الحكم التكويني في صلح الامام الحسن عليه السلام

2197 2015-12-21

قال تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين)

فالامام المعصوم يختص بكل معاني الخلافة التي جعلها الله تعالى للإنسان في اصل التكوين( ) ، ويحوز صلاحياتها ، بما هو من الذرية المصطفاة( ) وبما هو ممن طهره الله تعالى من الرجس بارادته( ) ؛ وارادة الله تعالى نافذة، فارتفع عن عقله القصور الذي ضرورة العصمة و يرافق التكليف عند البشر بالامامة الحجة الالهية التي لا يخلو منها زمان ولا مكان على الارض.

ففي قصة الخضر (عليه السلام)، وقصة آصف (عليه السلام) الواردتين في القرآن الكريم؛ بيان واضح لمعاني الولاية التكوينية.. مع انهما ليسا بنبيين.

 فضمن الولاية التكوينية ؛ قام الخضر (عليه السلام) بما لم يؤلف من الأفعال ، مما جعل نبيا من أولي العزم ، وهو موسى عليه السلام يراه نكرا.

وهذا النكر في الولاية التكوينية للمعصوم ، لا زال يراه إلى اليوم أناس يدعون العلمية ، بل ويتصدون لمهام الولاية على الناس باسم الإمامة والأمامية.

وقد اتهم الامام المعصوم الحسن عليه السلام بأنه مذل المؤمنين من قبل اناس يعترفون بإمامته .. وقطعا ان اذلال المؤمنين من الكبائر ولا ادري كيف جاز لرجل عظيم من الشيعة ان يصف الامام المعصوم بهذا الوصف .

 وأخر يتمنى لو ان لو انه قد مات قبل ان يراه يبايع معاوية وكما سيأتينا بيان ذلك انشاء الله تعالى.

قتل الخضر عليه السلام طفلاً ، حيث يراه الناس كلهم أنه عمل ليس من حق أحد على الإطلاق. وكذا عندما ثقب سفينة لمساكين يعتاشون منها، في حين أنه أقام جداراً لأناس لؤماء وهو عمل مناف للاستحقاق مقابل العملين السابقين.

ان ما ياتي في آيات الله تعالى فيها درس لنا وبيان لإنها عيّنات قرآنية من أفعال غير مبررة في واقع الناس، ليثبت بها للخضر (عليه السلام) صلاحيات الولاية التكوينية، حيث يسوغ للولي بالتكوين أن ينفذ سنن الله تعالى، فهو مصان و مسئول، لأن فعله يقع ضمن خيارات الله تعالى لخلقه فهي نافذة.

وقد اشار الامام الحسن عليه السلام الى تلك القصة القرآنية لتوعية المؤمنين بإمامته وان التسليم للإمام المفترض الطاعة شرط في قبول الاعمال من قبل الله تعالى.

فعندما وفد قوم من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)؛ لاموا الإمام (عليه السلام)  لتسليمه زمام السلطة إلى معاوية وأعنفوا القول للإمام الحسن (عليه السلام) على الصلح مع معاوية فقال لهم: 

(ويحكم ما تدرون ما عملت ؟ والله الذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت ، ألا تعلمون أني إمامكم ، ومفترض الطاعة عليكم ، وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، قالوا : بلى ، قال : أما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة وأقام الجدار ، وقتل الغلام ، كان ذلك سخطاً لموسى بن عمران ، إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمةً وصواباً ؟ أما علمتم أنّه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى بن مريم ؟ فإن الله عز وجل يخفي ولادته ويغيب شخصه ، لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة ، إذا خرج ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة النساء يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون الأربعين سنة ، ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير).

بمعنى أن كل فعل يقع ضمن إرادة الله تعالى يكون لطيفاً حسناً فسنة الله في خلقه نافذة.

وقد وصف الله تعالى آصف (عليه السلام) بأنه عنده علم من الكتاب ، وبأن الخضر (عليه السلام) عبده آتاه الله رحمةً وعلماً.

في قصة الخضر (عليه السلام)، وقصة آصف (عليه السلام) الواردة في القرآن الكريم؛ بيان واضح لمعاني الولاية التكوينية.

 فضمن الولاية التكوينية؛ قام الخضر (عليه السلام) بما لم يؤلف من الأفعال، مما جعل نبيا من أولي العزم، وهو موسى عليه السلام يراه نكرا.

وهذا النكر في الولاية التكوينية للمعصوم، لا زال يراه إلى اليوم أناس يدعون العلمية، بل ويتصدون لمهام الولاية على الناس باسم الإمامة والأمامية.

فلسليمان الريح تجري رخاء حيث أصاب، والجن والأنس والجبال والطير والحيوان كلها مسخرات بأمره.

قال تعالى:

 )فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ .

والعبارة الأخيرة تشير بوضوح إلى الولاية التكوينية ؛ فليممن أو ليمسك كما يشاء فلا حساب عليه ، وهي الصلاحية المطلقة.

وقد قتل الخضر طفلاً ، حيث يراه الناس كلهم أنه عمل ليس من حق أحد على الإطلاق. وكذا عندما ثقب سفينة لمساكين يعتاشون منها ، في حين أنه أقام جداراً لأناس لؤماء وهو عمل مناف للاستحقاق مقابل العملين السابقين.

 إنها عيّنات قرآنية من أفعال غير مبررة في واقع الناس، ليثبت بها للخضر (عليه السلام) صلاحيات الولاية التكوينية، حيث يسوغ للولي بالتكوين أن ينفذ سنن الله تعالى، فهو مصان غير مسئول، لأن فعله يقع ضمن خيارات الله تعالى لخلقه فهي نافذة.

بمعنى أن كل فعل يقع ضمن إرادة الله تعالى يكون لطيفاً حسناً فسنة الله في خلقه نافذة.

وقد وصف الله تعالى آصف (عليه السلام) بأنه عنده علم من الكتاب، وبأن الخضر (عليه السلام) عبده آتاه الله رحمةً وعلماً.

إن الرضا في خيار الله تعالى؛ حيثما يكون وأنى يكون للآدمي، فللنبي سليمان(عليه السلام)، ومع ملكه العظيم، شهادة من ربه بانه؛ نعم العبد انه أواب قال تعالى:

 )وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).

 ..وللنبي أيوب(عليه السلام)ايضا، ومع بلائه العظيم، نفس الشهادة من ربه بانه؛ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).

فالتسليم لإرادته ، يفترض أن يكون على كل حال؛ سواء أكان له ملكا عظيما كملك سليمان(عليه السلام) ، أو كان به بلاءا عظيما كبلاء أيوب(عليه السلام)، فلا بد من التعلق بحبله، والتوسل بأفضاله، والبكاء في محرابه، والخشوع بين يديه، سبحانه هي؛ سمات العصمة وصفات المعصوم. 

ولذا لا يستطيع كثير من الناس، خصوصاً المعاقرين منهم للمعصية أن يفهم هذه السيرة من المعصوم.

وهكذ خول الله تعالى ذا القرنين: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )( )..

لذا كان الحسن مظلوما حتى من شيعته ، وكان ايضا وعبر مشيئة الله تعالى ان يمهد لنهضة الحسين عليه السلام.

وجاء كثير من المنظرين يسعون وكأنهم متفضلين لتبرير صلح الحسن وكأنه كان خطيئة بدرت من كريم يجد لزوم المدراة عليها.

ان صلح الحسن كان امر الهيا وجب على المعصوم القيام به وليرضى من رضي وليسخط من سخط. وهي فتنة واختبار للشيعة مثل ما هي بلاء وفتنة كبرى لغيرهم.

ونحن كذلك الآن وغدا قد نغفل أحياناً وننسب الخطأ إلى الحكم كوننا لم نعقل مفهومه ومضمونه فبدل أن ننسب الجهل لأنفسنا ، نلقي ذلك على العاصم والمعصوم والعياذ بالله.

والإمام الحسن (عليه السلام) يقول لأبي سعيد: (هكذا أنا سخطتم عليّ بجهلكم وجه الحكمة) فالذين عارضوا الإمام (عليه السلام) كانوا يجهلون وجه الحكمة من إقدام الإمام (عليه السلام) على الصلح ثم إن الإمام (عليه السلام) كشف

عن ذلك حينما أجاب الأخير: (ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل).

فكانت معاهدة الصلح حاجزاً أمام معاوية كي لا يقدم على تنفيذ جرائمه في حق أبناء الرسالة، فيتعرضوا للتصفية الجسدية ممّا تؤثر على مسيرة الحركة الرسالية في الأمة والذي بالتالي يهدد كيان الدين الإسلامي برمته للانهيار، إضافة إلى ذلك فالإمام (عليه السلام) قد أوضح في أن معاهدة الصلح التي أقدم عليها ليست هي المعاهدة الأولى التي تمت، بل مارسها الرسول (صلّى الله عليه وآله) مع بني ضمرة وبني شجاع وأهل مكة والتي كانت في وقت لم تتمكن فيه الحركة الرسالية أن تواجه كافة القوى المناوئة للإسلام، فجاء صلح الحديبية ليوقف الزحف لتلك القوى نحو مواقع التحرك الرسالي في الأمة، ممّا قد يسبب في كبح جموح انطلاقة الإسلام في أوساط مجتمع مكة،ومن جهة أخرى لم تكن الحركة الرسالية تمتلك القدرة على المواجهة فهي حديثة العهد والنشأة ولم تقف على اقدامها آنذاك بعد. 

المصادر:

  1 ) البقرة -124.

  2 ) ( قو له تعالى : (اني جاعل في الارض خليفة).

  3 ) قوله تعالى في ال عمران: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(34).

  4 ) قوله تعالى في الاحزاب: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33).

  5 ) كلمة الإمام الحسن (عليه السلام): ص101-102.

  6 ) سورة ص-36 -39.

  7) سورة ص-30.

  8 ) سورة ص- 44.

  9) الكهف – آية86-88.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك