الذكرى الـ 14 للتغيير في العراق.. آلام وآمال


وسط عتمة الاضطرابات الأمنية والسياسية والاقتصادية لازال العديد من العراقيين يرون أملاً في أن تنتهي معاناتهم المستمرة منذ 14 عاما تلت سقوط النظام الدكتاتوري السابق عام 2003م، في حين لا تزال عراقيل كبيرة تهدد أمن البلد وتطوره واستقراره، وخاصة الارهاب الذي يفتك بالمواطنين ويستهلك أغلب موارد الدولة، فضلاً عن البطالة والفساد المستشري في مفاصل ادارة الدولة طولاً وعرضاً، والخلافات بين الاثنيات المكوِّنة لهذا البلد الثري بكل شيء والفقير لحكومة رشيدة...

دنيا فالح، ماجستير لغة انجليزية، من بغداد، ترى" ان واحدة من الأمنيات التي طالما حلُم العراقيون بأن تتحقق هي الحرية، حيث لم يمكن بإمكان أي مواطن ممارسة اي شيء من دون تدخل الجهات الحكومية البعثية، وقد تحققت هذه الأمنية بعد سقوط النظام الصدامي ( لكن) أصبحت حرية بلا قيود هذه المرة، فعمّت الفوضى البلد.

على الصعيد الامني، فإن الحال لم يفرق كثيراً لا في زمن النظام السابق ولا الآن، في السابق تشن الحروب بين كل عدة سنوات ويدمر البلد كلياً أما الآن فالتفجيرات والسيارات المفخخة تشبه تلك الحروب فيما تسببه من تدمير وخراب ووضع نفسي متأزم لدى المواطنين.

على مستوى الخدمات وخاصة الكهرباء فلا يوجد تغيير ملحوظ، في السابق كان القطع مبرمج ومن دون وجود مولّدات كهرباء أما الآن فالمولدات موجودة لتوفر الطاقة الكهربائية ولكن القطع غير مبرمج في الغالب، فضلا عن التلوث البيئي الذي يزيد الطين بلّة مع قلّة حملات التشجير في المناطق السكنية.

وتختم دنيا حديثها بالإشارة الى" ان الانفتاح على العالم الخارجي والحرية في استخدام وسائل التواصل والانترنت هي الحسنة الوحيدة التي يتمتع بها العراقيون مقارنة مع بعض بلدان الشرق الاوسط لكنها ايضاً سيف ذو حدين يستخدمه الكثيرين استخداما خاطئا، أما الحرية في ممارسة الشعائر والمعتقدات الدينية فهي أفضل بكثير مما كانت عليه في زمن النظام البائد، لكن اغلب الناس كانوا أنقى وأصدق مما هم عليه الآن!"

حسين عصام، مترجم لغة فرنسية من مدينة الكوت شرقي بغداد، عبّر عن احباطه الشديد" بسبب النتائج التي أفرزتها عملية التغيير في العراق بعد عام 2003 من منظوري الخاص المتضمن أمنيات كبيرة وعديدة بعد زوال الظلم والطغيان عن العراق وانتهاء حقبة الدكتاتورية والحروب المدمرة، حيث كان أملنا كبير بالنظام السياسي الجديد..

يوضح حسين" لقد صُدمنا - وخاصة شريحة الشباب والخريجين- بعالم جديد يسود فيه النظام السياسي النفعي بإسم الديمقراطية والذي يمتص خيرات البلد دون النظر الى مصالح الشعب ولا ندري هل العلّة بالنظام أصلاً أم بالناس المتصدّين للحكم، حيث اختارهم الشعب لتمثيله في البرلمان ورعاية مصالح الناس وشؤونهم، فضلاً عن ظهور داعش وعصابات الارهاب والإجرام الاخرى التي راحت تعيث فسادا في بلدنا وتهلك الحرث والنسل بلا انسانية ولا رادع ديني او اخلاقي حيث يفجرون الناس في كل مكان ولايفرقون بين مسلم وغير مسلم...

حيدر محمد من كربلاء 100كم جنوب بغداد، موظف حكومي وأب لعائلة من خمسة أفراد، يفيد بأنه" لا ينسى تلك اللحظات التي رأى فيها صور الدكتاتور صدام تمزّق من الواجهات والجدران ايذاناً ببدء عصر جديد تسود فيه الحرية".

يوضح حيدر" نعم أتذكر جيدا ما كنّا نعانيه في زمن الطاغية قبل عام 2003 حيث كان العراق عبارة عن سجن كبير وحدوده عبارة عن سواتر حربية تشتعل فيها النيران لسنوات طويلة حيث حارب ايران وغزا الكويت واحتل مناطق حدودية بالسعودية ثم ضرب وسط وجنوب العراق بالصواريخ والطائرات مستهدفا الشيعة، وضرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية فقتل الآلاف منهم".

يؤكد حيدر" ان كل ما نشتكي منه الآن من سوء خدمات وفساد واضطراب أمني قد كان موجودا في زمن الطاغية ولكن الناس كانت مقفلة الأفواه، والاعلام مقيّد ولا يمجّد سوى الطاغية صدام، وحتى العالم الخارجي لا يعرف عن العراق شيئا سوى ما يريد اظهاره النظام نفسه.. الفرق ان الشهداء كانت تأتينا جثثهم من السواتر الحدودية في الحروب أما الآن فالناس تقتل ظلماً بالأسواق والأماكن العامة بسبب الارهاب الذي تغذيه جهات معروفة اقليميا ودوليا".

فراس محمد النعمة، مدرّس، من البصرة جنوب العراق يشير الى" ان الأمل الوحيد وسط هذه المتاهات هو فقط معلّق بالمرجعية الدينية، والتي كانت ولا زالت صمّام الأمان في بلدنا والسد المنيع ضد كل محاولات زرع الفتنة والتفرقة ما بين أطياف الشعب الواحد، والراعية والموجهة لبوصلة البلاد نحو بر الأمان، وهي-المرجعية- تعمل كل ما بوسعها في سبيل استتباب الامن وتخليص البلد من شرور الارهاب والفاسدين والاجندات الخارجية، وما فتوى التطوع من اجل الدفاع عن العراق ومقدساته والتي اطلقتها المرجعية الدينية سوى الحل الناجع لما كاد أن يلحق بالعراق من دمار شامل بسبب عصابات داعش ومن يقف خلفها، وها هي اليوم بشائر النصر في تحرير آخر مناطق الموصل من دنس داعش واعلان الانتصار النهائي على هذا السرطان الفتاك...

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك