الشهداء.. ملاحم المقاومة وامتداد الرجولة


أنطوان شاربنتيي

 

تعددت ظروف الاستشهاد في أيامنا، فمنذ الحرب العالمية الثانية، لن ترى بلادنا السلام، بل الحروب، و الدماء والتفتت، كما إن عدد شهداء بلادنا زاد عدد نجوم السماء، و مازالت قافلة الشهداء مستمرة، لان شياطين هذا العالم مازالوا متربصين في ارضنا، ينهبون خيراتنا، و يقتلون شعبنا. 

تعدد أيضاً في أيامنا تحديد مبدأ الشهادة، فكل فريق يرى في موتاه شهداء، لكن ما هو العامل الذي يمنح الشهادة الى شخص و ليس الى آخر، خصوصا في ظل الحروب الدائرة في منطقتنا، ليس كل من مات في حرب ما يعتبر شهيد و لو أن هناك من يعطيه هذه الصفة، و حتى أن توفي بسبيل الله كما يفتخر البعض، فالموت بسبيل الله اصبح شيء معتاد عليه، مسيس لدرجة الانعدام من رؤية الله في عالمنا، فالإرهابي، يقتل، و من ثم يموت في سبيل الله، و في سبيل قضيته، كما المقاوم يموت ايضا في سبيل الله و في سبيل قضيته. 

من جهة عامل العنف، الحدثين يتشابهان، لكن الذي يفرقهم هو النتيجة، الاول يقتل الأبرياء، من رجال، اطفال و نساء، يعتدي على الحجر و البشر، يشتت شعوب بكاملها، يدمر بلدان برمتها، يحور الدين بسبيل شهوته الشخصية، و يموت في نهاية المطاف، بالتالي كل المبادئ الإنسانية، والحقوقية، والشرائع العالمية والسماوية تقاضي هذا النوع من التصرفات، ناهيك عن العملاء، و المرتشون و الفاسدين و الذئاب المتخفية بثياب النعاج. 

اما بالنسبة إلى المقاوم، فهو من طلبة السلام و الحضارة، الذي أُجبرَ على صد عنف الغازين و الارهابيين، لكي يستطيع هو و شعبه استكمال حياتهم بسلام و نعيم، ولو أن هذا يتطلب استعمال السلاح و العنف، فكل شرعات حقوق الانسان، التي فقدت نوعا ما شرعيتها، تشرعن الدفاع عن النفس، وما أكثرهم شهدائنا، الذي اخذوا على عاتقهم الدفاع عن بلدانهم، و شعوبهم بوجه الذين يقتلون ليقتلون. 

والجدير ذكره أن ما يفرق الواحد عن الآخر هو احترامه لكرامة الإنسان، فهذا هو المبدأ الذي يجب اعتماده لتحديد من هو الشهيد، و من هو الإرهابي، و إن كانوا الارهابيين يريدون اطلاق مصطلح شهيد على محاربيهم، و عملاؤهم، فهذا لا يغير شيء في المعادلة، لان خيرة شبابنا تموت للحفاظ على كرامة الشعوب، و لكي لا يصبحوا مسخرين و عبيد، لكي لا تصبح النساء سلعة، ولكي لا يُقتل الاطفال الابرياء الذين ليس لهم أية وسيلة للدفاع عن النفس بوجه الذين يقتلوهم مجانا، و بلا سبب، بالتالي شبابنا هم الشهداء، والقافلة لن تقف هنا، لأن لنا من الشهداء من هم أحياء، كالجرحى، و المتألمين، و من كانوا شاهدين على اعنف التصرفات من قبل من يعتقدون أنهم عباد الله، و هم ليسوا إلا بمجرمين.

فيا شهداؤنا إن رأيتم الله عز و جل اسألوه أن يرحمنا، و نحن نتضرع دائما اليكم و من أجلكم، انتم الذين ارتقيتم لكي نحيا، انتم الذين استشهدتم لكي تحفظ كرامتنا، انتم الذين كان مصيرهم العيش ما بيننا بنعيم و هناء، لكن الآخرون قرروا العكس. 

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك