حرب العُزلة والتكتيك الجديد


من أهم القواعد التي تتمكن من خلالها القوى الفاعلة في السياسية الدولية للسيطرة على الشعوب, هي إبعاد الجماهير عن قادتها, وجعل القيادة في عزلة, من خلال بث الدعايات والفبركات لتشويه تلك القيادة, أو خلق رأي عام معين عند الجماهير يجعلهم لا يلتفتون لصدقية وموثوقية تلك القيادة.

تستخدم لهذا الغرض وسائل كثيرة, ويلعب الإعلام الدور الرئيس في ذلك, فتشحذ القنوات التلفازية, والإذاعية, وحاليا مواقع التواصل الاجتماعي, وتخصص مساحات واسعة في هذه القنوات لهذا الغرض.

الأهم في هذا النوع من التكتيك –أو ما تسمى بالحرب الناعمة- أنها لا تكون حربا مباشرة, بقدر ما تكون حربا تدريجية, من خلال بث تشكيكات وتساؤلات حول أداء القيادة, ومدى استفادة الجماهير منها.

مثلت القيادة الدينية عموما والشيعية خصوصا, القيادة الوحيدة المأمونة والموثقة, وكانت المرجعيات الشيعية وعلى مدى تاريخها حجر عثرة في طريق الحكام الظالمين, وفي طريق دول الاستعمار ودوائر الاستكبار العالمي.

اضطلعت المرجعية الشيعية –في العراق خصوصا- بمهمة جسيمة في ما بعد عام 2003, حيث كانت الموجه والناصح للشعب العراقي, ووقفت هذه المرجعية –متمثلة بالسيد السيستاني- بوجه كل خطط المحتل الامريكي, فأصرت على كتابة الدستور بأيادٍ عراقية وعلى الانتخابات وغيرها من المواقف المشهودة.

تصدت مرجعية الشيعة لعصابات الإرهاب التكفيري, ومزقت خطط عالمية, أُرِيد لها من خلال الإرهاب إعادة رسم خريطة المنطقة –بعد 100 عام على التقسيم وفق سايكس بيكو- واعلنت المرجعية فتواها العظيمة بالجهاد الكفائي, والتي لقيت استجابة كبيرة من الجماهير, تم على اثرها رد كيد داعش ومموليها في نحورهم.

هذه الاستجابة والتفاف الجماهير حول مرجعيتها, ووثوق تلك الأمة بهذه القيادة, جعل العدو يفكر بطرق جديدة لعزل المرجعية عن جمهورها, وبعد فشل في مواجهة المرجعية مباشرة اتخذ –العدو- منهج آخر وهو ابعاد الجماهير عن هذه المرجعية.

بدأت مراكز التخطيط الاستراتيجي ومعاهد الابحاث السياسية, بإعداد خطة لعزل تلك الجماهير, وافضت الخطة الى استغلال الحراك المدني, وجعل منظمات المجتمع المدني فريسة سهلة –من حيث يشعر أو لا يشعر اعضاء هذه المنظمات- لتنفيذ هذا المخطط, وكذلك اذكاء الحركات العقائدية المنحرفة, من قبيل الحركات التي تدعو الى نبذ التقليد والاعتماد على العقل, واشاعة فكرة أن المراجع ما هم إلا مافيات لجمع الخمس, تحيط بهم الحواشي, وكذلك دعم المتمرجعين والمنحرفين من مدعي المهدوية, كأحمد بن كويطع والصرخي ومن لف لفهم.

المسؤولية الاخلاقية والوطنية والشرعية تقع على الأمة في التنبه لهذه الأفكار, وعدم الانزلاق وراء الأبواق المنحرفة, وعلى الجماهير إن أرادت نجاحها وفلاحها أن تلتف حول قيادتها الدينية, المتمثلة بالمرجعية الشريفة, والتي اثبتت يوما بعد يوم نجاح قرارتها, وصحة منهجها ونكران ذاتها والعمل على رفعة وسمو البلد وأهله.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك