من سمات خطاب المرجعية الرشيدة انه يتصف بالصراحة والوضوح وعدم وجود فرصة معينة للتأويل او تفسير خطابها تفسيرا منحرفا عن المعاني والأفكار والأهداف التي تتوخاها المرجعية في خطابها لاسيما في خُطب الجُمعة التي يتطرق فيها ممثلا المرجعية العليا كل من سماحة العلامة السيد الصافي وسماحة العلامة الشيخ الكربلائي ..يتطرقان فيها الى جملة من الأمور التي تخص الشأن العراقي ومن جوانبه كافة خاصة تلك التي تمس حياة المواطنين ومعيشتهم وأمنهم ومصير الدولة العراقية بما يعبّر تعبيرا تاما عن وجهة نظر المرجعية في قضايا الشارع العراقي تناولا وتحليلا وتقديم النصيحة وإعطاء الحلول الناجعة لها ان استدعت الحاجة وبما يعكس هموم المواطن العراقي ومشاكله وبالوقوف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين والتعامل مع حيثيات الشأن العراقي تعاملا أبويا إرشاديا محضا وبحيادية وموضوعية تامة دون الانزلاق في متاهات وتعرجات السياسة او التورط في المناكفات السياسية التي يعج بها المشهد السياسي العراقي...
إلا إن بعض وسائل الإعلام لم تكن موفقة في التعاطي الصحيح والمهني مع طرح المرجعية ولم تكن منصفة في تناولها لخطاب المرجعية الذي كما قلنا هو خطاب يتسم بالوضوح والصراحة وعدم المجاملة فهو خطاب يخاطب الجميع ومن زاوية واحدة لالبسَ فيها او مجال للتفسير الخاطئ او الاستعارات او المجازات او التوريات او الكنايات ، فهو خطاب وطني جامع يضع النقاط على الحروف وان حدث ان فُسِّر تفسيرا خاطئا او مغلوطا او مغايرا للواقع فالمشكلة لاتكمن في هذا الخطاب بل في الأجندات الإعلامية المريبة لهذه الوسائل التي تلوي اعناق الكلمات وتفسرها وبما يناسب توجهاتها الحزبية او الكتلوية او المناطقية او المذهبية او الطائفية وحتى الشخصية والكثير من هذه الوسائل هي عبارة عن ذيول لأجندات خارجية (دولية او إقليمية) تموّل وتوجّه هذه الوسائل بما ترتئيه من أهداف هي غالبا ماتسيء الى الشعب العراقي والى التجربة الديمقراطية التي تأسست بعد التغيير النيساني 2003...
إن رجل الشارع العراقي لم يعد تنطلي عليه الأجندات المشبوهة لبعض وسائل الإعلام التي تتعاطى مع خطاب المرجعية بانتقائية فجة وتجيير مفتعل لمقاصد خطاب المرجعية الرشيدة فهي تارة ـ أي وسائل الإعلام ـ تقتبس مايناسب توجهها وسياساتها المغرضة والكيدية وتحرِّف ماتقتبسه عن مساره الصحيح وإيهام الرأي العام بان خطاب المرجعية جاء على هذا النحو او ذاك وتارة تبث أخبارا مفبركة عن المرجعية متجردة عن كل ما يتعلق بأخلاقية مهنة الصحافة والإعلام وفي المقابل توجد وسائل إعلامية منصفة ـ رغم قلتها ـ تتخذ أسلوبا مغايرا من الممكن ان نسمّيه أسلوبا يتوخى المصلحة الوطنية بالتعامل مع خطاب المرجعية على كونه خطابا يمثل ضمير الشعب والشعور بالمسؤولية التاريخية والانتماء الوطني الأصيل فضلا عن دور المرجعية في الحفاظ على مقومات الدين والمذهب وتجسيد الوحدة الوطنية تجسيدا حقيقيا بخطاب واعٍ ومتزن انطلاقا من دورها الأبوي الراعي لجميع ألوان الطيف العراقي والامر ينطبق على البيانات التي تفضل بها سماحة الامام السيستاني (دام ظله) ابان الازمة السياسية التي تدور حاليا في العراق والتظاهرات التي نشبت ازاءها فكل وسيلة اعلامية تجتزئ من تلكم البيانات مايناسب مزاجها حتى ولو ادى الامر الى تحريف نصوصها وتوجيهها توجيها خاطئا وغير ماترمي اليه المرجعية .