مسلمو بلجيكا ثقافة دينية معتدلة

1762 2013-07-17


عدد الدراسات التي أجريت مؤخرا في بلجيكا والتي بينت بان هناك ارتفاعا ملحوظا بنسبة كبيرة في عدد المسلمين خصوصا في العاصمة بروكسل إذ يصل عددهم حوالي 250 ألف مسلم من عدد السكان الكلي و البالغ مليون شخص، أصبح من الضروري تسليط الضوء على طبيعة الثقافة الإسلامية هنالك وحجم الترابط الاجتماعي.
بالرغم من التقارير التي تشير لوجود المسلمين قبل أكثر من قرن في بلجيكا لكن عام 1963 شهد البادرة الأولى لاستقطاب أيدي عاملة من المغرب العربي ولتكون العام الذي يدخل المسلمون هذه البلاد وبشكل دفعات كبيرة وقد ازداد الطلب على الأيدي العاملة لتكون هنالك مجاميع أخرى من تركيا. وتعتبر مرحلة الثمانينيات من القرن المنصرم فترة انتشار مذهب أهل البيت عليهم السلام وبشكل واسع حيث يعتبر مسجد الإمام الرضا عليه السلام إحدى المؤسسات التي تجمع فكر أهل البيت عليهم السلام.
إن ازدياد أعداد معتنقي الإسلام أدى إلى توجه الأنظار إلى هذا الدين الذي يدعو للسلم ونبذ العنف لكن هذا الازدياد لم يلق المكانة اللائقة في المجتمع الأوربي والبلجيكي حيث يرى عالم الاجتماع البلجيكي فليس داسيتو" إن الإقبال على الدين الإسلامي يجب ان ينال مكانة مرموقة عند الحكومة لأن المسلمين استطاعوا إن يؤسسوا شبكة من المراكز الثقافية والدينية".
ويعيش في بلجيكا حاليا زهاء نصف مليون مسلم حسب تقديرات بعض المختصين، معظمهم من المنتمين إلى الجالية الوافدة من البلاد الإسلامية وتحديدا من المملكة المغربية وتركيا وألبانيا بشكل رئيسي ، إلى جانب مختلف الجنسيات الأخرى.
ويعد المركز الإسلامي والثقافي في بلجيكا أحد أهم المراكز الإسلامية في غرب أوروبا على الإطلاق وأحد المنارات المتقدمة للدين الإسلامي في أوروبا.
وقد أنشئ المركز عام 1936م في مبنى صغير مستأجر في أحد أحياء بروكسل المتواضعة. وفى عام 1967م قام الملك البلجيكي الراحل بودوان الأول بإهداء جزء من متحف الآثار الدائم لمدينة بروكسل الذي يقع في أحد أجمل مواقع العاصمة البلجيكية وعلى بعد أمتار معدودة من مقر المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، ليكون بعد ذلك مسجدا ومقرا للمركز الإسلامي الثقافي.
واعترفت الحكومة البلجيكية إثر هذه المبادرة عام 1968م بالدين الإسلامي كدين رسمي في البلاد، مما يعد سابقة في تاريخ تعامل الحكومات والدول الأوروبية مع الحضور الإسلامي في أوروبا.
وصادقت الدولة البلجيكية عام 1975م بإدخال دروس التربية الإسلامية ضمن البرامج المدرسية لأبناء الجالية في بروكسل.
وفى عام 1986م تم افتتاح أول مسجد في مطار العاصمة البلجيكية تحت إشراف المركز الإسلامي.
بعد احداث سبتمبر..
ينص الدستور البلجيكي باحترام حقوق الآخرين من حيث الحريات الفكرية والدينية، لكن ما واجهه المسلمون بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر غيّر مسرى الحياة في بلجيكا فقد تأثرت الكثير من الجاليات المسلمة هناك وقد تحدث عبد السلام العريبي من منظمة حقوق الإنسان الأوروبية ببروكسل والناشط في مجال حقوق الجاليات العربية: "إن المسلمين قبل أحداث سبتمبر كانوا يعيشون كأية أقليات دينية أخرى، تمارس عقائدها الدينية في حدود ما يسمح به الدستور من مساواة في الحقوق، باستثناء بعض التصرفات العنصرية التي كان يواجهها بعض الأفراد، والتي كانت في الغالب تصرفات فردية من عناصر يمينية متطرفة، تلك التي تعادي الأجانب بصفة عامة".
ويقول العريبي" إن أحداث سبتمبر تسببت في ردود فعل سلبية على الجاليات العربية مدفوعة بالدعاية الأمريكية الصهيونية بأن المسلمين وراء كل الأحداث الإرهابية، وهذا الجانب جعل الدول الأوروبية تتشدد في التعامل مع المسلمين وتضع أنشطة الجاليات تحت الرقابة، فتحظر ما تحظر منها، وتحجر على أموالها وتصادرها أو تجمدها، وفي هذا خسارة كبيرة للمسلمين في أوروبا، خاصة المنظمات التي لها توجهات خيرية في مساعدة وإنقاذ فقراء المسلمين في العالم والمنكوبين منهم".
ويضيف" لقد ساعدت الأحداث على محاصرة المسلمين في أرزاقهم ببلجيكا، فأصبح كثير من أصحاب العمل يرفضون تشغيل المسلمين، أو حتى تشغيل كل من يحمل اسما مسلما أو عربيا، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تراكمات سلبية بمرور السنوات ليحول المجتمع المسلم في بلجيكا إلى مجتمع أكثر فقرا ".
ويختم العريبي" إن هناك جانبا إيجابيا للهجمات تمثل في تسريع الحكومات الأوروبية بإعطاء المسلمين حقوقهم الدستورية كاملة، حتى لا يؤدي غياب هذه الحقوق إلى غضب وانفجار،يؤدي إلى أعمال عنف أو إرهاب، "حيث شهدنا ظهور أول مجلس إسلامي أوروبي عام في فرنسا، واتحاد لمجالس إسلامية عديدة. وهكذا كسب المسلمون ورقة مهمة ورابحة بتوحدهم وتجمعهم عبر هذه المجالس لإعلاء كلمة الإسلام وتقديمه بصورة صحيحة للغرب ".
أما كريم عبد الله وهو أستاذ في اللغة العربية وهو مسلم بلجيكي الأصل فيقول" إن المسلمين كانوا يعيشون في سلام نسبي في بلجيكا وكل الدول الأوروبية ، ولكن أحداث سبتمبر تسببت في الإطاحة بما كان يتمتع به المسلمون في بلجيكا من سلام اجتماعي، فقد صعدت الأحداث العداء ضد الإسلام والمسلمين، وجعلتهم في بؤرة اتهام دائم ومستمر من قبل السلطات، ومحل اشتباه ومصدر خوف من جهة الأوروبيين، فأصبح مشهد السيدة بغطاء الرأس يثير القلق والتوتر، ومشهد الرجل ذي اللحية يثير المخاوف من العنف والإرهاب".
ويضيف" لكن الأحداث في ذات الوقت أحدثت نوعا من اليقظة لدى المسلمين في العالم، فبدأوا تحركات إيجابية للتوحد والتجمع معا، ومد جسور الاتصالات فيما بينهم للتشاور في شؤونهم والتعاون على ما يواجههم من حصار أو اتهامات في الغرب، كما أفرزت الأحداث عملية تصفيات للعناصر المتطرفة التي تسيء للإسلام داخل المنظمات والمؤسسات الإسلامية، فتم نبذ هذه العناصر تلقائيا حتى في داخل المنظمات والمؤسسات الإسلامية نفسها، أو تم تحييد مسار هذه العناصر وتصحيح توجهاتها، وبذلك كسب المسلمون عملية إصلاحات داخلية في مؤسساتهم في بلجيكا بصورة ملحوظة، ولكن نتائج هذه الإصلاحات لن تظهر الآن، بل ستتضح بجلاء بعد أن تنتهي هذه الموجة العالية من العداء للإسلام والمسلمين وتهدأ، وأنا أعتبرها موجة أو صرعة عداء ستهدأ بالفعل وتعود إلى معدلها الطبيعي، لأن العداء للإسلام قائم في كل زمان ومكان كما يذكر القرآن الكريم".
السكان
لا يمكن إعطاء أرقام دقيقة للتعداد السكاني لمسلمي بلجيكاحيث يحظر إجراءالتعدادات الدينية أو العرقية في بلجيكا ومعظم الناس الذين لهم جذور في الدول الإسلامية حسب إحصائيات سنة 2008 يظهر أن 6٪ من سكان بلجيكا حيث يبلغ عددهم 628,751 مسلم سواء كانوا سنة أو شيعة أو علويين أو أحمديين. تبلغ نسبة المسلمين 25،5٪ من سكان بروكسل، 4٪ من والونيا، 3،9٪ من فلاندرز. غالبية المسلمين البلجيكيين يعيشون في المدن الكبرى مثل أنتويرب، بروكسل، وشارلوروا.وفي عام 2009 كان اسم محمد الأكثر شعبية فقد تم تسمية المواليد به في بروكسل وأنتويرب وهما أكبر مدينتين تضمان الجالية الإسلامية في بلجيكا.
اهم المراكز والمؤسسات
1- المركز الاسلامي الثقافي الشيعي
2- مسجد الإمام الرضا عليه السلام
3- ركز الزهراء (عليها السلام)
معلومات عامة
بلجيكا مملكة تقع في الشمال الغربي من أوربا مساحتها (513ر30) كيلو متر مربع وعدد سكانها أكثر من عشرة ملايين نسمة أما العملة فهي الفرنك البلجيكي. وينتمي معظم الشعب البلجيكي إلى فئة الفلمنكيين الذين يشكلون حوالي 55 بالمائة من سكان بلجيكا وهم من سلالة الفرانكيين وهي قبائل جرمانية احتلت ما يعرف ببلجيكا في القرن الخامس الميلادي ويتكلمون اللغة الهولندية.والوالون حوالي 30 بالمائة ، ويرجع نسبهم إلى قبائل السلتية التي عاشت في المنطقة إبان الاجتياح الفرنسي، ويتكلمون اللغة الفرنسية.
)المعلومات حسب موقع اسلام ويب (
التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك