مصادرة أطفال الجاليات المسلمة في الغرب ذرائع قانونية وخشية من نهج تعسفي


اسماعيل خليل تحرير: صباح الطالقاني -انتزاع الأطفال من عائلاتهم يعد مسالة قانونية الى حد ما في السويد، تلجأ إليها السلطات الاجتماعية، عندما تقرر أن الوالدين غير قادران على رعاية وتربية الأطفال. -هناك اختلاف واضح في أساليب تربية الأطفال في السويد، لذا فإن كثير من اللاجئين المنحدرين من أصول شرقية يواجهون صعوبات حقيقية في التكيف مع تلك الأسس والتماشي معها. تخيّل انك تعيش وعائلتك مهاجرا في بلد أجنبي، ولمجرد انك قد عنّفتَ ابنكَ او ضربتهُ او قد يكون تعرّضَ لسقطة ما من السلّم او أصيب نتيجة اللعب او غيره، لأي سبب من هذه الأسباب تخيّل انه قد تأتي سلطات ذلك البلد وتصادر ابنك منك! وتعطيه لعائلة أخرى لا تعرفها وقد تكون من أصول غريبة او حتى دين آخر!. وهذه العقوبة قد تستمر لسنوات وصولاً الى بلوغ ابنك او ابنتك سن الثامنة عشر، ليقرر ما يريد بنفسه والى من ينتمي! والسبب، هناك مؤسسة تدعى (حماية الأطفال) تنشط في بعض الدول الأوروبية، وهي تحمي الأطفال من العنف الأسري، تحميهم من آباءهم وأمهاتهم وقد تحرم بعض الأُسر من هؤلاء الأبناء لسنوات، ربما تبدو العبارة غريبة لكن هذا هو الواقع. بعض الجاليات ذات الثقافات المتحدرة من أصول آسيوية وأفريقية وأمريكية جنوبية تخشى من أن هذه الأنشطة ليست انسانية بحتة فضلا عن قساوتها، وانها عبارة عن غطاء قانوني لخطف الأطفال وتسلميهم الى عوائل ترغب بالتبني أغلبها أوربية أصلية.. هذه المخاوف لم تنشأ من فراغ انما هناك أخبار وتقارير متواترة عن نشاط شبكات متعددة الجنسيات لشراء الأطفال في الدول الفقيرة، وتدخل هذه المسالة ضمن حيز ضبابي لا يتم التمييز فيه بين شراء الاطفال وبين التذرع بحجج قانونية لأخذهم من عوائلهم قسرياً، فـ (شراء) الاطفال ممكن في الدول الفقيرة لكنه في دول الشمال غير ممكن وربما تتحول ذريعة حماية الأطفال الى نسخة معدلة من عملية الشراء التي تتم في الدول الفقيرة، لأن النتيجة واحدة هي تعرُّض العوائل الى التفكك وربما الانهيار بسبب فقدان واحد او أكثر من أبنائها. أدلة واقعية.. هذه المخاوف تدعمها عدة قصص واقعية جرت على عوائل مسلمة، لم تعرف ثقافة التدخل في المشاكل العائلية الى حد أن تأخذ السلطات أولادها وتسلمهم لعوائل أخرى تربيهم لسنوات وربما حتى بلوغهم سن الرشد. يقول (أبو حوراء)، مواطن نرويجي من أصول عراقية هناك قصص عديدة لكن بعضها يحتاج الى حديث مطول، اذكر على سبيل المثال قصة شهدتها عن طفلة في السويد في احدى روضات الاطفال كانت تضرِب طفلة اخرى على مؤخرتها، فسألتها المعلمة من علّمكِ هذا؟ قالت ان أبي يضربني في البيت هكذا. فاتصلت الادارة بالأب وجرى معه تحقيق واتهموه بالشذوذ الجنسي وممارسة أعمال مشينة مع ابنته، وقاموا بالمراقبة والتحقيق لأكثر من سنة فاضطر ذاك الأب الى عدم ارسال ابنته الى الروضة بعد ان تسببوا للعائلة بالمضايقات والضغط النفسي، بحسب رأي الأب طبعاً. ويضيف ابو حوراء مبينا عن قصة أخرى طفلة سقطت من على السلّم وبسبب الآثار التي كانت عليها بعد سقوطها، اعتبرت (مؤسسة حماية الاطفال) ان ما حدث يقع تحت طائلة العنف الأسري، وبذلك اخذت الطفلة من العائلة وفق مقررات القانون، والبنت الآن عمرها سبعة عشر سنة وينتظر والداها سنة أخرى لترجع اليهم بعد فراق سنوات كانوا يرونها ثلاث مرات فقط في العام الواحد! فضلا عن الحكم على الأبوين بغرامة ثلاثة آلاف دولار واحتجاز لمدة شهر... معطيات عن منظمة حماية الأطفال المثيرة للجدل تعتقد منظمة (حماية الأطفال) انها تمنع سلب حرية الاطفال او التضييق عليهم او ضربهم او ممارسة اي عنف ضدهم من قبل عوائلهم، ولكن يبدو ان بعض موظفي هذه المؤسسة ربما لا يفهم كيفية تطبيق القانون، وربما يكون اجتهادا من البعض الآخر ولأغراض مختلفة. بعض العوائل ربما يتم أخذ أولادها جميعاً! بسبب قول احد الأولاد حقيقة او تجنياً بسلب احد الأبوين لحريته، او يدعي انه يتعرض للضرب، وبذلك يكون قد يجني على نفسه وعلى أخوته وعلى أبويه، فتقوم هذه المنظمة بتوزيع الأولاد على عوائل اخرى غريبة! ترغب بالتبني او التكفل بتربية هؤلاء الأبناء! ان أشد ما يرافق هذه الاجراءات التي قد تكون تعسفية، هو منع رؤية البعض للبعض الآخر من هذه العائلة، ولمدد مختلفة بعضها طويل والبعض الآخر قصير وذلك حسب الموضوع. بعض الآباء والأمهات يخضعون الى جدول لرؤية أولادهم مثلاً ثلاث مرات في السنة فقط، وهكذا وبعد العناء والجهد والتحقيق والتحري وقيام الدعوات والمحاكم ربما يعود الأولاد الى أحضان الأبوين، وربما لا يحصل هذا إلا بعد ان يكون أعمارهم ثمانية عشر سنة. الآن وبعد تطور وتنوع الجاليات وكثرة تكرار مثل هذه الأمور بدأت الجاليات الاسلامية بالقيام بتنظيم مؤسسات تساعد مثل هذه العوائل او الاطفال لتبنيهم من قبل عوائل بالمثل، أي اذا كانت العائلة التي تتعرض لموضوعة العنف من الصومال مثلاً يعطى أطفالها الى عوائل صومالية، والأولاد من عوائل باكستانية ان كانوا يتعرضون لهذا الأمر يعطَون الى عوائل من باكستان وهكذا... انتقادات واسعة في الشارع النرويجي... ويقول (أبو حوراء) الذي يحمل الجنسية النرويجية، في تقريره لـ(الروضة الحسينية) شهد الشارع النرويجي ردود أفعال واسعة، ضمّت ما يقارب 100 شخصية ما بين أساتذة ومحامين وقضاة وغيرهم.. تطالب هذه الشخصيات الدولة بإجراء تعديلات تخص القوانين التي تنظم عمل منظمة رعاية الطفولة، التي باتت تشكل خطرا يهدد كيان الأسرة النرويجية، إذ تنص القوانين التي تعمل المنظمة بموجبها على سحب الطفل من ذويه في حالة وجود اي مشكلة حتى لو كانت بسيطة لا تستوجب تدخل المنظمة، كزَجر الأب ابنه عن فعل ما او توبيخه، وفي بعض الاحيان تقوم المنظمة بمعاقبة الأبوان لأتفه الأسباب كمعاقبتهما على الطريقة التي يتناول بها الطفل وجبة طعامه أو منامه وهكذا، هذه القوانين الصارمة والمجحفة كانت مثار جدل في الاوساط الثقافية والفكرية والاكاديمية. عالم النفس اينار سلفسن Einar C. Salvesen, psykolog يذكر ان الخبراء النفسانيين لهم علاقة ضعيفة مع رؤساء المنظمة مما يعرض الأسرة للضرر ولخطر عدم الحماية القانونية لهم، كما ان صلاحيات السلطة ونفوذها لا يتناسب مع حجم الخبراء النفسانيين الذين ليس لديهم سلطة او حرية تبيح لهم دراسة نفسية الاطفال وأحوالهم بالتالي ليس هناك فرصة للاسرة للدفاع عن افرادها في حال تم سحب الطفل من ذويه بشكل نهائي. فيما قال المحامي تيا توتلاند Thea Totland, advokat عملت مع المنظمة كثيرا وانا مستعد للدخول في حوار مع موظفي المنظمة الذين يغيب عنهم التواضع. وتابع أنا اعتقد ان الكثير من الاطفال يكونون احسن حالا فيما لو كانوا مع آبائهم على العكس لو كانوا مع غير أسرهم الاصلية. المحامي والخبير في قضايا حقوق الانسان كروو هيلستاد ثون Gro Hillestad Thune, advokat يقول نحن نرى أمثلة كثيرة على الاستبداد المتطور داخل منظمة رعاية الطفولة ونسمع ايضا الاطفال الذين اخذوا من اسرهم يعانون من مشاكل صحية بسبب ابتعادهم عن رعاية اسرهم. الكاتبة والباحثة في مركز التنمية والبيئة بجامعة اوسلو، نينا Nina تؤكد ان الكثير من الخدمات التي تقدمها المنظمة ليست بالمستوى الذي يتناسب مع الصلاحيات الممنوحة لها. المحامي برينيار ميلنغ Brynjar Meling, advokat, يشير الى انه يشارك بشكل دائم في القضايا التي تهم عمل المنظمة خلال السنة، وقد عبر عن قلقه من سلوك المنظمة وتصرفها اتجاه الاسر الضعيفة والمجردة من المساعدة والعون، ووصف النظام المعتمد من قبل المنظمة بالفاشل. المحامية فنييل كاترينا من مدينة تروندهايم Venil Katharina advokat, Trondheim تقول أنا عملت في قضايا المنظمة لأكثر من 20 عام، ووجدت ان القوانين التي تحكم عمل المنظمة تسوء باستمرار فلابد من تصحيح عمل المنظمة من خلال تعديل القوانين. وأضافت ان منح المنظمة سلطات كبيرة ومضاعفة انعكس سلبا على ادائها، فلابد من وضع حل نهائي للخروقات والتجاوزات التي تصدر منها طيلة الفترة الماضية، كما انه يجب ان يكون صنع القوانين والانظمة يتم بطريقة ديموقراطية اي بحضور المختصين واشراك علماء النفس والاجتماع لا كما يحصل الآن من سن للقوانين وممارسة السلطة بعيدا عن الاجواء الديموقراطية. كيف تأخذ الدولة الأطفال من عائلاتهم (بالقانون)؟! التجاوز على حق الوالدين برعاية الأطفال، وانتزاعهم من عائلاتهم، يعد مسالة قانونية وموجودة الى حد ما في السويد، حيث تلجأ إليه السلطات الاجتماعية، عندما تقرر أن الوالدين، أو أحدهما، غير قادرين على رعاية وتربية الأطفال، فتقوم الدولة بتدبير أمور تربية الأطفال والبحث عن عائلات اخرى غريبة عنهم. وعندما يكون الأطفال ينتمون إلى عائلات شرقية، تصبح هذه الظاهرة أكثر تعقيدا، ويظهر الاختلاف الكبير بين قيم المجتمع والعائلة القديمة والجديدة، وتزداد تداعيات عدم الفهم الصحيح لقوانين وحقوق الأطفال، إضافة إلى عوامل أخرى عديدة، وينتج عنها قصصاً مأساوية تفككت من ورائها عدة عوائل. وفي تحقيق أجرته (صحيفة الكومبس) السويدية، نقتطف تصريح الموظفة آن غارديستروم من الوحدة الإستراتيجية للقضايا الاجتماعية في العاصمة ستوكهولم الذي تفيد به ان قرار أخذ الأطفال من رعاية الوالدين، يتم بعد تحقيقات ونقاشات طويلة، وإن التفكير بأخذ طفل من رعاية والديه آخر شيء يمكن ان تُقدم عليه الخدمات الاجتماعية (السوسيال)، وان هذا الأمر، يحدث فقط عند عدم التوصل الى اتفاق مع العائلة، وعندما تكون الأوضاع سيئة بشكل حقيقي على الأطفال. وهناك اختلاف واضح في أساليب تربية الأطفال في السويد بشكل جذري عن مثيلاتها في البلدان الاخرى، وبالأخص الشرقية والشرق أوسطية، لذا فإن كثير من اللاجئين المنحدرين من تلك الأصول، يواجهون صعوبات حقيقية في التكيف مع تلك الأسس والتماشي معها، اذ يبقون متمسكين بالأعراف الموروثة من أجدادهم والتي من الصعب ان تجد قبولاً في مجتمع كالمجتمع السويدي، يواكب أحدث الطرق التربوية في تنشئة الأطفال ولا يكتفي بالموروث، رغم الكثير الذي يملكه من ذلك. هل يمكن عودة الأطفال؟ تجيب المؤسسة - وفق ما جاء في تحقيق صحيفة الكومبس- عن هذا السؤال بـ نعم. وتوضح قائلة التشريع القانوني يهدف الى إعادة الأطفال الى منازلهم اذا كان ذلك ممكناً وبأسرع وقت ممكن، حيث إن الخدمات الاجتماعية مسؤولة عن تقديم المساعدة للأطفال وأولياء الأمور، لخلق أفضل وضعية مناسبة للأطفال في المنزل وعلى الوالدين والأبناء أن يعبروا عن ما يرونه مناسباً لهم، لكن ما يحصل أحياناً ان الأطفال لا يملكون رغبة العودة الى منازلهم من جديد. وتعتقد بعض العائلات أن سحب الأطفال من حضانة الوالدين هو تدخل سافر في حياة الفرد العائلية والشخصية، وان على أولياء الأمور ان يربوا أبناءهم بالطريقة التي يجدونها مناسبة. وتعتقد المؤسسة ان الأمر ليس سهلاً، حيث من المهم إحترام حقيقة ان الناس قد يشعرون بالإهانة اذا ما تدخل احد ما في محيطهم الخاص، لذا يجب الاستماع بتواضع الى كيف تشعر تلك العوائل وإعطاءهم الفرصة للتوضيح وشرح نظرتهم حول تنشئة الطفل. مقابل ذلك، تؤكد أن الأمر اذا كان فيه اخذ طفل من عائلته لا يجري بهذه السهولة، وهناك دائما حق إستنئاف القرار، لكن من الضروري ان نتذكر دائماً ان للأطفال حقوقاً وعلى المجتمع إلتزاماً بحمايتهم.
التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك