(الإشكاليات العقائدية والتاريخية في ضوء فهم النص القرآني)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين ، لاسيما بقية الله في الارضين واللعن الدائم على اعدائهم اعداء الله اجمعين
1-مقدمة:
معرفة معاني الوحي وفق المعيار القرآني يوصلنا الى الحقيقة العلمية لأصل العصمة ، فالعصمة ؛ اطروحة واقعية كونية ليست من مسلّمات المعتقد الشيعي الامامي في الاسلام فحسب ، أو ربما انها اعتبرت مسلّمة ، لأنها حقيقة كونية واقعية من سوابغ فيض لطف الله تعالى على عباده ، اتماما للحجة عليهم ، إلا ان فهم هذه الاطروحة باصولها العلمية ، رهين بفهم معنى الوحي ، فالوحي في واقعه؛ قوة من فيض رحمة الله تعالى الكونية ، تداخل كيان النبي صلى الله عليه واله ، وترفع عنه كل القصورات ، المادية والحيوية والعقلية.
فإنما يذنب الانسان ويخطأ ويفعل الخبائث والقبائح وتزل اقدامه الى النتن ؛ بسبب عجزه عن ادراك مواقع العز في الحسن والجمال ومسالك الرقي في بلوغ الكمال في واقعه وبيئته ، وبسبب قصوره الذاتي عن اصابة الحق بشكل مباشر ، وبسبب جهله وعدم احاطته بآثار الفعل القبيح الصادر عنه ، وما يترتب عليه في مستقبل وجوده وحياته وعقله. فاذا علمنا – كما في القران- ان الوحي هو روح من امر الله تعالى ، فهو اذن؛ قوة رحمة يرتفع العجز معها ، وكل القصورات المادية والحياتية والعقلية ، لذا فان قوة روح الوحي تعتبر سبب العصمة.
قال الله تعالى في سورة الشورى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ )(53).
بمعنى ان قوة النور في نفس النبي؛ تضيء ظلمات تراكمت من الطين المادي والغرائز الحياتية وقيود ميزان العقل - القيود التي تشده الى مكوناته الطينية والغرائزية- فتنجلي به الظلمات النفسية ، ويصير ظاهرا بالحق والسداد ، طالبا له ، مدركا للكمال والجمال ، معلما له ، دالا عليه ، منجذبا للحسن مختارا له ، مترفعا عن نتن المعاصي وومتعاليا عن الموبقات.
وكل هذه الحالات علتها الاختيار لا جبر ، فالمعصوم مختار لفعله في عصمته ليس كما يزعم الجهال بمعاني كتاب الله العزيز
فعندما يتلابس كيان النبي بقوة روح الوحي ونوره؛ يصير يتحرى الكمال ، وعندما تشرق نفس الرسول او النبي بنور الوحي تنجلي العتمة من نفسه وتتهذب عرائزه ، فنجده يانف من القبائح ويستحي من الآثام ويتنكر للمعاصي حيث يراها منتنة على حقيقتها لا تناسب ميزاته الخلقية الراقية.
وهذا واضح بديهي حتى لكل واحد منا اذا راقب نفسه ونتائج خيارت فعله.
فالوحي قوة روح من امر الله تعالى ، وامر الله تعالى محض حسن وخير وكمال وجمال ، اذا داخل النفس فلا حيز للزلل والنتن والقبح في نفس من يتلقى الوحي ، فهو معصوم.
وهو ما عليه عقائد الامامية؛ ان الرسل عليهم السلام كلهم معصومون ، ثم المطهرون بارادة الله تعالى مثلهم ايضا معصومون ، قال الله تعالى في سورة الاحزاب: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)) ، فارادة الله تعالى نافذة ، وقد شاء الله تعالى ان لا يحده في نفوذ ارادته حد.
2-الوحي لغة:
صيغة مضمرة لاعلام الآخر ، يستخدمها المُعلِم الى المتلقي من غير اللغة اوالكلام المباشر تتضمن معلومة او امر.
جاء في تهذيب اللغة: قال أبو الهيثم: يقال؛ وحيْتُ إلى فلان أُوحى إليه وحْيا وأوْحت إليه ، أُوحى إيحاءً: إذا أشرت إليه وأومأت ، قال فأما اللُّغةُ الفاشية في القرآن فبالألف ، وأما في غير القرآن فوحْيتُ إلى فلان مشهورةٌ( ).
اذن؛ فالوحي لغةً؛ وسيلة من وسائل الخطاب المضمر ، يتم من خلاله إبلاغ رسالة أو أمر ما إلى الموحى إليه. والوحي في كلام العرب الكتابة ، ومنه قول ذي الرمة:
سوى الأربع الدهم اللواتي كأنها بقية وحي في بطون الصحائف
وقال عنترة في ذات المعنى:
كوحي صحائف من عهد كسرى فأهداها لأعجم طمطمي
والعربُ تقول: أوْحى ووَحى ، وأوْمى ووَمي. بمعنى واحد ، ووَحى بحِي ووَمى يمي. وقال جل وعز : (وأوْحَيْنا إلى أُمِّ موسى أن أرضعيه)؛ قيل إن الوحى ههنا إلقاء الله في قلبها وما بعد هذا يدلُّ - والله اعلم - على أنه وَحْىٌ من الله على جهة الإعلام للضمان لها )؛ إنا رادوه إليك وجاعلُوه من المرسلين( وقد قيل إن معنى الوحْى ههنا الإلهام ، وجائز أن يُلْقى الله في قلبها أنه مردودٌ إليها وأنه يكون مرسلاً ولكن الإعلام أبْين في معنى الوَحى ههنا.
وقال أبو إسحاق: وأصل الوَحْى في اللغة كلها إعلامٌ في خفاء ولذلك صار الإلهام يسمى وحْياً. وعليه يكون أيضا الإشارة والإيماء يسمى وَحْياً ، والكتابة تسمى وَحْياً.
وكل هذا واضح في قول الله جل وعلا في سورة الشورى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( )) .
معناه إلا أن يوحى الله إليه وحياً فيعلمه بما يعلم البشر أنه أعْلمه إما إلهاماً وإما رُؤْيا ، وإما أن يُنْزل عليه كتاباً ، كما أنْزل على موسى أو قرآناً يُتْلى عليه كما أنزل على محمدٍ ، وكل هذا إعلام وإن اختلفت أسبابُ الإعلام فيها.
3-تقسيم معنى الوحي حسب تأثيره وإلزاميته :
لكي يكون اجدى في الاحاطة بمعنى لفظ الوحي باعتباره من الالفاظ المنقولة في الإسلام فان الوحي قد يصدر من:
1-من القاهر المهيمن المقتدر الآمر المطلق الخالق جل وعلا الى التابع المامور من خلقه ، قال الله تعالى في سورة فصلت : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)) هكذا بصيغة الامر؛ وهذه –لاشك- صيغة ملزمة لواقع الموحى اليه كما هم الواقع. فالوحي من الله الى مخلوقاته بالكون او الجعل فعل جبري: ما يسمونه (الاوامر التكوينية).
2-من القاهر المهيمن المقتدر الامر المطلق الخالق الى الانسان ، ياتي الوحي بصيغة النصيحة والبيان والامر ، وهي مطلوبة عقلا ، لكنها غير ملزمة. مثل الوحي بالتشريع؛ ( الاوامر التشريعية). مثلا ؛ قال تعالى في سورة النحل:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)). فكل كما جاء في الوحي المكتوب كان من باب التشريع
-في الزبور بلاغ: جاء قي سورة الانبياء:( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)
-في الانجيل والفرقان والتوراة هدى وتبليغ وانذار: جاء في سورة آل عمران: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4).
-الوحي المكتوب في الواح موسى عليه السلام: جاء في سورة الاعراف: (كَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ(145) ومن معاني الوحي الكتابة
3-من الند لنده، او من الشبيه لشبيهه؛ وهذا لا يختلف عن تأثير اللغة فيهم ، كقوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )( الانعام-121).
4-الوحي للانبياء دون الناس: ؛ قوة لرفع القصورعن تكوينهم ومنهج ساري للمعرفة ، ليكونوا قدوة حسنة يقتدي بها بني البشر وحجة كاملة لله على عباده.
فهناك التفاتة في الوحي الرباني صناعة للانسان النبي على عين الله تعالى... قال الله تعالى يخاطب نبيه موسى عليه السلام في سورة طه:( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)).
فوحي الله تعالى للانبياء جاء قوة في القاء المحبة ومنح الهيبة والجلال ورفع العجز وكل القصورات عن نفس النبي عليه السلام. ، وهو نور يزيل العتم ، وقوة روحية ترفد النبي او الرسول في المعجزات لاتمام رسالته المكلف بها.
ولذا فالوحي معرفة ومنهج للصلاح والاصلاح ، يتلبس شخص الرسول فهو غير متكلف بما هو عليه: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87)(سورة ص).
وقد جاء الفعل ( أوْحَى ) ، ( يُوحي ) من ذا القبيل فى القرآن الكريم فى الآيات: التالية بمعنى الاعلام:
((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ )) .
4-لماذا الوحي؟
يكون الوحي بديلا عن الخطاب المعلن لأسباب منطقية ، كعلة كونية ، أو لأسباب قاهرة؛ كفقدان لغة الخطاب ، أو غياب الكلام المباشر المفهوم بين الموحي و الموحى إليه ، أو لفرق جوهري ذاتي بينهما ، بحيث لا رابطة مباشرة للتفاهم بينهما ، فكل منهم من سنخ( ).
ففي الغالب نجد ان الله تعالى القادر المقتدر وتعبيرا عن هيمنته؛ يبدع في اشكال والوان هذا الخطاب المضمر ، وهو ما يميز معاني الوحي بين الله تعالى الموحي وبين الموحين من خلقه . فلا حدود للتواصل بينه وبين المختارين المصطفين من خلقه ، حتى بالكلام المباشر كما كان مع موسى عليه السلام.
اما المخلوق الموحي لغيره قد يكون غير مدرك لما يوحي لغيره. كما توحي مثلا مخلفات الجريمة للمحقق الفطن خيوطا تدله على المجرم.
أما إذا كان الموحي هو الله العليم القدير جل وعلا؛ فان وحيه جل وعلا؛ روح من امره ، وقدرة قوة روحية مؤثرة في سنخها التكويني في المخلوق الموحى اليه.
5-صيغ الصلة بين البشر وربهم:
وإن كان الموحى إليه هو الإنسان فان صيغة الوحي الاعلامية فقط قد تحددت من قبل الله الموحي جل شأنه ؛ بثلاثة أشكال هي:
1-الخطاب المضمر المفهم( الوحي المباشر). وهو ليس كقوله تعالى ، لان قوله هو ذات فعله ، وهو اعلام.
2-أو من وراء حجاب كما يفسرها المعصوم: ( مثال ذلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح). جاء قي تفسير الدر المنثور للسيوطي: عن النبي صلى الله عليه آله في قوله تعالى " لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة " قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ، فهي بشراه في الحياة الدنيا ، وبشراه في الآخرة الجنة ( ).
3-أو تكليف رسول بنقل الخطاب بين الله والأنسان المقصود به.. قال تعالى:
(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) .
وكذلك اوحى الله تعالى إلى الأنبياء والمرسلين ، وغيرهم ، من عباده ومخلوقاته ، فقد أوحى إلى أم موسى.. قال تعالى: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ) .
وكذلك قوله تعالى:
( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) .
وأوحى إلى يوسف فى طفولته ، قال تعالى:
( فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ) .
كما تكلم عيسى فى المهد بوحي الله له ، فالوحي قوة روحية ، والقوة باطن كل فعل ، ولا يمكن انجاز أي فعل بدون قوة على الاطلاق.
ويمكن ان نستعين بالجدول التالي لبيان موقع قوة الوحي من بين القوى المبطنة للافعال المستقرأة في الوجود كله ، بما لا يسع عاقل انكاره على الاطلاق .
وفيما يلي جدول يستقري تماما القوى المنجزة للأفعال باعتبار الافعال هي ظواهر القوى المختلفة في الوجود فالقوى بواطن لا ترى انما ترى فقط اثارها.
أفعال القوة أصناف القوة نوع القوة
ظاهر شكل الكون وحركته. 1-الجاذبية الكبرى أولا-القوى الكونية المادية
((ترفع القصور عن الطاقة لتتعرف المادة))
ظواهر حتميات الفيزياء الكلاسيكية2-الجاذبية الصغرى
التفاعلات او التغيرات التي تصيب جوهر المادة2-النووية الرابطة
ظواهر الثرموديناميك وأفعال الطاقة.4-الكهرومغناطيسية
أفعال تحليل المادة الميتة 1- فيروسية ثانيا-قوى الحياة
(( ترفع القصور عن المادة للنعرف الحياة))
أفعال التحليل والتركيب والتخمير والبناء2- بكتيرية
أفعال تخزين الطاقة في الغذاء وتجهيز3- نباتية
أفعال الغرائز. 4- حيوانية
5- حيوانية إنسانية
أفعال تهذيب الغرائز.
1- قوة الإرادةثالثا-القوى العقلية
(( ترفع القصور عن الحياة ليتعرف الانسان
بميزاته لخيار فعله))
تنحصر قوة طلب العلم في ثمان أنماط عقلية للتعلم؛ هي التسليم ، التعليل ، التصديق ،الأيمان ، التفاضل ، التعميم ، التجريب ، والتكامل.2- قوة طلب العلم
تنحصر قوة البيان في الخطاب ألقولي والخطاب الفعلي وتصالحي ورافض وقابل3- قوة البيان
تنحصر قوة اختيار الفعل النافذ في ؛ فعلين أساسيين هما : الإمساك والإرسال ؛ والإمساك فيه شكلان والإرسال كذلك. 4- قوة الاختيار للفعل
وتنحصر في أفعال : الطاعة ، والرحمة ، والعدل والحق والموت ، والإمامة ، والبلاء ، والتوحيد ، والسريان. 1- قوى نفاذ السنن الكونية
رابعا- القوى الروحية
وتنحصر في أفعال تداخل السنن والأفعال الدافعة للفعل الحسن أو التطور للأحسن. 2- روح الحسن الساري
وينحصر في موجهات الفعل عند الأنبياء والرسل ورفع القصور عن العقل لبشري في ذات الرسول أو النبي ، وأفعال إنزال الكتب وإقامة المعجزات من اجل التكامل باتجاه الأفضل والأحسن.
3- الوحي
والوحي ، قوة روحية فياضة سرمدية قوامة ، يمنحها الله تعالى لتنجز فعل منتظم لروح النسق الكوني فيه يحفظ نظام الكون؛ كما يوحي الله تعالى للرسل فيرفع عنهم القصورات الخلقية كلها ، وكما أوحى الله تعالى إلى النحل ، وأوحى إلى الأرض ، وقال للأرض والسماوات ائتيا طوعا أو كرها ، وأوحى فى كل سماء أمرها واوحى الله تعالى للملائكة:
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) .
ومن الوحي الرباني ذاته؛ نجد وصفا علميا دقيقا لمعنى الوحي؛ إذ الوحي روح من أمر الله تعالى ، يلقيه إلى من يختارهم من البشر لتبليغ رسالاته من الأنبياء والرسل(ع) ، بمثابة كلامه تعالى إلى رسله ، فيصفه تعالى إذ يقول: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
فالوحي الرباني للرسل؛ روح من أمر الله تعالى ، تتحقق به لمن تباشر نفسه الوحي ، الدراية بالكتاب. فما هو الكتاب من الوحي؟
الكتاب؛ هو ما نقرأه في طبيعة الكون والكائنات ، متجسدا:
1-في السنن الكونية الحسنة الحاكمة والماضية في الكائنات المتحكمة فيها والسارية دوما الى الكمال. وربما لفرط بداهتها يصعب ادراكها.
2-بالانماط الخلقية المترتبة على احكام سريان السنن الكونية النافذة. ولانها نفسنا وطبيعة حياتنا يصب تميزها.
3-الحركة الكونية المتوجه اليه تعالى حيث الكمال ، فالكتاب تبيانا لهذا القيد ، قال تعالى في ان الكتاب تبيانا لكل شيء:
(ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) .
والكتاب؛ هو الوحي المكتوب: بيانات علم؛ تتذكر النفوس الغافلة به أصول الإيمان والتوحيد ، حيث الايمان جبلة النفوس التي اخذ عليها العهد بالخطاب التكويني:
(واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين) .
والوحي؛ نور على نور؛ لان في اصل خلقة الرحمن للانسان نور الروح التي نفخها في خلقته والتي هي من امر الله تتاصل في كيانه ، وترتفع بتلك الروح كل القصورات؛ المادية والحيوية .
ثم ياتي الوحي نور اخر تستضيفه نفس النبي ، فيكون الوحي نور على نور ، لانه روح من امر الله تعالى فهو سنخ للروح التي هي اصلا جزء من كيان الانسان ، فتتحقق للنبي بالوحي الكمال الإنساني ويصير علما للهداية التكوينية بين البشر ، لحتم معنى الكمال في تطابق السنتين الكونية والتكوينية في نفس النبي أو الرسول الذي يتلقى الوحي النور ، فترتفع به عن عقله كل القصورات.
ولذا فالوحي لكونه امر وقوة يرتفع به العنت والقصور فهو ليس قولا سهلا خفيفا انما هو ثقيل في تاثيره في النفس ، يقول الله تعالى:
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) .
إضافة لنور الروح التي نفخت أصلا في كيانه كآدمي ، وقد تكفل المنزل تعالى للنبي حفظه فقال تعالى:
(وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي ) وقال تعالى في معنى ذلك:
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) . فهو يداخل شخص النبي؛ نور على نور؛ ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .
أي نور الأول؛ من اصل الخلقة ، هو الروح التي نفخها الله تعالى في نفس الآدمي ليكون بها خليفة ، ثم النور الوحي الذي يباشر شخص النبي(ص) كانسان مختار لمهام التبليغ والرسالة.
فهو الهادي المهدي ، والقادر على منح الهداية لغيره ممن يتبعه بالنور على النور ، ولذلك امر الله تعالى بالاقتداء بهم عليهم السلام:
(اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا اسالكم عليه اجرا ان هو الا ذكرى للعالمين) .
وقد نكّرت الآية الصراط المستقيم في قوله تعالى:( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، ليس لأن هناك أكثر من صراط ، بل:
أولا: لان الاستقامة غاية في ذاتها ، فهي أصلا معرّفة.
وثانيا: لان الاستقامة تتحدد في الإحسان ، والإحسان حدوده لا متناهية ، والإنسان مدعو لها في غياتها ، اقلها أن ان تنفي الشرك وتتجنب السيئات ، ثم ياتي عمل الحسنات بافعال لا محدودة ، بالالتزام بما يأمر به النبي (ص) ، أو ينهى عنه ، فان غلبت فلا تترك الاستغفار والإنابة إلى الله جل وعلا.
6-الوحي ومعاني العصمة:
نجد في نصوص من اقوال الامام المعصوم الذي ارتفع عن عقله القصور بالوحي ، ما يدل على الحرية.. كما في النص التالي لأمير المؤمنين وسيد الاحرار علي بن ابي طالب عليه السلام:
(إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار)
وان ما يقدر عليه المعصوم الذي تجاوز القصورات باستيعابه الوحي ؛ هو مما لا نقدر عليه نحن البشر العاديين..كقول الامام علي عليه السلام:
( ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه ، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعمه بقرصيه. ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد ، وعفة وسداد )
والمعصوم يرى ببصر حديد ، فيبصر الاشياء على حقيقتها ، فيقرف من القبح ويستهجن السوء ويبتعد عنه ويبتهج للحسن فيفعله و يدل عليه ، فللحسين عليه السلام ننقل هذه الصورة ، التي يعلمنا فيها انه يرى ما لا نرى:
قال الحسين عليه السلام:
(وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعْرُوفَ مُكْسِبٌ حَمْداً ، وَمُعْقِبٌ أَجْراً . فَلَوْ رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ رَجُلاً رَأَيْتُمُوهُ حَسَناً جَمِيلاً يَسُرُّ النَّاظِرِينَ ؛ وَلَوْ رَأَيْتُمُ اللُؤْمَ رَأَيْتُمُوهُ سَمِجاً مُشَوَّهاً تَنَفَّرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَتَغُضُّ دُونَهُ الاْبْصَارُ ) .
وجاءات (لو) هنا لتعلق الرؤيا على الامكان الصعب بسبب القصور العقلي الذي يعاني الناس منه ، فالذي يرى الحسن الجميل ينجذب اليه ، والذي يرى السيء القبيح يتجنبه ويقرف منه ، والذي يعلم باحاطة الله به وبضعفه وقلة حيلته ، ويلتجا الى الله تعالى ، اقدر على ترك المعاصي من الجاهل المتهور ، وهاك صور من رؤيا المعصوم لعدم المعصية او للمعصية مع المستحيل:
رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِي عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أنه جَاءَهُ رَجُلٌ وَقَالَ : أَنَا رَجُلٌ عَاصٍ ، وَلاَ أَصْبِرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ ؛ فَعِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ !
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : افْعَلْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ؛ وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ !
فَأَوَّلُ ذَلِكَ : لاَ تَأْكُلْ رِزْقَ اللَهِ ؛ وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ !
وَالثَّانِي : اخْرُجْ مِنْ وِلاَيَةِ اللَهِ ؛ وَأَذْنِبْ مَاشِئْتَ !
وَالثَّالِثُ : اطْلُبْ مَوْضِعاً لاَ يَرَاكَ اللَهُ ؛ وَأَذْنِبْ مَاشِئْتَ !
وَالرَّابِـعُ : إذَا جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ ؛ وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ !
وَالْخَامِسُ : إِذَا أَدْخَلَكَ مَالِكٌ فِي النَّارِ فَلاَ تَدْخُلْ فِي النَّارِ ، وَأَذْنِبْ مَاشِئْتَ !) .
هكذا اذن ترسم قوة الوحي النهج الرافع للقصور في المعصوم.
فالوحي في ظاهره بالنسبة للبشر كلام الله وحكمته ، أو قوله أو تعاليمه ، وتفاصيل بيانات تخص سبل الإحسان ومنع القبح في خيارات أفعال الناس... كما يقول في ذلك سبحانه وتعالى:
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) .
فالمقصود هنا بكلام الله ، هو الكتب المنزلة ، وكذا في الآية التالية المقصود هو القران: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) .لكن السؤال هو: أن في بعض كلامه تعالى صيغة أمر للرسول(ص) ، فما موقع تلك الصيغة من قوله تعالى:
( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) .
مثال ذلك قوله لرسوله(ص):
( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) .
وقوله تعالى: ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) .
وقوله تعالى:
( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) . فنحن نعلم طبقا لقاعدة صيغة الأمر من لدن الله تعالى- كن فيكون - وأمر الله تعالى كلامه ، وكلامه فعله.
فهل هنا يفترض وطبقا لهذا؛ أن يكون الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، مجبرا على الدعوة ، ومجبرا على الاستقامة بأمر الله تعالى ، (ومن تاب معك) ، اي الذين معه مجبرين على عدم الطغيان ، ومجبرين على الإحسان ، فهو مجبر في عصمته لأمر الله تعالى وكذلك من تبعه؟
فهل هذا صحيح؟
او ان في معنى الوحي شيء اخر غير الامر؟
وردا على هذا نقول:
نعم هناك نسق كوني تجري به الافعال الكونية كلها الا الانسان فليس من الصواب الحكم بالجبر او بالتفويض في افعال الانسان على الإطلاق ذلك لان القول بالجبر يعدم الفضل للمخلوق ويتهم الخالق بالظلم ، فالمجبر لا يستحق الثواب ولا العقاب ، واذا حصل فالجابر ظالم – والعياذ بالله من هذا الحكم- فليس من العدل ان تجبر احدا على فعل ثم ترتب عليه جزاء سواء ثوابا لمحسن او عقابا لمسيء ، فانما انت الشريك بذلك الفعل ، ولذا فان القول بالجبر ينسب القبح الى الله فهو باطل.
وكذا الذي يقول بالاختيار والتفويض يعدم فضل الله تعالى في الفعل الحسن وفي الاحسان وفي دلالة الله عليه وفي كون الله تعالى اصل الحسن والجمال ومصدره.
لذا فالامام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إنه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه: قال: من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق الى حججه عليهم السلام فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك. فقلت له: يا بن رسول الله فما أمر بين أمرين ؟ فقال: وجود السبيل الى إتيان ما أمروا به وترك ما نهو عنه ، فقلت له: فهل لله عز وجل مشية وإرادة في ذلك ، فقال: فأما الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها الأمر بها والرضا لها والمعاونة عليها وإرادته ومشيته في المعاصي النهى عنها والسخط لها والخذلان عليها قلت: فهل لله فيها القضاء قال: نعم ما من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا ولله فيه قضاء قلت: ما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة .
طبقا لمجريات النسق الكوني ، فالمادة( الطين) تميزت بالقصور الذاتي ، ثم بالحياة تم رفع العجز الذاتي عن المادة - بما تميزت به الحياة من الحركة التلقائية- و صار معها الكائن الحي يتمتع بالأفعال الرافعة للقصور المادي الذاتي في كل سلوكه و مميزات حياته. ..وانتقالا لخلقة الانسان ، وبعد رفع العجز عن الحياة بالعقل ، حيث صار متحكما بمميزات الحياة في ذاتها ، عاقلا(رابطا) لحيوانيتها ، موجها لغرائزها ، بما جعل الإنسان قادرا على خيار فعله ، بإرادة الروح التي نفخها الله تعالى في خلقته ، فصار بذلك اقرب إلى كمال الخلقة الجعل( الخلافة) ، وصار بذلك مكلفا ومسئولا عن أفعاله ، محاسبا عليها.
ثم عندما يصطفي او يختار الله تعالى اسلم البشر فطرة ليرفده بالوحي روحا وقوة ويصير بذلك هذا الانسان المختار نبيا او رسولا؛ يكون مؤهلا ليقتدي الناس به كقدوة حسنة ، فهو حجة الله عليهم.
إذن بعد الإنسانية ، والانتقال الى النبوة؛ لا معنى على الاطلاق للعودة للقيد والجبرية والعجز والقصور الذاتي..لأنما الوحي رافع للجبرية وكل القصورات الاخرى في شخص الموحى اليه من البشر ، سريانا نحو الكمال.
وبعد أن يباشر الوحي خلقة النبي أو الرسول( الإنسان المختار من بين أفضل الناس في الميزات الإنسانية) ، والوحي قوة روح من امر الله تعالى ترتفع معه كل القصورات والعجز حتى عن ذات العقل فيكون اكثر حرية ويكون قادرا أكثر مع حريته لخيار فعله ، لان الوحي الذي تلقاه وداخل خلقته ، إنما صار نورا على نور ، لأنه من سنخ الروح التي ارتفع به العجز عن حيوانيته وصار قادرا على ضبط غرائزه ، فالوحي نور يرفد الروح التي هي أصلا نور في ذات الإنسان ، وهو إن كان أمرا من لدن المولى جل وعلا ، فإنما هو قوة إضافية ليس على العجز والقصور والقيد فالجبر ، بل عل الحرية والخيار الأكمل والأفضل.
فليتفت ذو الالباب الى خور عقول وخطل افكار من يقولون ان النبي صلى الله علي واله مجبر في فعل الخير ، والمعصوم مجبر على عدم الزلل ، انه غاية الصفاقة والغباء والعياذ بالله.
ان نكوص النبي أو الرسول إلى الجبرية ، وعدوله عن خيار الكمال أمر غير وارد عقلا على الاطلاق ، بل هو مستحيل ، فالجبرية؛ نتاج هبل وخطل وحمق في أذهان الجهال من مدعي العلم الذي ابتلي الاسلام والمسلمين بهم وبتصديهم للقيادة العلمية في الاسلام!
اذن فمع الوحي (النور على النور) تصير الأمور أوضح والقدرة على الفعل الحسن اكبر ، فالجاذبية للحسن تشتد ، والنفور من القبح واستهجانه تصير قوية ، لذا فالقدرة على تجنب القبح والظلم أيضا اكبر ، وقد اسلفنا القول: إنما ترتكب المعاصي المخلة والآثام الموبقات في متاهات الجهل والغفلة وغياب العقل العقيل ، وفي دياجير الظلمة و الضياع.. ولذا فالنبي معصوم باختياره الأعتصام عن قوة وعلم ووعي ودراية وترفع عن خمج الاثم ونتن الذنوب الموبقات ، فهو غاية انماط الكون باتجاه الكمال.
هذا اهم ما يجب ان يدرك في معنى الوحي الذي يتلقاه الرسل عليهم السلام ، فليكن معيارا ضابطا في التفسير وفي معجم موزون منشود نسعى اليه بحول الله تعالى.
6- الاشارات القرانية الى معاني اخرى من الوحي: وكذا هناك إشارة في القران إلى نوع من الوحي؛ قد يكون بمعنى؛ إيصال فكرة ما إلى المثيل المخاطب ( لتعارفهما بعرف حركي معين) وبوسيلة مضمرة ، فقد تكون مثلا؛ بهمز أو لمز أو حركة أو استعراض قوة أو ابراز ضعف أو تزيين بزخرف قول ، كما يصف الله تعالى قول الشياطين لبعضهم:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) .
وهناك الامر الملزم من الوحي اذا كان صادر من الله تعالى لغير الانسان ، لانه يحكي طبيعة المخلوق ، من امثال اقواله تعالى:
مثال الوحي الى النحل:
( واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون) .
وبصورة عامة؛ فالوحي كلام الله وهو فعله ، وفيه بيان أمره ، يرد في ثمانية أشكال للبيان ، وكأن لكل مجريات سنة كونية بيان هي:
1-البيان القدسي؛ وهو الوحي الذي يعرّف بصفات الله تعالى وأسمائه الحسنى ، وما يتعلق بذاته جل وعلا.
2-البيان التشريعي ، وهو الوحي الذي يحدد الحدود و يقيم الأحكام في الحلال والحرام ، والواجب في الفعل أو الواجب في منعه.
3-البيان العلمي؛وهو الوحي الذي يفسر الظواهر الطبيعية أو الحياتية أو العقلية ، أو يوعز لدراسة الظواهر مباشرة ، أو يتساءل عنها أو يقسم بها.
4-البيان الغيبي ، هو الوحي الذي يتكلم عن الحياة الأخرى ، يصف القيامة وأوقاتها و أحوالها ، ويتحدث عن الجنة والنار وأهلهما وما يجري فيهما...
5- البيان التاريخي ، هو الوحي الذي يسرد الوقائع التي جرت في قصص الصالحين والطالحين ، مقرونة بالعبرة وببيان السنن.
6- بيان اللطف ، يبرز في تعقيبات الوحي على الحادثات والعوادي ، وكيف تجري المقادير وفق علة واحدة هي الرحمة ، وتسري لغاية واحدة هي الكمال حيث الله تعالى الواحد القهار ، وكيف تتغير المقادير لهذه العلة الأم.
7 - بيان الرسالة ، بيانات الوحي عن حقيقة الخلافة الجعل(الإمامة) ، باعتبارها معنى الكمال في كل خلق من ذاته ومن صنفه.
8- بيان النسق لكوني؛ هو حديث الوحي في السنن الكونية وفي بناء المعرفة الصحيحة واستخلاص الأحكام الحق في المعرفة.
وقد تجد مختصات من الآي في هذه البيانات أو قد تجد أن آية واحدة تشتمل على كل هذه البيانات.
فالوحي بين الخالق ومخلوقاته في شطرين: (1) خطاب الخالق لمخلوقاته ، دون الإنسان ، هو خطاب تكويني ، فهو أمر ملزم لكل كائن مقصود بذلك الوحي ، لأنه يكون بمثابة ( كن فيكون) لكل الكائنات الموجه إليها الوحي.. مثال ذلك ايضا ، ما يوحيه جل وعلا للكون يوم القيامة في نهاية الدنيا:
( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا *وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) .
وكذا كانت السموات قائمة بالوحي؛ بعد ان قضاهن.. قال تعالى: ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) .
وهكذا في قصة نوح:
( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) . ومثله؛ يكون الوحي بمعنى الأمر كن فيكون قيدا لصدوره لكائن غير بشري( النار) كأن يقول تعالى:
( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) . فحسب قول المعصوم عليه السلام : لو ان الله تعالى قال للنار كوني بردا فقط دون ان يقول وسلاما لمات ابراهيم عليه السلام من البرد)( ).
أما الوحي إلى الإنسان، فهو روح من سنخ روح الإنسان ، التي بها منح الحرية وبها كان أكمل الخلق ، وبها رفع عن عقله القصور ، ولذا فان الوحي إذا باشر شخص الإنسان( النبي او الرسول او المحدث)؛ فلا يزيده إلا كمالا دون أن يقيده ، لان القيد نسخ لغاية الخلافة ، التي من اجلها خلق الإنسان ، وخلل بمعاني الكمال النبوي اللازم.
فروح الوحي تعانق سنخها المنفوخ قبلا؛ قال الله تعالى في سورة ؛ ص: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)) روح من امر الله تعالى نفخت في خلقة الإنسان فتزيده قوة لعقل( ربط) غرائز الداب والسيطرة عليها. وروح من امر الله توحى الى الانسان النبي او الرسول لتجرد العقل من قصوره ليرى الحق والحسن وليصوب خيارات فعله الى الكمال مباشرة لا يحتاج معها الى المحاولة. وفي الخطاب القرآني للرسول(ص)؛ نجد أن ما يمكن أن يكون جواب طلب وأمر؛ نجده نفيا؛ كقوله تعالى لنبيه موسى عليه السلام:
( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى) .
فقوله لا تخاف دركا ولا تخشى وكما هو مفروض يكون جواب طلب ، هكذا: (لا تخف ولا تخش) ، لكنه كان نفيا ، وهذه التفاتة قرانية دقيقة جدا ورائعة ليس لغير الموحي جل علاه ان يصدرها لمعنى الوحي على انه تثبيت لواقع يريده الله تعالى او نفي للواقع لا يريده الله تعالى ، وكما هو مطلوب ، يتيسر متجسدا بلطف الله ووحيه للكائنات الأخرى ، وليس جزما ملزما ، لموسى عليه السلام.
فلو قال الله لموسى لا تخف دركا ولا تخش ، لكان ذلك أمرا غير ملزم ، باعتباره انسان ، ولكنه بهذا القول صار واقعا ملزما للكائنات توفر فيه لموسى عليه السلام واتباعه الأمان.
فما يحصل لموسى هو أن يضرب البحر بالولاية التكوينية ، التي منحت له بموجب التكليف والامر والكمال الذي حازه موسى(ع) ، فإذا ضربه انفلق طودين وكان له بأذن الله طريقا يبسا يجوز هو أصحابه البحر ، فلا درك عليهم ثم لا خشية ، صورة رائعة للبيان الرباني لجانب اللطف الإلهي.
فالوحي اذن روح من امر الله تعالى تباشر نفس النبي ويرتفع به القصور عن عقل النبي ليكون بعدها نمط سادسا للكون يعني الكمال والغاية فيه..
ولذا فان الوحي بالنسبة للناس معرفة تبلغ مراتب الكمال فقط وفقط من خلال التاسي بالعقول التي تلبست الوحي وكانوا صورة صادقة للكمال الانساني..فمن اراد العلم وكنوز المعرفة فإن في الشريكين (الكتاب والعترة) الهاديين والعاصمين من الضلال ، ارادته ، وفي غيرهما الضلال هكذا شاء الله تعالى في الوحي المكتوب:
(ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون) .
فليس هناك سبيل كوني لارتفاع القصورات وللكمال غير الوحي وليس هناك وحي مكتوب ومحفوظ الا القران ، فالقران انفس شيء موجود في الوجود.
والذي يضيع القران لا خير في كل ما يجد من دونه ، والذي يجد القران يجد الخير كله ، ولذا فالذي يجد القران يتمتع بصدق معاني الحياة .
سئل الامام زين العابدين عن معنى المعصوم فقال عليه السلام:
( هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن ، لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والإمام يهدي إلى القرآن ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله عز وجل: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَم ((( ).
فالوحي محفوظ من قبل الله تعالى في القران تبيانا لكل شيء ، ومترجم من قبل المعصوم في سيرته اقوالا وافعالا وتقريرات ، فليس لمن يريد منا ان يبلغ الكمال الا ان يعتصم ويتمسك بالثقلين ويصدق باعتصامه وتمسكه.
اللهم اجعلنا مع الصادقين عليهم السلام
الهوامش والمصادر:
1 ) تهذيب اللغة : للازهري ؛ (ج: 2/ ص: 213 -214).
2 ) إبراهيم- 13
3 ) جاء في معنى الوحي الوحي في تفسير الميزان – العلامة الطباطبائي : ج 12 ص 292 :
(الوحي كما قال الراغب الإشارة السريعة ، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز ، أو بصوت مجرد عن التركيب ، أو بإشارة ونحوها , والمحصل من موارد استعماله؛ انه إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قصد إفهامه , فالإلهام بإلقاء المعنى في فهم الحيوان من طريق الغريزة من الوحي ، وكذا ورود المعنى في النفس من طريق الرؤيا ، أو من طريق الوسوسة أو بالإشارة كل ذلك من الوحي, وقد استعمل في كلامه تعالى في كل من هذه المعاني كقوله " و أوحى ربك إلى النحل " الآية وقوله : " و أوحينا إلى أم موسى " القصص : 7 وقوله : " إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم " الأنعام : 121 وقوله : " فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " مريم : 11 ومن الوحي التكليم الإلهي لأنبيائه ورسله قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا " الشورى : 51 وقد قرر الأدب الديني في الإسلام أن لا يطلق الوحي على غير ما عند الأنبياء والرسل من التكليم الإلهي)
4 ) الدر المنثور: ج3 ، ص 311. ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي : ج 58/ 191 ،
5 ) الشورى – 51.
6 ) طه:38 .
7 ) القصص:7.
8 ) يوسف:15.
9 ) الأنفال:12.
10 ) الشورى- 52.
11 ) النحل – 89.
12 ) الأعراف -- 172.
13 ) المزمل- -5.
14 ) القيامة- 16- 17.
15 ) النور – 35.
16 ) الأنعام - 90.
17 ) الشورى- 52.
18 ) نهج البلاغة:ج4:ص:53
19) السداد: الورع: إن ورع الولاة وعفتهم يعين الخليفة على إصلاح شؤون
20 ) نهج البلاغة: ج:3:ص:70
21) نقلها المرحوم الحاج النوريّ قدّس سرّه في «مستدرك الوسائل» ج 2 ، ص 394 ، الرقم 18 ، باب استحباب المعروف وكراهة تركه ، من كتاب الامر بالمعروف ، من عبارة: واعلَموا أنّ المعروف إلي هذا الموضع ، وهو نقل عن «بحار الانوار» عن «أعلام الدين» للديلميّ ، وزاد فيها في موضعين : أوّلهما بعد يَسُرُّ النّاظِرين ، حيث زاد عبارة ويَفُوقُ العالَمين ؛ وثانيهما بعد كلمة سَمِجاً ، حيث زاد كلمة قَبيحاً .
22 ) رواه المجلسي قدس سره في «بحار الانوار» الطبعة الحروفيّة ، المكتبة الإسلاميّة ، ج 78 ، ص 126 عن «جامع الاخبار» ؛ أمّا في «جامع الاخبار» الفصل 89 ، ص 152 طبع مصطفوي ، فقد روي هذه الرواية عن علي ابن الحسين عليهما السلام .
23) البقرة – 75.
24) التوبة – 6.
25) النحل – 40.
26) النحل- 125.
27) هود – 121.
28) القصص – 77.
29) عيون الاخبار: 1 - 124.
30) الأنعام – 112.
31) النحل – 69.
32) الزلزلة.
33) فصلت – 12.
34) هود -44.
35) الأنبياء – 69.
36) ورد في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي قدس الله تعالى نفسه في تفسير هذه الاية: نقلا عن الدر المنثور ، أخرج الفاريابي و ابن أبي شيبة و ابن جرير عن علي بن أبي طالب: في قوله: «قلنا يا نار كوني بردا» قال: بردت عليه حتى كادت تؤذيه حتى قيل: و سلاما قال: لا تؤذيه.
37) طه – 77.
38) الأعراف – 52.
39) الصدوق؛ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (معاني الأخبار) تحقيق علي أكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الإسلامي- قم ، ط1 (1361 هـ). ص-132.