واظب كبار علماء الشيعة على قراءة زيارة عاشوراء ووجدوا فيها أفضل وسيلة للتقرب إلى الله تعالى وسرعة في قضاء حوائجهم لا سيما إذا واظب عليها الانسان مدة أربعين يوماً متواصلة، وفي فضل زيارة عاشوراء وأثارها العجيبة في قضاء الحوائج العظيمة، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام):
\\\\تعاهد هذه الزيارة وأدع بهذا الدعاء (دعاء علقمه بعد الزيارة) وبه فإني ضامن على الله لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة وسعيه مشكوراً وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله تعالى بالغة ما بلغت ولا يخيب يا صفوان\\\\.
وينقل العارف عباس النجفي القوجاني: \\\\كان في ذمة أبي مبلغ من المال وكان أبي عاجز عن سداد هذا المبلغ، وكتب لي يشرح فيها حالته فصممت أن أقرأ زيارة عاشوراء ولمدة اربعين يوماً وعلى سطح مسجد السلطان الصفوي وطلبت ثلاث حاجات: الاولى أداء قرض والدي، والثانية طلب المغفرة، والثالثة الزيادة في العلم والاجتهاد\\\\، ويواصل القوجاني سرد هذه الحادثة: \\\\كنت أبدا بالقراءة قبل الظهر واتمها قبل أن يزول الظهر، ولما رأيت سرعة تأثير الزيارة لقضاء الحاجة في الأمور الصعبة وأطمان قلبي على تأثيرها في قضاء الحوائج عزمت في أيام شهر المحرم الحرام وصفر أن أقرأ الزيارة لمدة أربعين يوماً لحاجة أهم، فكنت اصعد على سطح مسجد السلطان باهتمام كثير واحتياط تام مراعيا استقبال القبلة والكون تحت السماء وبعد مضي الايام وختم الاربعين رأيت في المنام مبشرا يقول: \\\\وصلت الى مرادك\\\\.
ويقول الشيخ حسين الكوراني العاملي في حديث له نقلته مجلة شعائر التي تعنى بالمعرفة الإسلامية والثقافة الأخلاقية، والصادرة في لبنان في جمادى الثانية 1431 - أيار 2010: \\\\مَن قرأ زيارة عاشوراء، فقد دخل في ضمان الله تعالى في عنوانٍ عظيم هو: (ثواب المقرَّبين)، ومَن دعا بعدها بدعاء «صَفْوان» المعروف بدعاء عَلْقمة، دخل – بالإضافة إلى ثواب المقرّبين في عنوانٍ عظيم هو (قضاءُ الحوائج بالغاً ما بلغ) في طلبها\\\\.
الروايتان الأبرز لزيارة عاشوراء
الأولى: مرويّة عن الإمام الباقر (عليه السلام)، وليس فيها حديثٌ عن قضاء الحوائج، بل يتركّز الحديث فيها عن ثوابٍ يُبهر العقول، هو ثواب يُعطيه الله تعالى لأقرب الخلق إليه سبحانه.
الثانية: مرويّة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وهي خاصّة بقضاء الحوائج، والروايتان كما يلي:
الرواية الأولى عن الإمام الباقر (عليه السلام):
قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة: \\\\شرحُ زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) في يوم عاشوراء من قرب أو بُعد: روى محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
\\\\مَن زار الحسين بن عليّ (عليهما السلام) في يوم عاشوراء من المُحرّم، حتى يظلّ عنده باكياً، لقيَ اللهَ (عزّ وجلّ) يومَ يلقاه بثواب ألفَي حِجَّة، وألفَي عُمرة، وألفَي غزوة، ثوابُ كلّ غَزْوَةٍ وحِجّةٍ وعُمرة، كَثوابِ مَن حجَّ واعتمرّ وغزا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومع الأئمّة الراشدين\\\\.
قال: قلت: جُعلت فداك، فما لمَن كان في بعيد البلاد وأقاصيها، ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ فقال:
\\\\إذا كان كذلك برزَ إلى الصّحراء، أو صعدَ سطحاً مرتفعاً في داره، وأوْمَأ إليه بالسلام واجتَهدَ في الدّعاء على قاتلِيه، وصلّى من بعدُ ركعتَين، وليكُن ذلك في صدرِ النّهار قبلَ أنْ تزولّ الشمسُ، ثمّ لِيَندب الحسينَ عليه السلام ويَبكيه، ويَأمر مَن في دارِه ممّن لا يتّقيه بالبكاءِ عليه، ويُقيم في دارِه المصيبة بإظهارِ الجَزَع عليه، ولْيُعَزِّ بعضُهم بعضاً بِمصابِهم بالحسين عليه السلام، وأنا الضامنُ لهم إذا فعلوا ذلك - على الله تعالى - جميع ذلك.
الرواية الثانية عن الإمام الصادق (عليه السلام):
قال الشيخ الطوسي (عليه الرحمة): \\\\روى محمّد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة، قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال، وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغريّ بعد ما خرج أبو عبد الله الصادق (عليه السلام)، فسرنا من الحِيرة إلى المدينة، فلمّا فرغْنا من الزيارة صرف صفوان وجهَه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) فقال لنا: تزورون الحسين (عليه السلام) من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين (عليه السلام) من هاهنا؛ وأومأ إليه أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) وأنا معه، قال: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في يوم عاشوراء، (أي الزيارة التي تقدّم أنّ الإمام الباقر (عليه السلام) علّمها لعلقمة) ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين (عليه السلام) وودّع في دبرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً وجهُه نحوَه، وودّع، وكان في ما دعا في دُبُرِها: \\\\يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ يا مجيبَ دعوة المضطرّين\\\\.. (وأورد تمام الدعاء الذي يدعى به بعد الزيارة وقد اشتهر خطأ بدعاء علقمة، والصحيح: دعاء صفوان).
زيارة عاشوراء ضمانٌ الله تعالى
ونقل الشيخ الكوراني في مجلة الشعائر قول صفوان: قال لي أبو عبد الله (الصادق) عليه السلام: يا صفوان، إذا حدَث لكَ إلى الله حاجةً فزُر بهذه الزيارة من حيثُ كنتَ، وادعُ بهذا الدعاء وسَلْ ربَّك حاجتك تأتِك من الله، واللهُ غيرُ مخلفٍ وعدَه ورسولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم بمنِّه والحمد لله.
وزيارة عاشوراء إذاً هي من كلام الله تعالى؛ فهي في صفّ الأحاديث القدسيّة كما يصرّح بعض العلماء، وقد تمّ التخطيط لها في فترة نزول الوحي على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إلّا أنّ إعلانها كان على مرحلتين: الأولى: على يد الإمام الباقر (عليه السلام) والثانية: بإضافة عنوان (قضاء الحوائج) كانت على يد الإمام الصادق (عليه السلام) فلا عجبَ أن تكون هذه الزيارة الإلهية، الزيارة الأشهر عبر الأجيال، وأن تكون وِرد المحمّديين عبر القرون.