في حوار مع الخطيب الحسيني الشيخ صلاح البصري: الأخلاق هي الهدف الأول للرسالات الإلهيّة

1022 2014-02-06

• أجرى الحوار وأعدّه: محمود المسعودي- عبدالرحمن اللامي

المنبر الحسيني هو المدرسة الكبرى والمؤسسة العظمى التي أثبتتْ دعائم الإسلام وأركان أصوله منذ تأسيسه على يد سيد الساجدين وزين العابدين الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ (عليهم السلام) وذلك بُعيد واقعة الطفّ الفجيعة، وهو أبرز الوسائل الإعلامية لإيصال كلمة الإنسانية العليا الى أرجاء المعمورة، وقد مرّت هذه المدرسة بمراحل زمنية متعدّدة، وبخطباء أفذاذ متتالين، ونحن اليوم أمام أحد هؤلاء الأبطال في الزمن الصعب، وهو الخطيب الحسيني الشيخ صلاح البصري لكي يبيّن لنا بعض الشذرات الكريمة من سيرته في هذا المجال، وقد التقتْه مجلة الروضة الحسينية أثناء زيارته مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) فكان لها الحوار التالي:

الروضة الحسينية: في ظل التحدّيات الكبيرة التي يعيشها المجتمع الإسلامي ما هو الدور المطلوب من المنبر الحسيني في هذه الفترة؟

الشيخ البصري: تراكمت المسؤوليات الكبيرة على المنبر الحسيني، لكثرة المشاكل والتحدّيات التي يعيشها المسلمون سواءً في الدول الإسلامية أو غيرها، لذا كان لزاماً على الخطيب والمبلّغ أن يكون منصهراً في بودقة توجيهات أهل البيت الأطهار (عليهم السلام)، ومن توجيهاتهم الأساسية هو جذب الناس الى الهداية بالتي هي أحسن، فهم كانوا على الدوام يسعوْن الى ما فيه صلاح أمّتهم وهدايتهم، ببذل النصيحة والموعظة الحسنة، ومن ثمّ يدعون لهم بالهداية راجين أن يهتدوا وأن لا يضلّوا، ومضافاً الى توجيهات أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) توجيهات المرجعية الدينية التي هي مَن يقود المسلمين في عصر الغيبة اليوم.

ومن الضرورة بمكان أن يكون الخطيب قريباً من منابع النور، ولصيقاً بمصادر المعلومات، لكي يواكب المستجدّات ويحتويها، ويواجه التحديات ويكون أهلاً لمواجهتها, وكذلك على الخطيب أن يولي القضية الحسينية اهتماماً مركّزاً، ويوجّه المجتمع نحو التفاعل مع أهدافها بشكل أفضل.

الروضة الحسينية: كيف يستطيع الخطيب ان يكون مؤثّراً بالمجتمع، ويحوز على إصغاء كلّ شرائح المجتمع؟

الشيخ البصري: على الخطيب أن يكون متابعاً للأخبار التي تدور حوله على الصعيدين المحلّي والعالمي، ويكون سهلاً مقبولاً في أساليب طرحه، مستخدماً الوسائل التوضيحية والأمثلة الواقعية، من خلال ما يحصل في العالم، وكذلك يجب أن تتضمن المحاضرة على جانب كبير في فقراتها على المواضيع الأخلاقية، لأنّ الأخلاق هي الهدف الأول للرسالات الإلهيّة، كما حصر الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هدف بعثته فقال: «إنّما بُعثتُ لأتمّمَ مَكارمَ الأخلاق» والخطيب الناجح هو من يستطيع أن يوصل الفكرة بأبسط الأساليب لكلّ الحاضرين, وأن يستشهد بأحاديث وأقوال أهل البيت (عليهم السلام)، خصوصاً ونحن نعيش هذه الفترة التي تعتبر العصر الذهبي للمنبر الحسيني، لذا علينا أن نستغلّها خير استغلال في خدمة المذهب.

الروضة الحسينية: علمنا بأنكم أول مَن أقام المجلس الحسيني في الأردن، نرجو من سماحتكم توضيح ذلك.

الشيخ البصري: نعم هذا ما كُتب في الصحافة الأردنية في ذلك الوقت, ففي عام 1996م ذهبتُ الى الأردن بسبب الظروف القاهرة في العراق وعنجهيّة السلطة البعثية الغاشمة التي تحكمه، أجبرنا أن نخرج منه فارتأينا الذهاب الى الأردن مع الآلاف من العراقيين، على اعتبار أنّ الأردن هو النافذة الوحيدة في ذلك الوقت امام العراقيين للخروج من العراق أو التواري عن سلطة النظام الصدّامي المقبور حينذاك.

فالتقيتُ بالعراقيين في الأردن وكان أكثرهم من شيعة آل البيت (عليهم السلام) وكانوا متعطّشين لإقامة المجلس الحسيني الذي كان ممنوعاً لسنين طويلة في العراق، وفي بداية الأمر أقيمت مجالس العزاء في بيوتنا بمدينة الوحدات الأردنية، وبمرور الوقت قرّرنا أن نقيم المجلس في العلن، فذهبنا الى  مرقد السيد جعفر الطيّار (عليه السلام) وكان عددنا يقرب من 300 شخص عراقي من محبّي أهل البيت الأطهار (عليهم السلام).

لقد كان الناس في مدينة المزار قرب المرقد الطاهر للسيد جعفر الطيّار (عليه السلام) في حالة ذهول وتعجّب ونحن نقيم مجلس العزاء الأول، كنتُ أخطب بالناس وأنا واقف على قدمي إذ لم يكن هناك منبر، وهكذا أخذنا نكرّر إقامة المجلس في مناسبات عديدة منها وفاة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واستشهاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وازداد حضور المجلس الى ما يقارب 5000 شخص أردني وعراقي، وبتغطية من وسائل الإعلام الأردنية, وكذلك أقمتُ المجالس الحسينية في بعض البيوت الأردنيّة ومنها بيوت بعض المسؤولين الكبار في الدولة الأردنية، ولظروف معيّنة اعتقلتُ في عام 1999م وبعد فترة خرجتُ من المعتقل وقرّرت عدم البقاء في الأردن وذهبتُ الى امريكا وفيها استقرّ الحال.

الروضة الحسينية : ما هي أبرز نشاطاتكم في أمريكا؟

الشيخ البصري: بجهود الأخوة العراقيين في أمريكا أسّسنا مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام) في عام 2000 في ولاية (مزورينا) وتشرّفتُ بإدارتها، وهذه المؤسّسة تهدف الى الحفاظ على تعاليم الدين الإسلامي للجاليات الإسلامية في أمريكا، من خلال إحياء المناسبات الدينية، وإقامة صلاة الجماعة، وكذلك الحفاظ على اللغة العربية لأطفال الجالية العربية، من خلال افتتاح مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) داخل المؤسسة. علماً أنّ المؤسسة مجازة من قبل آية الله العظمى السيد علي السيستاني وآية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظلّاهما الوافر).

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك
آخر الاضافات