ليست الشعائر الحسينية مجرد طقوس عبادية كأية طقوس أخرى لان الشعائر الحسينية تقوم على التذكير والتعريف والدعوة الى منهج الإمام الحسين الذي يمثل جذر (الإسلام) الدين السماوي العظيم، وبالتالي ان الاهداف التي تسعى لتحقيقها وبلورتها هذه الشعائر هي اهداف عالمية و تطلعات تسعى نحوها جميع الامم والاديان.
فلو تمعنا في هذه الشعائر وعرضناها على طاولة البحث والنقاش لوجدنا ان هذه الشعائر تقوم على الاصلاح الأممي بمعنى ان تطبيقها تطبيقا واعيا سيساهم مساهمة فاعلة في رقي الامم وتقدمها، وسيقرب بين المجتمعات والاديان، فالشعائر تدعو الى رفض الظلم ومهادنة الظالم، وترنو الى نصرة المظلوم بصرف النظر عن انتمائه ولونه وجنسه، وتنادي بالسلم والحوار، وتدعو الشعائر الى اغاثة الفقير والمسكين وايواء المشرد، وهنالك شواهد كثيرة على ذلك حصلت في مدينة كربلاء، واحد هذه الشواهد هو ايواء أهالي كربلاء لآلاف النازحين الفارين من داعش، كما تصبو الشعائر الى الاهتمام بالعلم والتعلم، إذ ظهرت في الآونة الاخيرة مواكب حسينية تعرض الكتب وتتيح قراءتها مجانا، وهنالك الكثير من المبادئ السامية التي تتضمنها هذه الشعائر والتي يطول ذكرها، وكل هذه الامور تمثل تطلعات تهفو اليها البلدان المتحضرة، في المقابل اننا نجد بعض الممارسات التعبدية لبعض الاديان تفتقر الى الوعي وتقوم بالأساس على عادات متوارثة لا تمت الى العقل بشيء، ولا تنسجم مع ما يتطلع اليه الانسان المتحضر، بل ربما العكس في كثير من الاحيان، وليس هنالك شعائر عبادية أسمى وأنبل من الشعائر الحسينية وللباحث والمستشرق وكل من يود الاطلاع على كنه الاديان حرية البحث والتمحيص.
سيبقى الحسين سر عظيم حير العقول، سأذكر هنا واحدا من الامثلة على عظمة وسمو هذه الشخصية، ان الإمام الحسين عليه السلام قد أمر بتقديم الماء للحر بن يزيد الرياحي ولجنده رغم ان الحر كان مأمورا بقتاله لك ان تتخيل عظمة هذه الشخصية.
اختم مقالي بأقوال بعض الشخصيات والمشاهير بحق الإمام الحسين عسى ان يعتبر من أراد الاعتبار فعلا.
انطوان بارا، مسيحي: لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين.
مودوكابري ريس معارض للاستعمار البريطاني: يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد، إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.
الهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون: هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.
الزعيم الهندي المهاتما غاندي: لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين .
المستشرق الإنجليزي ادوار دبروان: وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها.
الكاتب الإنجليزي المعروف كارلس السير برسيسايكوس ديكنز: إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟
إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام.
قسيسي توماس ماساريك: على الرغم من أن القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح، إلا أنك لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين (ع) لا تمثل إلا قشة أمام طود عظيم.
العالم والأديب المسيحي جورج جرداق: حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، وكانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أخرى أيضاً.
المستشرق الإنجليزي السير برسي سايكوس: حقاً إن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد.