1348هـ - 1418 هـ
من هو
هو ابو المهدي الشيخ مرتضى بن الشيخ علي محمد البروجردي، والده الشيخ علي محمد، وكان من مراجع التقليد في زمانه وله العديد من المؤلفات..
ولد في السابع عشر من جمادي الاول سنة (1348هـ) في مدينة النجف الاشرف في اسرة كريمة معروفة بالعلم والفضل، وتربى منذ نعومة اظفاره في مدرسة والده (قده) تربية عز وشرف وأدب وكرامة فكان يعتني به كثيراً لما ينظره في مستقبله الطموح، فكان يصطحبه معه الى أماكن البحث والتدريس واماكن العبادة، فاستقى من هذا وذاك روح الايمان وواقعيته، وزرع في نفسه من سجايا الخلق المرضي والعطاء الروحي .
تعلم القراءة والكتابة وهو في السادسة من عمره الشريف، فأخذ يزدلف الى مجالس العلماء ويصغي الى محاضراتهم العلمية، وحضر اولياته وسطوحه من النحو والصرف وبقية العلوم والمنطق والاصول والفقه والتفسير وعلم الكلام وغيرها على فضلاء عصره والمتخصصين في هذه العلوم، وبعد ذلك حضر درس البحث الخارج لكبار العلماء من قبل المرحوم آية الله الشيخ حسين الحلي (قده) وآية الله العظمى الفقيه السيد محسن الحكيم (قده) غير ان اكثر دراسته كانت على يد استاذه الكبير استاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى السيد الخوئي (قده).
حياته العلمية
ان الامر المهم والبارز في حياته العلمية انه واصل مع استاذه السيد الخوئي (قده) ولازمه في دروسه العلمية فقد استفاد منه سنين طوال . وحظى باعتماده عليه ورعايته الخاصة له وقد نوّه في عدّة مواضع وأشاد به كمفخرة من مفاخر الحوزة العلمية في النجف الاشرف، وفي ذلك الوقت الذي كان يحتشد فيه درس هذا الاستاذ المتبحر بفضلاء الحوزة وعلمائها الذين قد وصل عددهم المئات، ولم يكتف قدس سره بما يطرح في مجلس الدرس بل كان يحاوره ويناقشه خارج الدرس ويستمر النقاش لمدة طويلة.
ومن عطائه الفكري (قده) انه وفق لكتابة تقريرات استاذه في حقلي الفقه والاصول على اربعين مجلداً، وقد تم طباعة 16 مجلداً منها تحت عنوان (مستند العروة الوثقى) وبقيت الاجزاء الاخرى خطيّة فأصبحت هذه المجلدات محوراً تدور حولها حتى كثير من بحوث الفقه في الحوزات العلمية وينتفع بها الفضلاء والاساتذة وقد شهد الكثير من الاكابر لا سيما استاذه (قده) بأن ما كتبه حسن التعبير وافٍ كافٍ خالٍ من التطويل الممل والاختصار المخل.
طريقته في التدريس
بدأ شيخنا الشهيد بتدريس جميع المراحل الدراسية مبكراً، وشرع في بحث الخارج اذ كان يجمع في دروسه بين دقة ومتانة المعنى وسهولة العبارة في وقت واحد، أذ كان يتحاشى استخدام العبارات الصعبة المعقدة وبهذا يجعل المطالب العلمية الدقيقة سهلة التناول لتلامذته. وقد كتب بعض الفضلاء من تلامذته تقريرات درسه.
وبعد وفاة الامام الخوئي (قده) كان اسمه مطروحاً للمرجعية وكان الطلب يتكرر عليه لنشر رسالته العملية ولكنه يصر على الامتناع حتى اذا ما اراد النزول عند رغبة الطالبين لم يمهله الظالمون المجرمون فأردوه صريعاً في محراب الشهادة في السبعين من عمره.
زهده وتقواه
من الخصائص التي تميز بها الشيخ البروجردي هي عدم اعتنائه بالدنيا وزخارفها وكان يميل الى البساطة في العيش وكان يحتاط كثيراً في صرف الاموال الشرعية فقد كان يدفعها رواتب شهرية لطلاب الحوزة ولا يصرف منها شيئاً لنفسه، وكان لا يهتم بالقشور الاعتيادية وملاذ الدنيا ويعتمد في اموره المعاشية على الهدايا والنذور التي كانت تاتيه.
وكان شديد العناية بالفقراء والمحتاجين حتى انهم احياناً يأتون ويطرقون بابه في اوقات متأخرة من الليل فيرحب بهم ويقدم لهم ما يقدر عليه. هذا بالاضافة الى الرواتب الشهرية التي خصصها لمساعدة الفقراء والمحرومين وعوائل المسجونين في زنزانات نظام الحكم البعثي البائد في العراق.
اما عن ولائه لاهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص سيد الشهداء (عليه السلام) فيكفينا القول انه كان ملتزماً بزيارة عاشوراء يومياُ وكذلك كان مستمراً على زيارة مرقد الامام الحسين (عليه السلام) و اخيه ابي الفضل العباس (عليه السلام) في ليالي الجمع منذ اوائل شبابه الى اكثر من خمسين سنة من عمره الشريف.
اما عن عبادته فقد كان يتهجد الى الله تعالى و يناجيه في جوف الليل بقلب محترق وكان تهجده غالباً في غرفة مظلمة تماماً وعندما سئل عن السبب قال: اريد ان اتذكر ظلمة القبر.
مؤلفاته
اشتهر الشيخ البروجردي بين الفضلاء بحسن تلقيه لدروس استاذه السيد الخوئي ودقة ضبطها، ولذلك نجح في تدوين تقريرات استاذه في الفقه والتي بلغت حوالي اربعين مجلداً في الفقه والاصول حيث طبع ستة عشر مجلداً منها في الفقه تحت عنوان (مستند العروة الوثقى) واصبحت محوراً مهما تدور حوله كثير من بحوث الفقه في جميع الحوزات العلمية.
استشهاده
لم يحتمل الظالمون وجود عالم زاهد شجاع له مكانة في اوساط الحوزة العلمية في مدينة النجف الاشرف فدبر له (قده) مؤامرة لتصفيته حيث كان الشيخ (قده) في يوم من الايام متوجهاً الى الحرم العلوي قبل الفجر كما هي عادته فمرّ عليه رجل ملثم فشتمه وضربه، وبعدها بفترة كان في محلة العمارة في منزل ولده الشيخ مهدي فخرج الشيخ قبل الفجر متوجهاً الى حرم امير المؤمنين وفي اثناء المسير واذا بشخص يضربه بـ (قنبلة يدوية) فانفجرت عليه ووقع الشيخ مضرجاً بدمه، وعلى اثرها نقل الى المستشفى الى ان تماثل الى الشفاء وبقيت بعض الشظايا في جسمه الى وقت استشهاده (قده).
واما الاعتداء الاخير فكان في ليلة 24 ذو الحجة سنة (1418هـ) حيث كان الشيخ يؤم المصلين في حرم امير المؤمنين عليه السلام وعند خروجه من الحرم متوجهاً الى منزله وعند المسجد الملاصق لمدرسة السيد اليزدي واذا برجل ملثم يحمل مسدسا فضرب الشيخ بعدة اطلاقات في رأسه وفي صدره وأرداه صريعاً في باب المسجد المذكور وتم تشييعه ودفنه (قده) في اليوم الثاني في مقبرة وادي السلام بمدينة النجف الاشرف، حسب وصيته فرحمة الله عليه من شهيد محتسب صابر يوم ولد و يوم رحل شهيداً الى جوار ربه ويوم يبعث حيا.