الوطنية عطاء بغير حدود

1348 2014-08-18

 محسن وهيب عبد

رن جرس الهاتف ليلا من احدى محافظات الجنوب ليبشرني انه تطوع استجابة لنداء المرجعية الرشيدة بالجهاد الكفائي، وقد قبلوا تطوعه، وعلمت من حديثه نبرت الفرح العارم، وما وسعني الا ان اهنئه، وكان يريد مني ان اذهب الى ضريح الحسين عليه السلام واصلي له ركعتين قربة لله تعالى واسال الله تعالى له ان يرزقه الشهادة.

وعدته ان افعل انشاء الله تعالى شرط القبول، وشكرني ممتنا ونبرة الفرح بادية عليه وعلى حديثه معي، ثم ودعني وقفل الخط، وعدت لانام، لكني لم استطع، اذ انتابني التساؤل.

فاول مرة اسمع من هذا الشيخ والذي عرفه ابناء الجنوب كلهم وربما العراق كله، والذي بلغ الخامسة والسبعين من العمر نبرة الفرح! كيف قبلوا تطوعه وهو في هذه السن! فالمعروف عنه انه كان دوما يلبس كفنا ويحمل فانوسا و(مهفة) ويتظاهر حاملا مكبر الصوت ولو لوحده من اجل الكهرباء وانقطاعاتها المتكررة وغير المبررة، وليفضح الفساد المتسبب في الازمة والاموال التي هدرت دون طائل، ولينكل بالوعود الكاذبة التي اطلقها المسؤولون بنهاية معضلة الكهرباء دون جدوى.

حتى حين دعاه رئيس الوزراء من اجل ان يفاوضه ليكف عن تظاهراته، اخذ معه مهفته وفانوسه، وطلب مني ان اكتب له ما يريد ان يعرضه على رئيس الوزراء، وعندما عاد سالته عما جرى، كان متبرما لا يرى وجها للخلاص من هذه الازمة وكأنها قدر العراقيين كما يقول!

اخذت اتامل كل هذه الصور مع هذا الشيخ الجليل، وعلمت ان فرحه الغامر بقبوله متطوعا، وان كان ربما ليتخلصوا منه ومن تظاهراته ولو مؤقتا، الا انه لاشك توفيق كبير لهذا الشيخ الكريم وكرامة له من الله تعالى ان يكون في صفوف المجاهدين المتطوعين لتلبية نداء وكيل الامام المعصوم .

فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال: (جاهدوا في الله القريب و البعيد و في الحضر و السفر فإن الجهاد باب من أبواب الجنة و إنه ينجي صاحبه من الهم و الغم).

وقال الامام علي عليه السلام: (ان الجهاد باب من ابواب الجنة فتحه اللّه لخاصة اوليائه , وهو لباس التقوى ,ودرع اللّه الحصينة , وجنته الوثيقة).

نعم؛ الجهاد؛ باب لخاصة الاولياء.. انه توفيق كبير جدا لا يناله الا ذو حظ عظيم.

هذا الرجل في عقد عمره الثامن وجسده النحيف ومرضه الملازم له، جاءني بعد ان دخل مع المتطوعين الشباب، في مجموعة منهم وبشره واضح وعيناه اكتسبتا بريقا لم اعهده فيهما، ففرحت لفرحه وتمنيت ان لو اخذ السياسيون شيئا من عقيدة هذا الشيخ في الايثار لوطنه حتى انه نسي مصائبهم وما جنوه على العراق كما نسي ضعفه بالشيخوخة وبالمرض.

ان الوطنية تعني العطاء بلا حدود فالوطن ام يعطي كما تعطي الام عطاءً بغير  حدود.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك