مستشار سابق في الاتحاد الأوروبي: أوروبا والغرب لم يفهموا الدول الإسلامية


جلي أن وسائل الاعلام باختلافاتها اصبح لها دور كبير في التأثير على الرأي العام، فإذا ما حققت الوسيلة الاعلامية عنصر الوصول الى المتلقي تمكنت من تقديم رسالتها وكان لها صدى وتأثير واضح في تغيير أو تثبيت الآراء لدى المجتمع المعني، أو توجيهه نحو قضية معينة، وهذا ما بات أثره واضحا في السنوات الأخيرة من تأثيرات احدثتها بعض القنوات الاعلامية العالمية والعربية وكل بحسب سياسيتها واهدافها، وتكاد تكون أبرز تلك القنوات من حيث الشهرة تلك القنوات التي عملت على تضليل الرأي العام العالمي وحققت فيه نجاحا واضحا.

وبهدف التطرق الى بعض شجون هذا الموضوع ودور الوسائل الاعلامية في تضليل الرأي العام وكيفية مواجهة القنوات المغرضة حاورت مجلة الروضة الحسينية المستشار السابق في الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية في الشرق الأوسط السيد (الستر كروك) من جمهورية ايرلندا..

هناك كثير من وسائل الاعلام التي تهدف الى تضليل الرأي العام وتشويه الحقائق فما هي السبل التي يمكن مقارعتها بها؟ 

كروك: هنالك حرب إعلامية جارية في الغرب، ولدينا وسائل إعلامية تخدم المصالح السياسية لطائفة واحدة وهي تحاول تشويه صورة الإسلام وتدعم بعض دول الخليج, لذلك يجب توفير أخبار حقيقية وفيها نزاهة ودقة ومصداقية بحيث لا يمكن لأحد أن يثبت إنها كاذبة ثم جعلها متاحة, كما أن من الضروري جدا تقديم وصف حقيقي لما يحدث في الشرق الأوسط عن طريق وسائل إعلامية معتمدة ورصينة, فعلى سبيل المثال، خلال حرب 2006 في لبنان فضل الإسرائيليون الاستماع إلى قناة المنار للحصول على أخبار دقيقة أكثر من الاستماع إلى القنوات الإسرائيلية الخاصة بهم لأن الإسرائيليين كانوا يبثون الدعاية  المغرضة فيما كانت المنار تنقل ما يدور من أحداث بواقعية, وهناك قنوات أخرى مثل روسيا اليوم، التي يتم مشاهدتها بشكل متزايد من قبل الأوروبيين والأمريكيين في جميع أنحاء العالم لأنها توفر فهما مختلفا لما يحدث في العالم ولديها تأثير كبير في المجتمعات الأوربية.

 ومن جانب آخر فان هنالك قنوات أثبتت فشلها وعدم مصداقيتها ومنها قناة الجزيرة التي لديها سمعة سيئة بسبب ما تعرضه من مقاطع فيديو وأخبار كاذبة عن الوضع في الشرق الأوسط مما ادى الى انخفاض نسبة المشاهدات فيجب ان يكون العنصر الأساسي هو صحة العمل. ولا بد من الاشارة الى إن العمل لا يجب أن يتم بسرعة ولكن لا بد من القيام به بشكل صحيح ودقيق.

وما هي السبل الناجحة التي تمكن من التصدي أو إيقاف تأثير تلك القنوات؟ 

لمواجهة القنوات المغرضة كالجزيرة وغيرها يجب إنشاء قنوات احترافية لديها كوادر مؤهلة ومختصة أي ذات خبرة إعلامية تخصصية,  فمن عيوب بعض القنوات التي تحاول مواجهة الغرب قيامها بتوظيف كوادر لا تملك أدنى مستويات الخبرة وفي بعض الاحيان يمتازون بالتطرف وهو ما يؤدي إلى فشلها لأنها لا تنقل الواقع. 

فيجب ان يكون مقدم البرامج –مثلا- متمتعا بحس أعلامي وقوة مواجهة ليتمكن من التأثير في المتلقي ,وهناك شي آخر مهم يتمثل بضرورة تعدد البث على كافة الأقمار الصناعية ونحن نعلم ان الأقمار هي تحت سيطرة بعض الدول فلا تسمح بأي قناة مغايرة بالبث عبر تردداتها.

الاحداث الجارية في هذه الفترة كشفت عن كثير من الصور والمعلومات التي كانت غائبة نوعا ما عن الغرب ، فكيف اصبحت نظرة المجتمع الغربي للإسلام في ظل هذه الأحداث؟ 

أن النظرة للإسلام على مدى السنوات الماضية تزداد سوءا بسبب داعش, كذلك إن فهم الإسلام جاء عن طريق دول معينة وتمتلك الإعلام المسلط والمؤثر، وقد قاموا بشراء معظم مراكز التفكير والثقافة الكبرى في الغرب, فعندما أذهب إلى لندن في بعض الأحيان، تصيبني الدهشة من كيفية تأثر الغرب بدوامة سرد تلك القنوات على ان السنة هم ضحايا الشيعة وليس الشيعة هم من كانوا ضحايا بين يدي الحكام او السيطرة السنية, وان هذا التأثر مرده قوة السرد من قبل تلك الدول لدرجة أن الأوروبيين استوعبوا ذلك وجعلوا منه كوجهة نظر ثابتة لهم.

وهل حققت هجرة المسلمين الى الدول الاوربية آثارا مختلفة على مجتمعاتها؟

على ما يبدو إن المجتمعات الغربية تتميز بالعنصرية تجاه المسلمين،  فبسبب كثرة الهجرة من دول عربية مختلفة أدت إلى ان يعيش كثير من الناس على حافة البقاء اقتصاديا وذلك بسبب تزايد الإيرادات منذ عام 2005, في مقابل تزايد الأسعار لكل المواد وذلك جعل الشعوب الاوروبية تشعر بالتهديد, فقد كان 93٪ من الوظائف الجديدة في أمريكا خلال فترة حكم أوباما تذهب للمهاجرين وبأجور قليلة ، وهذا يؤدي إلى التنافس على الوظائف وسلب حقوق المواطنين الأصليين مما يؤجج الشعور بالكره للمهاجرين ليس جميعهم بل الذين هاجروا بطريقة غير الشرعية. 

هل تعتقدون ان هناك طرقا بديلة عن الحروب لحل النزاعات والمشاكل الدولية؟

لقد قضيت أوقاتا طويلة اعمل على فتح قنوات اتصال مع العديد من الدول ولكن لم استطع التوصل إلى ما هو مطلوب نتيجة لوجود العديد من المشاكل وأهمها هي عدم فهم الطرف المقابل. 

فمن الأمور المهمة لحل الأزمات هو الوصول إلى معرفة وتحديد أسباب النزاع وكيفية إيجاد الحلول المناسبة لها، وأنا شخصيا قد عملت لفترة طويلة في هذا المجال كوسيط بين عدة دول متنازعة لإقناعهم على حل الأمور سلميا , فكنت أتفاوض مع حماس وحركات أخرى لتقليل العنف ضد الأبرياء, وأغلب الدول التي ترغب دائما وتبادر في النزاعات هي دول الغرب من اجل الحصول على أهداف معينة وهذا سيؤدي بدوره إلى انهيار وتخلف الدول الأخرى. 

كيف تقيمون تعامل التحالف الدولي مع المجتمع العربي؟

أوروبا والغرب بصورة عامة لم يفهموا الدول الإسلامية، فهي لا تعرف إلا الحكم والسلطة وتحقيق أطماعها بعيدا عن مبادئ الإسلام وهم يعملون على محاربته ومحاربة الدول العربية , وحتى من يعرف شيئا بسيطا عن بعض الإسلام فمؤكد أنه لا يعرف من هم الشيعة وما هي أهدافهم , وكل ما يدركه هو أن الشيعة تعمل على الإرهاب والطائفية وذلك من خلال ما تصلهم من معلومات مزيفة ومحرفة من وسائل إعلامية مغرضة. 

وأمريكا تنظر إلى الإسلام من خلال دول الخليج وبالتالي فإنهم لا يعرفون الإسلام الآخر، لذلك فهم يرون الصورة المشوهة، مما يدعو المسلمين الى أن يتحدوا في كل دول العالم للوقوف بوجه الغرب لإثبات موقفهم وبيان حقيقة الإسلام والشيعة على وجه الخصوص وان يبينوا موقفهم من العملية السياسية التي تشكل السبب الرئيسي للحرب في سوريا والعراق.

 لقد عمل الكثير من العناصر على السعي والمشاركة في نشوب الحرب عام 2003 وهم يتمتعون الآن بمناصب وامتيازات كبيره في امريكا وبقية الدول. 

كيف رأيتم دور المرجعية في حفظ الامن والسلام في العراق على وجه التحديد؟ 

إن السيد السيستاني صاحب قيادة متميزة وحكيمة وهو مقبول ومتبع من قبل الشيعة ولا يمكن إعطاء وصف لهذا الشخص من خلالي لأنه يفوق ما يمكن وصفه لما يحمله من حكمة وقيادة وإتباع الرأي وهذا ما شاهدناه خلال فتوى الدفاع الكفائي المقدسة ضد عصابات داعش الإجرامية حينما أوقف الشعب وقفة واحدة للدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، وحَفِظَ سلامة العراق بفضل تلك الفتوى. 

نعتقد أنكم شاهدتم صورا مغايرة نوعا ما عما كان في ذهنكم من خلال زيارتكم هذه للعراق، فما الذي سينقل من خلالكم عن العراق بعد عودتكم؟ 

هناك أمور كثيرة تأثرت بها أثناء هذه الزيارة إلى العراق وبالأخص عندما شاهدت الزائرين داخل الحرم الحسيني وهم يؤدون الزيارة والعبادة بكل طاقة وحيوية متحملين عناء السفر من كافة المحافظات والدول وهذا دليل على حب التعايش والأمان الذي يعيشه العراقيون خصوصا في ارض كربلاء. 

وأما رسالتي إلى دول الغرب وخاصة أميركا فهي يجب عليهم أن يسلطوا الأضواء على الطائفة الشيعية وان يهتموا بها وبالأخص في العراق لما لهم من الأهمية والدور البارز في التصدي للإرهاب نيابة عن كل العالم وإتباع آراء قادتهم والتعاون فيما بينهم , فلا يمكن لأمريكا أن تصل إلى حل المشاكل - لو أرادت- من خلال دول الخليج فقط, بل عليهم ان يتوجهوا للحوزة العلمية في النجف الاشرف لحل كافة المشاكل في الدول العربية. 

الستر كروك من جمهورية ايرلندا, عمل سابقا كمستشار في الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية في الشرق الأوسط. ويعمل الآن في منتدى النزاعات وهو منتدى يسعى لمساعدة الناس بفهم الحوادث الجارية في العالم بالأخص في العالم الإسلامي والتدخل من بعض الدول الكبرى.

 

الأمور المهمة لحل الأزمات هو الوصول إلى معرفة وتحديد أسباب النزاع وكيفية إيجاد الحلول المناسبة لها.

رسالتي إلى دول الغرب وخاصة أميركا فهي أنه يجب عليهم أن يسلطوا الأضواء على الطائفة الشيعية وان يهتموا بها وبالأخص في العراق.

حوار: سلام الطائي
ترجمة: علي التكمجي

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك
آخر الاضافات