تبدأ الحكاية من انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان ودحر العدو الصهيوني والمحتل الغاصب عام 2000, وما يشكل هذا الحدث العظيم من صدمة نوعية لإسرائيل ومن يحدو حدوها، وفخر وعز لا مثيل لهما ليس فقط للبنان وشعبه، بل للأمة العربية والإسلامية جمعاء.
بدأت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله، وإن كان وقف إطلاق النار معلق في ظاهره، وشرعنا في مرحلة جديدة من التحضر والتجهز لأي معركة قابلة للحصول في اي وقت، حيث لا يمكن لأي عاقل متابع ومراقب ان يقبل بفكرة ان إسرائيل اندحرت من ارضنا وانتهى الامر، فلا بد من اعادة نهوض وتربص أبسط فرصة ممكنة لإعادة الإنقضاض.
وها هو تموز 2006، وعملية الاختطاف النوعية التي قام بها مجاهدو المقاومة وأسفرت عن أسر جنديين إسرائيليين، واتخذها العدو ذريعة لشن حرب شعواء لا تعرف الرحمة على لبنان وشعبه، بمؤازرة من آزره من المجتمع الدولي، وكأنه لا يوجد آلاف الفلسطينيين الذين يُؤسَرون وبشكل مستمر من سلطات الاحتلال، ولا ناصر لهم ولا معين. ولا اعتقد اننا نبالغ اذا قلنا ان الدمار الذي احدثته الحرب علينا قد يعادل ما تحدثه قنبلة نووية. ومع ذلك صمدت القلة القليلة صاحبة المبدأ المحق والعقيدة الراسخة وألحقت بالعدو الغاشم هزيمة نكراء ستبقى وصمة عار على جبينه الى حين زواله من الوجود.
كما أن السيد نصر الله أكد -في إحدى إطلالاته خلال الحرب- أن الانتصار سيكون لكل لبنان بكل أطيافه ومناطقه وطوائفه وتياراته ومؤسساته الرسمية والشعبية، وسيكون لكل عربي ومسلم ومسيحي شريف في هذا العالم وقف ضد العدوان ودافع عن لبنان.
وهذا العام 2008 يقبل علينا زافاًّ شهيدنا القائد الحاج عماد مغنية (رضوان) من ارض الشام، بعد ان تم استهدافه بغارة إسرائيلية، ليرتقي الشهيد المبارك الى جوار ربه مُنهِياً مسيرة حافلة من الجهاد والمقاومة حتى استحق بجدارة لقب \قائد الانتصارين\.
ومن ثم تصل النوبة الى 5 ايار 2008، والقراران الصادران من قبل الحكومة بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير، الأمر الذي اعتبرته المعارضة تجاوزا للبيان الوزاري الذي يدعم المقاومة، والتي أدت الى أحداث 7 ايار المشهورة عندنا في لبنان حيث أُجبِرَ حزب الله للدفاع عن نفسه وعن وجوده من الايادي الداخلية التي تحاول استئصاله والنيل من عزيمته وتطويقه وتقييضه بشتى الطرق المتاحة، ولسنا في صدد بيان أهمية قطاع الاتصالات في خضم المواجهة المستمرة مع العدو، وما يعتريه من تجسسات وقرصنات استخبارية خصوصا في معارك كالتي نخوضها مع الكيان المحتل.
وهذه المحكمة الدولية تدخل على الخط، بكل ما عليها من ملابسات ونقاط استفهام حول مسلكيتها وطريقة عملها وفق تفاصيل سبق وفصلها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، لِتتهم اربع كوادر من حزب الله بقضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.
فشل ما فشل من المحاولات من هنا وهناك، مع تعاظم قوة حزب الله بشكل تصاعدي ومقلق للعدو، فتم اللجوء الى الوحش الفتاك المتمثل بداعش والنصرة وأخواتهما، مستغلين حالة ما يسمى بالربيع العربي لكي يدخلوا من نافذته ويدلوا دَلْوَهُم المغلف بشعارات تحاكي ما قيل في ثورات الشعوب العربية، الا ان باطنه حكاية اخرى عنوانها القضاء على محور المقاومة وحماية امن إسرائيل.
انقلب السحر على الساحر، أدرك حزب الله ما يُحاك في ماورائيات الازمة السورية، ودخل معتركاتها كخطوة استباقية للدقاع عن وجوده، وكما نقول بتعبيرنا اللبناني \نتغذاهم قبل ان يتعشونا\, وأدحض بمشاركة الحلفاء المشروع الاستئصالي القادم من خلف المحيطات، والكل رأى انعكاسات الفكر التكفيري لهؤلاء الجماعات على بلاد الغرب، وأثبتت الوقائع والاحداث صوابية خيار الحزب في مواجهتها .
مخطط آخر يذهب ادراج الرياح، ليركب المشروع المركب الخليجي بقيادة قبطانه السعودي، ويصنف الحزب منظمة إرهابية ويسدل الشراع الاسود حاجباً قناة المنار - وجه الحزب الإعلامي- من البث عبر العرب والنايل سات.
ودائما في إطار سياسة حصار الحزب بشتى السبل المتاحة، للإطاحة به وبمنهجه المقاوم والممانع لقوى الإستكبار، نرى الضغط الاميركي على القطاع المصرفي في لبنان للتضييق عليه والتابعين له، لشل حركته ووَأْدِ إمكانياته وصولا الى انكساره وهزيمته.
وبعد مرور الذكرى السادسة عشرة لانتصار المقاومة على المحتل ودحره من الاراضي اللبنانية في 25 ايار 2000, نقول لكل ماكر يتربص بنا سوءا وشرا، من المجتمع الدولي بهيكلياته المختلفة الى القوى الداخلية، المتآمرة منها، مروراً بإقليمنا العربي، المتخاذل منه، إن المقاومة الاسلامية في لبنان ستبقى الحامي لأراضيه، والضامنة لاستقلاله، والصائنة لكرامته، وستستمر بنصر القضية الفلسطينية المحقة، وتدعم شعبها المضطهد والمظلوم، وبقية شعوب أمتنا الحبيبة، من يَمَنِها الى بَحْرَيْنِها وعراقها وسعودها المُضْطَهَد وكل من يعانون الظلم والاستبداد والقهر من حكامهم ومن يدعمهم، ولن تغير سياساتكم الضغطوية التي تعولون على نتائجها من واقع الامر في شيء، بل ستذهب هباء منثورا وتنعكس عليكم ذلا وعارا، وستزيد من عزيمتنا وتحفز هممنا وتشد أواصرنا وتكسونا وسام العزة والنصر والشرف، \ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون\ .