العلامة عبد الحسين أحمد الأميني
(رضوان الله عليه)
(1320هـ- 1390هـ)
من هو؟
وُلد الشيخ الاميني (رضوان الله عليه) في مدينة تبريز عام 1320هـ، وكان أبوه الشيخ أحمد بن الشيخ نجف علي الملقب بأمين الشرع – ومنه لقب الاميني – بن الشيخ عبد الله صاحب علم وتقى، فورث الاميني عن أهله المجد كابراً عن كابر فدرس أوليات العلوم عند والده، ثم تتلمذ على آخرين بتردده إلى مدرسة الطالبية، وهي من أهم مراكز الثقافة ومعاهد العلم المعروفة بتبريز يوم ذاك، وما زالت قائمة حتى الآن. فقرأ مقدمات العلوم، وأنهى سطوح الفقه والأصول على عدد من أجلة علماء تبريز.
سفره إلى النجف
وبعد أن بلغ الشيخ الأميني عند الفطاحل مرتبة سامية، وأنهى دراسة الدور الذي يدعى بالسطوح، وتأهل للحضور في مرحلة درس الخارج، غادر مسقط رأسه، قاصداً الجامعة الإسلامية الكبرى (النجف الأشرف) فحلها، واستوطن بلدة باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه واله) معتكفا على طلب العلم، ساهرا على تحصيل المعارف من فيض تلك البقعة المقدسة، جادا في بلوغ مراتب الكمال والفضيلة، فحضر على جمع من مهرة الفن، وجهابذة العصر، وتلقى الينبوع الصافي من لدن عمالقة الفقه والأصول والكلام أمثال:
1- آية الله السيد محمد باقر الحسيني الفيروزآبادي
2- آية الله السيد أبو تراب بن أبي القاسم الخوانساري .
3- آية الله الميرزا علي بن عبد الحسين الايرواني .
4- آية الله الميرزا أبو الحسن بن عبد الحسين المشكيني
عودته إلى تبريز
قضّى الأميني (رحمه الله) عند هؤلاء الأعلام أعواما، انتهل من فيض علومهم، وتزود من معارفهم، وتلقى منهم الفضائل والكمال، ونال درجة رفيعة من العلم، ورتبة سامية من المعرفة، وحظا وافرا من الأدب، ثم عاد إلى مسقط رأسه، وحط بها رحل المقام فترة غير قصيرة . كان له بها مجالس وعظ وارشاد في تهذيب النفوس وتوجيهها توجيها إسلامياً، وتغذية أبناء مدينته ببنات أفكاره وآرائه من المعارف الدينية، على ضوء الكتاب السماوي القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وأحاديث أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.
وقد تركت تلك المدارس الإصلاحية، وتوجيهاته الدينية، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أطيب الأثر في نفوس هواة محافله ومجالسه، وأبقت له ذكراً خالداً إلى الأبد. وفي أثناء تلك الخطوات الاصلاحية، وأداء الواجب الديني، عكف على المطالعة والتحقيق والتأليف، وخصص لها شطرا من وقته كل يوم..
توطّنه النجف الأشرف
وبعد برهة رأى أن روحه التواقة للعلم، وشغفه النفسي يهفوان به إلى المزيد من الفضل والكمال، ويدفعانه إلى مركز القداسة والعظمة (النجف الأشرف)، حيث التزود من قدسية تلك المدينة الطيبة، والبقعة المشرفة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه، والاستفاضة من حلقات دروسها، والانتهال من ندواتها الزاخرة التي تتجلى فيها أنواع العلوم بأسمى حقائقها وأعمق مراحلها، لذلك عاد إليها، قاصدا توطنها، تاركا خلفه جل ما هيئ له في وطنه من رغد العيش، والمقام الرفيع والجاه والمنزلة، غير مكترث بالرئاسة الروحية التي كانت لوالده (رحمه الله)، والمنزلة التي كانت تتحلى بها أسرته.
أساتذته واجتهاده
وبعد أن حلّ تلك التربة الزكية، واستوطن تلك المدينة الطيبة وفيها حضر على جمع من فطاحل العلم، وجهابذة الفكر وأروى ظمأ قلبه من بنات أفكارهم فبلغ بدراسته المرتبة التي كان يطلبها، وأحرز درجة عالية في الفلسفة والكلام، واجتهاداً في الفقه، وتبحراً في الأصول، وألّف بهما، وجمع محاضرات أساتذته في الفقه والأصول، وعلق عليهما، شأن غيره من تلامذة تلك العاصمة الدينية، والمركز العالمي للثقافة الإسلامية، وبلغ رتبة الاجتهاد في المعقول والمنقول، وحاز على شهاداتهما ممن كانت الزعامة الشيعية منوطة بهم .
وقد عرف أساطين العصر، وقادة العلم في ذلك اليوم ما بلغه الأميني من مراتب العلم، وما حازه من مدارج الفضيلة والكمال، ووقفوا على طول باعه، وغزير علمه، وفضله الكثير في الصنوف التي خاض غمارها، فقلد وسام الاجتهاد، ومنح استقلال الرأي والإفتاء من لدن كل من:
1- آية الله المرحوم السيد ميرزا علي ابن المجدد الشيرازي.
2- آية الله المرحوم الشيخ الميرزا حسين النائيني النجفي.
3- آية الله المرحوم الشيخ عبد الكريم بن المولى محمد جعفر اليزدي الحائري.
4- آية الله المرحوم السيد أبو الحسن بن السيد محمد الموسوي الاصفهاني .
5- آية الله المرحوم الشيخ محمد حسين بن محمد حسن الاصفهاني النجفي الشهير بالكمباني .
6- آية الله المرحوم الشيخ محمد الحسين بن الشيخ علي آل كاشف الغطاء .
مشايخه في الرواية
تيّمنا بالدخول في سلك حملة أحاديث آل الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وتبركاً بالانخراط في سلك العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، ولاتصال مروياته من الأخبار بالنبي الطاهر وأهل بيته الأطياب -صلوات الله عليهم- أجمعين، وصيانتها عن القطع والارسال، منح من المشايخ الأجلة وأئمة الحديث الاذن في رواية ما اثر عن المعصومين صلوات الله عليهم، ولكل من هؤلاء المشايخ والمحدثين طرقه المتعددة في رواية الحديث من فطاحل المحدثين وجهابذة الراوين إلى النبي الأعظم وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين.
وقد حررت هذه الوثائق التأريخية منمقة بخطوط مصدريها وموشحة بتواقيعهم، وهم:
1- آية الله المرحوم السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني.
2- آية الله المرحوم السيد الميزا علي الحسيني الشيرازي.
3- آية الله المرحوم الشيخ علي أصغر ملكي التبريزي.
4- آية الله المرحوم السيد آغا حسين القمي.
5- الحجة المرحوم الشيخ علي بن إبراهيم القمي.
6- الشيخ محمد علي الغروي الأوردوبادي.
7- الحجة المرحوم الشيخ محمد محسن (آغابزرك) الطهراني ت1390هـ.
8- الحجة المرحوم الشيخ الميرزا يحيى بن أسد الله الخوئي.
المؤلفات المخطوطة والمطبوعة للعلامة الأميني:
أ) المخطوطة:
1- تعليقات في أصول الفقه على كتاب (الرسائل) للشيخ الأنصاري (قده).
2- تعليقات في الفقه على كتاب (المكاسب) للشيخ الانصاري (قده).
3- ثمرات الأسفار إلى الأقطار. (وهو الكتاب الذي بين أيدينا).
4- رجال آذربيجان.
5- رياض الانس.
6- العترة الطاهرة في الكتاب العزيز. أو الآيات النازلة في العترة الطاهرة.
7- المجالس.
8- المقاصد العليّة في المطالب السنية وهو في قيد التحقيق.
ب) المطبوعة:
أولاُ: التحقيق: كامل الزيارة، لأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (ت367هـ)، مط المرتضوية - النجف/ 1356هـ.
ثانياً: التأليف:
1- ترجمة زيارة أمين الله بالفارسية.
2- أدب الزائر لمن يمم الحائر، وقد حُقِق وأُخرج بصورة جديدة، وهو الان تحت الطبع من منشورات المكتبة.
3- سيرتنا وسنتنا
4- شهداء الفضيلة.
5- الغدير في الكتاب والسنة والأدب.
زهده وعبادته
وفي المراحل التي قضاها - رضوان الله عليه - كان ملازماً للزهد والتقى، ورِعاً، متعبداً، على جانب كبير من الصلابة الدينية، عفيف الطبع، لم يأمل اي أنسان، متوكلا على خالقه بالانقطاع اليه، رغدا في عيشه البسيط، وحياته المتواضعة، وكان ( رحمه الله ) ولِعاً بقراءة القرآن والدعاء والصلوات المسنونة، إذا قرب الفجر قام إلى صلاة الليل وقرنها بفريضة الصبح، ثم جلس إلى قراءة القرآن حتى ينهي جزءا كاملا كل يوم، مرتلاً آياته بتدبر وإمعان، متزودا من حججه وبيّناته، وبعد تناول طعام الصبح يأوي إلى مكتبته الخاصة، ويعكف على المطالعة حتى يحضر عنده تلامذته للتزود من بيانه العذب، وآرائه الحرة في الفقه والاصول، ويبقى مستمرا على التدريس والبحث.
الأميني يودّع الدنيا
أبتلي الشيخ الأميني (رحمه الله) بمرضه الذي لازم بسببه الفراش ابتداء من سنة 1968م حتى وفاته في صيف سنة 1970م. المصادف الثامن والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1390هـ في طهران، ونقل جثمانه الطاهر بالطائرة إلى بغداد، ثم نقل إلى النجف الأشرف، وبعد أن طيف بالجنازة في الحرم الشريف أخرجت للصلاة عليها تقدم المرجع الديني الأعلى السيد أبو القاسم الخوئي (قده) وصلى عليه، ثم رفعت الجنازة لمثواها الأخير في القبر الذي أعدّه الشيخ لنفسه بجوار مكتبته الخالدة.