رفض فراس الاقتران بفتاة أملت عليه أسرتها طلبات وشروط تعجيزية واقترن بأخرى تفهمت وضعه الاقتصادي وآزرته في خوض غمار الحياة، وهما يعيشان حياة سعيدة وهانئة، لذا يشكر فراس زوجته ويشعر بالامتنان لها دائما.
يتأسف فراس لحال الشباب الاعزب، وهو يطالب المجتمع بشرائحه المتعددة وعلى وجه الخصوص أولياء الامور بان يكونوا عونا وسندا لهم لا سيما في قضية غلاء المهور.
موقع الاعلام الدولي تكفل بإيصال صوته عبر التحقيق التالي.
السيد محمد زاهر الخطيب من قسم الشؤون الدينية في العتبة الحسينية المقدسة/ وحدة العقود تحدث عن استحباب تخفيض سقف المهور في الشرع الشريف قائلا يستحب ان يكون المهر متواضعا حيث قال الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا) فغلاء المهور ورفع سقف المطالب يؤدي الى عرقلة مشروع الزواج وزيادة عدد الشباب الاعزب والعوانس، واود ان اوضح ان المهر لا يرفع من شأن المرأة ولا يزيد من احترامها، مضيفا بقوله صادفتنا الكثير من حالات غلاء المهور اثناء اجراء عقود الزواج فمثلا هنالك أسرة اشترطت ان يكون معجل مهر الزوجة 100 مليون دينار ومؤجله 150 مليون دينار، وحينما طالبناهم بتخفيض المهر وكررنا عليهم الطلب ورجوناهم أصبح معجل المهر 25 مليون دينار، ومؤجله 50 مليون دينار وجرى العقد، وأسرة أخرى اشترطت يكون معجل المهر 10 كيلوغرام ذهبا ومؤجله 20 كيلوغرام ذهبا، وهنالك ايضا امثلة أخرى يطول ذكرها، وان الحالات التي اشرنا لها تقف حجر عثرة أمام تزويج الشباب.
وتطرق الخطيب الى دورهم كمبلغين فقال حاولنا بدورنا كمبلغين ان نحد من هذه الظاهرة قدر المستطاع لما لها من جوانب سلبية كثيرة، ومن خلال موقعكم أدعو اولياء الامور الى الابتعاد عن الاسراف في المهور لان ذلك يحول عقود الزواج الى عقود تجارية، فللأسف ان بعض اولياء الأمور يسعون الى رفع اسعار المهور من أجل الكسب المادي والاستحواذ على الاموال، والمهر كما هو معروف في الشرع الشريف للمرأة حصرا وليس لولي الامر.
ونوه أنه لابد للنساء من الاقتداء بفاطمة الزهراء (عليها السلام) فهي قدوة لنا جميعا، وقد وجدنا بعض النساء اقتدت فعلا بالزهراء عليها السلام حيث اشترطت ان يكون معجل مهرها نسخة من القرآن الكريم ومؤجله حج بيت الله الحرام، وعلى النساء ان تدرك ان الزواج الذي يبنى على المال سيبوء بالفشل اما إذا بني على طاعة الله -عزّ وجلّ- والتمسك بمنهج أهل البيت -عليهم السلام- فسينجح ويوفق الزوجان.
شروط مجحفة
الشاب بهاء الدين/ أعزب/ قال ان غلاء المهر يشكل عائقا كبيرا للشاب الذي يروم الزواج لكونه لا يستطيع توفير المبالغ الضخمة التي تطلب منه فيضطر الشباب الى العزوف عن الزواج.
وأوضح ان سقف مطالب الفتاة وأهلها ارتفع في وقتنا الحاضر إذ ان أسرة الفتاة تشترط على الشاب ان يمتلك بيتا خاصاً به او ان تكون لديه سيارة، او وظيفة محترمة، ناهيك عن التكاليف الباهظة لمهر الفتاة، مضيفا بسبب هذه الشروط قرر أحد أخوتي ان يتخلى عن خطيبته ويقترن بأخرى .
وتابع ان تجاوز مهر الفتاة التي اتقدم لخطبتها الحد المتعارف عليه سيجعلني حتما أرفض الاقتران بها لكوني لا اتمكن من توفير ما تطلبه.
الشاب علي الجبوري يتفق مع بهاء الدين في قضية غلاء المهور وذكر ان المهر المرتفع يقف مانعا أمام نجاح مشروع الزواج بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وقلة أجور العمل الحالية وغلاء السوق.
وأكد قائلا لن ارتبط بفتاة تطالبني بما لا أقوى على تحمله من تكاليف وأعباء مادية لما فيها من آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية على الاسرة، وبالتالي سوف لن أنعم بحياة زوجية سعيدة .
حق شرعي وقانوني
فيما تدافع الشابة (نرمين) عن حقها في اشتراط مهر تراه مناسبا لها، قائلة لا أجبر احدا على شيء، وما اطالب به من مهر هو حقي الشرعي والقانوني، مضيفة لست مضطرة للزواج بشاب لا يستطيع توفير تكاليف المهر، وليس لديه منزل خاص به، لدي شروط لا اتخلى عنها، ومن يروم تنفيذها اقبل به زوجا لي بعد ان تتوفر لدي قناعة بشخصيته.
نتائج مخيبة
الإعلامي السيد علاء الحسني قال ان المهور اصبحت عبارة عن صفقات تجارية يعقدها أهل الزوجة مع الزوج للأسف، فمسألة غلاء المهور غير محببة في الشريعة الاسلامية، وهي مخالفة لما فعله أئمتنا صلوات الله عليهم، فضلا عن انها تلقي بضلالها على نتائج الزواج في المستقبل، واثبتت الدراسات ان الزواج الذي يبنى على أساس مادي وتشترط فيه الزوجة مهرا مرتفعا يكون عرضة للفشل.
انتكاسة رهيبة ومشاكل جمة
الباحث الاجتماعي عبد الكريم العامري بيّن ان التعامل بين افراد المجتمع خصوصا فيما يتعلق بمهر الزوجة تحول من تعامل اجتماعي ديني اسري معنوي الى تعامل مادي اقتصادي احيانا بسبب الحروب والحصار الاقتصادي، وضعف رواتب الاسرة ومتطلبات الابناء في البيت، وبالتالي انعكست هذه الاوضاع على الفرد وتركت تأثيرا سلبيا في نفسه.
وأوضح ان اشتراط بعض الاسر مهورا باهظة على الشباب يجعلهم يعزفون عن الزواج وفي هذه الحالة ستزداد العنوسة ويعيش الطرفان انتكاسة رهيبة تؤدي الى عدة مشاكل منها البحث عن الرغبة الجنسية بطرق غير شرعية وغير قانونية وذلك يؤدي الى الانحراف عن المسار الصحيح.
واستطرد الباحث بحديثه فقال هناك تبعات اقتصادية يخلفها المهر المرتفع تؤثر على الشاب لان الكثير من الشباب يصرف امواله على المهر المفروض عليه وبعد الزواج سيؤثر ذلك على دخله المعيشي خصوصا اذا كان مستدينا فإن هناك الكثير من الشباب اليوم يقوم باقتراض مبالغ مالية لغرض اكمال زواجه الامر الذي يجعله منهكا اقتصادياً و مربكاً، بالتالي يؤثر ذلك على كيان الأسرة الجديدة لان الشاب قد يجد نفسه مضطراً الى السرقة والانحراف والتزوير او الطلاق.
ونوه ان المهور المتواضعة تعتبر عاملا يشجع الشباب على الزواج وبالتالي القضاء على ظاهرة الانحراف والتفكك الاسري والاجتماعي الحاصل.
حالة وسطية
سارة الفتلاوي ترى ان المهر يجب ان لا يكون مرتفعا جدا ولا منخفضا، بحيث يتماشى مع الوضع الاقتصادي والحالة المادية للزوج فالحالة الوسطية هي الانسب للطرفين على حد وصفها.
بناء اجتماعي سليم
فيما قالت ليلى امير لا تهمني قيمة المهر انما تهمني اخلاق الشخص ووعيه وثقافته فمسألة الزواج ليست مسألة مصالح اقتصادية او مصدر كسب مادي وتفاخر انما الزواج هو بناء اجتماعي يجب ان يكون اساسه سليما ومعافا.
الاقتداء بالقدوة
الصحفي حسون الحفار ان ظاهرة غلاء المهور تعود الى عدة اسباب لعلّ واحدا من تلك الاسباب هو كثرة الطلاق، و يصرح الكثير من القضاة ان الطلاق اصبح اكثر من الزواج، ولهذا السبب ان اهل الزوجة وليس الزوجة بالتحديد يطلبون مهرا غاليا لكي لا يستطيع الزوج تطليق الزوجة، ولكن هذا الامر غير صحيح لان الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا) والرسول الاكرم هو قدوة لنا جميعا، وعلينا ان نلتزم بما يوصينا به، كما ان السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كان مهرها متواضعا وهي سيدة نساء العالمين وحري بالنساء اقتفاء اثرها.
زواج مثمر
الاديب طالب عباس الظاهر ان مشروع الزواج من اكبر المشاريع الكونية كونه النواة الاولى التي تبني المجتمع، ويفترض ان ينطلق هذا المشروع وفق تفهم الزوجين وانسجامهما بعيدا عن التعقيد، فاذا بني الزواج على البساطة والتواضع سيكون ناجحا و مثمرا.
وأوضح البعض يعتقد ان غلاء المهر يجلب السعادة بينما هو العكس تماما حيث ان المهر يفترض ان يكون ضمن الميسر بحيث لا يرهق الزوج المتقدم لخطبة الفتاة، و في ذات الوقت ينبغي ان لا يكون هناك اجحاف بحق الفتاة اي وفق ما هو متعارف عليه او حسب امكانية الزوج، وارى ان الزواج المبارك هو الزواج الذي يخلو من الغلو والاسراف المادي، وان هذا الغلو يأتي من الافتقار للوعي فالسعادة الزوجية لا تشترى بالمال.
تحقيق: فضل الشريفي-ابراهيم العويني