قرأتُ الخبر في الفيسبوك، شاهدتُ الفيديو على تويتر... كلمات عادة ما نسمعها عن حدوث وقائع معينة تم نقلها او صور منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وينظر لها أغلبية المتلقّين على انها أخبار مسلّمٌ بها وفيها مصداقية للحد الذي يستطيع الناشر والمتلقي أن يحتج بها ويقدمها كإثباتات لرأيه أو رؤيته..
ان هاتين الجملتين لم تنشئا من فراغ، انما جاءتا نتيجة التدفق الهائل للأخبار والمنشورات على صفحات التواصل، رغم أن أغلب ما يُبث يفتقر الى التثبت في المصداقية وجهة النشر الأصلية وموثوقيتها، بل الأمر يتعدى الى الشك في كل ما منشور حيث تمتلئ صفحاتنا بالأشياء المركّبة عبر برامج التصميم الحديثة وبرامج تحرير الصور والفيديوهات...
مع ذلك، يتجه العديد من المختصين والمهتمين نحو محاولة تصنيف وسائل التواصل الاجتماعي كوسائل اعلام تقليدية، وهذا الامر نابع من نظرة هؤلاء الى زوايا ايجابية توفرها وسائل التواصل قد تتفوق نوعا ما على ما موجود في وسائل الاعلام التقليدية.. ايجابيات قد لا تتعدى (سرعة نقل الحدث) و (تجاوز قيود النشر التي تضعها بعض الدول)...
نعم هناك ايجابيات اخرى بدرجات متفاوتة في النشر عبر وسائل التواصل، منها سرعة التفاعل بالنسبة للمتلقين حيث الحيز يعدُّ محدوداً مهما كانت الصفحة مشهورة، ولكن بالمقابل فإن الوسائل التقليدية قد تجاوزت مسألة التفاعل مع ما تبثُ عبر توفير زوايا خاصة بالتعليقات بل ان من وسائل الاعلام التقليدية من يقوم بإشراك القراء في التعليق والمشورة وحتى الكتابة عبر تخصيص مساحات لإبداء الرأي...
وفي هذا الحيز المحدود، فإن السلبيات في اعتبار وسائل التواصل كوسائل اعلام تقليدية كثيرة ومتنوعة، ليس أقلها عدم امكانية التثبّت من مصداقية الخبر، وعدم امكانية التثبّت من جِدّة الخبر، وعدم التزام الموضوعية والحيادية في نقل الخبر حيث يتم الاختيار والتوصيف حسب ميول الناشر، فضلا عن محدودية النشر حيث لا تتعدى الصفحات الشخصية او الرئيسية بضع مئات من المشتركين وبالتالي فإن حيز التأثير محدود وليس كما هو في وسائل الاعلام التقليدية التي قد يتلقاها ملايين الناس يومياً...
بل ان توفير حقوق الملكية الفكرية لوسائل الاعلام التقليدية وحيازتها برامج حماية قوية من الهجمات الالكترونية يعد جانباً مهماً في رجحان كفّتها على وسائل التواصل التي يتعرض مئات المشتركين فيها يوميا الى هجمات الكترونية قد تضر بهم على المستوى الطويل وتسبب لهم مشاكل كبيرة خاصة ان كان خلفها جهات ابتزازية او ذات دوافع عدائية محضة...
ان الطريق طويل أمام اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي وسائلَ اعلامية، وهذا يشمل العديد من المتطلبات الضرورية من ميزات ومقومات وشروط عمل وسائل الاعلام التقليدية...