مرحلة ما بعد داعش، عصر الجديد للموصل الحدباء، يراد له التحضير، بعد إعلان الجاهلية إعتزالها النهائي، وزوال عرشها الدموي بإسم الإسلام، وبدء مرحلة ترويج الفكر العراقي الوطني الموحد، الذي يجب أن يبدأ بالمثقف نفسه، فعندما تسقط مملكة الرعب الوهابي التكفيري، ستتم مراجعة كل شيء في نينوى، الأرض والعرض، والحجر والبشر، ومؤسسات الدولة كافة، وأمام قوة الإرادة والنهوض، سيكون من الممكن إعادة الإعمار.
سنبدأ بالنفوس أولاً، فالمثقف الذي يربي عقله على الإعتدال، والعدالة، والموضوعية، حري به أن يهيأ أسباب الرقي والتطور لوطنه، وتربية النفس على الصبر، والقدرة على التحمل.
طريق صعب شاق، يبدأ بالخطوة الأولى، ولن تعود أم الربيعين كسابق عهدها، ما لم نصرف أوقاتاً طويلة، للتخطيط والتنظيم والبناء، وأن نغلق الطريق على الأشرار والخونة، لممارسة حيلهم القذرة، بعيداً عن الحقد والطائفية، وطالما تتدفق المصداقية والنزاهة، وكذلك النية الصافية والصادقة، فذلك إيذان بأن الأمور ستسير نحو الأفضل، ويكمن تجاوز الأزمة، بكل مخلفاتها الفوضوية.
الضغط والقهر، الذي تعرض له أبناء الموصل، في الداخل والخارج، إنما سيخلف لهم حزناً بلا حدود، عندها ستخلق الروح المؤمنة، إجابات شامخة، رغم صعوبتها في بادئ الأمر، لكننا ندرك أن أبناء الموصل الحدباء، سيعبدون الطريق، بإبداع ما بعده إبداع، لأنهم سيسجلون معارك للشرف والبطولة، بتكاتف جميع مكونات الشعب العراقي بدون إستثناء، خاصة وأن المرجعية الرشيدة، نبذت وشجبت كل أنواع الخطاب المتطرف، الذي بدأ بالسياسيين الطائفيين، وهنا يأتي دورنا نحن المثقفين، بإيصال فكرة التسامح، والتعايش السلمي.
ذكريات الحرب خلفت جروحاً لا تندمل، لكنها ستشفى، وستبقى ندوب قليلة، هي ما نسعى لإخفائها مطلقاً، لإشاعة مفردات التعايش، والتسامح، والحوار، لتماسك النسيج العراقي الأصيل، الذي وأن واجه الصعاب، فأنه يخرج منتصراً لا محالة، ولكي نثبت ولاءنا الحقيقي، للخالق وللوطن، وجب أن نكون خير أمة أخرجت للناس، وليس أمة للأباطيل والتخرصات، التي يذيعها المتطرفون الخوارج هنا وهناك، فهؤلاء الشرذمة باعت نفسها للشيطان، ولأن منهجهم العنف والقتل، فستكون نهايتهم نار جهنم، ومعركتهم خاسرة، لكونها باطلة دون شك.
إن ما لن يرضاه أبناء الموصل، العودة الى مربع الطائفية المقيتة، فمَنْ عاش فيها، يعرف أن مجموعة من الفسيفساء الجميلة، هي من صنعت جنة نينوى، وإحتفالاتهم تصلح لكل زمان ومكان، فنحن شعب لن يفرقنا الإرهاب والتكفير، ولن ينال منا أدعياء الفتنة أبداً مهما حاولوا، لأننا صادقون وعازمون، على العيش بمودة ووئام.
ختاماً: إن ثمار المرجعية الرشيدة، وإنتصارات الجيش والحشد، وتحشيد الطاقات اللازمة للتحرير، وعودة النازحين، والقضاء على الفكر السلفي المتطرف، لهي جل ما يتمناه العراقيون الآن، مع معركة الإصلاحات، التي تساير مسيرة الخلاص من داعش، لذا يا أبناء الموصل: صولوا صولاتكم، ولا تأخذكم في الخالق الجبار لومة لائم.