محسن وهيب عبد
كربلاء المقدسة - 2015م
رقم(2)
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ أبا الفضل من المؤسسين للفضل والإباء في دنيا العرب والإسلام فقد سما إلى طرق المجد، وأسباب العلى، فبلغ قمّتها، وقد تخير أطراف الأسنّة والرماح حتى لا يناله ذلّ، ولا ضيم.
4 محمد رضا الاَزري:
وأشاد الشاعر الكبير الحاج محمد رضا الاَزري في رائعته بالمثل الكريمة التي تحلّى بها قمر بني هاشم ، والتي احتلت عواطف الاَحرار ومشاعرهم يقول:
فانهض الى الذكر الجميل مشمّراً
فالذكر أبقى ما اقتنته كرامــــها
أو ما أتاك حديث وقـــــــعة كربلا
انّى وقد بلغ الســــــــــماء قتامها
يوم أبو الفضل استجار به الهدى ( )
والشمس من كدر العجاج لثامها
فحمى عــــرينته ودمـــدم دونـها
ويذب مـن دون الشرى ضرغامها
والبيض فوق البيض تحسب وقعها
زجل الرعود إذا اكفهرّ غــمامها
من باسل يلقى الكتيبة باسماً
والشـــوس يرشح بالمنية هامها
واشــم لا يحتل دار هضيمة
أو يستقلّ على النجوم رغامها
أو لم تكن تدري قريش أنّه
طــــــــلاع كل ثنية مـــــــــقدامها
وهوى عليه ما هنالك قائــلاً
اليوم بان عن اليمين حـــسامها
اليوم سار عن الكتائب كبشها
اليـــــــــوم بان عن الهداة امامها
اليـــــوم آل إلى التفرق جمعنا
اليــوم حلّ عن البنـــــــــود نظامها
اليوم نامت أعين بك لم تــنم
وتســـــهّدت أخرى فعز مـنامها
5- السيّد جعفر الحلّي:
ووصف الشاعر العلوي السيّد جعفر الحلّي في رائعته ما مُني به الجيش الاَموي من الرعب والفزع من أبي الفضل ( عليه السلام ) يقول:
وقع العذاب على جيوش أمــيّة
من باســل هو في الوقائع معلم
ما راعهم إلاّ تقحــــــــم ضيغم
غـــــــير ان يعجم لفظه ويدمدم
عبست وجوه القوم خوف الموت
والـــعبّاس فيهم ضاحك يتبســــّم
قلب اليمين على الشمال وغاص
في الاَوساط يحصد للرؤوس ويحطم
ما كـــــــــرّ ذو بأس له متقدماً
إلاّ وفرّ ورأســــــــــــــــه المتقدّم
صبغ الخيول برمحه حتى غدا
ســـــــــــيان أشقر لونها والاَدهم
ما شدّ غضباناً على مـــلمومه
إلاّ وحـــــــــــلّ بها البـلاء المبرم
وله إلى الاقدام نزعة هارب
فكأنّما هو بالتقدم يـــــــســــــــلم
بطل تورث من أبيه شجاعة
فيها أنوف بني الضـــلالة ترغم
بطل إذا ركب المطهم خلْته
جبـــــــــــلاً أشمّ يخف فيه مطهم
قسماً بصارمه الصقيل وانني
في غير صاعقة السماء لا أقسم
لولا القضا لمحا الوجود بسيفه
والله يقضي ما يشـــــــاء ويحكم( )
6ـ الاِمام كاشف الغطاء:
وبهر الاِمام محمد الحسين كاشف الغطاء رحمه الله بشجاعة أبي الفضل
وتعبس من خوف وجوه أميّة
اذا كرّ عبّاس الوغى يتبسّم
عليم بتأويل المنيّة ســـــــــــــيفه
تزول على من بالكريهة معلم
وان عاد ليل الحرب بالنقع ألْيلا
فيوم عداه منه بالشــــــر أيوم
6 ـ الفرطوسي:
وعرض شاعر أهل البيت عليهم السلام الشيخ عبد المنعم الفرطوسي نضّر الله مثواه في ملحمته الخالدة إلى شجاعة أبي الفضل وبسالته في ميدان الحرب قال:
علم للجهــــــاد في كل زحف
عــــــــلم في الثبات عند اللـــقاء
قد نما فيه كل بأس وعـــــــزّ
مــن عـــليّ بنجدة وإبـــــــــــــاء
هو ثبت الجنان في كل روع
وهــــو روع الجنان من كل راء
فارتقى صهوة الجواد مطلاً
علـــــماً فوق قلـــعة شـــــــــمّاء
وتجلّى والحـــرب ليل قثــام
قمـــــــــراً في غياهب الظلـــماء
فاستطارت من الكماة قلـوب
أفرغــــــت من ضلوعها كالهواء
وتهاوت جسومهم وهي صرعى
واســــــتطارت رؤوسهم كالهباء
وهو يرمي الكتائب السود رجماً
بالمنايا من اليد البيضاء( )
قد تؤكد القصائد وتظهر فضيلة الشجاعة اكثر من غيرها لكنها في الواقع تعبير عن القوة في اليقين والقوة في نصر الحق، والقدرة في احتقار المستكبرين مهما كانوا والاستطاعة في قهر الموت والتعالي على الخنوع واظهره كعدم إن شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ الشعراء ، وصارت مضرب المثل على امتداد التأريخ ، ومما زاد في أهميتها انّها كانت لنصرة الحق والذبّ عن المثل والمبادئ التي جاء بها الاِسلام ، وانها لم تكن بأي حال من أجل مغنم مادي من مغانم هذه الحياة.
12- اشراقة قمر العباس في شمس الحسين عليهما السلام:
وبعد هذا كله، فان العباس يمثل القمر بجانب الشمس، اذا كان المعصوم هو الشمس والمطيع الموالي بتمام الولاء والطاعة، هو القمر، فذلك ما يفسر سبب عدم ظهوره بما يناسب مكانته العلمية العظيمة، الا ان الله تعالى قد اختار له دورا وحيدا ليس لاحد مثله في التاريخ البشري، القدوة الحسنة في المأموم ، الذي لا تتم به اطروحة نظام الملة الكوني الا به، نموذجا كونيا ميدانيا خالدا في حجيته الظاهرة.
لقد اضاف الاسلام بالعباس عليه السلام نموذجا وقدوة للكمال الانساني في المأموم، كما قدم لنا ذلك في الامام المعصوم. فهل هناك عقيدة تجعل في الناس كل ضوابط صحة الاعتقاد مثل الاسلام؟
وهل لمحتج على الله تعالى يوم القيامة، يقول: يا رب: ان ما طلبته منا على وجه الفرض كان مستحيلا او ان ما شرعته لنا في الاسلام كان صعبا، ولو كان ذلك ممكنا فلماذا لم نجد له من البشر نموذجا في التأريخ ؟
واذا كان نمط سريان الكون بطورين قبض وبسط ، فان العباس عليه السلام كان هو الحجة الانسانية لإمكان التام لبسط التشريع من قبضه في الكتاب والسنة الى واقع ملموس تحكيه سيرته المباركة.
فالسلام على سيدنا ابي الفضل العباس بن امير المؤمنين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا، ونسال الله بالعباس الوجيه باب الحوائج ان يرضى عنا ويشفعه فينا انه ولى الرضا والمغفرة.
المصادر:
1 ) آل عمران- 34.
2 ) البقرة – 124.
3 ) البقرة – 30.
4 ) (عن المطلب بن عبد الله ، عن مصعب بن عبد الرحمان بن عوف ، عن أبيه عبد الرحمان ، قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه واله مكة انصرف إلى الطائف ، فحاصرهم سبع عشرة ، أو ثماني عشرة ، فلم يفتحها ، ثم أوغل غدوة ، أو روحة ، ثم نزل فهجر ، فقال : أيها الناس إني لكم فرط وأوصيكم بعترتي خيرا ، وإن موعدكم الحوض و الذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، أو لأبعثن إليكم رجلا مني ، أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليكم ، وليسبين ذراريكم . قال : فرأى الناس ابا بكر وعمر ، فأخذ بيد علي عليه السلام ، فقال : هو هذا . )
رواه الطوسي في أماليه 321 : من طريقين عن عبد الرحمان بن عوف ، عنه البحار 152 / 21 : ح2وج 30 / 40 ح 60 و61 ، ورواه من الجماعة ابن عساكر في تاريخ دمشق 368 / 2 : ح 867 وص : 374: ح: 869 بإسناده من ثلاثة طرق إلى عبد الرحمن بن عوف . والعيني الحيدرآبادي في مناقب على ( 93 : ط . أعلم ) من طريق الترمذي والنسائي وابن شيبة عن عبد الرحمان بن عوف ، والأمر تسري في أرجح المطالب ( 446 : ط . لاهور ) من طريق ابن أبي شيبة ، وأبي يعلى والحاكم ، عن عبد الرحمان بن عوف . والحاكم النيسابوري في المستدرك :120:2 : بإسناده عن محمد بن عبد الله الزاهد ، عن أحمد بن مهران ، عن عبيد الله بن موسى مثله .
والمتقي الهندي في كنز العمال 144 / 15 : ح 412 ط ( . حيدرآباد الدكن ) وابن حجر في الصواعق المحرقة 75 : والبدخشى في مفتاح النجا 28 : مخطوط جميعا من طريق ابن أبي شيبة ، عن عبد الرحمن بن عوف . والهيثمي في مجمع الزوائد: 134 / 9 :، رواه أبويعلي ، وفي ص 163 .
5 ) بحار الانوار 45: 41، الدمعة الساكبة 4: 322، العوالم 17: 284
6 ) مقتل الحسين، للوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن مسلم الازدى الغامدى : 23.
7 ) لقمان – 8.
8 ) أسرار الشهادة للدربندي: 324.
9 ) الخصال: 135 باختلاف في بعض الألفاظ.
10 ) بحار الانوار للمجلسي: ج45: ص: 138.
11 ) الكبريت الاحمر: ج3 : ص45:
12 ) البحار : ج10: ص: 114.
13 ) مقاتل الطالبيين: 79. الأصبغ هنا ابن نباتة ; لأنّ بني مجاشع بطن من حنظلة من تميم كما في نهاية الإرب للقلقشندي: 334، والأصبغ ابن نباتة حنظلي تميمي كما نصّ عليه ابن حجر في تهذيب التهذيب 1: 362.
14 ) في تاريخ الطبري 4: 359:حرملة بن الكاهن، وفي الفصول المهمة لابن الصباغ: 845: حرملة بن الكاهل.
15 ) تذكرة الخواص: 291.
16 ) الإرشاد للشيخ المفيد 2: 89، بحار الأنوار 44: 391، تاريخ الطبري 4: 315، الكامل في التاريخ 4: 56.
17 ) مثير الأحزان لابن نما الحلّي: 41، اللهوف في قتلى الطفوف: 54، لواعج الأشجان: 116.
18 ) الأنوار العلوية للنقدي: 444، أسرار الشهادة للدربندي 2: 497.
19 ) المنتخب للطريحي: 305، معالى السبطين 1: 441.
20 ) بحار الانورا 45: 41، العوالم 17: 283، الدمعة الساكبة 4: 324.
21 ) كامل الزيارات: 358، بحار الأنوار 98: 148.
22 ) كامل الزيارات: 440.
23 ) بصائر الدرجات للصفّار: 502، دلائل الامامة للطبري الشيعي: 188، الخرائج والجرائح للراوندي 2: 771، مثير الأحزان لابن نما: 27.
24 ) مرّ توثيقه
25 ) كامل الزيارات: 441، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 6: 66، المزار للمفيد: 122، المزار للمشهدي: 178.
26 ) بحار الأنوار 98: 219، المزار للمفيد: 124، المزار للمشهدي: 391.
27 ) بحار الأنوار 98: 330، والوارد في الزيارة: \... السلام عليكم يا طاهرون، السلام عليكم يا مهديون... \، نعم ورد في زيارات أُخرى قوله (عليه السلام): \ وطهّركم من الدنس \ كامل الزيارات: 527.
28 ) المزار للشهيد الأوّل: 129، المزار للمشهدي: 465.
29 ) الأمالي للشيخ الصدوق: 548، الخصال:68.
30 ) الكبريت الاحمر:ج:3: ص47 .
31 ) كامل الزيارات
32 ) بحار الانوار للمجلسي : ج45: ص: 40
33 ) (مقتل الحسين للخوارزمي: 2/30؛ المجدي: 15، إعلام الورى: 1/395، شرح ألأخبار 3/194، عمدة الطالب : ص : 356 ، بحار ألأنوار 45/42).
34 ) شجرة طوبى - الشيخ محمد مهدي الحائري (ج2/ ص: 237)
35 ) رجال الطوسي: 105/1034، الاختصاص: 8، رجال الكشّي: 1/294/136؛ الإصابة: 6/250/8493.
36 ) تاريخ الطبري: 5/415 و 416، الكامل في التاريخ: 2/558، الفتوح: 5/94 كلاهما نحوه وفيه «قال له العبّاس بن عليّ (عليه السلام) : تبّاً لك يا شمر، ولعنك اللَّه، ولعن ما جئت به من أمانك هذا يا عدوّ اللَّه! أتأمرنا أن ندخل في طاعة العناد ونترك نصرة أخينا الحسين(عليه السلام) ؟! فرجع الشمر إلى معسكره مغتاظاً». وراجع ايضا الطبقات الكبرى: 3/20، تاريخ الطبري: 5/153 وص 468، الكامل في التاريخ: 2/581440، الأخبار الطوال: 257، الفتوح: 5/113، مقاتل الطالبيّين: 89-87؛ شرح الأخبار: 3/194، المجدي: 15، إعلام الورى: 1/395.
37 ) مفاتيح الجنان للقمي وكل كتب الزيارت
38 ) نفس المصدر.
39 ) بحار الانوار : ج:45: ص: 66.
40 ) مقاتل الطالبيين: 56
41 ) اعيان الشيعة ج42 ص 282. وادب الطف ـ الجزء الاول 326
42 ) رواها الشيخ الأميني عن (روض الجنان في نل مشتهى الجنان )للمؤرخ الهندي اشرف علي ، و ادب الطف ـ الجزء الاول 224 .
43 ) باقر شريف القرشي ؛ (العباس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام): (3 6)
44 ) لهذا البيت قصة، قيل ان الشاعر الازري رحمه الله كان مترددا في ادراج هذا البيت ، اذ كيف تجرأ وقال يوم ابو الفضل استجار به الهدى، وظن انه لا يصح ان المعصوم يستجير بغير المعصوم،
45 ) باقر شريف القرشي؛ (العباس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام) : ص: 53-69
46 ) ملحمة أهل البيت 3: 329 ـ 330.