة للعالم أجمع.

ظاهرتان تستحقان التوقف إذن ، وهما ليستا الوحيدتين في ظل ظروف معقدة وشائكة ، ووسط غياب الاهتمامين النيابي والحكومي أيضا ، وصمت غريب يلف الأوساط الثقافية والإعلامية بشكل عام وكأن ما يجري في كوكب آخر لا يعنينا.

لهذا نحتاج إلى نقل ما يجري من ظواهر دخيلة على مجتمعنا إلى ساحة الضوء والدراسة والتحليل ومن ثم المعالجات الضرورية ، ما دمنا في بداية الكارثة ومن الممكن البحث والاستدلال على مخرجات وحلول ممكنة تعالج هذه الظواهر من جذورها وأسسها وليس من السطح فقط ، سعيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجيالنا الحالية والمستقبلية.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك