استراتجيات الثقافة المعدة والممهدة للظهور

2620 2016-01-10

1- مقدمة : 

بسم الله والحمد لله وصلى الله على خير خلق الله رسوله المصطفى واله ومن ولاهم ولا حول ولا قوة الا بالله واللعن الدائم على الظالمين اعداء الله.

1-1- في معنى الاستراتجية:

لإستراتيجية ؛ هي الخطط المرسومة بعلم وخبرة  لتحقيق هدف او اهداف  معينة ضمن سقف زمني محدد ايضا وفقا  للإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها. فهي بمثابة خريطة طريق باتجاه هدف معين على مدى زمني معلوم  مع احتساب الخطط البديلة عند تغير الظروف في احسن احوال الاستراتجيات.

وفي استراتجية الاعداد والتمهيد لثائر رباني عالمي منقذ للبشرية بشرت به كل الديانات نحتاج لبيان الاهداف التي هي ذات اهداف الرسل عليهم السلام لوحدة الملاك بين الامام والرسول عليهما السلام  لنتمكن من وضع المناهج التربوية والثقافية ورسم الخطط المنطقية وفق اليات مدروسة وتسلسل زمني معقول.

هذه الاستراتجية المعدة والممهدة للظهور البهي لمنقذ البشرية تنجح فقط من خلال معايير وضوابط وضعتها العقيدة الكاملة الخاتمة ، نستقيها من وصايا وأحاديث المعصومين عليهم السلام بهذا الشأن العظيم الذي تنتظره الامة بل العالم كله بفارغ الصبر.

1-2- تساؤلات:

وفي هذا السبيل ترد تساؤلات علينا الاجابة عليها قبل التفكير في بناء تلك الاستراتجية ومن هذه التساؤلات:

اذا كانت الاستراتجيات لا تبنى ولا ترسم إلا من بعد ان تحدد الاهداف المنشودة التي تمثل وتجسد صميم الحضارة الممهدة ؛ فمن اين نستقي تلك الاهداف  المحددة ؟ وكيف تتحدد؟

هل تعدم العقيدة الكاملة للإسلام رسم تلك الأهداف ؟ ..  وكيف ؟.

وأين تكمن تلك الاهداف في الاسلام؟

ثم من هو المؤهل لتحديد تلك الاهداف؟

واذا كان الانتظار حتم فرضه واقع احتجاب الامام فهل هناك تربية تترتب علينا فيه ؟ 

وهل هناك ثقافة خاصة بالانتظار تصب في التمهيد لظهور الامام؟

هل نحن الان بمستوى فلسفة الغيبة ؟

 وهل في مناهجنا التربوية ووسائلنا الثقافية ما ينمي في انفسنا التغيير وفق ناموس الله تعالى(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)( ) ، تهيئة لما ننتظر من تغير حتمي واقع؟

وهناك تساؤل مهم وجوهري ، ان كانت الاليات المتخذة في اي استراتجية تناسب دوما الغايات والأهداف المنشودة ، وإذا كان من غاياتنا وأهدافنا ان نهيئ الامة لتحتضن المنقذ الرباني للعالم ، العالم ؛ الذي يعاني اليوم من الاستلاب وضياع الهوية الانسانية بالخصوص ، فهل نملك او نستطيع ان نملك الاساليب والآليات التي يمتلكها اعداء الانسانية والوسائل الاعلامية القادرة على حمل وإيصال تربية وثقافة التمهيد الى شعوب العالم ؟

هذا جزء مهم من التساؤلات التي يجب علينا معرفة جوابها قبل البدء يرسم الاستراتجية الثقافية والتربوية المعدة والممهدة للظهور البهي.

نسال الله تعالى ان يوفقنا لنكون من جند الامام المهدي عليه السلام وخدامه ويرزقنا الشهادة بين يديه انه تعالى ولي التوفيق والسداد.

1-3- وصايا المعصومين تحتاج الى وعي:

قبل البدء بالتفكير بأي عمل نتصور انه يخدم قضية التمهيد لظهور الامام عليه السلام هناك احديث لأهل البيت عليهم السلام لابد من فهمها على سبيل المثال:

اولا- لماذا ينهى ائمتنا عليهم السلام  استعجال اصحابهم بطلب الفرج؟

ان كنا مأمورين بطلب الفرج لمولانا صاحب الزمان عليه السلام من خلال الدعاء ، إلا اننا يجب ان لا نتعجل الفرج ؛ فعن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) كما ورد في نهج البلاغة ـ: 

(الزموا الاَرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحرِّكوا بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللّه لكم. فإنَّه مَنْ مات منكم على فراشه ، وهو على معرفة ربّه، وحقِّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيداً أوقع أجره على اللّه ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلائه بسيفه ، فإنَّ لكلِّ شيء مدَّة وأجلاً»)( ).

السؤال هو هل نحن على معرفة من ربنا؟ وعلى معرفة حق رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم؟ 

فان لم نكن كذلك في غالبنا فلابد من استراتجية توصلنا لذلك اما اذا كنا كذلك فقد كنا في صميم ثقافة التمهيد والإعداد وهذا ما نحتاجه من رسم استراتجية ممهدة ومعدة للطهور فليس للإستراتجية المنشودة ان تحقق اكثر معرفة بالله وبرسوله وحق اهل بيت الرسالة صلوات الله عليهم اجمعين.

ثانيا- ان الامام المهدي عليه السلام  يقضي بالحكم الواقعي:

 جاء في روايات موثوقة مؤكدة ان الامام المهدي عليه السلام يقضي بين الناس بالحكم الواقعي بمعنى انه لا يحتاج الى البيّنة او الشهود لاستصدار حكمه في الخصومات والقضايا( ).

بازاء هذه الحقيقة فهل علينا كممهدين الا ان نكون في تمام الطهارة قبل الاعداد لأي استراتجية؟

وإذا كان الامام (عليه السلام) ظهوره بغتة ، وكان حكمه بحسب الواقع، فماذا يكون تكليفنا فيما يتعلّق بشؤوننا الداخلية والشخصية ؟ في أُمورنا الاجتماعية ؟ في حقوق الله سبحانه وتعالى علينا ؟ وفي حقوق الاخرين علينا ؟ ماذا يكون تكليفنا وفي كلّ لحظة نحتمل ظهور الامام (عليه السلام)، وفي تلك اللحظة نعتقد بأنّ حكومته ستكون طبق الواقع لا على أساس القواعد الظاهرية ؟ حينئذ ماذا يكون تكليف كلّ فرد منّا اذا دخلنا في مهام التمهيد والإعداد للظهور؟

ثالثا - ثقافة وتربية وفن واعلام: (أفضل الاعمال انتظار الفرج):

مسألة الانتظار ومسألة ترقب الحكومة الحقة ، هذه المسألة خير وسيلة لمناهج التربية والاصلاح سواء في الفرد والمجتمع، وإذا صَلُحنا فقد مهّدنا الطريق لظهور الامام (عليه السلام)، ولان نكون من أعوانه وأنصاره.

ولذا أمرنا ائمتنا  صلوات الله عليهم بكثرة الدعاء لفرجهم ، وأمرونا بالانتظار لظهور دولتهم ، هذا الانتظار معناه أن يعكس الانسان في نفسه ويطبّق على نفسه ما يقتضيه الواقع، قبل أن يأتي الامام (عليه السلام) ويكون هو المطبِّق، ولربّما يكون هناك شخص يواجه الامام (عليه السلام) ويأخذ الامام منه كلّ شيء، لانّ كلّ الاشياء التي بحوزته ليست له، وهذا ممكن.

 

2- استراتجية الاعداد والتمهيد للظهور البهي تبدأ اولا بالنفس:

2-1- البدء بالنفس في التمهيد:

قال الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( ).

ان اي درب من دروب الخير وما نحن بصدده يوجب علينا ان نبدأ بأنفسنا كما امر الله تعالى في ايته المباركة.

فإذا راقبنا أنفسنا وطبّقنا عقائدنا ومعتقداتنا في سلوكنا الشخصي والاجتماعي نكون ممهّدين ومساعدين ومعاونين على تحقّق الارضية المناسبة لظهور الامام (عليه السلام).

وعندنا في الروايات : أنّ من كان على حب العترة الطاهرة ومات قبل ظهور الامام (عليه السلام) مات وله أجر من كان في خدمته وضرب بالسيف تحت رايته.

يقول الامام (عليه السلام): «فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيداً ، ووقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه ، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً)( ) .

ففي الوقت الذي يطلب منا الدعاء بتعجيل الفرج ، نكون  مأمورين أيضاً لتهيئة أنفسنا ، وللاستعداد الكامل لان نكون بخدمته صلوات الله عليه ، وإذا عمل كلّ فرد منّا بوظائفه، وعرف حقّ ربّه عز وجل وحقّ رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)وحقّ أهل بيته (عليهم السلام)، فقد تمّت الارضية المناسبة لظهوره (عليه السلام)، ولا أقل من أنّا أدّينا تكاليفنا ووظائفنا تجاه الامام (عليه السلام).

2-2- يحتاج الممهد لمعرفة توصيات الائمة عليهم السلام:

اعطى الائمة من اهل البيت (ع) ؛ العلامات العامة والخاصة قبل ظهور الامام (ع)، وأوصوا بانتظار الفرج واعتبروه من افضل العبادات ، وطلبوا من المؤمنين الدعاء بتعجيل فرج قائم ال محمد صلوات الله عليه.

 ان الانتظار حتم فرضته الغيبة ، وعبادة مشروطة بالايجابية تمليه العقيدة ، لدى المؤمن بوجود الامام (ع) وغيبته ، وتوقع ظهوره كمنقذ للإنسانية من الظلم والجور ، والانتظار بهذا المعنى يتطلب توافر حال الترقب و المصابرة ، وتحمل بوعي للظروف القاهرة القاسية ، وانعكاساتها النفسية والمادية.

 فالانتظار بهذا المعنى هو عبادة وجهاد. وهو ما اراد الائمة (ع) تأكيده ، وبيان قيمته عند اللّه حين قالوا عن المنتظر لأمرهم : انه كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه ( )او كالميت في فسطاط المهدي (ع) وعسكره( ).

والانتظار يجعل المؤمن في حيوية وعطاء دائمين ، فهو نفي للقنوط والياس واطمئنانا بوعد اللّه سبحانه الذي لا يخلف وعده.

اما الدعاء بتعجيل الفرج الذي سموه (فرجنا) ، فالدعاء رباط وثيق بالمدعو له ، لأن الدعاء من الاسباب الكونية المؤثرة في تغير الاحداث وتعجيل الخير ويدفع البلاء ولو ابرم ابراما ، ويكون اكثر قبولا من المؤمن المؤهل للتمهيد لظهور الامام لأنه يسعى في تهيئة وتمهيد الاسباب الموجبة للظهور.

وبشكل عام فالانتظار لا يعني الاتكال على الظروف وترك العمل بما اوصى به الائمة عليهم السلام ، فذلك عمل سلبي اتجاه انتظار اعظم ثائر في تاريخ البشرية لأعظم ثورة ولأعظم أهداف انسانية لوجود الانسان على الارض .. فالاتكال والتواكل في الانتظار دعوة سلبية وتخديرية وتمهيد لحالة خمول نفسي وبعد عن الاحداث والعلامات وما يجري في دنيا الناس بما يلزمها تلقائيا من عدم الاستعداد بما هو المفروض المناسب والتهيؤ لاستقبال ثائر عظيم يريد صلاحنا وتخليصنا من الظلمة والجائرين. وويوفر عيشا للإنسان حرا كريما كما ارد الله له ان يكون.

2-3- هل هناك فراغ تكويني في غيبة الامام عليه السلام؟:

في عدة بحوث علمية قدمناها في اوقات سابقة اثبتنا فيها ان الامامة والعصمة انما هما اطروحتان كونيتان وليستا فقط عقيدتان من نسج عقول المعتقدين بهما من الامامية.

وببساطة وبحسب المنهج الواقعي البديهي  الذي لا ينكره احد حتى وان كان ملحدا ؛ نجد ان الناس في تصنيفاتهم الاجتماعية يبتنون سنة الامامة ؛ ابتداءً من رب الاسرة للأسرة وعميد العائلة للعائلة ، وشيخ القبيلة للقبيلة ، وقائد الجيش للجيش ، وزعيم الحزب للحزب ، وإمام الملة للملة ، وحتى في وجود  الحيوانات فالإمامة ايضا سنة كونية : ملكة للنحل ، وملكة للنمل ، وقائد للطيور المهاجرة ، ورائد للأسماك المهاجرة...وكذا يكون لكل مجاميع الاحياء من ذاتها ومن صنفها امام واقعا لا يمكن تصور الذات بدون اماها ولا يمكن تصور الصنف بدون امامه.

فعلى سبيل المثال ؛ لا يمكن تصور مستعمرة النحل بدون الملكة على الاطلاق في الاصناف ، كما لا يمكننا تصور المجموعة الشمسية بلا شمس ، ولا يمكن تصور الناس بلا عقول ... هذا في الذوات في الذوات. فالإمامة سنة كونية برزت في الاصناف وبطنت في الذوات .

  ونجد أن الإمام : هو معنى الحسن من خلق كل كائن ولا معنى لخلق الكائن بدون معناه الحسن ، فمثلا الامام في الانسان العقل . ولا معنى لخلق الانسان بدون عقل.

اذن؛ هل غيبة امام الانسانية المهدي عليه السلام  استثناءً من هذه السنة البديهية الكونية التي تستحيل في الكائنات الى سنة تكوينية ؟ وعبارة ادق؛ هل تعني غيبته عليه السلام فراغا تكوينيا؟

ان غيبة الامام عليه السلام واحتجابه عن الانظار لا تعني عدم وجوده ولذا فهي ليست استثناءً من السنن الكونية ، فقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه واله ، عندما سأله هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته ؟ فقال : ( أي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب ) ( ).

فعندما تغيب الشمس حين يجلل وجودها السحاب لا تنعدم الفائدة منها ولا يعتبر فراغا تكوينيا ، لكن في الغيبة حال التشبه بالفراغ التكويني ، فكما يتحفز النبات في اليوم الغائم للحث على زيادة عملية التركيب الضوئي كذلك احتجاب الامام  يستدعي حض السنن التكوينية على التعويض عن هذا الحال والتكييف معه ، فتبرز نشاطات تكوينية تتمثل بتحفيز التعقل ونشاط الاحكام العقلية بما يستدعي التعويض ، لان التعويض والتكييف قانونين كونين ايضا.

فالغيبة بذاتها حكمة ، بالإضافة لزمن الانتظار اللازم والمرفق لها لتهيئة الناس لظهوره لحاجة الناس الماسة لوجوده عليه السلام ، ففي المرحلة الزمنية الطويلة للانتظار يتغير الانسان وفق معطيات الحث والحاجة ، والتغير في النفس ناموس رباني كوني لحصول التغير في الحال قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)( ). 

2-4- التعريف بالإمام ومعاني الامامة جزء من التمهيد  للظهور البهي:

وخلال مرحلة الغيبة الطويلة والحاجة التكوينية للإمام تبرز بنات الافكار الرائعة من المؤمنين الاتقياء العلماء والتي تستند الى كمال العقيدة ليبرز من ذاتها ما يعوض عن غيبة الامام ، فيكونوا بالتأكيد من المعدين الممهدين ، فمن علل الغيبة اذن؛ ان يزداد وينمو عدد المعوضين للإمام وفق معاني كمال العقيدة الخاتمة مع طول مدة الغيبة لتكون حصيلة الانسانية من ابنائها الذين ارتفع مستواهم العقلي والعلمي والوعي العقائدي  برسالة الانسان على الارض الى القدر الذي يمكن به ان يكون  قائدا او صاحبا او جنديا من جنود الامام في غاياته لحكم العالم وفق مشيئة الله تعالى في تطبيق العدل وسريان الإحسان وشيوع الرحمة التي كتبها الله تعالى على نفسه. وهذا هو اروع ما في الاسلام حسنا وجمالا لأنه سعي للكمال.

فمن كمال العقيدة انها استكملت ركائز الرسالة الاسلامية نظريا خلال المراحل التاريخية لوجود الرسول (ص)، وأوصيائه المعصومين على امتداد اكثر من ثلاثة قرون من دون ان تبلغ البشرية بها الاهداف الالهية المنشودة من الإسلام على الواقع الميداني للوجود. 

لقد كانت البشرية طيلة تلك الفترة لوجود المعصومين عليهم السلام - علمت ام لم تعلم - تعيش بداهة وجود الامام وتتكل عليه في كونها وفي تكوينها ، اما بعد الغيبة فتشطرت البشرية الى من يدرك خطورة غيبة الامام على البشرية ، وهم القلة فبقوا متمسكين به ، وقسم اخر وهو غالب لا يدرك اصلا معاني الامامة.

وهنا يترتب على العالم  ما لا يترتب على الجاهل ، وأصبح التمهيد والإعداد لظهور الامام يتطلب التعريف بعلوم السنن الكونية وإستحالاتها التكوينية كجزء من الاعداد والتمهيد للظهور الحتمي للإمام الثائر العالمي المنقذ.

فالظرف الذي يتأهل فيه العالم لقبول الرسالة الاسلامية بكل ابعادها والتسليم بقناعة لقيادة الامام (ع) . يتطلب معرفة بالإمام  فلا يصح ان يجبر الناس على قبول قيادة مجهولة ، ثم ( لا اكراه في الدين ) حتى لو امتلكنا القوة في الاكراه.

اذن؛ حتى يرتفع الناس الى مستوى فهم الامام ويستوعبون رسالته وأهداف ظهوره البهي عليه السلام  والى ان تتحقق الظروف الملائمة والآليات والوسائل  المناسبة لنشر معارفه وثقافته وتربوياته ، فان تحديد الزمن المحدد لظهور الامام المهدي المنتظر (ع) غير وارد ، ولهذا رفض الائمة من اهل البيت (ع) التوقيت ، وكذبوا من نقله عنهم. 

3-  لا يمكن تحديد وقت للظهور :

فقد روى النعماني بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ( جعلت فداك، متى خروج القائم (عليه السلام)؟

 فقال: يا أبا محمّد ، إنّا أهل البيت لا نوقّت ، وقد قال محمّد (صلى الله عليه واله): كذب الوقّاتون يا أبا محمّد ، إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات ، أوّلهنّ : النداء في شهر رمضان ، وخروج السفياني ، وخروج الخراساني ، وقتل النفس الزكيّة ، وخسف بالبيداء) الحديث)( )

3-1-  التعريف بفقه علامات الظهور من ثقافة التمهيد والاعداد: 

عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: القائم منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض...، فقلت له: يا بن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا... وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، وجاءت الصيحة من السماء بان الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا( ) ـ الحديث.

عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: ليس بين قيام آل محمّد وبين قتل النفس الزكيّة إلاّ خمس عشرة ليلة.( ).

3-2- علامة نحتاجها ولابد ان نعمل على تحققها :

 ذكر المحدثون من المسلمين سنة وشيعة: ان الرسول (ع) بشّر بطائفة من الامة يمهدون ويعدون ويوطئون للظهور البهي للامام المهدي (ع) ويكونون من انصاره وقد عقد السلمي الشافعي المتوفى سنة 685 الباب الخامس من قلائد الدرر لإيراد ما جاء حول ذلك .

 ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن معاذ بن جبل رحمه اللّه قال: (قال رسول اللّه (ص): «لا تزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال)( ).

يقول الاستاذ الحجة الشيخ محمد رضا المظفر قدس اللّه نفسه: ( ومما يجدر ان نعرفه في هذا الصدد ونذكر انفسنا به انه: ليس معنى انتظار المصلح المنقذ المهدي (ع) ان يقف المسلمون مكتوفي الايدي في ما يعود الى الحق من دينهم ، وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله ، والأخذ بأحكامه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بل المسلم ابدا مكلف بالعمل بما انزل من الاحكام الشرعية وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة اليها حقيقة ، وواجب عليه ان يأمر بالمعروف ، وينهي عن المنكر ما تمكن من ذلك وبلغت اليه قدرته فـ(كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) ( ). ولا يجوز له التأخر عن واجباته بمجرد الانتظار للمصلح المهدي (ع) ( ).

4- الاستفادة من العولمة:

4-1- العولمة التي ارادوها لخدمتهم ستكون لخدمة ظهور الامام:

حين يشيع العلم ، وتتعرف البشرية الى من هو الامام  وما هي وظائفه وأهداف ، وجوده ، ولكي تنكشف للناس حالة الزيف والتدليس التي يعيشونها ؛ نحتاج الى العولمة في جانبها التقني في التواصل السريع وفي تعدد وتنوع وسائل الإعلام ، كي تتسع آفاق الرؤية لدى الانسانية و تتهيأ القاعدة الاولى لظهور الامام (ع) وهي معاني الامام وحقيقته.

لأنه عليه السلام امام البشرية كلها وانه لا يخاطب المسلمين وحدهم وان كانوا هم المنطلق الاول لدعوته ، بل العالم باجمعه.

 وورد ان المسلمين ، بحكم تخلفهم العلمي وتعصبهم للموروث ، ابطا استجابة له مما هم النصارى إلا قليلا ، ليس بما هم نصارى بل بما هم في تلك المرحلة اهل علم وموضوعية.

نعم قد يكون ذلك في قسم منه بسبب نزول المسيح معه عليهما السلام ، وصلاته خلفه بالنسبة للبسطاء والأقل وعيا ، وإلا فان استجابتهم ليست الا من خلال العلم والوعي الذين رفضوا بهما التثليث المسيحي والحلل والغلو وآراء رجال الكهنوت ومن خلال وعيهم للحق فقط.

 ان ظهور المسيح (ع) وصلاته خلف الامام (ع) اشارة لما شاء اللّه سبحانه ان يحيط به الامام من آيات كبيرة هائلة ، وبما هو مداه الذي يضم العالم كله.

4-2- تكذيب معادلة الظالمين (ظلم + ترفيه = لا ثورة) التي تحققها العولمة:

4-2-1- انتظار المهدي عليه السلام يحيي الامل في نفوس المظلومين:

 ان العلم الحقيقي بحقيقة الكون وبحقيقة الدين يجعل من هذا الامل حقيقة في نفوس المعتقدين . ولذا فان من اهم وسائل الاعداد والتمهيد لظهور الامام هو ان يفهم الناس وخصوصا المؤمنين ان املهم ذاك حقيقة. من خلال مناهج تربوية وثقافية تظهر توافق العلمين الكون والعقيدة  او ايات الانفس وآيات الآفاق واللهُ تعالى بعدها يتولى الكفاية لأمر المستهزئين بقيام الأدلّة القاطعة باليقين بلزوم وجود إمام لكلّ زمان وكلّ عصر وعدم خلوّه عن حجّة لله على خلقه ، يتمّ تعيينه بواسطة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مفروض الطاعة على الأُمّة ، فلا بُدّ أنْ يكون أمينا ، معصوما ، حتى يجوز الانقياد التامّ له، وإطاعته هي إطاعة الرسول وهي من إطاعة الله تعالى. كما اوصى الله تعالى في كتابه المجيد:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ...)( ).

5- من ضرورات التمهيد والاعداد:

5-1- اطروحتا الامامة والعصمة الكونيتان:

لابد من دخول اطروحتي الامامة والعصمة كسنة ونمط كونيان في المناهج الدراسية لأبنائنا وبناتنا فهما من البديهيات والأساس الذي يبتنى عليه العلم في حين يعتبرها الجهال خصوصا من اعداء اهل البيت عليهم السلام انهما مجرد خيال من نسج افكار الشيعة المغالين!!! 

فقضية المهدي عند اعداء الله ؛ انما تحكي الوضع المأساوي من الاضطهاد والقهر الذي عاشه الشيعة  طوال قرون بسبب حبهم لأهل البيت عليهم السلام فجاءوا بفكرة المهدي لتسري عنهم ذلك الوضع القاهر وليحلموا من خلال هذا الاعتقاد بيوم يثار لهم الله ممن ظلمهم حين يأتي المهدي ويخلصهم من الظالمين بسيفه ويحق الحق وينشر العدل ويأخذ لهم بالثأر.

وعليه فمن اهم الثقافات الممهدة هي ان تعطى عقيدة الامام المهدي حقها العلمي ومستواه الصحيح من النقاش ثم تتحول الى مناهج تربوية ينهل منها ابنائنا ليكونوا جنودا عقائديين في جيش الامام عليه السلام.

بالإضافة الى هذا هناك ملاحظات علمية لابد ان نركز عليها:

1- ان العقيدة المهدوية ليست بالأصل هي عقيدة الشيعة انما هي عقيدة كل المسلمين بل انها عقيد كل الاديان السماوية بل حتى بعض غير السماوية.

2- في الاعتقاد بالإمام المهديّ نجاة من موت الجاهلية ، لمن مات بغير إمام ، يعرفه في زمانه وعصره ، كما توعّدت به النصوص الموثوقة الصحيحة.

عن رسول الله صلى الله عليه واله: (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية)( ).

3-  الاعتقاد بالإمام المهدي عليه السلام هو الأمل الذي يحدو المعتقدين إلى الطاعة والخير ، ويمنعهم من القبيح والمعصية ، وذلك هو العلة الرحمة الذي تبتني عليه حكمة الإمامة كالرسالة.

وعلى ضوء هذا نجد في الواقع ان الامامية اليوم وبسبب هذا الاعتقاد ، تعمل جاهدة في سبيل تحكيم الإسلام ، والتمهيد لظهور الإمام ، وتنتظر أيّام دولته الكريمة بفارغ الصبر ، وبكامل السعي والجدّ ، وترفض من أجل الأمل الحيّ في قلوبها كلّ أشكال الظلم والسيطرة من دول الفساد.

وليس في شيء من هذه الملتزمات نقص وشين ، بل كلّ ذلك طاعة لله وقرب منه وسعي في سبيله وجهاد لتحكيم حكمه وإعلاء كلمته ، حتى يتحقّق وعد الله الذي ذكره في قوله تعالى (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين)( ).

4- أحاديث الدّجال يجب ان تترك من ثقافة التمهيد لان أكثرها وردت عن كعب الأحبار اليهودي الكذاب ولم ترد في أحاديثنا إلاّ ضعيفة وفيها مبالغات لا تتصور وقد فسّرها وأولها على فرض الثبوت جماعة باحتمال كونها دولة إسرائيل وقيل هي الاستعمار عموماً واحتمل كونه نفس السفياني.وأقول على فرض الأخذ بهذه الأحاديث فإنه رجل ساحر دّجال يري الناس العجائب من الشعوذة والسحر فإنه معه جبل من طعام وآخر من ذهب وأنه يشرب الأنهار ويخوض البحار وخطوته كذا مقدار من الميل كل ذلك كذباً ودجلاً وخفة حركة ليصدق الناس كونه الإله المعبود نعوذ بالله ولا يبعد ظهور مثله من الكذابين في آخر الزمان.

5-2- حقائق موثقة عن الامام المهدي عليه السلام تحتاج الى دراسة:

1- روى الشيخ الطوسي عن النائب الثاني للإمام المنتظر عليه السّلام : محمّد بن عثمان العَمري أنّه قال : واللهِ ، إنّ صاحب هذا الأمر لَيحضر الموسمَ ( موسم الحجّ ) كلّ سنة ، يرى الناس ويعرفهم ، ويَرَونه ولا يعرفونه)( ).

وفي الحديث دلالة على ارتباط الإمام عليه السّلام بشيعته وحضوره بينهم في مواسمهم ، إلاّ أنّهم يرونه فلا يعرفونه ، أي انّ غيبة الإمام عليه السّلام هي غياب العنوان لا الشخص ـ كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان من لفظ الغيبة .. وهذا يعني ايضا ان الذي يتولى التمهيد صادقا سيحظى بتوفيقه عليه السلام والعكس صحيح.

2- وردت عن أئمّة الهُدى عليهم السّلام روايات كثيرة في المنع من التوقيت، فعن الإمام الصادق عليه السّلام قال: أخبِرني جُعِلتُ فداك، متى هذا الأمر الذي تنتظرونه، فقد طال ؟! فقال عليه السّلام: يا مهزم! كَذِب الوَقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلِّمون، وإلينا يصيرون)( ).

وروي أنّ الفُضيل سأل الإمام الباقر عليه السّلام : هل لهذا الأمر وقت ؟ فقال عليه السّلام: كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون( ).

وروي عن الإمام الرضا عليه السّلام في حديثه المعروف مع دِعبِل الخُزاعي أنّه قال: وأمّا متى يقوم، فإخبارٌ عن الوقت.

لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: مَثَلُه كمثل الساعة لا تأتيكم إلاّ بغتةً)( ).

6- معاني انتظار الفَرَج:

6-1- الانتظار ؛ يعني بما يعنيه ؛ هو الاستفادة من وقت الغيبة في إعدادَ المسلم نفسه وتزكيتَه لها وعمله بما يُقرّبه من الله تعالى ، فقد روي عن الإمام الباقر عليه السّلام في تفسير قوله تعالى : ( اصبِروا وصابِروا وجاهِدوا) ، قال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم (المنتظَر) ( ).

من هنا وصفَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله الثابتين على القول بإمامة الإمام المهدي عليه السّلام بأنّهم ممّن امتحن اللهُ قلوبَهم للإيمان( )، ووصفهم بأنّهم أعزّ من الكبريت الأحمر( ).

6-2- ومن معاني الانتظار ان يتحسب المرء لعمله القبول بطلب رضا امام الزمان المهدي عليه السلام .. فعن الإمام الصادق عليه السّلام يصف انتظار الإمام القائم عليه السّلام بأنّه ممّا لا يقبل الله عزّ وجّل من العباد عملاً إلاّ به ، ثمّ يقول : ( مَن سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فإن ماتَ وقامَ القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر مَن أدركه ) ـ الحديث ( ).

7- الاستفادة من علامات الظهور في التمهيد:

ورد عن الأئمّة الأطهار عليهم السّلام أحاديث تتضمّن علاماتٍ لظهور الإمام المهدي عليه السّلام، ومن اهم هذه العلامات:

ظهور السُّفياني. ظهور اليَماني. الصيحة من السماء. الخَسف بالبَيداء. ظهور كفٍّ من السماء. ظهور نار مِن قِبل المشرق. خروج الدابّة. نزول عيسى بن مريم عليه السّلام.

7- كيفية الاستفادة من هذه العلامات:

1- تحديد مكان حركة  المعادين ومكان ظهور الممهدين:

كما ذكر في الروايات ؛ فان راية السفياني ، تأتي من المغرب ، والراية المشرقية هي راية الممهدين الموطئين للإمام عليه السلام .

2- أن كل من يدَّعي انه الامام المهدي قبل ظهور هاتين الحركتين في مكانهما  فهو كاذب.

3- يرافق وقت الظهور علامات ، كالخسف بالبيداء، والصيحة من السماء، وظهور كف في السماء....

4- العلامات توجه الامة الى الصواب: دائماً تأخذ بأيدينا، وعقولنا، وأبصارنا، إلى ما سيقع، لا إلى ما وقع.. وأخبار علامات الظهور كلها من هذا القبيل، فهي ترشدنا وتنبهنا إلى أحداث مهمة ستقع في المستقبل، وتحذرنا من التورط بفتنتها، وانحرافاتها، ومشاكلها المترتبة على وقوعها..

واقوال المعصومين التي توضح اهمية العلامات المؤشرة للظهور البهي وضرورتها لتوجيه الامة وتثقيفها بخريطة الطريق الى الظهور الحتمي الذي هو من وعد الله والله تعالى لايخلف الميعاد ، وصف الرسول الاعظم صلى الله عليه واله تلك العلامات بالعقد: إذا انقطع سلكه، انفرط، ففي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله: ( وما ذلك إلا كهيئة العقد ينقطع، فيتبع بعضه بعضاً)( )..

وفي تظافر العلامات جاء عن الإمام الباقر عليه السلام: (خروج السفياني ، واليماني ، والخراساني ، في سنة واحدة ، وفي شهر واحد ، وفي يوم واحد ، ونظام كنظام الخرز ، يتبع بعضه بعضاً)( ).

والقصد في نظام الخرز: أن العلامة السابقة تكون دليلاً ومنبهة إلى وقوع العلامة اللاحقة...

وفي توجيهات  الإمام الصادق عليه السلام من أن قدام الإمام المهدي علامات للمؤمنين، يعني فيما يعني استعداد المؤمنين لظهور الإمام عليه السلام. من خلال مراقبته لتتابع العلامات ، ولتعريف الناس بشخصه عليه السلام، ليميزوه عن المدّعين المزيفين .

يرى الشيخ المظفر قدس الله روحه في معنى الانتظار : ( ان لا يجعل الناس هملاً كالسوائم( ).

ويرى الصافي الكلبايكاني: (وليعلم أن معنى الانتظار ليس تخلية سبيل الكفار والأشرار، وتسليم الأمور إليهم، والمراهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك الإقدامات الإصلاحية...( )

فأن المراد من الانتظار هو: وجوب التمهيد والتوطئة لظهور الإمام المنتظر (عليه السلام).. وقد ورد عن النبي واله صلوات الله عليهم ما يؤكد هذا المعنى:

8- توكيد المعصومين عليهم السلام على وجود الممهدين قبل الظهور:

1- ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (يخرج رجل يوطىء (يمكّن) لآل محمد، كما مكّنت قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجب على كل مؤمن نصره (إجابته)( ).

2- ما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: (يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي)( ).

3- ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (يأتي قوم من قبل المشرق، ومعهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوه ، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملأها قسطاً، كما ملأوها جوراً ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، ولو حبوا على الثلج)( ).

4- وما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتى يقيموا، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم (يعني الإمام المنتظر - عليه السلام -)، قتلاهم شهداء)( ).

9- النتيجة:

الامام نفسه مصداق لسنة كونية بديهية ، وسنن الله تعالى حتم لا تتغير ولا تتبدل، ولذا فان قيام الامام عليه السلام امر من وعد الله تعالى حتمي لا بداء فيه ، فالله تعالى لا يخلف وعده . وعليه فالإستراتجية المنشودة ، لابد لها مما يلي:

اولا- ان نتوجه الى الكيف والكم في ان نكون من اؤلئك الممهدين الموطئين حيث يكون قتلاهم شهداء بمعنى انهم مرضيين عند الله تعالى في توجههم اليه.

فنضع مناهج للتربية والثقافة  والإعلام والفن وفق توجيهات صاحب الامر عجل الله فرجه الشريف وهي:

أولا : ما جاء في رسالته  عجل الله تعالى فرجه الى الشيخ المفيد:

 ( ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا...)( ).

فلابد ان تتضمن الاستراتجية مناهج تغييرية كبرى لتغير النفوس باتجاه بارئها ولتوحيد القلوب على الوفاء بالعهد لله تعالى على صدق الايمان ، وان يكون لكل منا حصة في تحقق المشروع الإلهي هذا. ونحن نقترح قيام مجلس اعلى للاشراف على استراتجية الاعداد والتمهيد والبرامج التربوية والثقافية والفنية والإعلامية المنبثقة عنها في مشروع كبير موحد باتجاه الظهور البهي لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

ثانيا- ما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال له احدهم: إنهم يقولون: إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفواً ولا يهريق محجمة دم، فقال عليه السلام: »كلا، والذي نفسي بيده لو استقامت عفواً لاستقامت لرسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم حين أدميت رباعيته وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وانتم العرق والعلق ثم مسح جبهته)( ).

الرواية الشريفة تفصح ما يتطلبه منا تحقق المشروع الإلهي الأعظم من عرق وعلق. اي تعب وإراقة دم.

بمعنى ان الاستراتجية المنشودة ليست ميسورة وسهلة دون ما تتطلبه من عرق وما يحتاجه تطبقها من دم.

ثالثا- بما ان مشروع التمهيد والإعداد للظهور البهي هو مشروع رباني عرفنا ذلك من خلال الروايات واستقراء السنن الكونية ومن خلال القران كونه من الوعد الالهي: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين )، وفي اقل الاحوال وعلى شروط الانتظار الايجابي هو تحرك سلمي علمي  تربوي ثقافي فهو عبادة في احسن احوالها فان الله تعالى وبنص القران سوف يكون مع اصحاب هذا المشروع ، والإمام عليه السلام صاحب الامر والزمان يكون ايضا مع المشروع ، وهذا ظاهر في قوله عليه السلام ؛ مخاطباً شيعته: ( أنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم . ولولا ذلك لنزل بكم الأواء واصطلمكم الأعداء . فاتقوا الله جل جلاله . وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم ، يهلك فيها من هم أجله ، ويحمى عنها من أدرك أمله)( ).

اي انه عليه السلام يرعنا في عموم حالنا فكيف ستكون رعايته لنا حين نكون على نهجه سائرين ولغاياته مدركين ولرضاه املين وبوجوده رقيبا علينا مستيقنين ، وللتمهيد لظهوره البهي عاملين ؟

المصادر

1) الرعد – 11.

2) نهج البلاغة : ( الخطبة 188 ، 352 ) ، وايضا في البحار: 52|144 ، ح (63)، ينابيع المودَّة: 436، فيض الاِسلام: 754.

3) جاء في كتاب عصر الظهور  للكوراني (73/  4): (وقد ورد في الأحاديث الشرية أن الإمام المهدي عليه السلام يقضي بين الناس بحكم الله الواقعي الذي يريه إياه الله تعالى ، فلا يطلب من أحد شاهداً أو بينة).

4) البقرة – 44.

5) نهج البلاغة: الخطبة 190.

6) الخصال : ج 2: ص: 740 ، حديث : 400. 

7) الكافي : ج 1 ص 372 ح 6 ، و منتخب الاثر : ص 498 ف 10 ب 2 ح 14.

8) كمال الدين ج 1 ص 253، إعلام الورى ص 375، كفاية الأثر ص 53.

 9) الرعد- 11.

10) الغيبة للنعماني : ص 289 ب 16 ح 6.

  11) بحار الانوار :ج52: ص: 192. كمال الدين/ الصدوق: 331، باب 32، ح 16، بحار الأنوار: 52/191.

12 ) إثبات الهداة 720 / 3 : ح 19 وعن كمال الدين 649 : ح 2 باسناده عن ثعلبة بن ميمون مثله ، وفيه ليس بين قيام قائم آل محمد عليهم السلام . وفي البحار 203 / 52 : ح 30 عنهما وعن أرشاد المفيد 360 : عن ثعلبة بن ميمون باختلاف يسير . وفي كشف الغمة 460 / 2 : والصراط المستقيم 249 / 2.

 13) سنن الترمذي: 4|504 برقم 2229، و صحيح مسلم 3: 1523 برقم: 1920. وكنز العمال: 34496، 34497.

 14) صحيح البخاري: ج2: ص: 6.

 15) عقائد الشيعة، ص 58.

 16) النساء- 59.

 17) كمال الدين 10 / 412 : 2 ، الكافي 3 / 308 : 1 ، غيبة النعماني 5 / 330 : ، حلية لاولياء 224 : 3 ، مسند أحمد بن حنبل 96 : 4 ، مجمع الزوائد . 218 : 5.

 18) القصص-  5.

 19) الكافي : ج1 ص274.

 20) البحار 103 / 52 : ح 7 وعن غيبة النعماني 197 : ح 8 باسناده عن عبدالرحمن بن كثير وص 294 ح 11 عن الكافي: 368 / 1ح 2 باسناده عن عبدالرحمن بن كثير - والامامة والتبصرة 95 : ح 87 بسند آخر عن أبي عبدالله عليه السلام باختلاف

 21) عنه البحار:52 / 103 ح 5 ومنتخب الاثر:463 ح 1 وأخرجه في البحار:4 / 132 عن الكافي 1 / 368 ح 5 باسناده عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن الفضل بن يسار مع زيادة في آخره. وفي البحار:52 / 118 ح 45 عن غيبة النعماني:294 ح 13 نقلا عن محمد بن يعقوب.

 22) كفاية الاثر: 33. ينابيع المودّه، ج 3، ص 309، باب 80; فرائد السمطين، ج 2، ص 338; منتخب الاثر، ص 221.

 23) بصائر الدرجات: 143 والاية في آل عمران: 200. وغيبة النعماني ص 27، المحجة ص 52، ينابيع المودة ص 421، البرهان ج 1 ص 334.

 24) ينابيع المودّة، للقندوزي 398:3 ـ 399، الباب 94 / الرقم 54.

25) فرائد السمطَين 335:2. ينابيع المودّة 397:3 ـ 398، الباب 94 / الرقم 52.

26) الغيبة للنعماني : ص 200 ب 11 ح 16.

27) كنز العمال، ج14، ص611، ح3970.

28) بحار الانوار: ج:52: ص: 232.

29) عقائد الشيعة، ص 58.

30) في انتظار الامام : 6/2.

31) أبوداود : ج 4 ص 108 ح 4290 مصابيح البغوي : ج 3 ص 494 ب 3 ح 4216 كما في ابن داود بتفاوت يسير ، جامع الاصول : ج 12 ص 66 ب 5 ف 1 ح 8851 عن أبي داود . المنذري : ج 6 ص 162 ح 4122 ،

تذكرة القرطبي : ص 699 عن أبي داود بتفاوت يسير ،  مشكاة المصابيح : ج 3 ص 26 ف 2 ح 5458 عن أبي داود . فتن ابن كثير : ج 1 ص 41 ،  مودة القربى : على ما في ينابيع المودة .،  مقدمة ابن خلدون : ص 248 ف 53 عن أبي داود .  عرف السيوطي ، الحاوي : ج 2 ص 59 ، جمع الجوامع : ج 1 ص 997

32) كنز العمال: ، 35126. ابن ماجة : ج 2 ص 1368 ب 34 ح 4088 ، الطبراني ، الاوسط : ج 1 ص 200 ح 287 .

33) سنن ابن ماجة: 2|1376 برقم 4084.

34) القيبة للنعماني: ص 273 ب 14 ح 50.

35) الاحتجاج للطبرسي : 2/325.  البحار : ج 53 ص 174 ب 31 ح 7.

36) النعماني : ص 283 ب 15 ح 1 ، إثبات الهداة : ج 3 ص 543 ب 32 ف 27 ح 525.

37) الاحتجاج ، جـ 2 ، ص 323 .

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك