ماذا تعرف عن يوم التروية وخروج الإمام الحسين (ع) من مكة الى العراق؟


 يوم التروية

التروية لغةً واصطلاحاً

ورد في كتاب لسان العرب: «وتَرَوّى القوم ورووا: تزوّدوا بالماء، ويوم التروية: يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذي الحجّة، سُمّي به لأنّ الحُجّاج يَتَروّوْن فيه من الماء وينهضون إلى مِنىً، ولا ماء بها فيتزوّدون ريّهم من الماء، أي يسقون ويستقون»(1).

عن عبيد الله بن علي الحلبي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: سألته لم سُمّي يوم التروية يوم التروية؟ قال: «لأنّه لم يكن بعرفات ماء، وكانوا يستقون من مكّة من الماء لريّهم، وكان يقول بعضهم لبعض: ترويتم ترويتم، فسُمّي يوم التروية لذلك»(2).

وقال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ إبراهيم (عليه السلام) أتاه جبرائيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال: يا إبراهيم ارتوِ من الماء لك ولأهلك، ولم يكن بين مكّة وعرفات ماء، فسُمّيت التروية بذلك...»(3).

فضل الخروج يوم التروية

قال الإمام الصادق(عليه السلام): «يخرج الناس إلى منىً من مكّة يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجّة، وأفضل ذلك بعد صلاة الظهر، ولهم أن يخرجوا غداة أو عشية إلى الليل، ولا بأس أن يخرجوا ليلة يوم التروية، والمشي لمن قدر عليه في الحجّ فيه فضل، والركوب لمن وجد مركباً فيه فضل أيضاً، وقد ركب رسول الله(صلى الله عليه وآله»(4).

أعمال يوم التروية 

1ـ الصيام: وفيه فضل كثير، قال الإمام الصادق(عليه السلام): «صوم يوم التروية كفّارة سنة...»(5).

2ـ الغسل، وهو مستحبّ.

خروج الإمام الحسين من مكة إلى العراق سنة 60 هـ

بعد توارد الرسائل من أهل الكوفة على الإمام الحسين (عليه السلام) رأى أن يبعث مبعوثاً عنه إلى الكوفة، فاختار ابن عمه مسلم بن عقيل؛ لصلاحه وأهليته لهذه المهمة، حيث توجه مسلم إليها وعند وصوله إليها شرع بجمع  الأنصار، وبأخذ البيعة للإمام الحسين (عليه السلام), وتوضيح أهداف الحركة الحسينية المباركة أكثر. كما أخذ بشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها, فأعلنت موالاتها للإمام الحسين(عليه السلام) وفي تلك الظروف الصعبة كتب مسلم ابن عقيل إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يحثه بالتوجه إلى الكوفة.

فتسلّم الإمام الحسين رسالة مسلم وعرضه الشامل للأوضاع والملابسات السياسية، والرأي العام القائم آنئذ، فقرر التوجه إلى العراق، وذلك في  اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) سنة 60 هـ. وهذا يدل على أن الإمام  (عليه السلام) له القيادة العامة على الاُمة الإسلامية فجمع الإمام أبناءه ونساءه وأطفاله وأبناء أخيه وأبناء عمومته، وغادر مكة  المكرمة، وعند ما شاع خبر رحيله من مكة استولى الخوف على قلوب الكثير من  مخلصيه والمشفقين عليه، فأخذوا يمنعونه عن السير لعله يتراجع عن قراره، إلا  أن الإمام اعتذر من أن يطالب بالهدنة، ورفض كل ذلك.

والملاحظ لأخبار هذه الثورة الحسينية العملاقة يجد سراً ما فيها يتضح من خلال ما قدم للإمام الحسين من نصائح؛ لإحساس المشفقين باحتمال الخيانة،  وعدم الوفاء للإمام وحركته التي تعهد له بها أهل الكوفة، فيتضح أن للإمام هدفاً لايتراجع عنه، حيث كان مصراً على ذلك، وكان عارفاً بالنتائج سلفاً،  ومحدداً لأبعادها، إلا أن تكليفه الشرعي كان يوجب عليه مواصلة ذلك.

وهذا واضح بكل وضوح في خطبته التي قال فيها: «الحمد للّه، وما شاء الله ولا  قوة إلا بالله، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني  بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأن أكراشاً جوفاً  وأحوية سغباً. لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر  على بلائه ويوفينا اُجورنا، اُجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته،  وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرّ بهم عينه، وينجز بهم وعده. من كان  باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإني راحل  مصبحاً إن شاء الله»

فتبين من ذلك أن الإمام الحسين (عليه السلام) على اطلاع شامل كامل عن كل ذلك، وحتى التفاعلات وما يتمخض من نتائج للأحداث والأسباب وكل ما كان قد توقعه الإمام (عليه السلام) قد حدث فعلاً قبل وبعد استشهاد أبي الأحرار الإمام (فتزايدت روح الرفض والمقاومة في نفوس وقلوب أبناء الأمة الإسلامية، واستمر  ذلك حتى بعد هلاك يزيد(لعنه الله)، حتى أتت على الكيان الأموي، تلك  الحرارة في قلوب المؤمنين ضد الطغاة والظالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1. لسان العرب 14/374. 

2. علل الشرائع 2/435. 

3. تفسير القمّي 2/224. 

4. دعائم الإسلام 1/319.

5. ثواب الأعمال: 74.

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك