لا غرو ان الشعرَاء ملح المحافل والمهرجانات، ودائما ما يكونوا محط انظار الجميع في قصائدهم ونظمهم وخصوصا التي تتألق بالصور الفنية وموضوعها وتشكيلها الشعري.. وشاعرنا (المعمار) يهندس قصائده بفنون البلاغة ورصانة الطرح، ولشاعرنا خفايا كشف عنها لموقع (الإمام الحسين - عليه السلام - الدولي)، ونوه عن اسباب موهبته وتنمية قريحته الشعرية، وسر نظمه في اهل البيت (عليهم السلام)، فهو لم ينظم لسواهم قط.
وشاعرنا هو الحاج موسى المعمار احد خدام الإمام الحسين (عليه السلام) ينحدر من عشيرة (زبيد) من مواليد محافظة كربلاء المقدسة 1952م، حيث نشأ في أزقة محلة باب الطاق ثم انتقل مع عائلته الكريمة الى محلة باب الخان، ومن فضل الله عليهم ان عائلته انشأت جامعا في منطقة الجيّة في شارع السدرة كما انه بفضل من الله تعالى بنى حسينية باسم الحاج جعفر المعمار لإحياء مناسبات اهل البيت (عليهم السلام).
والمعمار لم يكمل دراسته بسبب ظروف خاصة، فيما أهله تحصيله الدراسي السادس الاعدادي الادبي للعمل في بلدية كربلاء بعنوان رئيس مدققين سابقاً، وقد ترك الوظيفة لأمور كشف عنها خلال هذا اللقاء، والتجأ الى (العمل الحر) في بيع الخواتم والسبح التي كانت له هواية فامتهنها طلبا للرزق.
وللمعمار محطات حياتية كثيرة مع أعلام المنبر الحسيني في محافظة كربلاء المقدسة، فقد تتلمذَ على يدِّ الشيخ الشهيد عبد الزهرة الكعبي (قارئ المقتل) في الستينات من القرن المنصرم، وكان يحرص على حضور مجالسه، كما عاصر الرادود حمزة الزغير لأكثر من ( 12 ) سنة.. وله ذكريات جميلة مع الشاعر كاظم المنظور، فتحدث شاعرنا قائلاً : ان المنظور كان يغتسل في حمام العلقمي وكنت اتواجد هناك لأن الحمام لجدي (رحمه الله) وكان خطي جميلا فكان يطلب مني ان اكتب ما ينظمه من قصائد، فهو لم يكن يجيد الكتابة، وكنت اكتب له وعندما انسى شيء يقوله لي اتركه ونبدأ بكتابة الثانية وهكذا كنت عندما اكمل الكتابة يأخذ الورقة ويضعها في جيبه وبقيت معهُ حوالي خمس سنوات في العقد السادس من القرن الماضي.
وكان المعمار من طلبة الشيخ كريم ابو محفوظ (رحمه الله) الذي قال عنه: هو استاذي وله فضلٌ كبيرٌ عليَّ لأنه علمني الخط القرآني وعلمني الآيات القرآنية وانا في الثامنة من عمري، ولا زال في ذات المحطة ليتحدث عن السيد صادق ال طعمة (رحمه الله)، فقال: لقد علمني انواع الخط طيلة ثلاث سنوات وخلال دورات عديدة وكان له فضل كبير عليّ.
وحرص المعمار على إقامة المجالس الحسينية في داره الذي يبعد عن مقرِّ الفرقة الحزبية حوالي ( 100 ) مترا كما كان لبيته باب ثانٍ تُخرج الى شارع ميثم التمار، وكان في حال اقام مجلسا حسينيا ويستشعر ان منزله سيتعرضَ للمداهمة من ازلام النظام البائد يخرجُ الحاضرين من الباب الخلفي للمنزل.. وفي احدى المرات قبل حصول المداهمة للبيت أغلقَ الباب وقام بإخراج الحاضرين ليبقى مع والده في المنزل، مما عرّضهُ للمساءلة خصوصا ان دلائل المجلس موجودة على حضورٍ كثير.. وكان وقتها المعمار موظفا في بلدية كربلاء فارسلوا اليه في اليوم التالي وبدأوا بالتحقيق معه وطرح الاسئلة فأخبرهم بانه ووالده فقط من كانا في البيت ولا يوجد شخص آخر معنا وهو ما جعله يترك العمل في البلدية..
وبعد التعرف على شخصيته وحياته الاجتماعية، حدثنا عن حياته الشعرية وكيف استطاع ان يلمع نجمه بين الكثير من الشعراء والناظمين في أهل البيت (عليهم السلام)؟ وما هي مواقفه في المحافل والمهرجانات وكذلك محطاته مع الشعراء؟.
س/ متى نظمت الشعر القريض؟ وما هي الدوافع لكتابته؟
منذ البداية كنت ضليعا في اللغة العربية ومحب جداً لها، وكذلك لتلاوة القرآن الكريم وقراءة نهج البلاغة وهذا ما ساعدني في كتابة الشعر ولله الحمد، ومَنْ وهبني نفحة من نفحاته المباركة في كتابة الشعر الحسيني الذي لم أتطرق لنظم غيره ابدا، وبه اتجهت الى الشعر بأنواعه الدارمي والقريض والابوذية والموال حبا وتأسيا في اهل البيت الاطهار (عليهم السلام)..
س/ هل كان لقصائدكم حضورا خارج العراق؟
نعم، فقد تفضل الدكتور هاشم العقابي بقراءة قصيدة (نور الله) في أمريكا ووقت قرأها لم يخبرني إلا بعد ارساله الجائزة الاولى لذاك المحفل..
س/ هل صحيح ما يقال ان قصيدة (نور الله) ترجمت الى ثمان لغات؟
نعم، وفي ذلك حادثة جميلة، فبعد ان وصل ديواني الثاني (ولاءات حسينية) الى استراليا وكندا تواصل معي الاخ حسين العرداوي واخبرني عن مناظرة أدبية حاز فيها الديوان على شهادتي دكتوراه فخرية واحدة من السويد، وشهادة من منظمة السلام العالمية، وكانت قصيدة (نور الله) هي مَنْ أهلتْ الديوان لهذا التكريم، فيما حاز ديواني الاول (ولاءات كربلائية) على شهادتين سابقتين هما شهادة دكتوراه بالأعلام وشهادة دكتوراه بالأنساب فخرية ايضا.
س/ هل كانت للشاعر المعمار احداث ومواقف مؤثرة في شعراء كبار؟
كانت لقصيدة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد عن الامام الحسين (عليه السلام) التي خلدت عبد الرزاق ومسحت عنه الاوراق السابقة وقد واجهته وجهاً لوجه حيث كنا في احتفالية في مدينة الكاظمية بعد ان طلب مني احد اقرباء الشاعر ان اجلب له كتاب لمقتل الامام الحسين (عليه السلام) بغية اعطائه للشاعر عبد الرزاق فاشتريت له الكتاب واوصلته له بنفسي ووقتها اخبرني انه سيكتب قصيدة للإمام الحسين (عليه السلام) على ضوء هذا الكتاب فاقتبس الشاعر عبد الرزاق منه وكتب قصيدته وكانت مجاراة لقصيدة الجواهري..