من رجال الامام المهدي (الشيخ المفيد)


كتب صاحب الزمان رثاءه على ضريح الشيخ المفيد قائلا :

لآ صوت الناعي بفقدك أنه *** يوم على آل الرسول عظيم

إن كنت قد غيبت في جدث الثرى *** فالعلم والتوحيد فيك مقيم

والحجة المهدي يفرح كلما تليـ *** ت عليك من الدروس علوم.

الشيخ المفيد هو أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي العكبري البغدادي المعروف بابن المعلم والملقب بالمفيد من قبل الامام حجة الله (عليه السلام ). 

قال ابن شهر آشوب في معالمه : ولقبه الشيخ المفيد صاحب الزمان صلوات الله عليه ، وقد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب ( 1 ) .

 والظاهر أن المراد من عبارته  ولقبه الشيخ المفيد صاحب الزمان " ، ما ورد في التوقيع : للأخ السديد والوفي الرشيد الشيخ المفيد (1).

ولد (رض الله عنه ) ببغداد سنة 338هـ، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 413 عن عمر يناهز السادسة والسبعين، واشترك في تشييع جثمانه ثمانون ألف نسمة، وأدى الصلاة على جثمانه الشريف المرتضى بميدان (الاشنان) ببغداد حيث ازدحم بالمصلين على سعته ووري جثمانه الثرى في جوار الإمامين الكاظمين (عليهما السلام)، بمدينة الكاظمية، حيث مزاره الآن.

ولد في قرية عكبرا على بُعد عشرة فراسخ من بغداد سنة 336هـ، وأكبر شخصية شيعية ظهرت في القرن الرابع الهجري وهو يعود في نسبه للتابعي سعيد بن جبير(رض) الذي قتله الحجاج(لعنة الله عليه ) ويلقب والده بالمعلم انحدر به إلى بغداد حيث مركز العلم والثقافة وأخذ يتلقى العلم من شيوخ ذلك العصر.. نشأ وترعرع في كنف والده الذي كان معلّماً بواسط،

وقد تتلمذ لأكثر من خمسين شيخا من شيعة وغيرهم ومنهم :

أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى عام368 .

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الشهير بالشيخ الصدوق المتوفى عام 381 صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه وعلل الشرائع والتوحيد .

أبو الحسن علي بن عيسى الرماني من شيوخ المعتزلة .

قال عنه الشيخ الطوسي :ـ

(محمد بن محمد بن النعمان المفيد يكنى (أبا عبد الله) المعروف بابن المعلم من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدماً في العلم، وصناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدماً فيه حسن الخاطر، دقيق الفطنة حاضر الجواب) (2).

قال النجاشي :ـ (شيخنا وأستاذنا رضي الله عنه، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه، والكلام، والرواية)(3)  .

وقال العلامة الحلي :ـ (محمد بن محمد بن النعمان... من أچل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه)(4).

وقال الشيخ عباس القمي :ـ

(أبو عبد الله محمد بن النعمان... كثير المحاسن، جم المناقب، حديد الخاطر، حاضر الجواب، بلغ الرواية، خبير بالأخبار والرجال والأشعار. وكان أوثق أهل زمانه بالحديث، وأعرفهم بالفقه والكلام)(5).

الشيخ المفيد كان لغوياً جامعاً، وفقيهاً بارعاً، ومتكلماً لم ينهزم في خصام.وهو أول من ألف بالأسلوب الموسوعي في معارف الشيعة ومجموعة مؤلفاته تعتبر موسوعة شيعية تناول فيها أكثر المواضيع التي يحتاج إليها الفقهاء والرواة والمفسرون. وقد أكثر من التأليف وأحسن.

فقد أثبت النجاشي في ترجمته قائمة بأسماء كتبه، فبلغت (174) كتاباُ. وقال الشيخ الطوسي والعلامة الحلي وغيرهما: له قريب مائتي مصنف كبار وصغار.

وبوفاة علي بن محمد السمري، وجد الشيعة أن قيادتهم انحصرت في فقهائهم، وفقهائهم لا يتميزون عنهم إلا بقسط من المعلومات، فأصيبوا بفراغ قيادي ضاغط. فإجماعهم على الشيخ المفيد دليل على أنهم وجدوا فيه أكثر من مجرد فقيه.

وكانت له حوزة واسعة تضم خيرة مثقفي الشيعة في عهده وأعتنى بتثقيفهم وتربيتهم على التقوى والصلاح ..والظاهرين من طلبته الشريفان: الرضي، والمرتضى، والشيخ الطوسي...

وقد سد شيئاً من الفراغ القيادي الذي أصيبت به الشيعة على أثر بدء الغيبة الكبرى . أنه جسد الشيعة علماً، ومثلهم قيادة، تركزت ضده التحديات الطائفية، وقد هاجم المتطرفون السنة أكثر من مرة مسجده، وفتكوا بالشيعة وهم يؤدون فريضة الصلاة، وذات مرة هاجموا منزله وأحرقوا مكتبته التي كانت تضم مخطوطات نفيسة جداً، ولكنه صمد في كل تلك الأزمات واستطاع أن يتغلب - بحكمته - على الموقف دون أن يثير حرباً طائفية.

و المفيد تصدى للقيادة المرجعية - وبتوجيه مباشر من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) - واجتمعت فيه مؤهلات جمعت عليه كلمة الشيعة بلا منازع. فكان أولى من تجتمع عليه كلمة الشيعة بعد الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي أول من جسد المرجعية الشيعية، بعد انتهاء الغيبة الصغرى وابتداء الغيبة الكبرى فانعكست الصيغة المرجعية على الطبيعة من خلاله، بعد أن بقيت برهة من الزمان فكرة فضفاضة لا تراها على أحد.

وكان يخاطبه الامام بقية الله (عليه السلام ) بهذه الكلمات في رسائله (الأخ السديد والولي الرشيد) و(سلام الله عليك أيّها الوليّ المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، ) و(أدام الله توفيقك لنصرة الحق وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق) و (أيّها الأخ الوليّ والمخلص في ودنا الصّفيّ. والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه التي لا تنام)و(سلام الله عليك أيّها الناصر للحقّ، الدّاعي إليه بكلمة الصّدق).و(ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظّالمين أيّدك الله بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين) و(أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ) .

فقد كان يتردد على من عاصرهم من النواب الأربعة، وبقي بعدهم على علاقته بالإمام المهدي بالمراسلة - وربما بالمشاهدة - ويذكر العلامة الحلي - في الرجال الكبير - قصة خلاصتها أن الإمام المهدي هو الذي أطلق عليه لقب: (المفيد)، والمعروف أنه هو الذي أمره بالفتوى .

وقد اختاره الامام بقية الله (عليه السلام ) للقيام بدور معين فقوله (عليه السلام ): (أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا... واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه) ..ونقف قليلا في كلمات الامام (عليه السلام ) وتحديدا بكلمة (اذن لنا ) أي ان القرار من السماء .. ولنلاحظ موارد الكلمة المذكورة في كتاب الله تعالى من خلال الآيات التالية :ـ

1. قال تعالى :ـ (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) (6).

2.وقال عزوجل :ـ (مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) (7).

4. وقال جل وعلا :ـ (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) (8).

فالصلاحيات الممنوحة الى الشيخ المفيد كانت من قبل صاحب الزمان (سلام الله عليه )الذي كان يأخذ مصدر القرار من السماء ,فعندما يخول احد الناس في تلك الامور ,فهذا معناه ان الشخص المخول هو من اولياء الله سبحانه وتعالى في الارض .

لقد تطرقنا في المقدمة الى ان الشيخ تصدى للمرجعية بأمر من الامام الحجة (عليه السلام) .

وهنا ايضاح اخر بأن المرجعية قرارا سماويا ومعتنقها هو من اولياء الله عزوجل.

ويتضح لنا بأنها لا تأتي بادعاء ,وليس ذلك فحسب ,بل هناك ضوابط خاصة لا يسع المجال لطرحها .

بعض مؤلفات الشيخ المفيد (رض) :ـ

1 تصحيح اعتقاد الإمامية

2 النكت الاعتقادية

3 النكت في مقدمات الاصول

4 مسائل العكبرية

5 الكافئة في ابطال توبة الخاطئة ( حرب الجمل )

6 تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام)

7 أقسام المولى في اللسان

8 رسالة في معنى المولى

9 الفصول العشرة في الغيبة

10 رسائل في الغيبة

11 المسائل الجارودية

12 شرح المنام  (آية الغار)

13 عدم سهو النبي صلى الله عليه وآله

14 رسالة حول خبر مارية

15 مسار الشيعة

16 مسألتان في النص على علي عليه السلام -ج1

17 مسألتان في النص على علي عليه السلام -ج2

18 المقنعة

19 الفرائض الشرعية

20 احكام النساء

21 الكلام فى دلائل القرآن

22 وجوه إعجاز القرآن

23 النصرة فى فضل القرآن

24 أوائل المقالات

25 نقض فضيلة المعتزله

 

===========

المصادر

(1) . معالم العلماء : 113 رقم 765 .

(2). الشيخ الطوسي في (الفهرست) ص186 .

(3). النجاشي في رجاله ص311.

(4). العلامة الحلي في (خلاصة الرجال) القسم الأول ص147 .

(5). الشيخ عباس القمي في كتاب (الكنى والألقاب) ج3 ص164 .

(6). سورة الرعد، آية 38.

(7). سورة البقرة، آية 249.

(8). سورة البقرة، آية 251.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك