دخان النفط العراقي لابد ان يكون وراءه نار … اليس كذلك؟


تناقلت وكالات الانباء العالمية في مختلف انحاء العالم تفاصيل (ما اسمته) اكبر عملية رشوة في العالم في مجال النفط العراقي بعد تحقيق اجرته Fairfax Media وهي من اكبر المؤسسات الاعلامية في استراليا ونيوزيلاندا ولها ارتباطات بمؤسسات اعلامية امريكية كانت مشاركة لها في هذه التحقيقات التي قالت انها دامت ما يقارب ٦ شهور. 

طبعاً لنأخذ نبذة جداً مختصرة عن النفط العراقي الذي تم تأميمه ليصبح بيد شركة النفط العراقية عام ١٩٧٩ وتم طرد شركات النفط الاجنبية المحتكرة آنذاك. 

شركة نفط العراق الشهيرة بتسمية (IPC) هي التسمية التي اطلقت على شركة النفط التركية بعد سقوط الدولة العثمانية. قامت الشركة باستخراج النفط لاول مرة في حقل بابا كركر في عام 1927. حصلت الشركة على موافقات متعددة لاستخراج النفط في المملكة العربية السعودية والكويت ودبي وكانت الشركة تمتلك حقوق استخراج النفط في تلك الحقول حتى عام 1961.

في عام 1961 قام رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم بتشريع القانون رقم 80 الذي بموجبه حدد عمل الشركات الاجنبية بالحقول التي كانت تعمل بها دون السماح لها باكتشاف حقول جديدة وفي عام 1964 تم تأسيس (شركة النفط العراقية الوطنية) من اجل البحث عن حقول جديدة واستثمارها وفي عام 1972 تم تاميم مجموعة شركات نفط العراق المحدودة (IPC) من قبل الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر. 

عند احتلال العراق من قبل القوات الامريكية الغازية عام ٢٠٠٣ الشيء الوحيد الذي قامت تلك القوات بحمايته هو وزارة النفط وتركت المتاحف والبنوك ومؤسسات الدولة لكي تستباح من قبل عصابات اغلبها قدمت من خارج الحدود على مرأى من تلك القوات. بعد ذلك من عام ٢٠٠٣ الى حد هذه اللحظة عم العراق فوضى في كافة الجوانب ونخص هنا بالذات ثلاثة منها هي الجانب السياسي والجانب الامني والجانب الاقتصادي. جميع هذه الامور وغيرها لعب فيها تفشي الفساد والرشوة وفشل حكومة نوري المالكي وما سبقه وما لحقه تدهور في الامور العامة والخاصة للبلد وتمزقه. وواحدة من اهم الامور التي ادت الى جميع ذلك هو الرشاوي التي يتقاضاها المسؤولون الكبار عن عقود يتم بيعها بواسطة هذه الرشاوي الى الشركات الاجنبية. وهنا لابد ان نشير الى ان الشركة الاجنبية المستعدة لدفع رشاوي بالملايين للفاسدين لابد ان تكون هي فاسدة لاتصلح ان تبني لانها سوف لن تكون منصفه ومهنية في عملها التي ابتدأته بالفساد والرشوة. هناك العديد من تلك العقود مثل عقد وزارة الدفاع مع روسيا التي اكتشفته تلك الدولة (وطمطمهُ) العراق اي حكومة نوري المالكي آنذاك ولم نسمع عنه بعد ذلك شيء!!! كما ولم نسمع عن Explosive Detectors كاشفات المتفجرات التي اشتراها العراق كذلك في عهد حكومة نوري المالكي بملايين الدولارات وهو يستخدمها لحد هذه اللحظة بينما في بريطانيا تم سجن رجل الاعمال البريطاني (جم مكورمك) بعد محاكمته وادانته ببيع معدات غير فعالة (ونعيد هنا العراق لحد هذه اللحظة يستخدم هذه ال Toys رغم اعتراف الشركة المصنعة بانها لاتنفع)!! . حينها قال مكورمك الذي وجد لديه ١٥ حساب بنكي لمسؤولين عراقيين قال ان هؤلاء المسؤولين لايهمهم كم عراقي سيقتل بل يهمهم كم ستدفع له!!!! 

واليوم ومن اخطر قضايا الفساد والرشاوي التي ظهر دخانها بطلها حسين شهرستاني الذي فشل فشلاً ذريعا في وزارة النفط فاعطي وزارة الطاقة ثم فشل فاعطي تكريما لفشله وزارة التعليم العالي وخير دليل لفشله هو طرده من قبل طلبة جامعة المثنى … اليوم عرفنا لماذا كان شهرستاني لايرغب في وزارة التعليم العالي لانها لاتمتلك عقوداً يسيل لها اللعاب مثل عقود وزارة النفط.. 

التحقيق الاستقصائي الذي اصبح موضوع العالم اليوم شمل اسماء العديد من منتسبي وزارة النفط في المراكز رفيعة المستوى ومنهم وزير نفط سابق هو عبد الكريم لعيبي ايضاً من وزارة نوري المالكي وضياء جعفر مدير شركة نفط الجنوب وكفاح نعمان وعدي القرشي في نفط الجنوب. كما ووردت اسماء اخرى مثل باسل الجراح كعنصر ارتباط مع شركة نفط Unaoil التي يمتلكها (الايراني) (احساني عطا) ومقرها في (امارة موناكو). وقد اعتبرت امارة موناكو بعد طلب من السلطات البريطانية المعنية هذه القضية من الجرائم الكبرى فقامت بمداهمة مقار عديدة لتلك الشركة وبدأت فوراً باجراء تحقيقات مهمة. وان تدخل السلطات البريطانية كان لان هناك شركات نفط وسماسرة ورجال اعمال بريطانيين مشمولين بهذه الفضيحة بتقديم رشاوى من اجل عقود النفط .. 

امتدت فضيحة الفساد هذه منذ عام ٢٠٠٤ حتى عام ٢٠١٤ وقد تناقلت وكالات الانباء عن مبالغ تصل الى اكثر من عشرين مليون دولار قدمت فقط الى حسين شهرستاني ناهيك عن عشرات الملايين من الدولارات تم تقديمها الى مسؤولين عراقيين اخرين لعل التحقيقات سوف تكشف من نتفاجأ به …. 

قلنا سابقاً في مقالة اخرى ان حسين الشهرستاني باع نفط العراق بثمن بخس الى شركات النفط الفاسدة … وهو وغيره سبب مباشر للخراب والتخلف والجوع والمرض والدماء والدموع التي يعاني وعانى منها العراقييون كشعب … حسين الشهرستاني وكريم لعيبي وغيرهم هم وزراء في حكومة نوري المالكي فاما ان يكون نوري المالكي قد غطى عليهم فسادهم ليغطوا هم عليه او انه لايعلم بما يفعلون وما يبرمون وهذه اشد واقسى وفي كلا الحالتين يجب ان يقدم هو كذلك للقضاء … 

اليوم السلطات في بريطانيا وفي موناكو تحقق في الامر وغداً ستظهر نتائج مرعبة فماذا سيفعل القضاء العراقي ؟ هل سيبقى يغطي على الفساد والفاسدين والمرتشين ويعرض نفسه لاهانة ليس فقط داخلية بل سيكون مضحكة للعالم اجمع ! وهل سيبقى حيدر العبادي تحت سلطة احزاب فاسدة ام يستقيل لكي يعطي لنفسه فرصة التحرر واتخاذ الاجراءات الحرة الوطنية دون ضغوط ومماحقات تمارس عليه من هذا وذاك .. ؟ ومن ناحية اخرى متى ستيم اصلاح القضاء العراقي الذي سكت وصمت كصمت الشياطيين على هذه الامر وغيرها ناهيك عن تفشي مرض الفساد الذي انتشر وباءه في العراق بعد عام ٢٠٠٣؟ 

على الشعب العراقي ان يستمر بثورة تقلع الفساد من جذوره لان الاصلاح بابدال حكومة ووزراء فقط هو تقليم لفروع فاسدة مع ابقاء الجذور التي يجب ان تقلع حتى لاينمو الفساد من جديد … والجذور هي الطائفية التي تبنى عليها المحاصصة .. فهي الجذور …. العراق بحاجة الى تطهير من الفساد والفاسدين والمرتشين وليس الى اصلاح ترقيعي …. ولنعيد هنا ما قاله البريطاني (جم ماكورمك) حيث قال عن المسؤولين العراقيين الذين باع لهم الكاشفات المزيفات : قال ان هؤلاء لايهمهم كم يقتل او يموت من العراقيين بل يهمهم كم تدفع له؟؟؟!!! 

النفط العراقي الذي تم تأميمه عام ١٩٧٩ باعته حكومات ما بعد الاحتلال الامريكي البغيض الى شركات تدفع رشاوي فماذا يرتجى منها … ناهيك عن كون ذلك خيانة عظمى …. 

السؤال هو هل سيتم التغطية على هذه الفضيحة ام ستكون باب لفتح الملفات الاخرى …. نرجو والشعب يجب ان يعمل من اجل الخيار الاخير …

 

 الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي 

 

 

 

 *الاراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الاعلام الدولي

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك