حسين النعمة - علاء السلامي
على بعد 30 كيلومترا باتجاه الشرق من العاصمة بغداد تقع منطقة المدائن التي تضم بين ثناياها مرقد الصحابي الجليل سلمان المحمدي رضوان الله تعالى عليه، ذلك الشخص الذي عجزت عن وصفه الكلمات فلخصها رسول الانسانية جمعاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال (سلمان منا أهل البيت)، ومنها تظهر عظمة هذا الرجل الذي كرمه الله عز وجل حتى في وفاته حيث جاء أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من المدينة إلى المدائن بمعجزة إلهية فغسله وكفنه ووسده في مثواه الأخير وصلى على جثمانه..
ولأهمية مزاره الشريف في قلوب المسلمين انطلقت مجلة الروضة الحسينية الى المدائن لتتبين الحال في ذلك المزار الذي يضم أيضا مرقد عبد الله بن جابر الأنصاري، وحذيفة بن اليمان حامل سر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنافقين، وعلي الطاهر بن الإمام محمد الباقر ( عليه السلام) حيث نُقلت جثامينهم الى مزاره الشريف عام 1931م بأمر من المرجع الديني آنذاك السيد أبو الحسن الأصفهاني (طيب الله ثراه) إثر فيضان أصاب نهر دجلة ..
الأمين الخاص للمزار حسن هادي الجبوري قال :يعود تاريخ المزار الذي ُشيد بتصاميم مغربية توحي الى العمارة العثمانية أو العباسية مزدانة بنقوش مغربية الى فترات متأخرة، كما ويعود تاريخ تشييد قباب عبد الله بن جابر وحذيفة بن اليمان وعلي الطاهر (رضوان الله عليهم) وقبة مسجد الإمام الحسن العسكري الذي هو أيضا ضمن مزار سلمان المحمدي الى عام 1997، أما قبة سلمان فهي بقطر 8 م وبارتفاع 17 م أما المنارتان فهما بارتفاع 23م وقطر مترين وقد تعرضتا الى رميهما بالقذائف مع قبة سلمان من قبل الجماعات الإرهابية..
واضاف الجبوري : بعد أن تمكنت القوات الامنية من تأمين المنطقة من خطر الجماعات الإرهابية، وبالتنسيق مع عمليات بغداد والرصافة باشرت الأمانة الخاصة بمشروع تطوير مزار سلمان المحمدي على مرحلتين الأولى إعداد التصاميم وبناء سور المزار والأيوانات ومضيف المزار والمنشآت الصحية وقد حالت قلة التخصيصات المالية والظرف الأمني دون أن نباشر بالتصميم والبناء معاً فكان المقترح إزالة الأيوانات القديمة التي كانت آيلة للسقوط والمنشآت الصحية القديمة ثم جاء القرار من ديوان الوقف الشيعي بأمر السيد صالح الحيدري رئيس الديوان بإعادة بناء المزار الشريف وفق تصاميم حديثة ودمج الأيوانات والمنشآت والمضيف ضمن هذا التصميم الجديد بتصاميم هندسية حديثة ترتقي لمصاف العتبة الكاظمية المقدسة وغيرها من العتبات.
وتابع القول أن مساحة المزار التي أنشئ عليها الإعمار الجديد أكثر من عشرة آلاف متر مربع على شكل شبه مستطيل بعرض 88 م وطول 125م لأربع أبواب فرعية وثلاث أبواب رئيسية، الاولى من جهة بغداد وستسمى باب الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وباب باسم فاطمة الزهراء (عليها السلام) باتجاه نهر دجلة وباب الإمام علي (عليه السلام) باتجاه النجف الاشرف . وأضاف: ومن المؤمل بعد الانتهاء من إعمار المزار تصنيع ضريح من الذهب لقبر الصحابي سلمان المحمدي رضوان الله عليه وتغيير أضرحة الصحابة الباقين ..
من جهته قال المعاون القانوني في الأمانة الخاصة للمزار (عبد الرزاق احمد الشمري): بعد أن تشكلت الأمانة الخاصة للمزار الشريف بموجب قانون رقم 19 لسنة 2005 قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة المنشور في الوقائع العراقية في 28/12/2005 وضمن المادة (2) تحديداً استندت الأمانة العامة للمزارات الشيعية وديوان الوقف الشيعي بوضع اليد على مزار سلمان المحمدي وإدارته من قبل الأمانة الخاصة على اعتبار إن سلمان من أهل البيت (عليهم السلام) لذا كان ضمن الوقف الشيعي بموجب هذا القرار .
وكانت هنالك مخاوف على المزار من التعرض له بالهجوم والتفجير حيث تعرض لأكثر من مرة لهجوم بقذائف هاون سقطت على المنارة وقبة سلمان ( رضوان الله عليه) . وتابع الشمري: بعد أن قطعت الأمانة الخاصة شوطاً في استلام عائدية المرقد وإعداد التصاميم حصلت بعض المشاكل التي تم تجاوزها قانونيا وتمت الموافقة على حيازة بعض العقارات التابعة لبلدية المدائن وحصلنا على موافقة وزير البلديات رياض غريب على تخصيص مساحة 6000 م حيث يحد المزار 14 بيتا، ونحن الآن في طور الموافقة على شرائها وضمها الى المزار من جهة الشرق وبمساحة 7000م وتم تقديم تقرير مفصل عن مساحة هذه الدور وتثمين العقارات وتم على أثرها مفاتحة وزارة المالية بتخصيص مبالغ لشراء هذه الدور وبالنسبة لأصحابها فقد رحبوا بفكرة ضم ديارهم الى المزار ..
وقال الشمري: إن مزار سلمان موضع عناية ديوان الوقف الشيعي والأمانة العامة للمزارات الشيعية وحيث إن التصاميم أعدت من الدائرة الهندسية في المكتب الاستشاري في جامعة الكوفة والتنسيق عال جداً، وتم رصد ميزانية لهذا الأعمار تقدر بـ(خمسة عشر مليار ومائتين وخمسين مليوناً) دينار عراقي ونفذ من المشروع المرحلة الأولى ببناء السور والأيوانات بكلفة 4 مليار . الى ذلك بين المهندس عبد الرزاق حمد الشهيلي المشرف على الإعمار في مزار سلمان المحمدي (رضوان الله عليه) أنه: يوجد ضمن مشروع تطوير المزار مشروع بناء مكتبة ضخمة لبث ونشر الثقافة الإسلامية وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) لافتا الى إنهم الآن في طور الاتصال مع دور النشر والأمانة العامة للمزارات الشيعية لشراء الكتب والمصادر..
وتابع الشهيلي: إن المزار الشريف مر بعمارتين الأولى في العهد العثماني ببناء بسيط والبناء الثاني في عام 1997م ثم العمارة الثالثة التي نحن في طورها، حيث تبلغ مساحة الصحن السليماني الشريف بعرض 70م ×100م يتخلله مساحة المرقد بـ 46م×60م، مضيفا: إن الجهة المنفذة للمشروع هي شركة القمر العراقية والعمل مستمر ومتواصل بفضل الجو الأمني بعد أن جفت منابع القاعدة في المدائن.
من جهتهم رحب عدد من الزوار بإعمار المزار الشريف، مشيرين الى أن الاهتمام بعمارة المراقد المقدسة بدا واضحا بعد استتباب الأمن وقمع بؤر الإرهاب في المنطقة.. أم أحمد (47) عاما من أهالي النجف الاشرف جاءت مع عائلتها لزيارة المرقد الشريف، وقالت الحمد لله الذي أتاح لنا فرصة زيارة أهل البيت (عليهم السلام) بعد أن كانت صعبة المنال وتقتصر على الأماني فقط فيما قال الحاج حمد مسلم صاحب مطعم في قضاء المدائن: الحمد لله الذي يسر الأمور وهيأها لزوار الصحابي سلمان المحمدي (عليه السلام) بزيارته والتقرب به الى الله تعالى أملا أن تتهيأ الأمور أكثر وتكون هنالك زيارات بشكل مكثف الى المزار الشريف..
غادرنا مرقد سلمان المحمدي رضوان الله عليه حاملين دعوات القائمين عليه واهالي المدائن الى العراقيين جميعا بزيارة المرقد الشريف والمنطقة بعد استتباب الاوضاع الامنية وعودة الهدوء، حتى تعود المنطقة الى سابق عهدها ممتلئة بالزوار خصوصا وإنها تعد أيضا من الاماكن السياحية المهمة في البلاد ...