التقشف يشمل رواتب المتقاعدين "الهزيلة"


فوجئ الكثير من المتقـاعدين باستقطاع نسب مختلفة من رواتبهم، فدفع المتضررين منهم للذهاب الى هيئة التقاعد التي أجابت: "نحن جهة تنفيذية". 

وأكد مدير هيئة التقاعد الوطنية أحمد عبد الجليل الساعدي، أن "الهيئة جهة تنفيذية للقرارات وليست لها يد في إصدار القرارات"، موضحا ان "تخفيض رواتب المتقاعدين جاء تنفيذا للقانون الذي أوجب تطبيق سلم الرواتب الحالي أو أي سلم يحل محله على هذه الشريحة"، مشيرا الى أن "القرار أقر في الأول من تشرين الثاني الماضي وحاليا يتم صرف رواتب المتقاعدين المستحقين لشهري كانون الأول والثاني وتم صرفها وفق الجدول الجديد، فضلا عن استقطاع المبلغ المحدد لشهر تشرين الثاني، إذ إن القرار طبق في ذلك الشهر، وعليه فإن مبالغ الاستقطاعات اختلفت، فتــــراوحت بين 60 - 100 ألف دينار".

ولفت الى أن "هناك فئات لم يتم شمولها بالقرار وهم الشهداء والسجناء والمتقاعدون المعاقون وضحايا الإرهاب وشهداء الحشد الشعبي".

من جانبه يقول الباحث الاقتصادي الدكتور هلال الطعان: إن "المتقاعدين يشكلون الجزء الأكبر من الجسم الوظيفي للدولة، إذ يصل عددهم لأكثر من 3 ملايين متقاعد في العراق، ويفترض أن يستبعد المتقاعدون من قرار الاستقطاع الضريبي رغم التقشف المتبع حاليا، فالرواتب التقاعدية في الواقع هي ضعيفة وليست بالمستوى المطلوب ولا تكفي لسد متطلبات المعيشة"، مؤكدا أن الوعاء التقاعدي في العراق شفاف والتقرب له قرار غير صائب، فحساسيته عالية بالنسبة لارتفاع الأسعار التي تحصل في الأسواق المحلية، مستغربا من القرار بقوله: "كيف يتم استقطاع رواتب المتقاعديدن إذ من الممكن أن يتم استقطاع رواتب الموظفين، أما المتقاعدون فيفترض أن يتمتعوا بالإعفاء الضريبي".

قوانين ورواتب

ويشير الساعدي الى أن قانون التقاعد رقم (9) لسنة (2014) في المادة (35) نص على تساوي رواتب جميع المتقاعدين بما فيهم متقاعدو ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أسوة بجدول رواتب موظفي الدولة في الوقت الحالي؛ أي 80 بالمئة من آخر راتب بعد أن كانوا يتقاضون رواتب قليلة جدا تتراوح بين 130 ـ 200 الف دينار، وعليه تم صرف الفروقات لجميع المتقاعدين في ذلك الوقت .

ويضيف الساعدي: "جاء قرار مجلس الوزراء بتعديل سلم رواتب موظفي الدولة الذي رفع رواتب الدرجات الدنيا على حساب الدرجات الثلاث الأولى، وكانت مبالغ الخصم تتراوح بين 20 ـ 50 الف دينار".ويستطرد: "الأمر يختلف بالنسبة للمتقاعدين، إذ يتم حساب الدرجة الوظيفية وسنوات الخدمة ويتم تخفيض الرواتب على أساسها"، مشيرا الى أن المبالغ المستقطعة تتراوح بين 3 آلاف دينار وصولا الى 50 ألف دينار بالنسبة للذين ترتفع رواتبهم عن مليون و800 الف دينار.

ويؤكد رئيس الجمعية الإنسانية للمتقاعدين عبد الرضا شياع الحافظي، أن الاستقطاعات التي حصلت مؤخرا في رواتب المتقاعدين كان سببها تعديل سلم رواتب موظفي الدولة المحددة بالقانون رقم 22 لسنة 2008 لرواتب موظفي الدولة والقطاع العام، إذ استندت هيئة التقاعد الوطنية على الفقرة (1) من البند ثالثاً من المادة (35)، واصفاً هذه الفقرة بالجوازية وليست وجوبية؛ أي إنه في حال طرأ تعديل على رواتب الموظفين فيصيب ايضا رواتب المتقاعدين، ما حدا بهيئة التقاعد ودون سابق إنذار أو إشعار باستقطاع رواتب المتقاعدين من الموظفين المدنيين من شهر كانون الأول لهذا. 

العام. ويضيف: "هذه المسألة طبقت مباشرةً بمجرد صدور قانون يتضمن جدولاً جديداً لرواتب الموظفين، معتبراً ما حصل مخالفة لأنه جرى دون أي إشعار للجهة المستفيدة"، مشيراً الى أن في المادة (36) من القانون ذاته وهي مادة وجوبية وتنص على زيادة رواتب المتقاعدين بمقدار نسبة التضخم الموجودة في البلد دون الرجوع الى مجلس النواب، إذ ألزم مجلس الوزراء بإصدار التعديل على ضوء نسبة التضخم، وبما أن المتقاعدين خلال عامي 2014 و2015 لم تزدد رواتبهم وصمتوا مراعاة للظرف المالي، إلا أن الدولة لم تلتزم بتطبيق هذه المادة وارتأت تفعيل المادة الجوازية التي تستقطع رواتب المتقاعدين".

استقطاعات ونسب

ويقول الطعان: إن "مبالغ الاستقطاع غير معلومة حتى الآن، إذ سرعان ما طبق القرار وبدون علم المتقاعدين، وبحسب ما علمناه من عدد من المتقاعدين وحساب نسبة النقص خمنا أن الاستقطاع وصل الى 10 بالمئة من راتب المتقاعد البسيط، وبالتالي هذا سيؤثر في مستوى معيشتهم والتزاماتهم المالية"، مشيرا الى أنه يفترض أن يكون الاستقطاع يحدده مبلغ الراتب الاسمي والحالة الزوجية وعدد الأولاد، فكلما زاد عدد الأولاد يقل الاستقطاع الضريبي، لافتا الى انه بعلم المالية تعد رواتب الموظفين والمتقاعدين من الأوعية الشفافة شديدة الحساسية لتغيير الأسعار في الأسواق وبالتالي التقرب لها كوعاء لخزانة الدولة خطوة غير صحيحة.

ويستطرد: ان "المبالغ المستقطعة من المتقاعدين لا تضيف لخزانة الدولة إلا الشيء اليسير، ولكنها تؤثر بشكل كبير في طبقة اجتماعية كبيرة، أولئك الذين ضحوا بزهرة شبابهم خلال سنوات الخدمة التي بلغت أكثر من 30 عاما، وبالتالي التأثير في هذه الشريحة الكبيرة بهذا الوقت الحرج إجراء غير سليم".

وسجل الحافظي عتبه على هيئة التقاعد الوطنية التي لم تستقطع من المتقاعدين ذوي الدرجات الخاصة "من درجة مدير عام فما فوق" ولم يجر أي تخفيض على رواتبهم رغم انهم يتقاضون مبالغ تقاعدية عالية، بل ان هذا القرار شمل فقط المتقاعدين من الدرجات الدنيا والذين يعانون من تدني رواتبهم. وتابع: إن "رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي قد صرح عدة مرات وخلال لقاءات الجمعية عندما كان رئيساً للجنة المالية خلال الدورة البرلمانية السابقة ان "رواتب المتقاعدين خط أحمر لا يجوز المساس بها بكل الأحوال، وانها دون المستوى المطلوب".

ويشير الى ان جمعية المتقاعدين أصدرت بيانا مطلع الشهر الحالي ونص على: "في إجراء تعسفي جرى الزحف التقشفي على رواتب المتقاعدين وهو قرار غير قانوني شمل الدرجات التقاعدية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة من مجموع الدرجات التقاعدية الست في الوقت الذي تعاني فيه هذه الشريحة من ضغط ظروف الحياة القاسية لسببين أولهما الارتفاع الفاحش في الأسعار وكثرة المتطلبات الحياتية اليومية من أجور سحب المولدات والايجارات ومصاريف الأبناء في المدارس والكليات وشراء الأدوية المزمنة والاحتياجات اليومية من غذاء وكساء مع بقاء الرواتب على حالها منذ سنتين وحتى الآن، ما جعلها لا تتماشى بالمطلق مع توفير كل تلك المتطلبات وبحدها الأدنى".

والسبب الثاني هو تجاوز أغلبية المتقاعدين سن السبعين. وبدلاً من تقديم الدعم لهم كما تفعل الدول التي تحترم إنسانها وتعمل بمبادئ حقوق الإنسان، فقد قامت وزارة المالية ومجلس الوزراء بالتجاوز على رواتب هؤلاء الفقراء وتخفيضها بادعاء رئيس الوزراء بأنها مبالغ بسيطة غير مؤثرة. نحن نرد عليه بالقول إن ما بررتم به إجراءكم المشؤوم غير مقبول للأسباب

التالية:

1ـ إن الاستقطاع من المتقاعدين غير قانوني لأنهم خارج الخدمة العامة.

2ـ إنكم تعلمون بمقدار رواتبهم وهي لا تلبي نصف احتياجاتهم اليومية.

3ـ وحتى لو أصريتم على ذلك فكان يجب أن يطبق فقط على المتقاعدين من هم من الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة وليس على الفقراء ممن قضى عمره المنتج وأفنى زهرة شبابه في خدمة وبناء الوطن الغالي. 

ولذات السبب نعلن للحكومة ومجلس النواب رفضنا التام لهذا القرار الباطل على المتقاعدين ونعده إيغالا في زيادة معاناة الآباء والأمهات وكبار السن والمرضى والمعاقين من القوات المسلحة ونطالب بإيقاف الاستقطاع التقشفي من المتقاعدين وإعادة المبالغ المستقطعة من قبل هيئة التقاعد الوطنية.

ونناشد المرجعية الدينية الرشيدة وجميع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية والقوى والأحزاب الوطنية وجميع الناشطين المدنيين ولجان تنسيق الحراك الشعبي في بغداد والمحافظات والإعلاميين والكتاب والفنانين والشخصيات الاجتماعية بالتضامن مع مطلبنا هذا الذي يمس حياة الملايين من عائلات المتقاعدين، وفي الوقت عينه ندعو جميع المتقاعدين للتهيؤ لاحتمال إقامة تظاهرات في بغداد والمحافظات في حال عدم الاستجابة لمطلبنا».

مطالب ومناشدات

ويطالب الحافظي كرئيس للجمعية الإنسانية للمتقاعدين بإعادة المبالغ المستقطعة وإيقاف الاستقطاعات وتفعيل المادة (36) من قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم 22 لسنة 2008 وزيادة رواتب المتقاعدين بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة وفق نسبة التضخم الحاصلة من 1/1/2014 الى نهاية كانون الأول منه، فضلاً عن مطالبة هيئة التقاعد الوطنية بجعل رواتب المتقاعدين شهرية بدلا من كل شهرين كونها تعينهم على تنظيم حياتهم وفق السياقات المعمول بها من قبل الموظفين وهي أن يكون الراتب شهريا خاصة مع تنوع منافذ التوزيع والحصول عليها بموجب البطاقة الذكية، وهذا الأمر لا يشكل أي عبء على موظفي الهيئة.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك