فــــــدك: حزمة نور من فاطمة صلوات الله عليها على واقع الامة

3949 2016-03-30

فدك ؛ وان كانت هي جنة او بستان او قرية زراعية ؛ وما اكثر البساتين في الدنيا ، الا انها في حقيقتها ليس الا حزمة نور اطلقتها فاطمة صلوات الله عليها في وقتها لتبقى خالدة في التاريخ تبين للمسلمين ان الاسلام انحرف عن مساره في السقيفة وبعد موت الرسول صلى الله عليه واله مباشرة ، وان الخليفة ليس الا منتحلا لصفة هو غير مؤهل لها ، ولا مندوب لحملها والا، فليس لفاطمة التي اثبتت سيرتها انها تقدم كل ما تملكه صدقة لوجه الله ، يؤيدها الله تعالى في كتابه العزيز (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )( 1)، فضلا  ان تعترض (عليها السلام) على صدقة قدمها ابوها نبي الرحمة للمسلمين!! ثم كيف يمكن ان  تدعي فاطمة المعصومة( صلوات الله عليها) ما ليس لها؟!

ومن كواشف حزمة النور المرسلة من فدك عن طريق فاطمة نتبين ؛ ان الامامة سنة كونية مهيمنة مستطيلة حاكمة نافذة ، فهي احدى قوائم العرش العظيم في المخلوقات، حزمة حاسمة في خيارت فعل النسق الكوني ، والإمام الحق المكلف من قبل الله تعالى كحجة على الناس، هو مصداق لتلك الهيمنة والاستطالة والحاكمية، واي فعل للمخلوق لا يخرج عن تلك الاستطالة او تلك الحاكمية، ومما يؤكد استطالة الامام الحق والشواهد عليها في واقع الناس هي قضية فدك.

فما هي فدك ؟ وكيف برزت في التاريخ ؟ وكيف صارت هذه القضية بوصلة توجه الضالين ؟ وما اهميتها كضابط  في صحة الدين؟ وكيف صارت فدك من كواشف الحق لطالبيه وللذين ينشدونه؟

فدك بستان كبير كقرية  ممتازة بخيار الشجر والثمر حوالي المدينة المنورة ، نحلها الله تعالى لفاطمة الزهراء عليها السلام، فهي تملكها سواء بالنحلة او بالارث عن ابيها، او بوضع اليد عليها وادارتها.

وخارجا على السنن الكونية ومنها الامامة  ، فكر الناكثون للإمامة بالانقلاب على الرسالة والاستيلاء على خلافة الرسول صلى الله عليه واله ؛ وهم يعلمون جيدا ان عليا عليه السلام سكون الخصم الاكيد لنكثهم ولمشروعهم الانقلابي ، فقرروا ان يجردوه  من كل مصادر المال التي قد توفر له القوة ةالاتباع ومنها فدكا، ولذا فقد بادروا مباشرة وبدون اي فاصل زمني بعد الاستلاء على سلطة الخلافة بسحب فدك من يد فاطمة صلوات الله عليها.

وبسبب استطالة سنة الامامة وحاكميتها صار هذا الفعل سلاحا وضعه الانقلابيون بيد الامامة،  فنشطت به فاطمة صلوات الله عليها ، لأنه مما تبرز به استطالة الامامة وهيمنتها.

 فاهل البيت عليهم السلام – وكما يعلم الجميع - ممن يعطون ما يملكون ويبيتون طاوين جوعا ، وكانوا دوما ممن يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ، والقران يشهد بذلك في سورة الدهر ومطالبتهم بفدك لا تعني حبهم للتملك والحيازة بل كان كشفا لزيف الانقلابيين وانحرافهم عن الاسلام.

ومما يؤكد وظيفة فدك هذه هو أن عليا حين استلم الخلافة لم يعيد فدك الى نفسه وولده، لان فدك قد ادت رسالتها في فضح الادعياء المتخلفين النكاكثين واعادتها يجعل منها غاية وهي في الحقيقة ليست كذلك ولذا نره عليه السلام يقول:

: (( بلى كانت في أيدينا فدك ، من كلّ ما أظلّته السّماء ، فشحّت عليها نفوس قوم ( أي الخليفة الاول و الثاني ) و سخت عنها ( أي زهدت بها ) نفوس قوم اخرين ، و نعم الحكم اللّه . و ما أصنع بفدك ، و غير فدك و النّفس مضانّها في غد جدث ( أي قبر ) تنقطع في ظلمته آثارها ، و تغيب أخبارها ، و حفرة لو زيد في فسحتها ، و أوسعت يدا حافرها ، لأضغطها الحجر و المدر ، و سدّ فرجها التّراب المتراكم . و إنّما هي نفسي أروضها بالتّقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، و تثبت على جوانب المزلق ( كناية عن الصراط ) . و لو شئت لاهتديت الطّريق إلى مصفّى هذا العسل ، و لباب هذا القمح ، و نسائج هذا القزّ . و لكن هيهات أن يغلبني هواي..الحديث))( 2).

بمعنى ان المطالبة بفدك لم تكن ملكية طلبا للرفاه والترف كما عند الاخرين فلأهل بين النبوة الامامة شغل اخر هو ؛ لتأتي انفسهم آمنة يوم الخوف الأكبر ، و تثبت على جوانب المزلق، ائمة يقدمون قومهم الى جنات الله ورضوانه.

 ان فاطمة جعلت من فدك درسا تاريخيا خالدا في معاني الامامة الحق والعصمة وصقات الكمال من اهل البيت عليهم السلام مثلما تقدم مثالا للخسة والنذالة وبيع الاخرة بالدنيا والتهالك على مناصب زائلة ومصالح تافهة.

وفي نور فدك بينت الزهراء من خلال مطالبتها بها الحقائق المهيمنة الحاكمة التالية التي انحرف عنها الانقلابيون لتبقى تلك الحقائق بوصلة للراغبين في الاهتداء والاقتداء والوصل الى رضا الله تعالى في دينه. وهذه الحقائق هي:

1- اظهرت الزهراء من خلال مطالبتها بفدك والمحاكمات التي اقحمت المغتصبين فيها انهم جهلة بالقران ، ولا يعلمون اصول التقاضي ، فلجأوا للكذب على الله ورسوله، بحديث وضعوه ( انا معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة )( 3) واصروا عليه ثم بينت  عجزهم عن ادارة الخلافة فهم طارئون عليها. 

ثم ان فاطمة صلوات الله عليها مطهرة بنص الكتاب كيف يسوغ ان يكذبها خليفة ابيها ، ويطلب منها شهودا والمفروض ان يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة؟!.

ثم فدك نحلة لفاطمة كما شهدت ام ايمن فكيف يحولها الى ارث ويأتي بحديث مزور ينفرد به:  انا معاشر الانبياء لا نورث ؟.

2- بينت الزهراء صلوات الله عليها من خلال مطالبتها بفدك ؛ ان الانقلابيين غير مرضيين عند الله ومغضوب باعتبار ان اباها صلى الله عليه واله جعلها معيارا لقبول الله ورضاه او  عدم قبوله وسخطه بنصوص كثيرة كانوا هم شهودا على صحة صدورها عن ابيها صلى الله عليه واله ، ومن خلال محاجتها صلوات الله عليها مع الانقلابيين استشهدتهم سلام الله عليها على تلك النصوص النبوية فاعترفوا بصحتها وهي لازالت تعتمر بها كتبهم حيث ماتت فاطمة وهي عليهما واجدة. وكل كتب صحاحهم تقول عن رسول الله صلى الله عليه واله : ( ان الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها)( 4).

خلاصة موقف:

كان على (عليه السلام) يصلي في المسجد الصلوات الخمس، فلما صلى قال له أبو بكر وعمر: كيف بنت رسول الله... إلى أن ثقلت فسألا عنها وقالا: قد كان بيننا وبينها ما قد علمت، فان رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا، قال: ذلك إليكما. فقاما فجلسا بالباب ( 5) ودخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) فقال لها: أيتها الحرة ! فلان وفلان بالباب، يريد ان أن يسلما عليك فما ترين ؟ قالت: البيت بيتك، والحرة زوجتك، افعل ما تشاء، فقال: سدي قناعك فسدت قناعها، و حولت وجهها إلى الحائط، فدخلا وسلما، وقالا ارضي عنا رضي الله عنك، فقالت ما دعاكما إلى هذا ؟ فقالا اعترفنا بالاساءة، ورجونا أن تعفي عنا [وتخرجي سخيمتك] فقالت: إن كنتما صادقين فأخبرانى عما أسئلكما عنه فاني لا أسئلكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فان صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما، قالا: سلى عما بدا لك، قالت نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني قالا: نعم، فرفعت يدها إلى السماء فقالت اللهم إنهما قد آذياني فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما قال : فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور ، وجزع جزعا شديدا ، فقال عمر : تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة ؟ ( 6).

3- بينت الزهراء صلوات الله عليها انحراف الرسالة عن امتدادها الحق في الامامة المعصومة من خلال مطالبتها بفدك : فان الانقلابيين كانوا كاذبين في دعواهم حتى على فرض ان الرسول اوصى خلاف القران (بان الانبياء لايورثون) وهو مستحيل لكن فرض المحال ليس بمحال : لان فدك ليس ارثا بل هي نحلة خالصة من النبي لابنته الزهراء نحلها لها في حياته ، ولو كان ذلك على فرض انها دعوى  صادقة عن قول الرسول الاكرم صلى الله عليه واله: ( ان ما تركناه صدقة).  نتساءل لماذا  اقطعت تلك الصدقة  من قبل عثمان بن عفان ملكا خاصا لمروان بن الحكم الوزغ بن الوزغ طريد رسول الله. بعد موت عمر. فان قلتم انه خطا عثمان فمن الذي نهج له هذا النهج ومن تسبب به؟ اذن فالمتتبع للحقيقة وسيرة الانقلابيين يجد ان الاسلام قد انحرف وتاهل للانحراف التام عن الرسالة بقدوم الانقلابيين الى سدة الخلافة ولفدك حزمة ضوء قوية في بيان هذه الحقيقة.

4-  ولان النهج الذي نهجه الاول والثاني من المتخلفين  خاطئ كما اعلنته فاطمة من خلال دعواها بفدك  وجدنا ان هناك من الامويين وهم الد اعداء ال محمد من اعتبر اغتصاب فدك ظلامة فاعاد فدك لولد فاطمة باعتبارها نحلة لفاطمة ، وهو الاموي عمر بن عبد العزيز( 7). 

وهكذا صارت فدك بوصلة للحق على مر التاريخ تعلن ان المتخلفين كلهم خارج معاني فدك التي اعلنتها الزهراء المعصومة لتبين ان الاوصياء على الدين مغتصبون منتحلون كذابون ظالمون لا قاعدة فقهية تلزمهم ولا نص نبوي يرغمهم يتصرفون وكانهم ملوك يتصرفون بما يملكون: 

فقد جاء في مستدرك سفينة البحار :

(( .. انتزعها منهم بعد عمر بن عبد العزيز يزيد بن عبد الملك، ثمّ دفعها السفّاح إلى الحسن بن الحسن المجتبى (عليه السلام)، ثمّ أخذها المنصور، ثمّ أعادها المهدي، ثمّ قبضها الهادي، ثمّ ردّها المأمون. قال دعبل الخزاعي:

أصبح وجه الزمان قد ضحكاً  ***  بردّ مأمون هاشماً فدكاً

وحكي أنّ المعتصم والواثق قالا: كان المأمون أعلم منّا به فنحن نمضي على ما مضى هو عليه، فلمّا ولّى المتوكّل قبضها وأقطعها حرملة الحجّام، وأقطعها بعده لفلان النازيار من أهل طبرستان، وردّها المعتضد والمنتصر  وحازها المكتفي، وقيل: إنّ المقتدر ردّها عليهم( 8))( 9).

وقد جاء في الشافي:  عن هشام بن زياد مولى آل عثمان قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة (2) فرد فدك على ولد فاطمة عليها السلام، وكتب إلى واليه على المدينة: أبي بكر بن عمرو بن حزم  يأمره بذلك، فكتب إليه: ان فاطمة (ع) قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وآل فلان، فكتب إليه: أما بعد، فإني لو كتبت إليك آمرك أن تذبح شاة لسألتني جماء أو قرناء ؟، أو كتبت إليك أن تذبح بقرة لسألتني ما لونها ؟ فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها بين ولد فاطمة عليها السلام من علي (عليه السلام ). قال أبو المقدام: فنقمت بنو أمية ذلك على عمر بن عبد العزيز وعاتبوه فيه، وقالوا له: قبحت فعل الشيخين، وخرج إليه عمرو بن عبيس ( 10) في جماعة من أهل الكوفة، فلما عاتبوه على فعله قال: إنكم جهلتم وعلمت، ونسيتم وذكرت، ان أبا بكر محمد  بن عمرو بن حزم( 11) حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فاطمة بضعة مني يسخطني ما يسخطها ويرضيني ما يرضيها، وإن فدك كانت صافية في عهد أبي بكر وعمر، ثم صار أمرها إلى مراون، فوهبها لابي عبد العزيز فورثتها أنا وإخوتي  فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها، ومنهممن باعني ومنهم من وهب لي حتى استجمعتها، فرأيت أن أردها على ولد فاطمة (عليها السلام). فقالوا: إن أبيت إلا هذا فامسك الاصل واقسم الغلة، ففعل. ( 12)

مما يدلل على ان المتخلفين الاولين كانا كاذبين في دعاواهم ان فدكا ليس من حق فاطمة عليها السلام . وان رد فدك يقبح الشيخين او يهجنهم.. ومن الخلفاء العباسين ايضا من فعل ذلك وهو المأمون فأعاد فدك الى اولاد فاطمة صلوات الله عليها..

فدك في النصوص:

 (( في كتاب الاحتجاج للطبرسى ( ره ) عن على بن الحسين عليه السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين : اما قرأت هذه الآية : " وآت ذا القربى حقه " ؟ قال : نعم ، قال عليه السلام : فنحن اولئك الذين أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه واله أن يؤتيهم حقهم . 

وفي مجمع البيان : عن أبى سعيد الخدرى قال : لما نزلت : قوله : " وآت ذا القرى حقه " أعطى رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة فدك ، قال عبد الرحمن بن صالح : كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى ( 13) يسأله عن قصة فدك ، فكتب اليه عبيد الله بهذا الحديث ، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية ، فرد المأمون فدك على ولد فاطمة .

وفي تفسير العياشى عن عبد الرحمن عن أبى عبد الله عليه السلام قال : لما أنزل الله : " فآت ذا القربى حقه والمسكين " قال رسول الله صلى الله عليه واله : يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذو القربى ؟ قال : هم أقاربك ، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة ، فقال : ان ربى أمرنى ان أعطيكم مما افاء الله على ، قال : اعطيتكم فدك. 

وعن ابان بن تغلب قال : قلت لأبى عبد الله عليه السلام : أكان رسول الله صلى الله عليه واله اعطى فاطمة فدكا ؟ قال : كان وقفها ، فأنزل الله " وآت ذا القربى حقه " فأعطاها رسول الله صلى الله عليه واله حقها ، قلت : رسول الله صلى الله عليه واله أعطاها ؟ قال : بل الله أعطاها .

عن جميل بن دراج عن أبى عبد الله عليه السلام قال : أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك ، قال : هاتى أسود أو أحمر يشهد بذلك ، قال : فأتت ام ايمن فقال لها : بم تشهدين ؟ قالت : أشهد ان جبرئيل أتى محمدا فقال : ان الله يقول : " فآت ذا القربى حقه " فلم يدر محمد صلى الله عليه واله من هم ، فقال : يا جبرئيل سل ربك من هم ؟ فقال : فاطمة ذو القربى فأعطاها فدكا ، فزعموا ان عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبوبكر))( 14) .

في تفسير مجمع البيان:

 ((عن أبي سعيد الخدري قال لما نزل قوله « و آت ذا القربى حقه » أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة فدكا قال عبد الرحمن بن صالح كتب المأمون إلى عبد الله بن موسى يسأله عن قصة فدك فكتب إليه عبد الله بهذا الحديث رواه الفضيل بن مرزوق عن عطية فرد المأمون فدكا إلى ولد فاطمة (عليهاالسلام)( 15)

وفي التفسير الصافي :

((وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل)؛ قيل في تفسير العامة وصى سبحانه بغير الوالدين من القرابات والمساكين وأبناء السبيل بأن تؤتى حقوقهم بعد أن وصى بهما وقيل فيه أن المراد بذي القربى قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والقمي يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزلت في فاطمة عليها السلام فجعل لها فدك والمسكين من ولد فاطمة وأبن السبيل من آل محمد صلوات الله عليهم وولد فاطمة عليها السلام وأورد في سورة الروم قصة فدك مفصلة في تفسير نظير هذه الاية. وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث له مع المهدي إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فدك وما وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وآت ذا القربى حقه ولم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هم فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك الحديث. وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث له مع المأمون والاية الخامسة قول الله تعالى وآت ذا القربى حقه خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الامة فلما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ادعوا لي فاطمة عليها السلام فدعيت له فقال يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك. والعياشي عن الصادق عليه السلام لما أنزل الله وآت ذا القربى حقه والمسكين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا جبرئيل قد عرفت المسكين من ذو القربى قال هم أقاربك فدعا حسنا وحسينا وفاطمة عليهم السلام فقال إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء الله علي قال اعطيكم فدك مع أخبار أخر في هذا المعنى. وفي الأحتجاج عن السجاد عليه السلام إنه قال لبعض الشاميين أما قرأت هذه الاية وآت ذا القربى حقه قال نعم قال فنحن أولئك الذين أمر الله نبيه أن يؤتيهم حقهم. وفي المجمع عنه عليه السلام برواية العامة ما في معناه. وعن أبي سعيد الخدري أنه لما نزلت هذه الاية أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام فدك. وبالجملة الأخبار في هذا المعنى مستفيضة))( 16). 

 (( وقد ذكر ابن أبي الحديد قصّة فدك بصورة مفصّلة في شرح نهج البلاغة( 17)، كما ذكرت كذلك في كتب اُخرى كثيرة. إلاّ أنّ بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعتقد أنّ وجود (فدك) بيد زوجة الإمام علي (عليه السلام) تمثّل قدرة إقتصادية يمكن أن تستخدم في مجال التحرّك السياسي الخاصّ بالإمام علي (عليه السلام). ومن جهة اُخرى كان هنالك موقف وتصميم على تحجيم حركة الإمام (عليه السلام) وأصحابه في المجالات المختلفة، لذا تمّت مصادرة تلك الأرض بذريعة الحديث الموضوع: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث). مع أنّ (فدك) كانت بيد فاطمة (عليها السلام)، وذو اليد لا يطالب بشهادة أو بيّنة. والجدير بالذكر أنّ الإمام علي (عليه السلام) قد أقام الشهادة على أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد منح فدكاً إلى فاطمة. إلاّ أنّهم مع كلّ هذا لم يرتّبوا أثراً على هذه الشهادة. والجدير بالملاحظة أنّه روى مسلم في صحيحه قال: (حدّثني محمّد بن رافع، أخبرنا حُجين، حدّثنا ليث بن عقيل، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة، أنّها أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول أرسلت إلى أبي بكر الصدّيق تسأله ميراثها من رسول الله ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إنّ رسول الله قال: «لا نورّث ما تركناه صدقة إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال» وانّي والله لا اُغيّر شيئاً من صدقة رسول الله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله ... فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك. قال: فهجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت)( 18))( 19).

____________________

هوامش البحث: 

1   ) الانسان – 8-9.

    2) نهج البلاغة: الكتاب 45؛ ربيع الأبرار: 2/719 نحوه وفيه إلى «وتلهو عمّا يراد بها» وراجع المناقب لابن شهرآشوب: 2/101.تصنيف نهج البلاغة : ج2: ص:(240)

    3) جاء في الموطأ - رواية محمد بن الحسن (3/  103) باب النبي صلى الله عليه و سلم هل يورث ؟  أخبرنا مالك أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تقسم  ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة .. ولم تخرجه حتى صحاحهم الا ان: أخرج الطبراني والنسائي في السنن الكبرى بإسناد على شرط مسلم مرفوعا : إنا معاشر الأنبياء لا نورث وهو ضد القران وما نزل فيه من توراث الانبياء. والتساؤل والارتباك ابسط علامات وضع الحديث.

4    ) صحيح البخاري 1 / 532، ينابيع المودة ص 171، المناقب لابن المغازلى ص 351، المستدرك للحاكم 3 / 153، اسد الغابة 5 / 522، كنز العمال 12 / 111.

  5  ) روى قصة استيذانهما على فاطمة وما جرى بعدها ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 20 ، والجاحظ في اعلام النساء 3 / 1214. (2) الحديث مقطوع به راجع صحيح البخاري فضائل الصحابة الباب 12 و 16 و 29 كتاب النكاح 109، صحيح مسلم فضائل الصحابة الحديث 93، 94، سنن ابى داود كتاب النكاح 12 سنن الترمذي كتاب المناقب 60، سنن ابن ماجة كتاب النكاح الباب 56 مسند الامام ابن حنبل 4 / 5 و 328 و 326 و 323 سنن السجستاني 1 /324 خصائص النسائي 35، مستدرك الحاكم 3 / 154 و 158 و 159، حلية الاولياء 2 / 40سنن البيهقى 7 / 307، مشكاة المصابيح 560، شرح النهج الحديدي 2 / 438، مجمع الزوائد.

   6 ) نفس المصادر السابقة.

   7 ) الغارات - ابراهيم بن محمد الثقفي (1/  31): وفي كشف الغمة: 1/ 494 - 496.: أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف قال: يا أيها الناس ! إني قد رددت عليكم مظالمكم، وأول ما أرد منها ما كان في يدي، قد رددت فدك على ولد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وولد علي بن أبي طالب (ع) فكان أول من ردها.

   8 ) تتمّة المنتهى ص 293 و294 .

   9 ) مستدرك سفينة البحار (153/  1)

    10) في المصدر: عمرو بن عبس، والظاهر: عمر بن قيس كما في نسخة من المصدر. انظر: لسان

الميزان 4 / 374.

    11) والصحيح: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كما في الجرح والتعديل للرازي: 9 / 227.

   12 ) الشافي في الامامة 4 / 102 - 104.

    13) هو عبيد الله بن موسى العبسى من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من الهجرة النبوية .

    14) تفسير نور الثقلين (5/  169 -171)، 

    15) تفسير مجمع البيان - الطبرسي (6/  217)

   16 ) التفسير الصافي (4/  193-194).

   17 ) شرح ابن أبي الحديد، ج16، ص209 وما بعدها.

   18 ) صحيح مسلم، ج3 ص1380، حديث52 عن كتاب الجهاد. صحيح ابن حبان (20/  165)، مسند الشاميين للطبراني (8/  482)، مشكل الآثار للطحاوي (1/  148)، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (ص: 553)، المسند الجامع (9/  228)، صحيح البخارى (14/  135)، وايضا صحيح البخاري (4/  1549)، مسند الصحابة في الكتب التسعة (39/  153)، مسند الصحابة في الكتب التسعة (39/  156)، صحيح مسلم (3/  1380)، صحيح مسلم (5/  153)، محتصر صحيح المسلم (1/  485)

   19) تفسير الأمثل لمكارم الشيرازي / ج: 18 / ص: 185- 186

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك