رفضا لنهج وسياسة رئيس البرلمان للدورة السابقة، تأملنا خيرا بسياسة سليم الجبوري، إلا أن الوقائع أظهرت سياسة لا تخدم وحدة العراق، ولم يتصد المجلس لحيتان الفساد، ولم يستجب لمواصفات ومتطلبات استجواب وزراء ومسؤولين كبار أثيرت عليهم تهم فساد، ولم يشارك البرلمان بأي توجهات إصلاحية، فأصبح موضع نقمة شعبية. الحكومة كذلك، ومؤسسات الدولة الأخرى، لم تنهض بمسؤولياتها اللازمة.
معظم الكتل السياسية كانت في مرحلة تمزق، وتأخرت عمليات التحرير بسبب السياسيين حصرا وليس نتيجة توازنات قوى على طرفي القتال.
وحتى الآن، لا يزال الفاسدون يفسدون، وعندما تشح الأموال يقومون بسرقة أراضي الدولة تحت غطاء توزيعها للناس. والمؤسسات عاجزة.
التظاهرات الأخيرة ودخول الخضراء والبرلمان، حركا السواكن، وقد يكون قادة الموجة عموما والتيار الصدري تحديدا أقل المستفيدين إن لم يكن/ أو سيكون أشد المتضررين مما حدث.
الذي حدث، اظهر أن الصراع ليس في جبهات القتال فقط، بل في قلب بغداد.. أيضا، وشعر قادة الحشد بأن حدوث خلل استراتيجي في بغداد لا تعوضه انتصارات (تعبوية) في قواطع العمليات خصوصا بعد محاولات تحجيم دورهم، وبما أن الدواعش فقدوا زخمهم التعرضي، فقد تزايد القلق على بغداد وعدم تركها لخصوم سياسيين وأعداء ولاختراقات داعشية. من هنا، تحركت تشكيلات من قوات نخبة الحشد ووزارة الداخلية لإعادة ضبط السيطرة على بغداد.
محاكمات قادة الجيش السابق وبعضهم ظلمتهم الظروف والقرارات الخاطئة، كانت رنة جرس قوية لقادة الجيش الحاليين، ففقد معظمهم المبادرة حتى ضمن حدودها المنطقية الشرعية، أو ضعفت جدا. المطالبة بتطبيق التغيير على وزير الداخلية الرجل الميداني الشجاع لم يعد واردا، والتقليل من الحشد أصبح من الماضي. وكل المشاريع السياسية التي ستبنى على حساب وحدة العراق وأقلمته المدمرة، والقاء حبل نجاة على من جلبوا الخيانة والتخريب والغدر ستفشل حتما.
للأسف ما يحدث سيؤدي إلى تأخير عمليات التحرير، إلا أن هذا لن يطول كثيرا. المهم، دحر داعش، ومجابهة الفاسدين، والمحافظة على وحدة العراق، والتخفيف عن الكادحين، في آن واحد. وحكومة الإنقاذ إن حصلت فستكون تحت غطاء غبار الميدان. والعراق دولة عظيمة لا يمكن أن تبتلع من جار أيا كانت صفته عروبية أو غيرها.
وفيق السامرائي/ خبير عسكري متقاعد
*الاراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الاعلام الدولي