إنّني أحبّ الحسين (عليه السلام)!!

1588 2012-03-26

ــ يجب أن نتريث ونجلس ونستنشق نسيم الحرية من تلك الأجواء الإيمانية ونحن تحت قبة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). لكنّ والدي له نظرة أخرى لحبّ الحسين، فهو يعتقد أنّ حبّه للحسين (عليه السلام) لا يستوجب أن يرائي به، أو أن يصرخ كالآخرين في نداءاته، فوالدي له طريقته الخاصة، والظاهر أن ذلك الحبّ الكبير المكنون في قلبه تجاه الحسين (عليه السلام) يكفيه، فذهب الى الفندق ونام وبقينا هنالك مع الوالدة العزيزة نستمع الى المحاضرة في صحن الإمام (عليه السلام)، لنغرف من كنوز الحكمة، وفيوضاتها المغدقة علينا بكرم العلم.

ثم تركنا كربلاء وذهبنا الى النجف الأشرف، وكانت هنالك خيام قد نُصبت للناس على مقربة من صحن الإمام علي (عليه السلام) والناس يطلبون الدفء في تلك الخيام، ولا زالت تلك اللحظات في خاطري محفورة، فهي من أجمل الذكريات وأهنئها، مرّتْ أحداثها في تلك الليالي الشتائية القارسة البرد، وهذه السفرات الجميلة، والمغمورة بالمحبة الخالصة لرموزنا الإسلامية المجيدة، إذ ترى الناس ملتفّين حول الصحن زرافات زرافات، كأنهم في جنان الخلد. وأنني لأعجب كيف يعتقد بعض الناس بنا ما يعتقدون، وكيف يتقوّلون علينا ما يتقوّلون!! نحن نحبّ الحسين (عليه السلام) وأهل البيت جميعا، إيمانا منّا بأنّ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منقذ البشرية من الضلال الى النور قد أوصى بالالتصاق بأهل بيته وأوجب علينا محبّتهم، في قوله المشهور في كتب كلّ المسلمين:

«إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي» ولكي يستمر المنهل الشافي والمنبع الصافي بالتدفّق من الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى بعد وفاته، ولكي تبقى صلة المسلمين قوية بدينهم وبنبيّهم على طول الزمان من خلال التمسّك بالثقلين، القرآن المجيد وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام). وقصة التعلّق بالحسين (عليه السلام)، قد تحولت الى ما يشبه قصص الحبّ الشفافة، حين يُتّهم العاشقون بشتى التهم!!

فقصة قيس مثلا الذي صار مجنونا بحبّ ليلى!! وقد لا نعترف اليوم بأمثال هذا الحب الهوسي، لأن هكذا قصص ليس لها وجود على ارض الواقع في عالمنا اليوم، ولكنني أحسست هنالك بلحظات شدٍّ عجيبة نحو المشهد المقدّس، وأحسّ فيها بأننا قد وصلنا الى مراحل من الحبّ تعرّضنا فيها الى الملامة، ولا يعلم الذين يلومون أن هنالك قوما قد جنّوا فعلا في حبّ الحسين (عليه السلام)، فلقد جنّ البطل (عابس) وهو أحد أنصار الحسين (عليه السلام) في واقعة الطفّ، حين خلع ملابسه وقاتل أعداء الحسين (عليه السلام) بدون درع !! ترك عادة العرب في القتال، واعتمد عادة المحبّين الذين قيل فيهم : لبسوا القلوب على الدروع!!

وليس اللائمين هم ممّن عاشوا في العراق وعرفوا تلك المحبّة الملائكية الفطرية الطبيعية، وأنا على يقين تام إنّ الذي يأتي ليعيش بيننا ويعيش تلك الأجواء الملائكية الجميلة التي نعيشها، فأنه سيحبّ الحسين (عليه السلام) ويعشقه أكثر منّا، ولربما ابتدع طرقا جديدة للتعبير عن حبّه، لبطل الحريّة الذي علّم الأحرار ما معنى أن تقول: لا للظالم، وتصرّ عليها، وتضحّي بكلّ شيء من اجل موقف، ينحصر في حرفين: لا، و(هيهات منا الذلة)، وتستبسل بكلّ ما تملك، وتضحي بالغالي والنفيس، ولكنّ ما تقوم به وتفعله، هو أكبر بكثير من هذين الحرفين.

تركت الخلق طُرّا في هواكا *** وأيتمتُ العيال لكي أراكا

فلو قطّعتني في الحبِّ إرباً *** لما مالَ الفؤادُ الى سِواكا

إنّ حبّي للحسين (عليه السلام) لا أعتبره بتلك المرتبة بل هو أقلّ درجات المحبة، ولكنني رغم ذلك صرتُ التجئ الى الله (سبحانه وتعالى) في كلّ صغيرة وكبيرة وأقسم عليه بمحبّتي للحسين (عليه السلام)، فألمس منه (تبارك وتعالى) حنوّه الربوبي عليّ، وسرعة استجابته لطلبي.
التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك