الإسلاموفوبيا في بريطانيا تواجه التحلل والانحسار أمام دعاة الإسلام

1765 2020-04-12

ظاهرة الإسلاموفوبيا الخوف اللاشعوري وغير المبرر من الإسلام والمسلمين لدى الأميركيين والأوروبيين وهي ظاهرة حديثة أثيرت عقب أحداث 11سبتمبر أيلول 2001، حيث لم يكن لهذه الظاهرة تميز قبل تلك الأحداث أي ندر الحديث عنها، وبين أسباب ظهورها التي يعبر عنها المراقبون والمهتمون، ويرجعونها الى أسباب دست في الثقافة الغربية، وإلى أسباب تولدت لدى الغرب، وأيضاً أسباب لدى المسلمين أنفسهم، الى جانب أسباب مشتركة لدى الغرب والمسلمين، أثرت على ثقافة العائلة المسلمة في البيئات غير المسلمة.

ولأهمية هذا الإطراء وما له من صدى قد يتلاشى نوعا ما مع حركة الاستبصار المتواترة خلال الأعوام الأخيرة، وإصرار الأسر المسلمة على التمسك بمبادئ دينها ومعتقداتها، واستمرارية دعوة مشايخ ودعاة المسلمين للاستبصار، كان للموقع حوارا موسعا مع المفكر والباحث في الثقافات العربية وسط البيئات الغربية الدكتور (عبد العزيز مختار شبين) جزائري الأصل ويسكن في لندن ببريطانيا.

الموقع: ظاهرة الإسلاموفوبيا ما أسباب ولادتها وانتشارها في الغرب؟

الإسلاموفوبيا معناه إقران الإسلام بالإرهاب، وهي تعبير ولد في أوربا نجد أول آثار لاستعماله في 1925 وإن كان المصطلح خطأ شائعا أو مناسبا، فلن يلبث أن يلبس الثوب المعبر عن إشكالية حقيقية تمس موضوعتي التمييز والعنصرية المحددتين المعالم تجاه جماعة بشرية، الإسلاموفوبيا عند تيار من الباحثين ورجال القانون وحقوق الإنسان، هي التعبير عن ظاهرة العداء والخوف من الإسلام، ضمن تكوين نمطي مسبق ينطلق من \\مسلمات\\ تم تأصيلها في الثقافة الأوربية السائدة وجعلها أكثر قدسية من الأديان نفسها، وأولى هذه المسلمات، الصلة العضوية بين الإسلام والعنف، وثانيها التعارض المبدئي بين الإسلام والديمقراطية، وثالثها، العداء المطلق بين الإسلام والعلمانية..

الموقع: مفهوم الإسلاموفوبيا الذي نشط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أين يصل صداه على حياة العائلة المسلمة في الغرب؟

إن الإسلام هو رسالة سماوية للبشرية جمعاء؛ لكن تفكير وعادات وبيئات الغرب قد لا تنساب مع الإسلام، مما شكل مخاوف عديدة وهاجس دعاهم الى الخوف من الإسلام مع ظهور حركات القاعدة والإرهاب المقترن بهم ولأنهم ينضوون تحت أسم مسلمين أثارت مخاوف الغربيين ودعتهم الى الحيطة، أما المستشرقون لم يستطيعوا شرح مفاهيم ومبادئ الإسلام الى مجتمعاتهم لذلك كانت الساحة مهيئة أمام الجماعات التي لم تود فهم الإسلام إلا تحت منظارها ومفهومها التي زرعت الخوف في قلوب المجتمع.

الموقع: كيف ينتشر المسلمون في بريطانيا؟ وهل يشكلون كثافة سكانية لا يستهان بها؟  

أصبح المسلمون الآن يشكِّلون جزءًا كبيرًا من المجتمع البريطاني وثقافتِه، ولم يعُدِ المسلِمون مجرَّد مجموعةٍ من المُهاجرين واللاَّجئين، بل يشكِّلون أجيالاً وُلِدَت في أحضان المملكة المتَّحدة؛ فإن 46% من مسلمي إنْجلترا وويلز قد وُلِدوا في المملكة المتَّحدة، وتعود أصول أكثر المسلمين في الممْلكة المتَّحدة إلى دول شبْه القارة الهنديَّة، مثل الهند وباكستان وبنغلاديش والعراق، وكذلك إلى الأُصُول الإفريقيَّة، وخصوصًا منطقة الشَّمال الإفريقي، هذا بالإِضافة إلى الأعْداد المتزايِدة من المعتنِقين للإسْلام من الأعْراق الأخرى، أما الكثافة السكَّانيَّة للمسلمين فتنتشِر في جَميع مدُن المملكة البريطانية، مع تفاوُت بين نسب الكثافة السكَّانية بين محلٍّ وآخَر، فترتفع في برمنجهام ولندن ويوركشير وغير ذلك من المدُن، والَّتي يتولَّى المسلِمون فيها الكثيرَ من الوظائف الرَّسميَّة؛ إلاَّ في حكومة جزيرة سيسلي.

الموقع: كونكم باحثين ومختصين بهذا الصدد كيف تشخص أصول ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

يمكن للباحث أن يعتمد أكثر من منهج في دراسة أصول ظاهرة العداء للإسلام في الأزمنة المعاصرة، وعندما نتحدث عن العداء للإسلام، لا نتحدث بالتأكيد عن حرية التعبير والنقد في عالمي الإسلام والحركة الإسلامية السياسية، وإن كانت بعض هذه \\المسلمات\\ تعود لأكثر من قرن، فيمكن القول أن سنوات 1978-1982 قد شكلت منعطفا هاما لتعزيز هذه الصورة النمطية انطلاقا من عدة عوامل جيو سياسية من جهة وسياسية اقتصادية من جهة ثانية.

الموقع: اليوم هل لظاهرة الإسلاموفوبيا صدى في بريطانيا؟

اليوم في بريطانيا توجد حالة من الانسجام بين المسلمين وغير المسلمين من باقي الديانات وتحديدا في لندن؛ بل حتى بدأت حركة انتشار للغة العربية على أثر إرادة فهم القرآن الكريم وبلاغته، فتجد اليوم في لندن مكتبات ومقاهي تشعر الإنسان العربي المسلم بوجوده البيئي المجتمعي العربي، وهذا نتيجة ما قام به المثقفون الإسلاميون من أعمال استطاعوا من خلالها أن يؤلفوا بين أبناء المجتمع الغربي بشكل عام نوع من الطمأنينة وإذابة جليد الخوف من الإسلام، وفي بريطانيا بشكل خاص أستطاع المثقفون والدعاة الى الإسلام من حلحلة وحسر ظاهرة الإسلاموفوبيا ونشر ثقافة الإسلام وطرد المخاوف الناجمة من أعمال الإرهاب التي تثيرها القاعدة.

الموقع: كونك متابع ومهتم بأوضاع المسلمين في البيئات الغير مسلمة، باعتقادك هل سيشهد الغرب حالة تنامي لظاهرة الإسلاموفوبيا؟

مع زيادة أعداد المهاجرين لأوروبا ثمة يقين يبدو لي وبخاصة إثر كل حادثة هجوم ضد الإسلام ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن تنامي الإسلاموفوبيا يعد ضرورة ملحة لأكثر من تيار أيديولوجي، وسلاحا ناجعا للعديد من التيارات السياسية العالمية، ويكفي للتدليل على ذلك الرجوع إلى الإحصائيات المتعلقة بأعداد المهاجرين لأوروبا من بلاد إسلامية، حيث بلغ عدد المهاجرين من شمال إفريقيا إلى فرنسا 2.4 مليون في العام 1975، مقارنة بأقل من 100 ألف شخص في العام 1946، كما قفز عدد المهاجرين الأتراك لأوروبا من 715 ألفا العام 1974 إلى 3.5 ملايين في 2005.

وفي كل الأحوال، يجب عدم التقليل من تنامي الظاهرة، كما يجب أيضا عدم التهويل بشأنها ومما ما يتوجب علينا وضعها في سياقاتها المعرفية والتاريخية، فمن ناحية انتشار الإسلام أو الاهتمام به على الأقل بصورة ملحوظة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومن ناحية ثانية علينا أن نتحمل المسؤولية فيما يتعلق بالصورة المغلوطة لدى الغرب عن الإسلام ودون جلد للذات، وأن نتحرر نسبيا من الإيمان الزائد عن الحد بفكرة المؤامرة واتخاذ وضعية الضحية ووضع مسئولية إخفاقات سياساتنا الدينية والفكرية على الآخرين، الأمر الذي لا يليق بالإسلام ولا بحضارته، وأن نكون أوفياء لقيم القرآن أولا دون أن يكون أكثر همنا استحقاق رضا الآخرين.

هذا الطرح يمثل موقفا وسطا بين ثنائيات متعددة من مثل: جلد الذات، واتخاذ وضعية الضحية والإيمان بالمؤامرة، البخس بقناعاتنا وقيمنا ومبادئنا الإسلامية والترويج لها بهدف نيل رضا الآخرين.. الخ، ومن ثمة يرتبط نبذنا للعنف والإرهاب بمدى جدارتنا واستحقاقنا لدين الإسلام وتوافقنا مع مجمل أوامره ونواهيه، كما ترتبط سماحتنا وانفتاحنا على الآخرين بمدى وفائنا لقيم هذا الدين وبقناعتنا الشخصية بمنظومة الأخلاق الإسلامية وليس بقصد أن تنال ممارساتنا استحسان الغير.

كما يتوجب علينا البدء في استتباب نظام سياسي يوقف هذا الرقاص المجنون المنطلق من الفوضى إلى الاستبداد، ومن الاستبداد إلى الفوضى، ليستقر في حالة وسط تمثل نقطة تلاق لكل من قيمنا الإسلامية من جهة، وآليات الديمقراطية المعاصرة من جهة ثانية، وفي هذا أبلغ رد عملي على دعوات النيل من إسلامنا الحنيف.. ورسولنا الكريم.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك