قراءة في خطاب المرجعية الدينية اولاً: ثقافة التسلط


عمار جبار الكعبي

 

دأبت المرجعية الدينية العليا على تناول العديد من القضايا ، التي ترتبط بصميم وجذور المشاكل المجتمعية، وهو ما ذهبت اليه في خطبتها بتأريخ ٢٠١٧/٨/١٨ ، لان اغلب المشاكل التي نعاني منها كمجتمع ليست سياسية في ذاتها ، وانما هي عقد مجتمعية وصلت الى السلطة عن طريق ارتقاء البعض للأخيرة ، فان كان للفرد العادي عقده ومشاكله فأنها تكون غير مؤثرة لانه لا يملك سلطة الامر او النهي ، ولكنه حين يمتلك ما يؤهله لان يحكم او يؤثر في القرار فأن عقده النفسية تكون ذات تأثير عميق على واقع المجتمع ، لان المسؤول يريد ان تخضع الناس له لانه مسؤول ! ، وهذا ناتج عن ثقافة التسلط المزروعة داخل المجتمع، والتي تظهر بين الحين والاخر كلما سنحت لها الظروف

ثقافة التسلط واقعة اجتماعية وليست ظاهرة، لانها ترتبط بالثقافة المجتمعية التي تعمقت منذ ازمنة بعيدة في دول العالم الثالث، ومن اهم اسبابها عسكرة المجتمع، ومجتمعنا تم عسكرته منذ سنين ، وابرز صور العسكرة تجلت في سنين حكم حزب البعث، لما لهذا الحزب من ثقافة تسلطية على رقاب المجتمع ، ليفرض آراءه وافكاره وطروحاته بالقوة، حتى اصبح اذا قال صدام قال العراق، واذا قال مسؤول الفرقة الحزبية في المنطقة قالت المنطقة بذلك أيضاً ، لتصبح ظاهرة السلطة مطلوبة لذاتها لما توفره لصاحبها من إمكانية التأثير والنفوذ داخل مجتمعه.

وضع الشخص الغير مناسب في بعض المناصب المهمة، لجعله يتسلط على رقاب الناس، يعتبر من اهم اركان تعميق ثقافة التسلط، ترافقها هتافات التمجيد لبعض المتسلطين من قبل الذين يجهلون خطورة هذه الثقافة ، وبعض المستفيدين من تسلط هذا وذاك لانهم من حزب المتسلط، وسطوته ستمكنهم من فرض سطوتهم أيضاً، لنكون امام مجتمع يفتقد الى أدنى وابسط صور احترام إرادة الفرد، ليكون الاختلاف عن الرأي الغالب تهمة يحاكم عليها صاحبها من الجمهور قبل السلطة، لتولد لنا من ثقافة التسلط تنميط لحياة المجتمع وفق رأي واحد وثقافة واحدة مقدسة، تستند في ادلة قداستها الى السلطة بشقيها المادي والمعنوي، لتؤدي الى قتل تقبل الاخر واحترام كينونته وآراءه، لتمجد منطقة المتسلط او عشيرته او طائفته على حساب الوطن ! .

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك