صحيفة أمريكيّة: زيارة الأربعين قصة ابداع عراقية


أهتمت العديد من الصحف الاجنبية بنقل اضخم تجمع بشري في العالم لأحياء مراسيم زيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام في مدينة كربلاء المقدسة.

ونقرأ في صحيفة "ذا دورن" الامريكية مقالاً للكاتبة (كاثرين شاكدا) سلطت فيه الضوء على اكبر تجمع اسلامي بلغ تعداده اكثر من 14 مليون لأحياء اعظم حدث تاريخي في مدينة كربلاء المقدسة في العراق.

وقالت كاتبة المقال: في كل عام يتحدى الزائرون المخاطر التي يواجهونها على الطرق المؤدية الى المدينة، خصوصا التهديدات التي يتبناها تنظيم داعش الارهابي في الوقت الحالي، وفي عهد النظام السابق كانت التهديدات من قبل نظام صدام حسين، جميع هذه التهديدات لا تثني عزم الشيعة للتعبير عن مشاعرهم وحريتهم للوقوف بوجه الطغاة.

واضافت: اذا كان العالم قد فهم الإسلام من خلال راية داعش السوداء والتي تمثل التطرف والتعصب، فان الشيعة قد بينوا حقيقة الاسلام من خلال مبدا التعددية والعدالة، وان العالم بحق متعطش للحرية التي يتحلى بها العراقيون.

وذكرت كاثرين: ان الفتوى التي اصدرها المرجع الديني السيد علي السيستاني عام 2014 والتي دعا فيها جميع المواطنين القادرين على الدفاع عن المال والعرض والوطن تجدها قد طُبّقت على ارض الواقع فقد تم القضاء على جيوش الارهاب".

واشارت الكاتبة: ان اية الله السيد السيستاني عالم بارز في الاسلام الشيعي، مبتعد عن الحياة السياسية، ويطمح على اعادة العراق الى العراقيين، ويعمل جاهدا على توحيد سكانه، وبذلك لم ينقذ السيستاني الارض من خلال فتواه المشهورة فحسب بل اعاد السيادة الى العراق والعراقيين، وزيارة الاربعين خير دليل على ذلك وهي تحكي هذا التعايش.

واردفت: تمثل زيارة الاربعين مرور اربعين يوما على ذكرى شهادة الامام الحسين، وهو ثالث امام لدى الشيعة وهو حفيد النبي محمد، وقد استشهد الحسين بن علي في كربلاء على يد طاغية عصره يزيد بن معاوية الذي كان محبا للدماء، ويمكن ان نعتبره الوجه الاخر لداعش. 

مضيفة: ان ثلاثة عشر قرنا مرّ على قضية الامام الحسين حيث امتدت رايته الى جميع المجتمعات والبلدان والاعراق.

وتابعت كاثرين: في هذا العام هنالك شعور خاص بهذا التجمع الكبير حيث يشهد العراق انتصار العراقيين على سرطان العالم (داعش)، حيث اعلن وزير الداخلية قاسم الاعرجي في حديثه انه قد انتهى داعش بعد تحرير مدينة راوة في الانبار.

وقالت الكاتبة: يجب ان نعترف جميعا ان بلدا مثل العراق واجه جيوشا وعصابات مثل داعش واستطاع ان يحرر اراضيه شيئا فشيئا قد حقق انجازا كبيرا، خصوصا في ظل مواجهة الامة العربية للكثير من الحواجز السياسية، واستطاع ان يضع موطأ قدم سياسي مرة اخرى. وكانت محاولة الانفصال الفاشلة من قبل الأكراد خير دليل ان العراق استطاع ان يرسم صورة جديدة للحياة.

واضافت: قد بينّ الكثيرون ان الانتصارات التي حققها العراقيون ضد داعش استلهمت من وحي واقعة كربلاء التي حدثت قبل ثلاثة عشر قرنا، حيث قاتل اثنان وسبعون من أصحاب الحسين الآلاف من المقاتلين في الطرف الآخر، رغبة في ايجاد حياة كريمة وخالية من العنف والكراهية.

وتُبينّ الكاتبة: لا يمكن ان نتخيل ان الارض التي شهدت الكثير من سفك الدماء والنزاعات الطائفية تتربع اليوم على مركز الصدارة في إنسانيتها. ففي كل عام ولعدة اسابيع وعلى مدى ثلاثة عشر قرنا تشهد كربلاء المقدسة استضافة الزائرين، حيث ينهض الشعب العراقي الكريم ليوفّر الراحة لتلك الملايين ويقدم الرعاية الصحية والغذائية، حيث تجد موائد الطعام والشراب على طول الطرق المؤدية الى كربلاء.

واكدت كاثرين: ان كربلاء الآن تنافس مكة المكرمة وتزيدها بحوالي 10 ملايين زائر، ولن تجد هنالك أي حوادث تذكر، لذلك يمكن ان نقول ان كربلاء قد نجحت في هذا الاختبار، حيث لم تستطع مكة أن ينتهي موسم الحج بدون حوادث، وقد رفعت كربلاء في كلّ ذلك شعار التلاحم والتسامح الديني.

وتابعت الكاتبة: مع ذلك فان مثل هذه الشهادة الرائعة للحرية والالتزام بالتعددية لا تزال قد خسرها الخطاب السياسي المتحيز.

واختتمت كاثرين بالقول: هنالك حياة ابعد من الارهاب.. لقد اثبت العراق وبكل المقاييس ان الحرية تلهم النصر للرجال.

 

الكاتبة: كاثرين شاكدام

ترجمة ومتابعة: حيدر المنكوشي 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك